وهو الاستيلاء على ما للغير من مال أو حقّ عدواناً. وقد تطابق العقل والنقل- كتاباً وسنةً وإجماعاً- على حُرمته، وهو من أفحش الظلم الذي قد استقلّ العقل بقُبحه.
وفي النبويّ: «من غصب شبراً من الأرض طوّقه اللَّه من سبع أرضين يوم القيامة»، وفي نبويّ آخر: «من خان جاره شبراً من الأرض، جعله اللَّه طوقاً في عنقه من تخوم الأرض السابعة؛ حتّى يلقى اللَّه يوم القيامة مطوّقاً، إلّاأن يتوب ويرجع»، وفي آخر: «من أخذ أرضاً بغير حقّ كلّف أن يحمل ترابها إلى المحشر»، ومن كلام أمير المؤمنين عليه السلام: «الحجر الغصب في الدار رهن على خرابها».
(مسألة1): المغصوب: إمّا عين مع المنفعة من مالك واحد أو مالكين، وإمّا عين بلا منفعة، وإمّا منفعة مجرّدة، وإمّا حقّ ماليّ متعلّق بعين. فالأوّل: كغصب الدار من مالكها، وكغصب العين المستأجرة من المؤجر والمستأجر. والثاني: كما إذا غصب المستأجر العين المستأجرة من مالكها في مدّة الإجارة. والثالث: كما إذا أخذ المؤجر العين المستأجرة، وانتزعها من يد المستأجر، واستولى على منفعتها مدّة الإجارة. والرابع: كما إذا استولى على أرض محجّرة، أو عين مرهونة بالنسبة إلى المرتهن الذي له فيها حقّ الرهانة، ومن ذلك غصب المساجد1 والمدارس والرباطات والقناطر والطرق والشوارع العامّة، وكذا غصب المكان الذي سبق إليه أحد من المساجد والمشاهد؛ على احتمال2موافق للاحتياط.
1-الگرامی: لا يبعد كونه غصب العين، (كما في الدروس، ج 3، ص 109 وذكره الجواهر، ج 37، ص 32).
2-الصانعی:قويّ
العلوی:بل هو أيضاً غصب على الأقوى.
(مسألة2): المغصوب منه قد يكون شخصاً، كما في غصب الأعيان والمنافع المملوكة للأشخاص والحقوق لهم، وقد يكون النوع أو الجهة، كغصب الرباط المعدّ لنزول القوافل، والمدرسة المعدّة لسكنى الطلبة إذا غصب أصل المدرسة ومنع عن سكنى الطلبة، وكغصب الخمس والزكاة1 قبل دفعهما إلى المستحقّ، وكغصب ما يتعلّق بالمشاهد والمساجد ونحوهما.
1-الگرامی: لا يبعد كونه غصباً للفرد على البدل.
(مسألة3): للغصب حكمان تكليفيّان: وهما الحرمة ووجوب الردّ إلى المغصوب منه أو وليّه، وحكم وضعيّ، وهو الضمان؛ بمعنى كون المغصوب على عهدة الغاصب، وكون تلفه وخسارته عليه، وأنّه إذا تلف يجب عليه دفع بدله، ويقال لهذا الضمان: ضمان1اليد.
1-الگرامی: في إطلاقه إشكال سيّما فيما عدّ مالًا كحقّ التحجير والاختصاص وحقّ الاختراع والتأليف ونحوها.
(مسألة4): يجري الحكمان التكليفيّان في جميع أقسام الغصب، فالغاصب آثم فيها ويجب عليه الردّ. وأمّا الحكم الوضعي- وهو الضمان- فيختصّ بما إذا كان المغصوب من الأموال؛ عيناً كان أو منفعة، فليس في غصب الحقوق ضمان اليد1
1-الصانعی: على إشكال، وإن كان الضمان فيها كالأعيان والمنافع المغصوبة لايخلو عن قوّة؛ قضاءً لبناء العقلاء عليه، وردعاً لتضييع حقوق العامّة والمجتمع في مثل غصب المساجد، وحقوق الأشخاص في مثل العين المرهونة والأرض المحجرة، وعدم صدق اليد والمالية عليها- على التسليم- غير مضرّ؛ لكفاية البناء وقضيّة ما ذكرناه من الردع قبيل ذلك.
وبذلك يظهر الضمان باليد في غصب الحرّ في المسألة الآتية بنفسه وبمنافعه وإن لميكن صانعاً، فضلًا عمّا كان كذلك، بل الضمان فيه أظهر من الحقوق؛ وذلك لدفع المفاسد ودفع الضرر العظيم، فإنّه قد يموت هو وعياله من الجوع ولايكون عليه في ذلك مانع، مع كونه ظالماً وعادياً، ووجود ما يدلّ على جواز الاعتداء بما اعتدى، وجزاء سيّئة سيّئةٌ، والقصاص، ونحو ذلك، فتأمّل
العلوی:فلابدّ فيها من تحصيل التراضي.
(مسألة5): لو استولى على حُرّ1 فحبسه لم يتحقّق الغصب؛ لابالنسبة إلى عينه، ولابالنسبة إلى منفعته، وإن أثم بذلك وظلمه؛ سواء كان كبيراً أو صغيراً، فليس عليه ضمان اليد2الذي3 هو من أحكام الغصب، فلو أصابه حرق أو غرق، أو مات تحت استيلائه من غير تسبيب منه، لم يضمن، وكذا لايضمن منافعه، كما إذا كان صانعاً ولم يشتغل بصنعته في تلك المدّة فلايضمن اجرته. نعم لو استوفى منه منفعة- كما إذا استخدمه- لزمه اجرته، وكذا لو تلف بتسبيب منه، مثل ما إذا حبسه في دار فيها حيّة فلدغته، أو في محلّ السباع فافترسته، ضمنه من جهة سببيّته للتلف، لا لأجل الغصب واليد.
1-الگرامی: لا يبعد ضمان اليد فيه عيناً ومنفعة إلا في من لا كسب له بالفعل ولا هو معدّ لذلك فلا يضمن منفعة، (وفاقاً للأردبيلى ونقله الجواهر، ج 37، ص 36 واحتمله عن غيره وفى مختصر النافع قولان في ضمان العين. وفى مفاتيح الفيض نسب عدم الضمان إلى القيل).
2-الصانعی: بل عليه ضمان اليد في نفسه ومنافعه، كما مرّ بيانه ووجهه في المسألة السابقة
3-الگرامی: ضمان اليد أعمّ من الغصب.
(مسألة6): لو منع غيره عن إمساك دابّته المرسلة، أو من القعود على فراشه، أو عن الدخول في داره، أو عن بيع متاعه، لم يكن غاصباً وإن كان عاصياً وظالماً له من جهة منعه، فلو هلكت الدابّة، وتلف الفراش، أو انهدمت الدار، أو نقصت قيمة المتاع بعد المنع، لم يكن على المانع ضمان اليد. وهل عليه ضمان من جهة اخرى أم لا؟ أقواهما العدم1 في الأخير، وهو ما إذا نقصت القيمة. وأمّا في غيره فإن كان الهلاك والتلف والانهدام غير مستند إلى منعه؛ بأن كانت بآفة سماويّة وسبب قهريّ- لايتفاوت في ترتّبها بين ممنوعيّة المالك وعدمها- لم يكن عليه ضمان. وأمّا إذا كان مستنداً إليه، كما إذا كانت الدابّة ضعيفة، أو في موضع السباع وكان المالك يحفظها، فلمّا منعه المانع ولم يقدر على حفظها وقع عليها الهلاك، ففي الضمان2 تأمّل3، لكنّه أحوط4.
