(مسألة1): إذا أقرّ المدّعى عليه بالحقّ- عيناً أو ديناً- وكان جامعاً لشرائط الإقرار وحكم الحاكم ألزمه به، وانفصلت الخصومة، ويترتّب عليه لوازم الحكم، كعدم جواز نقضه، وعدم جواز رفعه إلى حاكم آخر، وعدم جواز سماع الحاكم دعواه، وغير ذلك. ولو أقرّ ولم يحكم فهو مأخوذ بإقراره، فلايجوز لأحد التصرّف فيما عنده إذا أقرّ به إلّابإذن المقرّ له، وجاز لغيره إلزامه1 بل وجب من باب الأمر بالمعروف. وكذا الحال لو قامت البيّنة على حقّه من جواز ترتيب الأثر على البيّنة، وعدم جواز التصرّف إلّابإذن من قامت على حقّه. نعم في جواز إلزامه أو وجوبه مع قيام البيّنة- من باب الأمر بالمعروف- إشكال2 لاحتمال أن لايكون الحقّ عنده ثابتاً ولم تكن البيّنة عنده عادلة، ومعه لايجوز أمره ونهيه، بخلاف الثبوت بالإقرار3.
1-الصانعی:محلّ تأمّل وإشكال؛ لاستلزامه التصرّف في شؤون الناس وسلطتهم ممّا يكون حراماً وغير جائز إلّاللحكومة، أو لها ولمن له الحقّ دون غيرهما. وبذلك يظهر الكلام في وجوبه من باب الأمر بالمعروف، فإنّه لابدّ وأن يكون بنفسه معروفاً، كما لايخفى، ومرّ تفصيله في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
2-الصانعی:الظاهر عدم الإشكال فيه زائداً على ما مرّ في الإقرار؛ لعدم الفرق بين البيّنة والإقرار في الأخذ بهما، لا من جهة الاحتمال المذكور في المتن ولا لغيره؛ لعموم ما دلّ على حجّية شهادة العدول في الدعاوي وغيرها، بل لعلّ حكومة الحاكم بها لذلك أيضاً. نعم لو لمتثبت عدالتها لميجز الأخذ بها في الظاهر؛ لعدم ثبوت ما هو الحجّة شرعاً، وهذا بخلاف الإقرار، لعدم اعتبار إحراز عدالة المقرّ في حجّيّته
3-العلوی:نعم، لو ثبت عنده بواسطتها فحينئذٍ يجوز أو يجب إلزامه.
(مسألة2): بعد إقرار المدّعى عليه ليس للحاكم1على الظاهر الحكم إلّابعد طلب المدّعي، فإذا طلب منه يجب عليه الحكم فيما يتوقّف استيفاء حقّه عليه على الأقوى، ومع عدم التوقّف على الأحوط، بل لايخلو من وجه. وإذا لم يطلب منه الحكم أو طلب عدمه فحكم الحاكم، ففي فصل الخصومة به تردّد2
1-الصانعی: على ما عن «المبسوط»، لكنّ الأقوى جوازه، وهو الظاهر من الأصحاب؛ لأنّ مقتضى الأدلّة بعد الرجوع إلى الحاكم للمرافعة جواز تصدّيه لها بجميع كيفياتها من دون حاجة إلى السؤال من المدّعي أو المدّعى عليه. (المبسوط 8: 158)
2-الصانعی: فيما طلب عدمه. نعم للحاكم عدم سماع دعوى المدّعى بعد ذلك في هذه الدعوى، وأمّا فيما لميطلب منه فحكمه نافذ؛ لكونه جائزاً، كما مرّ
العلوی:الظاهر وقوعه به.
(مسألة3): الحكم: إنشاء ثبوت شيء، أو ثبوت شيء على ذمّة شخص، أو الإلزام بشيء، ونحو ذلك. ولايعتبر فيه لفظ خاصّ، بل اللازم الإنشاء بكلّ ما دلّ على المقصود- كأن يقول: «قضيتُ» أو «حكمتُ» أو «ألزمتُ» أو «عليك دين فلان» أو «هذا الشيء لفلان»، وأمثال ذلك- من كلّ لغة كان إذا اريد الإنشاء، ودلّ اللفظ بظاهره عليه ولو مع القرينة.
(مسألة4): لو التمس المدّعي أن يكتب له صورة الحكم أو إقرار المُقرّ، فالظاهر عدم وجوبه إلّاإذا توقّف عليه استنقاذ حقّه. وحينئذٍ هل يجوز له مطالبة الأجر أم لا؟ الأحوط1 ذلك وإن لايبعد الجواز. كما لا إشكال في جواز مطالبة قيمة القرطاس والمداد. وأمّا مع عدم التوقّف فلا شبهة في شيء منها. ثمّ إنّه لم يكتب حتّى يعلم اسم المحكوم عليه ونسبه على وجه يخرج عن الاشتراك والإبهام. ولو لم يعلم لم يكتب إلّامع قيام شهادة عدلين2بذلك، ويكتب مع المشخّصات النافية للإيهام والتدليس، ولو لم يحتج إلى ذكر النسب وكفى ذكر مشخّصاته اكتفى به.
1-العلوی: لايترك.
