ينبغى للمصلّى إحضار قلبه فى تمام الصلاة أقوالها وأفعالها؛ فإنّه لا يُحسب للعبد من صلاته إلا ما أقبل عليه، ومعناه الالتفات التامّ إليها وإلى ما يقول فيها، والتوجّه الكامل1نحو حضرة المعبود جلّ جلاله، واستشعار عظمته وجلال هيبته، وتفريغ قلبه عمّا عداه، فيرى نفسه متمثّلًا بين يدى ملك الملوك عظيم العظماء، مخاطباً له مناجياً إيّاه، فإذا استشعر ذلك وقع فى قلبه هيبة يهابه، ثمّ يرى نفسه مقصّراً فى أداء حقّه فيخافه، ثمّ يلاحظ سعة رحمته فيرجو ثوابه، فيحصل له حالة بين الخوف والرجاء، وهذه صفة الكاملين2، ولها درجات شتّى ومراتب لا تُحصى على حسب درجات المتعبّدين، وينبغى له الخضوع والخشوع، والسكينة والوقار، والزىّ الحسن والطيب والسواك قبل الدخول فيها والتمشيط، وينبغى أن يصلّى صلاة مودّع، فيجدّد التوبة والإنابة والاستغفار، وأن يقوم بين يدى ربّه قيام العبد الذليل بين يدى مولاه، وأن يكون صادقاً فى مقالة: إيَّاكَ نَعبُدُ3 وإيّاكَ نَستَعينُ؛ لا يقول هذا القول وهو عابد لهواه، ومستعين بغير مولاه. وينبغى له أيضاً أن يبذل جهده فى التحذّر عن موانع القبول؛ من العُجب والحسد والكبر والغيبة وحبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة؛ ممّا هو من موانع القبول.
1-الگرامی:وهذا أهمّ وأولى فلا بدّ من الالتفات أوّلًا إلى شخص المخاطب ثمّ إلى الخطاب.
2-الگرامی:لعلّ الأكمل منه مرحلة الحبّ ولحاظ سيرة المحبّين.
3-الگرامی:لو كان خبراً لكان كذباً فى الأكثر إذا دقّق فى معناه.