1-الگرامی: بل الضمان أقوي.
2-العلوی: بل في الضمان وجه، بل لايخلو من قوّة.
3-الگرامی: بل الضمان أقوي، (وفاقاً للوسيلة وجماعة).
4-الصانعی:بل أقوى؛ لأقوائية السبب، وبذلك يظهر الضمان في نقص القيمة أيضاً مع تحقّق الاستناد، مثل ما إن كان المالك مريداً جدّاً لبيعه بالقيمة الراقية ولم يكن له مانع إلّاذلك المنع من الغير
(مسألة7): استيلاء الغاصب على المغصوب- وصيرورته تحت يده عرفاً- يختلف باختلاف المغصوبات، والميزان صيرورة الشيء كذلك عدواناً، ففي المنقول- غير الحيوان- يتحقّق بأخذه بيده أو بنقله إليه أو إلى بيته أو دكّانه أو أنباره، وغيرها ممّا يكون محرزاً لأمواله؛ ولو كان ذلك لابمباشرته بل بأمره، فلو نقل حمّال بأمره كان الآمر غاصباً، وكفى في الضمان، بل ولو كان المنقول في بيته أو دكّانه- مثلًا- وطالب المالك ولم يؤدّه إليه، وكان مستولياً على البيت والدكّان، يكفي في الضمان، بل لو استولى على الفراش- مثلًا- ولو بقعوده عليه كفى، ولايكفي مجرّد القعود وقصد الاستيلاء ما لم يتحقّق ذلك عرفاً، وهو مختلف في الموارد. كما أنّ في الحيوان- أيضاً- هو الميزان، ويكفي الركوب عليه لو أخذ مقوده وزمامه، أو سوقه بعد طرد المالك ودفعه، أو عدم حضوره إذا كان يمشي بسياقه ويكون منقاداً له، فلو كانت قطيع غنم في الصحراء ومعها راعيها، فطرده واستولى عليها بعنوان القهر والانتزاع من مالكها، وجعل يسوقها وصار بمنزلة راعيها يحافظها ويمنعها عن التفرّق، فالظاهر كفايته في تحقّق الغصب لصدق الاستيلاء عرفاً.
وأمّا غير المنقول فيكفي في غصب الدار ونحوها- كالدكّان والخان- أن يسكنها أو يسكن غيره ممّن يأتمر بأمره فيها، بعد إزعاج المالك عنها أو عدم حضورها، وكذا لو أخذ مفاتيحها من صاحبها قهراً، وكان يغلق الباب ويفتحه ويتردّد فيها. وأمّا البستان فكذلك لو كان له باب وحيطان، وإلّا فيكفي دخوله والتردّد فيه بعد طرد المالك بعنوان الاستيلاء وبعض التصرّفات فيه، وكذا الحال في غصب القرية والمزرعة. هذا كلّه في غصب الأعيان.
وأمّا غصب المنافع فإنّما هو بانتزاع العين ذات المنفعة عن مالك المنفعة، وجعلها تحت يده بنحو ما تقدّم، كما في العين المستأجرة إذا أخذها المؤجر أو غيره من المستأجر واستولى عليها في مدّة الإجارة؛ سواء استوفى تلك المنفعة التي ملكها المستأجر أم لا1
1-الصانعی:ولايخفى أنّ ما في المسألة والمسائل التالية إلى المسألة الحادية عشرة وإن كان تامّاً، لكنّه ليس فقهيّاً، بل موضوعي، وبيان للمصاديق العرفية، فالحاكم فيه هو العرف لا الشرع، فمن الممكن تغيّر الحكم بتغيّر الموضوع عرفاً في شرائط خاصّة اخرى، فتدبّر جيّداً
(مسألة8): لو دخل الدار وسكنها مع مالكها، فإن كان المالك ضعيفاً غير قادر على مدافعته وإخراجه، فإن اختصّ استيلاؤه وتصرّفه بطرف معيّن منها، اختصّ الغصب والضمان بذلك الطرف دون غيره. وإن كان استيلاؤه وتصرّفاته وتقلّباته في أطراف الدار وأجزائها بنسبة واحدة؛ وتساوي يد الساكن مع يد المالك عليها، فالظاهر كونه غاصباً للنصف، فيكون ضامناً له خاصّة؛ بمعنى أنّه لو انهدمت الدار ضمن الساكن نصفها، ولو انهدم بعضها ضمن نصف ذلك البعض، وكذا يضمن نصف منافعها. ولو فُرض أنّ المالك الساكن أزيد من واحد ضمن الساكن الغاصب بالنسبة في الفرض، فإن كانا اثنين ضمن الثلث، وإن كانوا ثلاثة ضمن الربع وهكذا. ولو كان الساكن ضعيفاً؛ بمعنى أنّه لايقدر على مقاومة المالك؛ وأنّه كلّما أراد أن يخرجه من داره أخرجه، فالظاهر عدم تحقّق الغصب1 ولا اليد ولا الاستيلاء، فليس عليه ضمان اليد. نعم عليه بدل ما استوفاه من منفعة الدار مادام كونه فيها.
1-الگرامی: لا يبعد تحقّق الغصب ولو سلّم فالأقوى الضمان لليد، نعم إن دلّت القرائن على رضاه فهو أمر آخر.
(مسألة9): لو أخذ بمقود الدابّة فقادها، وكان المالك راكباً عليها، فإن كان في الضعف وعدم الاستقلال بمثابة المحمول عليها، كان القائد غاصباً لها بتمامها، ويتبعه الضمان، ولو كان بالعكس- بأن كان المالك الراكب قويّاً قادراً على مقاومته ومدافعته- فالظاهر عدم1 تحقّق الغصب أصلًا، فلا ضمان عليه لو تلفت الدابّة في تلك الحال. نعم لا إشكال في ضمانه لها لو اتّفق تلفها بسبب قوده لها، كما يضمن السائق لها لو كان لها جماح فشردت بسوقه، فوقعت في بئر أو سقطت عن مرتفع- مثلًا- فتلفت أو عيبت.
1-الگرامی: بل هو غاصب ولو سلم فهو ضامن لليد.
(مسألة10): لو اشترك اثنان في الغصب ضمن كلّ منهما للبعض بنسبة الاستيلاء؛ إن نصفاً فنصف وهكذا؛ سواء كان كلّ واحد منهما قويّاً قادراً على الاستيلاء على العين ودفع المالك والقهر عليه، أم لا؛ بل كان كلّ ضعيفاً بانفراده؛ وإنّما استيلاؤهما عليها ودفع المالك كان بالتعاضد والتعاون، وسواء كان المالك حاضراً أو غائباً.