2-الصانعی: بل ثقتين
(مسألة5): لو كان المُقرّ واجداً الزم بالتأدية، ولو امتنع أجبره الحاكم، وإن ماطل وأصرّ على المماطلة، جازت عقوبته بالتغليظ بالقول حسب مراتب الأمر بالمعروف، بل مثل ذلك جائز لسائر الناس1، ولو ماطل حبسه2 الحاكم حتّى يؤدّي ما عليه، وله أن يبيع ماله إن لم يمكن إلزامه ببيعه. ولو كان المقرّ به عيناً يأخذها الحاكم بل وغيره3من باب الأمر بالمعروف، ولو كان ديناً أخذ الحاكم مثله في المثليّات وقيمته في القيميّات بعد مراعاة مستثنيات الدين، ولا فرق بين الرجل والمرأة فيما ذكر.
1-الصانعی:الظاهر عدم الجواز؛ لكون العقوبة محتاجة إلى الدليل، وهو مفقود بالنسبة إلى سائر الناس، وأدلّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مختصّة بما كانا معروفين وجائزين كالنصيحة والإرشاد وقطع الرابطة
2-العلوی:إن التمس المقرّ له حبسه.
3-الصانعی: دون غيره؛ لعدم الدليل عليه
(مسألة6): لو ادّعى المقرّ الإعسار وأنكره المدّعي، فإن كان مسبوقاً باليسار1 فادّعى عروض الإعسار2 فالقول قول منكر العسر، وإن كان مسبوقاً بالعسر3فالقول قوله4، فإن جهل الأمران ففي كونه من التداعي أو تقديم قول مدّعي العسر تردّد؛ وإن لايبعد تقديم قوله5.
1-الصانعی: أو كان أصل الدعوى مالًا، كالقرض ونحوه
2-الصانعی: فإن أثبت الإعسار بالحجّة فبها ونعمت، وإلّا فعليه التأمين بالمال ونحوه؛ حفظاً لحقّ المدّعي، ومع عدمه فيحبس حتّى يتبيّن الحال ويثبت إعساره، كما هو المحكي عن الأكثر؛ لظهور الأخبار في الحبس حتّى يتبيّن إعساره.
وبما أنّ الظاهر كون الحبس طريقاً للاحتياط بالنسبة إلى حفظ حقّ المدّعي، فلذلك يقدّم التأمين عليه؛ لكون الحبس إيذاءً وعقوبة، فلايصار إليه إلّامع عدم إمكان الحفظ والاحتياط بغيره.
وما في المتن من كون القول قول منكر العسر المستلزم لحلفه على بقاء المال وعدم إعساره، كما هو صريح «التذكرة». (تذكرة الفقهاء 2: 58)
ففيه: أنّ عمومات الحلف على المنكر مخصّصة، بل محكومة بما مرّ من ظهور الأخبار في الحبس في الدين، فإن تبيّن الإفلاس خلّي سبيله
3-الصانعی: ولم يكن أصل الدعوى مالًا، كالقرض ونحوه
4-الصانعی: أيمع اليمين على حسب قاعدة «البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر»
5-الصانعی:بناءً على مبنى الماتن، وأمّا على المختار فيما ادّعى عروض الإعسار بعد كونه مسبوقاً باليسار، فمقتضى القاعدة والأخبار التأمين عليه، ومع عدمه الحبس حتّى يتبيّن الحال
العلوی:وهو الأظهر.
(مسألة7): لو ثبت عسره، فإن لم يكن له صنعة أو قوّة على العمل، فلا إشكال في إنظاره إلى يساره. وإن كان له نحو ذلك، فهل يُسلّمه الحاكم إلى غريمه ليستعمله أو يؤاجره، أو أنظره وألزمه بالكسب لتأدية ما عليه، ويجب عليه الكسب لذلك، أو أنظره ولم يلزمه بالكسب، ولم يجب عليه الكسب لذلك، بل لو حصل له مال يجب أداء ما عليه؟ وجوه، لعلّ الأوجه أوسطها1 نعم لو توقّف إلزامه بالكسب على تسليمه إلى غريمه يسلّمه إليه ليستعمله.
1-الصانعی: بل الأقوى
العلوی:بل الأوّل إن لم ينافِ شأنه، وإلّا ربما يوجّه الأخير بالنسبة لمن لايناسب إلزامه الكسب.
(مسألة8): إذا شكّ في إعساره وإيساره وطلب المدّعي حبسه إلى أن يتبيّن الحال حبسه الحاكم1 وإذا تبيّن إعساره خلّي سبيله وعمل معه كما تقدّم، ولا فرق في ذلك وغيره بين الرجل والمرأة، فالمرأة المماطلة يعمل معها نحو الرجل المماطل، ويحبسها الحاكم كما يحبس الرجل إلى تبيّن الحال.
1-الصانعی:مع انحصار طريق التأمين به، كما مرّ وجهه
(مسألة9): لو كان المديون مريضاً يضرّه الحبس، أو كان أجيراً للغير قبل حكم الحبس عليه، فالظاهر عدم جواز حبسه.
(مسألة10): ما قلنا من إلزام المعسر بالكسب مع قدرته عليه، إنّما هو فيما إذا لم يكن الكسب بنفسه حرجاً عليه1 أو منافياً لشأنه، أو الكسب الذي أمكنه لايليق بشأنه بحيث كان تحمّله حرجاً عليه.
1-الصانعی:ولم يكن إعساره في ذلك كلّه باختياره وعمده ومستنداً إليه؛ حيث إنّه مع الاستناد حرجه حرج مُقدم، وأدلّته منصرفة عنه
(مسألة11): لايجب على المرأة التزوّج لأخذ المهر وأداء دينها، ولا على الرجل طلاق زوجته لدفع نفقتها لأداء الدين، ولو وهبه ولم يكن في قبولها مهانة وحرج عليه يجب القبول لأداء دينه.