تتمّة: فيها أحكام أهل الذمّة1
1-الصانعی: لمّا أنّ أحكامها ليست بمورد للابتلاء في هذه الأعصار، كما لايخفى، فلنكتفي في بيانها بما ذكره الماتن، ولنغمض عن البحث عنها؛ فإنّ البحث علمي وموجب لحفظ الأحكام من الاندراس
القول فيمن تؤخذ منه الجزية
(مسألة1): تؤخذ الجزية من اليهود والنصارى من أهل الكتاب وممّن له شبهة كتاب، وهم المجوس؛ من غير فرق بين المذاهب المختلفة فيهم، كالكاتوليكيّة والبروتستانيّة وغيرهما وإن اختلفوا في الفروع وبعض الاصول، بعد أن كانوا من إحدى الفرق.
(مسألة2): لا تقبل الجزية من غيرهم من أصناف الكفّار والمشركين، كعبّاد الأصنام والكواكب وغيرهما، عربيّاً كانوا أو عجميّاً؛ من غير فرق بين من كان منتسباً إلى من كان له كتاب- كإبراهيم وداود وغيرهما عليهم السلام- وبين غيره، فلايقبل من غير الطوائف الثلاث إلّا الإسلام أو القتل، وكذا لاتقبل ممّن تنصّر أو تهوّد أو تمجّس بعد نسخ كتبهم بالإسلام، فمن دخل في الطوائف حربيّ؛ سواء كان مشركاً أو من سائر الفرق الباطلة.
(مسألة3): الفرق الثلاث إذا التزموا بشرائط الذمّة الآتية اقرّوا على دينهم؛ سواء كانوا عرباً أو عجماً، وكذلك من كان من نسلهم، فإنّه يقرّ على دينه بشرائطها، وتقبل منهم الجزية.
(مسألة4): من انتقل من دينه من غير الفرق الثلاث إلى إحدى الطوائف، فإن كان قبل نسخ شرائعهم اقرّوا عليه، وإن كان بعده لم يقرّوا ولم تقبل منهم الجزية، فحكمهم حكم الكفّار غير أهل الكتاب. ولو انتقل مسلم إلى غير الإسلام فهو مرتدّ ذكرنا حكمه في بابه.
(مسألة5): لو أحاط المسلمون بقوم من المشركين، فادّعوا أنّهم أهل الكتاب من الثلاث، يقبل منهم إذا بذلوا الجزية، ويقرّوا على ما ادّعوا، ولم يكلّفوا البيّنة. ولو ادّعى بعض أنّه أهل الكتاب وأنكر بعض، يقرّ المدّعي ولايقبل قول غيره عليه، ولو ثبت بعد عقد الجزية بإقرار منهم أو بيّنة أو غير ذلك أنّهم ليسوا أهل الكتاب انتقض العهد.
(مسألة6): لا تؤخذ الجزية من الصبيان والمجانين والنساء، وهل تسقط عن الشيخ الفاني والمقعد والأعمى والمعتوه؟ فيه تردّد، والأشبه عدم السقوط1. وتؤخذ ممّن عدا ما استثني ولو كانوا رهباناً أو فقراء، لكن ينتظر حتّى يوسر الفقير.
1-العلوی:بل الأشبه هو السقوط في الأوّل منهم، دون غيره وإن كان لايخلو من وجه، وكذا يسقطعن المملوك بأقسامه.
(مسألة7): لايجوز فيعقد الذمّة اشتراط كون الجزية أو بعضها على النساء، فلو اشترط بطل الشرط، ولو حاصر المسلمون حصناً من أهل الكتاب، فقتلوا الرجال قبل العقد، فسألت النساء إقرارهنّ ببذل الجزية لايصحّ، وكذا لو كان سؤال الإقرار بعد العقد.
(مسألة8): لا جزية على المجنون مطبقاً، فلو أفاق حولًا وجبت عليه، ولو أفاق وقتاً وجنّ وقتاً قيل يعمل بالأغلب، وفيه إشكال1، وفي ثبوتها عليه إشكال وتردّد.
1-العلوی: لكنّه أحوط، فلايعتنى بإشكال ثبوتها عليه.
(مسألة9): كلّ من بلغ من صبيانهم يؤمر بالإسلام أو الجزية، فإن امتنع صار حربيّاً، ولابدّ في الصبيان بعد البلوغ من العقد معهم، ولايكفي العقد الذي مع آبائهم عنهم، فلو عقدوا اخذت الجزية منهم بحلول الحول، ولايدخل حولهم في حول آبائهم، ولو بلغوا سفيهاً فالظاهر أنّ العقد موقوف على إذن أوليائهم.
(مسألة10): إذا اختار الحرب وامتنع عن الإسلام والجزية ردّ إلى مأمنه، ولايجوز اغتياله، فإنّه داخل في أمان أبيه.