(مسألة11): غصب الأوقاف العامّة- كالمساجد والمقابر والمدارس والقناطر، والرباطات المعدّة لنزول المسافرين، والطرق والشوارع العامّة ونحوها- والاستيلاء عليها وإن كان حراماً ويجب ردّها، لكن الظاهر1أنّه لايوجب ضمان اليد؛ لا عيناً ولا منفعة، فلو غصب مسجداً أو مدرسة أو رباطاً، فانهدمت تحت يده من دون تسبيب منه، لم يضمن عينها ولا منفعتها. نعم الأوقاف العامّة على الفقراء أو غيرهم بنحو وقف المنفعة، يوجب غصبها الضمان عيناً ومنفعة، فإذا غصب خاناً أو دُكّاناً أو بُستاناً كانت وقفاً على الفقراء- مثلًا على أن تكون منفعتها ونماؤها لهم، ترتّب عليه الضمان كغصب المملوك.
1-الصانعی: بل الظاهر إيجابه ضمان اليد مطلقاً؛ قضاءً لبناء العقلاء في الضمان الممضاة شرعاً، فإنّ الضمان حكم إمضائي للشارع تعالى، لا تأسيسي، ولما مرّ في التعليقة على المسألة الرابعة. ولقد أجاد الشهيد قدس سره في «الدروس» حيث قال: «ولو أثبت يده على مسجد أو رباط أو مدرسة على وجه التغلّب ومنع المستحقّ، فالظاهر ضمان العين والمنفعة، لتنزّله منزلة المال، والمنفعة مال». (الدروس الشرعيّة 3: 106)
وما في «الجواهر» من الإشكال عليه بقوله: «وقد يشكل الضمان في المسجد ونحوه من المشاعر ممّا لمتكن المنفعة فيه ملكاً للناس وإن ملكوا الانتفاع به؛ إذ هو غير المنفعة، فلا مالية حينئذٍ حتّى يتّجه الضمان وإن تحقّق الغصب في مثله». (جواهر الكلام 37: 32)
ففيه: عدم الخصوصية للماليّة بالمعنى المذكور في الضمان عند العقلاء، بل المناط عندهم في الضمان الاحترام فيما تعلّق بالغير مطلقاً وإنْ كان انتفاعاً، بل القول بكون حقّ الانتفاع أيضاً من الأموال غير جزاف
الگرامی: بل الظاهر الضمان عيناً ومنفعة؛ (وفاقاً للدروس، ج 3، ص 106 والمهذّب للسبزوارى، ج 21، ص 304. لعدم قوام الضمان بالملكية، ولو سلم فالمسجد مالك بعنوان المسجدية، ولا تلازم بين الملك والمال).
(مسألة12): لو حبس حرّاً لم يضمن1 لا نفسه ولا منافعه ضمان اليد حتّى فيما إذا كان صانعاً، فليس على الحابس اجرة صنعته مدّة حبسه. نعم لو كان أجيراً لغيره في زمان فحبسه حتّى مضى ضمن منفعته الفائتة للمستأجر، وكذا لو استخدمه واستوفى منفعته كان عليه اجرة عمله، ولو غصب دابّة- مثلًا- ضمن منافعها سواء استوفاها أم لا.
1-الصانعی: حكم هذه المسألة والمسألة التالية يظهر ممّا مرّ في التعليقة على المسألة الرابعة، فحبسه موجب لضمان نفسه ومنافعه، كما مرّ فيها، فراجعها
(مسألة13): لو منع حرّاً عن عمل له اجرة من غير تصرّف واستيفاء لم يضمن عمله، ولم يكن عليه اجرته.
(مسألة14): يلحق بالغصب1في الضمان المقبوض بالعقد المعاوضي الفاسد، أو كالمعاوضي مثل المهر، ويلحق به المقبوض بمثل الجعالة الفاسدة ممّا لايكون عقداً، فالمبيع الذي يأخذه المشتري، والثمن الذي يأخذه البائع في البيع الفاسد، يكون ضمانهما كالمغصوب2؛ سواء كانا عالمين بالفساد أو لا، وكذلك الاجرة التي يأخذها المؤجر في الإجارة الفاسدة، وكذا المهر الذي تأخذه المرأة في النكاح الفاسد، والجعل الذي يأخذه العامل في الجعالة الفاسدة. وأمّا المقبوض بالعقد الفاسد غير المعاوضي وأشباهه فليس فيه ضمان، فلو قبض المتّهب ما وهب له بالهبة الفاسدة ليس عليه ضمان3. ويلحق بالغصب- أيضاً- المقبوض بالسوم، والمراد به ما يأخذه الشخص لينظر فيه، أو يضع عنده ليطّلع على خصوصيّاته؛ لكي يشتريه إذا وافق نظره، فهو في ضمان آخذه4، فلو تلف عنده ضمنه5.
1-الصانعی: الإلحاق في الجملة هو المشهور المعروف بين الأصحاب، بل لا أجد فيه خلافاً، لكن عدم الضمان فيه مطلقاً حتّى الضمان بالإتلاف لايخلو من قوّة؛ لأنّه إن كانا جاهلين فشرطية الشرائط لهما مرتفعة بحديث الرفع ويكون العقد صحيحاً بحكومة حديث الرفع على أدلّة الشرائط فتجري عليه أحكام العقد الصحيح ويكون خارجاً عن موضوع المسألة، وأمّا إن كانا عالمين وإن كانت أدلّة شرائط الصحّة مقتضية لبطلان العقد ولزوم ردّ العوضين مع بقائهما؛ قضاءً للشرطية، لكنّها غير دالّة على الضمان، فإنّ المتفاهم عرفاً بمناسبة الحكم والموضوع من قاعدة اليد كقاعدة الإتلاف والإفساد كون الضمان فيهما لحرمة الملكية والمالكية، فإنّ «حرمة مال المسلم كحرمة دمه»، (وسائل الشيعة 12: 281/ 9) «ولايحلّ لمؤمن مال أخيه إلّاعن طيب نفسٍ منه»، (وسائل الشيعة 5: 120/ 3) ومن المعلوم أنّ المالك بإرادته وعلمه وبطيب نفسٍ منه سلط القابض على ماله مباشرة وعلى تلفه وإتلافه تسبيباً، فعلى هذا لايكون القابض هاتكاً لحرمة مال الغير حتّى يصير ضامناً.
وقد ظهر ممّا ذكرناه أنّ في صورة الاختلاف بكون القابض جاهلًا دون الدافع صحّة العقد؛ قضاءً لجريان حديث الرفع في القابض الجاهل بالمطابقة وفي الدافع العالم بالملازمة؛ حيث إنّ الامتنان بالرفع بالنسبة إلى الجاهل يتمّ برفع الشرطية بالنسبة إلى العالم أيضاً؛ لعدم التبعيض في صحّة العقود بالصحّة من طرف وبطلانه من آخر، وإن أبيت عن ذلك فعدم الضمان ممّا لاينبغي الإشكال فيه؛ لما مرّ من أنّ الضمان من شؤون الملكية والمالكية، والتسليط من الدافع العالم يكون باختياره، وأمّا في عكسه، وهو ما كان الدافع جاهلًا دون القابض فالعقد وإن كان باطلًا، لكنّه لاضمان على القابض؛ لأنّ الدافع بنفسه أزال حرمة ماله بتمليكه للغير، وعدم صحّة تمليكه غير مضرّ بالإزالة؛ حيث إنّ تمليكهيكن مقيّداً بالصحّة وكانت الصحّة من المقارنات لقصده، وعلى تسليم التقييد نقول: إنّ التقييد كان بالملكية الإنشائية الحاصلة مع العقد وإن كان فاسداً. هذا كلّه في الفساد من ناحية شرائط العقد أو العوضين، وأمّا الفساد من ناحية انتفاء شرائط المتعاقدين، وهي البلوغ والعقل والرشد والاختيار والقصد والملكية بمعناه الأعمّ، ففيه تفصيل بإلحاقه بالغصب مع علمهما بذلك؛ لأنّ العرف يرى هتكاً لحرمة مال الغير بهذه اليد وليس للسفيه ولا لغير البالغ ولا للمجنون ونحوهم التصرّف في أموالهم حتّى يتمكّنوا من إزالة الحرمة عن أموالهم بتسليط الغير، وعدم العبرة بتسليط غير القاصد والمكره وغير المالك بمعناه الأعمّ وبعدم الإلحاق مع الجهل به؛ لما مرّ
2-الگرامی: إلا إذا فرض الرضا المطلق.
3-الگرامی: إلا إذا فرض تقيّد الإذن.
4-الگرامی: لفرض عدم الإذن المطلق بل لخصوص النظر وإن تلف فعليه؛ (خلافاً للسبزوارى والأردبيلى والمختلف والإيضاح نظراً إلى كونه أميناً. وفيه: أنّ الإذن للنظر مقدّمة للشراء لا يوجب صدق الأمانة شرعاً ولا مالكياً).
5-الصانعی: مع عدم الإذن ولو عملًا، وأمّا معه ففيه إشكال، بل منع. ولقد أجاد المقدّس الأردبيلي في «مجمع الفائدة والبرهان» حيث قال: «دليل الضمان بالقبض بالسوم غير ظاهر، إلّاالحديث المشهور «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» وصحّته ودلالته غير واضحتين، والأصل براءة الذمّة، والغرض عدم التعدّي، والأخذ برضاء المالك، فالضمان محلّ التأمّل، بل خلافه قريب، وإن كان هو المشهور، والظاهر أنّه ليس بإجماعي». (مجمع الفائدة والبرهان 10: 498)
والظاهر، بل المقطوع به اختصاص كلامه بصورة الإذن، كما ذكرناه، وإلّا فمع عدم الإذن الضمان واضح، ولاينبغي الإشكال فيه عمّن هو دون المقدّس الأردبيلي فضلًا عنه، مع ما له من التتبّع التامّ والدقّة الكثيرة في المسائل والأحكام
(مسألة15): يجب ردّ المغصوب إلى مالكه مادام باقياً وإن كان في ردّه مؤونة، بل وإن استلزم ردّه الضرر عليه1؛ حتّى أنّه لو أدخل الخشبة المغصوبة في بناء، لزم عليه إخراجها وردّها لو أرادها المالك وإن أدّى إلى خراب البناء. وكذا إذا أدخل اللوح المغصوب في سفينة، يجب عليه نزعه وردّه، إلّاإذا خيف من قلعه الغرق، الموجب لهلاك نفس محترمة أو مال محترم2 لغير الغاصب الجاهل بالغصب، وإلّا ففيه تفصيل. وهكذا الحال فيما إذا خاط ثوبه بخيوط مغصوبة، فإنّ للمالك إلزامه بردّها، ويجب عليه ذلك وإن أدّى إلى فساد ثوبه. وإن ورد نقص على الخشب أو اللوح أو الخيط بسبب إخراجها ونزعها، يجب على الغاصب تداركه، هذا إذا يبقى للمخرج والمنزوع قيمة بعد ذلك، وإلّا فالظاهر أنّه بحكم التالف فيلزم الغاصب بدفع البدل، وليس للمالك مطالبة العين.
1-الصانعی: دون ما إذا استلزم الردّ الضرر على غيره، وإن كان الغير هو الدولة والحكومة والمجتمع من حيث الاقتصاد المربوط بذلك الغير، ولو بنحوٍ غير مباشر، كما لايبعد تحقُّقه في تخريب الأبنية والأماكن وأمثالها ممّا يوجب تضييع القوى المصروفة فيها؛ حيث إنّ للحكومة في تلك القوى وتضييعها حقوقاً اقتصادية، كما لايخفى
2-الگرامی: في إطلاقه إشكال؛ (للفرق بين الأهمّ والمهمّ من المالين، وأيضاً احترام الملك شديد في الإسلام والغاصب هو المسؤول وما نقل في الجواهر من التمسك بالإضرار والإسراف كلّها مخدوش لأنّ الغاصب هو المقدم وهو المسؤول ولا دخالة للمندوحة في ذلك).
(مسألة16): لو مزج المغصوب بما يمكن تميّزه ولكن مع المشقّة1، كما إذا مزج الشعير المغصوب بالحنطة أو الدخن بالذرة يجب عليه أن يميّزه ويردّه.
1-الگرامی: (ولو حرجاً؛ لعدم جريان الحرج في باب احترام الملك، فإنّه المفهوم من مثل رواية غصب شبر من الأرض، وسائر روايات الغصب، ومن البديهى أنّ زوال حرمة مال الغير يوجب عدم إلا من الاقتصادى في البلاد، وضرر ذلك أشدّ من أيّ حرج وضرر للمجتمع الإسلامى، ويوجب هدم النظام الإسلامى، فالأمر هنا كما في القصاص فإنّه إزالة الحياة لكنّه أيضاً فيه الحياة).
(مسألة17): يجب على الغاصب- مع ردّ العين- بدل ما كانت لها من المنفعة في تلك المدّة إن كانت لها منفعة؛ سواء استوفاها، كالدار سكنها والدابّة ركبها، أم لا وجعلها معطّلة.
(مسألة18): لو كانت للعين منافع متعدّدة وكانت معطّلة فالمدار المنفعة المتعارفة بالنسبة إلى تلك العين، ولاينظر إلى مجرّد قابليتها لبعض منافع اخر، فمنفعة الدار- بحسب المتعارف1- هي السكنى وإن كانت قابلة في نفسها بأن تجعل محرزاً أو مسكناً لبعض الدوابّ وغير ذلك، ومنفعة بعض الدوابّ كالفرس- بحسب المتعارف- الركوب، ومنفعة بعضها الحمل؛ وإن كانت قابلة في نفسها لأن تستعمل في إدارة الرحى والدولاب أيضاً. فالمضمون في غصب كلّ عين هو المنفعة المتعارفة بالنسبة إليها. ولو فرض تعدّد المتعارف منها على نحو التبادل، كبعض الدوابّ التي تعارف استعمالها في الحمل والركوب معاً، فإن لم يتفاوت اجرة تلك المنافع ضمن تلك الاجرة، وإن كانت اجرة بعضها أعلى ضمن الأعلى، فلو فرض أنّ اجرة الحمل في كلّ يوم درهمان واجرة الركوب درهم، كان عليه درهمان. والظاهر أنّ الحكم كذلك مع الاستيفاء أيضاً، فمع تساوي المنافع في الاجرة كان عليه اجرة ما استوفاه، ومع التفاوت كان عليه اجرة الأعلى؛ سواء استوفى الأعلى أو الأدنى.
1-الگرامی: أي متعارف هذا الشخص والمال بحسب الشأنية القريبة (فغاصب الفرس المعدّ للركوب بحسب هذا الشخص ضامن لجهة الركوب وقيمته وإن لم يكن متعارفاً في العرف العامّ وهنا ابحاث اخر مثل أنّ دليل الضمان هو الإتلاف والتفويت أو الإضرار؟ وملاك المالية هو الشخص أو النوع؟ وملاك الإضرار عدم نفع الشخص في متعارف حياته أو عدم النفع بحسب العرف)؟
(مسألة19): إن كان المغصوب منه شخصاً، يجب الردّ إليه أو إلى وكيله إن كان كاملًا، وإلى وليّه إن كان قاصراً كما إذا كان صبيّاً أو مجنوناً، فلو ردّ في الثاني إلى نفس المالك لم يرتفع منه الضمان. وإن كان المغصوب منه هو النوع، كما إذا كان المغصوب وقفاً على الفقراء وقف منفعة، فإن كان له متولّ خاصّ يردّه إليه، وإلّا فيردّه إلى الوليّ العامّ، وهو الحاكم، وليس له أن يردّه إلى بعض أفراد النوع؛ بأن يسلّمه- في المثال المذكور- إلى أحد الفقراء. نعم في مثل المساجد والشوارع والقناطر بل الرباطات إذا غصبها، يكفي في ردّها رفع اليد عنها وإبقاؤها على حالها. بل يحتمل أن يكون الأمر كذلك في المدارس، فإذا غصب مدرسة يكفي في ردّها1رفع اليد عنها، والتخلية بينها وبين الطلبة، والأحوط الردّ إلى الناظر الخاصّ لو كان، وإلّا فإلى الحاكم. هذا إذا غصبها ولم يكن فيها ساكن، وإلّا فلايبعد وجوب الردّ إلى الطلبة الساكنين فيها حال الغصب؛ إن لم يعرضوا عن حقّهم.
1-الگرامی: وإن كان الأحوط إعلام الأمر إلى الحاكم أو عموم الناس.
(مسألة20): إذا كان المغصوب والمالك كلاهما في بلد الغصب فلا إشكال. وكذا إن نقل المال إلى بلد آخر وكان المالك في بلد الغصب، فإنّه يجب عليه عود المال إلى ذلك البلد وتسليمه إلى المالك. وأمّا إذا كان المالك في غير بلد الغصب فإن كان في بلد المال فله إلزامه بأحد أمرين: إمّا بتسليمه له في ذلك البلد، وإمّا بنقله إلى بلد الغصب. وأمّا إن كان في بلد آخر فلا إشكال في أنّ له إلزامه بنقل المال إلى بلد الغصب. وهل له إلزامه بنقل المال إلى البلد الذي يكون فيه المالك؟ الظاهر1 أنّه ليس2 له ذلك3.
1-العلوی:فيه إشكال.
2-الگرامی: فيه إشكال بحسب إطلاقه (لا الإلزام جائز مطلقاً كما قال الگلپايگانى ولا عدم الجواز كما في المتن فإنّه قد يتمكّن المالك من الاستيلاء على ماله في بلد الغصب وقد لا يتمكّن وإن كان متمكّناً حين الغصب).
3-الصانعی:إذا لميكن حين كونه في بلد الغصب مريداً لإتيانه إلى البلد الذي هو الآن فيه، وإلّا فالظاهر جواز إلزامه بذلك؛ قضاءً لقاعدة الغصب والسببية
(مسألة21): لو حدث في المغصوب نقص وعيب وجب على الغاصب أرش النقصان، وهو التفاوت1 بين قيمته صحيحاً وقيمته معيباً وردّ المعيوب إلى مالكه، وليس للمالك إلزامه بأخذ المعيوب ودفع تمام القيمة، ولا فرق- على الظاهر- بين ما كان العيب مستقرّاً وبين ما كان ممّا يسري ويتزايد شيئاً فشيئاً حتّى يتلف المال بالمرّة.
1-الگرامی: إلا إذا فرض كون الناقص كالمعدوم ولو بالنسبة إلى هذا الشخص لأجل عدم إمكان الاستفادة من الناقص ولو بيعاً.
(مسألة22): لو كان المغصوب باقياً لكن نزلت قيمته السوقيّة ردّه، ولم يضمن1 نقصان القيمة2ما لم يكن ذلك بسبب نقصان في العين.
1-الگرامی: فيه إشكال فإنّه خسارة لا بدّ من جبرها، فإنّ المالية مقوّمة للعين عرفاً، نعم فيما يكون تمام حيثية العين جهته الشخصية بلا نظر إلى القيمة لا يكون ضامناً.
2-الصانعی: فيما لميكن المغصوب للتجارة والبيع وانتظار المالك ارتقاء القيمة وعزمه على بيعه في ذلك الوقت على المتعارف في السوق والتجارة، وإلّا فيكون ضامناً لذلك النقصان؛ لكون الغاصب حينئذٍ بإبقائه عنده متلفاً للقيمة الراقية، ومفسداً لها عرفاً، فيشمله قاعدة الإتلاف
(مسألة23): لو تلف المغصوب أو ما بحكمه- كالمقبوض بالعقد الفاسد والمقبوض بالسوم- قبل ردّه إلى المالك، ضمنه بمثله إن كان مثليّاً وبقيمته إن كان قيميّاً1 وتعيين المثلي2 والقيمي موكول إلى العرف. والظاهر أنّ المصنوعات بالمكائن في هذا العصر مثليّات أو بحكمها، كما أنّ الحبوبات والأدهان وعقاقير الأدوية ونحوها مثليّات، وأنواع الحيوان وكذا الجواهر ونحوها قيميّات.
1-الصانعی: فيما يكون ضامناً له على التفصيل المتقدّم، وكذا يكون ضامناً للقيمة السوقية النازلة حين أداء المثل أو القيمة، كما مرّ بالنسبة إلى ردّ العين في المسألة السابقة
2-العلوی:هو ما تساوت قيمة أجزائه؛ لتقاربها في غالب الصفات والخواصّ، والقيمي ما يكونبخلافه.
(مسألة24): إنّما يكون مثل الحنطة مثليّاً إذا لوحظ أشخاص كلّ صنف منها على حدة، ولم يلاحظ أشخاص صنف مع أشخاص صنف آخر منها مباين له في كثير من الصفات والخصوصيّات، فإذا تلف عنده مقدار من صنف خاصّ من الحنطة، يجب عليه دفع ذلك المقدار من ذلك الصنف لا صنف آخر. نعم التفاوت الذي بين أشخاص ذلك الصنف لاينظر إليه. وكذلك الارز، فإنّ فيه أصنافاً متفاوتة جدّاً، فأين العنبر من الحويزاوي أو غيره؟! فإذا تلف عنده مقدار من العنبر يجب عليه دفع ذلك المقدار منه لا من غيره. وكذلك الحال في التمر وأصنافه والأدهان وغير ذلك ممّا لايُحصى.
(مسألة25): لو تعذّر المثل في المثلي ضمن قيمته، وإن تفاوتت القيمة وزادت ونقصت بحسب الأزمنة؛ بأن كان له حين الغصب قيمة، وفي وقت تلف العين قيمة، ويوم التعذّر قيمة، واليوم الذي يدفع القيمة إلى المغصوب منه قيمة، فالمدار هو الأخير1 فيجب عليه دفع تلك القيمة، فلو غصب منّاً من الحنطة كان قيمتها درهمين، فأتلفها في زمان كانت الحنطة موجودة وكانت قيمتها ثلاثة دراهم، ثمّ تعذّرت وكانت قيمتها أربعة دراهم، ثمّ مضى زمان وأراد أن يدفع القيمة- من جهة تفريغ ذمّته- وكانت قيمة الحنطة في ذلك الزمان خمسة دراهم، يجب دفع هذه القيمة.
1-الصانعی: بل المدار يوم التعذّر الذي بمنزلة يوم التلف، على ما يأتي في حكم التلف في المسألة الثلاثين
الگرامی: إلا ما يكون أحياناً من جهة الإضرار فيجب حينئذٍ دفع أعلى القيم.
(مسألة26): يكفي1 في التعذّر- الذي يجب معه دفع القيمة- فقدانه في البلد وما حوله ممّا ينقل منه إليه عادة.
1-الگرامی: في إطلاق صدق التعذّر إشكال وعلى فرضه إن فرض إحضار الغاصب المثل كفى ردّه.
(مسألة27): لو وجد المثل بأكثر من ثمن المثل، وجب عليه الشراء ودفعه إلى المالك ما لم يؤدّ إلى الحرج1.
1-الگرامی: إن اريد دخالة ذلك في صدق التعذّر فالموارد مختلفة وإن اريد تقييد حكم وجوب دفع مال الغير بعدم الحرج ففيه منع.
(مسألة28): لو وجد المثل ولكن تنزّلت قيمته لم يكن على الغاصب إلّاإعطاؤه، وليس للمالك مطالبته بالقيمة ولابالتفاوت1 فلو غصب منّاً من الحنطة في زمان كانت قيمتها عشرة دراهم، وأتلفها ولم يدفع مثلها- قصوراً أو تقصيراً- إلى زمان قد تنزّلت قيمتها وصارت خمسة دراهم، لم يكن عليه إلّاإعطاء منّ من الحنطة، ولم يكن للمالك مطالبة القيمة ولا مطالبة خمسة دراهم مع منّ من الحنطة، بل ليس له الامتناع عن الأخذ فعلًا؛ وإبقاؤها في ذمّة الغاصب إلى أن تترقّى القيمة؛ إذا كان الغاصب يريد الأداء وتفريغ ذمّته فعلًا.
1-الصانعی: بل له المطالبة به؛ لما يظهر وجهه ممّا مرّ في المسألة الثانية والعشرين
الگرامی: إلا من باب الإضرار كما مرّ وكذا في الفرع بعد وما شابهه كدفع المال في زمان أو مكان مخطور.
(مسألة29): لو سقط المثل عن الماليّة بالمرّة- من جهة الزمان أو المكان- فالظاهر1أنّه ليس للغاصب إلزام المالك بأخذ المثل، ولايكفي دفعه2- في ذلك الزمان أو المكان- في ارتفاع الضمان لو لم يرض به المالك، فلو غصب ثلجاً في الصيف وأتلفه، وأراد أن يدفع إلى المالك مثله في الشتاء، أو قربة ماء في مفازة فأراد أن يدفع إليه قربة ماء عند الشطّ، ليس له ذلك، وللمالك الامتناع، فله أن يصبر وينتظر زماناً أو مكاناً آخر فيطالبها بالمثل الذي له القيمة، وله أن يطالب الغاصب بالقيمة فعلًا كما في صورة تعذّر المثل3 وحينئذٍ فهل يراعي قيمته في زمان الغصب ومكانه؟ المسألة مشكلة4، فالأحوط التخلّص بالتصالح.
1-الصانعی: بل المقطوع؛ لعدم كون المثل مع السقوط عن المالية- مثلًا- للمال التالف
2-الگرامی: للإضرار لا من جهة ضمان اليد، لعدم صدق الأخذ، في المالية الاعتبارية. وإن كان يحتمل الصدق أيضاً نظراً إلى مقوّمية جهة المالية للعين فيما يراد التجارة بالعين.
3-الصانعی: على النحو الذي قلنا فيه. وعليه فالمسألة خالية عن الإشكال، ولا احتياج إلى التخلُّص بالتصالح، كما لاتصل النوبة إلى مسألة رعاية قيمة زمان الغصب ومكانه أو قيمة غيرها، كما لايخفى
4-الگرامی: الظاهر ضمان أعلى القيم؛ للإضرار. وعلى فرض صدق الأخذ على القيم الاعتبارية فأعلى القيم كانت تحت اليد فهى مضمونة باليد أيضاً.
(مسألة30): لو تلف المغصوب وكان قيميّاً كالدوابّ والثياب ضمن قيمته، فإن لم يتفاوت قيمته في الزمان الذي غصبه مع قيمته في زمان تلفه، فلا إشكال، وإن تفاوتت- بأن كانت قيمته يوم الغصب أزيد من قيمته يوم التلف أو العكس- فهل يراعى الأوّل أو الثاني؟ فيه قولان مشهوران1، وهنا وجه آخر، وهو مراعاة قيمة يوم الدفع2 والأحوط التراضي فيما به التفاوت بين يوم الغصب إلى يوم الدفع3. هذا إذا كان تفاوت القيمة من جهة السوق وتفاوت رغبة الناس. وأمّا إن كان من جهة زيادة ونقصان في العين، كالسمن والهزال، فلا إشكال في أنّه يراعى أعلى القيم وأحسن الأحوال، بل لو فرض أنّه لم يتفاوت قيمة زماني الغصب والتلف من هذه الجهة، لكن حصل فيه ارتفاع بين الزمانين ثمّ زال، ضمن ارتفاع قيمته الحاصل في تلك الحال، مثل ما لو كان الحيوان هازلًا حين الغصب، ثمّ سمن، ثمّ عاد إلى الهزال وتلف، فإنّه يضمن قيمته حال سمنه.
1-العلوی:لايخلو ثانيهما من رجحان.
2-الصانعی: ووجه رابع أيضاً، وهو التفصيل بين ما كان المغصوب مورداً للتجارة وبين ما كان لغيره، كالاقتناء على ما مرّ في تعليقتنا على المسألة الثانية والعشرين، بالضمان في الأوّل بأعلى القيم من زمان الغصب إلى زمان التلف، وفي الثاني بقيمة يوم التلف، وهذا الوجه وجيه، وقوّة هذا الوجه تظهر ممّا مرّ في المسألة الثانية والعشرين، ويظهر منه أيضاً عدم ابتناء التفصيل على حديث «على اليد»، ولا على صحيحة أبي ولّاد، (وسائل الشيعة 19: 119/ 1) ولا على غيرهما ممّا بنى عليه الأصحاب الأقوال في المسألة، بل يكون مبنيّاً على قاعدة الإتلاف والإفساد، كما لايخفى. وبذلك تظهر قوّة التفصيل في المسألة الآتية، فيما كان المغصوب مورداً للتجارة وبين ما كان لغيره بالضمان في الأوّل بأعلى القيم من بلد الغصب إلى بلد التلف، وفي الثاني بقيمة بلد التلف. ثمّ إنّه لما كان الواجب على الغاصب على جميع الأقوال فيها غير الوجه الآخر أداء قيمة يوم التلف فيوم التلف زمان الأداء، فالتأخير عنه موجب لضمانه المالية الزائدة على مالية قيمة يوم التلف على فرض تحقّقها، نظير ضمان مالية المهر، وضمان مالية المماطلة في أداء القرض في القرض
3-الگرامی: لكن لو فرض الإضرار فلا بدّ من رعاية أعلى القيم.
(مسألة31): لو اختلف القيمة باختلاف المكان- كما إذا كان المغصوب في بلد الغصب بعشرة، وفي بلد التلف بعشرين1، وفي بلد الأداء بثلاثين- فلايترك الاحتياط2 المتقدّم في المسألة السابقة.
1-العلوی:الظاهر اعتبار محلّ التلف؛ وإن كان الأحوط التخلّص بالتراضي.
2-الگرامی: أي التراضى لكنّ الأظهر بلد الأداء لما مرّ، إلا إذا فرض الإضرار.
(مسألة32): كما أنّه عند تلف المغصوب، يجب على الغاصب دفع بدله إلى المالك مثلًا أو قيمةً، كذلك فيما إذا تعذّر على الغاصب عادة تسليمه، كما إذا سرق أو دفن في مكان لايقدر على إخراجه، أو أبق العبد أو شردت الدابّة ونحو ذلك، فإنّه يجب عليه إعطاء مثله أو قيمته مادام كذلك، ويسمّى ذلك البدل بدل الحيلولة، ويملك المالك البدل1 مع بقاء المغصوب في ملكه، وإذا أمكن تسليم المغصوب وردّه يسترجع البدل.
1-الگرامی: ولعلّ الظاهر بحسب بناء العرف ثبوت حقّ الاستفادة للمالك، لا ملكية البدل ليجتمع البدل والمبدل في ملكه فإنّه كاجتماع العوض والمعوض، والبحث في محلّه في المقبوض بالعقد الفاسد.
(مسألة33): لو كان للبدل نماء ومنافع في تلك المدّة كان للمغصوب منه. نعم نماؤه المتّصل كالسمن يتبع العين، فإذا استرجعها الغاصب استرجعها بنمائها. وأمّا المبدل فلمّا كان باقياً على ملك مالكه فنماؤه ومنافعه له، لكن الغاصب لايضمن منافعه الغير المستوفاة في تلك المدّة على الأقوى.
(مسألة34): القيمة التي يضمنها الغاصب في القيميّات وفي المثليّات عند تعذّر المثل، هو نقد البلد1؛ من الذهب والفضّة المضروبين بسكّة المعاملة وغيرهما ممّا هو نقد البلد كالأوراق النقديّة، وهذا هو الذي يستحقّه المغصوب منه، كما هو كذلك في جميع الغرامات والضمانات، فليس للضامن دفع غيره إلّابالتراضي، بعد مراعاة قيمة ما يدفعه مقيساً إلى نقد البلد.
1-الگرامی: إلا فيما لا يصدق الردّ بنقد البلد كما قد يتصوّر في إتلاف مال السياحين ممّا لا يمكن استفادته منه.
(مسألة35): الظاهر أنّ الفلزّات والمعادن المنطبعة- كالحديد والرصاص والنحاس- كلّها مثليّة حتّى الذهب والفضّة مضروبين أو غير مضروبين، وحينئذٍ تضمن جميعها بالمثل، وعند التعذّر تضمن بالقيمة كسائر المثليّات المتعذّر المثل. نعم في خصوص الذهب والفضّة تفصيل: وهو أنّه إذا قوّم بغير الجنس، كما إذا قوّم الذهب بالدرهم، أو قوّم الفضّة بالدينار، فلا إشكال، وأمّا إذا قوّم بالجنس؛ بأن قوّم الفضّة بالدرهم أو قوّم الذهب بالدينار، فإن تساوى القيمة والمقوّم وزناً- كما إذا كانت الفضّة المضمونة المقوّمة عشرة مثاقيل، فقوّمت بثمانية دراهم وكان وزنها أيضاً عشرة مثاقيل- فلا إشكال أيضاً، وإن كان بينهما التفاوت- بأن كانت الفضّة المقوّمة عشرة مثاقيل مثلًا، وقد قوّمت بثمانية دراهم وزنها ثمانية مثاقيل- فيشكل دفعها1غرامة عن الفضّة؛ لاحتمال كونه داخلًا في الربا فيحرم، كما أفتى به جماعة، فالأحوط أن يقوّم بغير الجنس؛ بأن يقوّم الفضّة بالدينار والذهب بالدرهم؛ حتّى يسلم من شبهة الربا2.
1-الصانعی: بل لايشكل؛ لعدم كونها داخلةً في الربا، كما مرّ في القول في الربا المعاملي
2-الگرامی: لا شبهة؛ فإنّ الباب باب الغرامة لا البيع ولا التبادل.
(مسألة36): لو تعاقبت الأيادي الغاصبة على عين ثمّ تلفت؛ بأن غصبها شخص من مالكها، ثمّ غصبها من الغاصب شخص آخر، ثمّ غصبها من الثاني شخص ثالث وهكذا، ثمّ تلفت ضمن الجميع1، فللمالك أن يرجع ببدل ماله من المثل أو القيمة على كلّ واحد منهم، وعلى أكثر من واحد بالتوزيع متساوياً أو متفاوتاً، حتّى أنّه لو كانوا عشرة- مثلًا- له أن يرجع على الجميع، ويأخذ من كلّ منهم عشر ما يستحقّه من البدل، وله أن يأخذ من واحد منهم النصف، والباقي من الباقين بالتوزيع متساوياً أو بالتفاوت. هذا حكم المالك معهم.
وأمّا حكم بعضهم مع بعض، فعلى الغاصب الأخير الذي تلف المال عنده قرار الضمان؛ بمعنى أنّه لو رجع عليه المالك وغرّمه لم يرجع هو على غيره بما غرّمه، بخلاف غيره من الأيادي السابقة، فإنّ المالك لو رجع على واحد منهم، فله أن يرجع على الأخير الذي تلف المال عنده، كما أنّ لكلّ منهم الرجوع على تاليه وهو على تاليه وهكذا إلى أن ينتهي إلى الأخير.
1-الگرامی: كلّ ذلك لأجل حديث على اليد المشهور بين الفريقين وإن كان يبدو بعض الفروع غير عقلائى بحسب سيرتهم.
(مسألة37): لو غصب شيئاً مثليّاً فيه صنعة محلّلة- كالحليّ من الذهب والفضّة وكالآنية من النحاس وشبهه- فتلف عنده أو أتلفه، ضمن مادّته بالمثل وصنعته بالقيمة، فلو غصب قرطاً من ذهب كان وزنه مثقالين، وقيمة صنعته وصياغته عشرة دراهم، ضمن مثقالين من ذهب بدل مادّته وعشرة دراهم قيمة صنعته. ويحتمل قريباً1 صيرورته بعد الصياغة وبعد ما عرض عليه الصنعة قيميّاً، فيقوّم القرط- مثلًا- بمادّته وصنعته، ويعطي قيمته السوقيّة والأحوط التصالح. وأمّا احتمال كون المصنوع مثليّاً مع صنعته فبعيد جدّاً2 نعم لايبعد ذلك- بل قريب جدّاً- في المصنوعات التي لها أمثال متقاربة، كالمصنوعات بالمكائن والمعامل المعمولة في هذه الأعصار؛ من أنواع الظروف والأدوات والأثواب وغيرها، فتضمن كلّها بالمثل مع مراعاة صنفها.
1-الگرامی: بل لا يخلو من قوّة.
2-الصانعی: إلّاأن تكون صنعته سهلةً ومتعارفةً
(مسألة38): لو غصب المصنوع وتلفت عنه الهيئة والصنعة فقط دون المادّة، ردّ العين1 وعليه قيمة الصنعة، وليس للمالك إلزامه بإعادة الصنعة2 كما أنّه ليس عليه القبول لو بذله الغاصب وقال: إنّي أصنعه كما كان سابقاً.
1-الگرامی: إذا فرض أنّه قيمىّ فليس على الغاصب سوى قيمة المجموع ويحصل التبادل.
2-الصانعی: إلّافيما تكون صنعته سهلة، فله الإلزام، كما أنّ عليه القبول أيضاً
(مسألة39): لو كانت في المغصوب المثلي صنعة محرّمة غير محترمة1 كما في آلات القمار والملاهي ونحوها- لم يضمن الصنعة؛ سواء أتلفها خاصّة أو مع ذيها، فيردّ المادّة لو بقيت وعوضها2 لو تلفت، وليس عليه شيء لأجل الهيئة والصنعة.
1-الصانعی: أصلًا، حتّى في مثل المعاملة مع غير المسلمين المستحلّين للانتفاع بتلك الصنعة، مثل ما فيها الفساد لكلّ البشرية بحيث يوجب الفساد في الأرض، كأدوات صناعة الأفيون مثل نفسها في زماننا دون ما لايكون كذلك من المحرّمات؛ حيث إنّ حرمتها الشرعية وإن كانت موجبة لسلب المالية والملكية عنها بالملازمة العرفية بين الحرمة وذلك السلب، إلّاأنّها لعدم تنجّزها على غير المسلمين المستحلّين القاصرين، كجلّهم بل كلّهم إلّاما شذّ وندر لمتصر سبباً لحرمة الانتفاع لهم، ولا سلب المالية والملكية عنهم، فالسلب فيها ليس على الإطلاق ولكلّ الأفراد والحالات. وعليه، فما كانت من تلك المحرّمات ممهّدة للمعاملة مع المستحلّين تكون مضمونة، وصناعتها محترمة، كما لايخفى. وبالجملة الضابطة لعدم احترام مثل الصناعة الحرمة المطلقة أو الحرمة الخاصّة فيما تكون هي المقصودة من ذلك الحرام.
2-العلوی:بل ومثلها.
الگرامی: يعني المثل كما فرض أوّلًا.
(مسألة40): إن تعيّب المغصوب في يد الغاصب كان عليه أرش النقصان، ولا فرق في ذلك بين الحيوان وغير الحيوان. نعم اختصّ العبيد والإماء ببعض الأحكام وتفاصيل لايسعها المقام.
(مسألة41): لو غصب شيئين تنقص قيمة كلّ واحد منهما منفرداً عنها فيما إذا كانا مجتمعين- كمصراعي الباب والخفّين- فتلف أحدهما أو أتلفه ضمن قيمة التالف مجتمعاً، وردّ الباقي1 مع ما نقص من قيمته بسبب انفراده، فلو غصب خفّين كان قيمتهما مجتمعين عشرة، وكان قيمة كلّ منهما منفرداً ثلاثة، فتلف أحدهما عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعاً وهي خمسة، وردّ الآخر مع ما ورد عليه من النقص بسبب انفراده وهو اثنان، فيعطي للمالك سبعة مع أحد الخفّين، ولو غصب أحدهما وتلف عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعاً، وهي خمسة في الفرض المذكور، وهل يضمن النقص الوارد على الثاني، وهو اثنان حتّى تكون عليه سبعة، أم لا؟ فيه وجهان بل قولان، لايخلو أوّلهما من رجحان.
1-الگرامی: الظاهر عقلائياً أنّ المقام من القيميات فيضمن الخفّين ويحصل التبادل.
(مسألة42): لو زادت بفعل الغاصب زيادة في العين المغصوبة، فهي على أقسام ثلاثة:
أحدها: أن تكون أثراً محضاً، كخياطة الثوب بخيوط المالك وغزل القطن ونسج الغزل وطحن الطعام وصياغة الفضّة ونحو ذلك. ثانيها: أن تكون عينيّة محضة1، كغرس الأشجار والبناء في الأرض البسيطة ونحو ذلك. ثالثها: أن تكون أثراً مشوباً بالعينيّة كصبغ الثوب ونحوه.
1-الگرامی: وإن كان للعين أثر أيضاً كزيادة قيمة الأرض به.
(مسألة43): لو زادت في العين المغصوبة ما يكون أثراً محضاً ردّها كما هي، ولا شيء له لأجل تلك الزيادة، ولا من جهة اجرة العمل، وليس له إزالة الأثر وإعادة العين إلى ما كانت بدون إذن المالك؛ حيث إنّه تصرّف في مال الغير بدون إذنه، بل لو أزاله بدون إذنه ضمن قيمته للمالك 1وإن لم يرد نقص على العين، وللمالك إلزامه بإزالة الأثر وإعادة الحالة الاولى للعين؛ إذا كان فيه غرض عقلائيّ2، ولايضمن الغاصب- حينئذٍ- قيمة الصنعة. نعم لو ورد نقص على العين ضمن أرش النقصان.
1-الگرامی: فيه منع بعد كون الأثر ملك الغاصب وعدم وجود مملّكٍ لمالك العين.
2-الگرامی: لا يلزم رعاية ذلك.
(مسألة44): لو غصب أرضاً فزرعها أو غرسها فالزرع أو الغرس ونماؤهما للغاصب، وعليه اجرة الأرض مادامت مزروعة أو مغروسة، ويلزم عليه إزالة غرسه وزرعه وإن تضرّر1 بذلك، وعليه أيضاً طمّ الحفر وأرش النقصان إن نقصت الأرض بالزرع والقلع، إلّاأن يرضى المالك بالبقاء مجّاناً أو بالاجرة، ولو بذل صاحب الأرض قيمة الغرس أو الزرع لم يجب على الغاصب إجابته، وكذا لو بذل الغاصب اجرة الأرض أو قيمتها، لم يجب على صاحب الأرض قبوله. ولو حفر الغاصب في الأرض بئراً كان عليه طمّها مع طلب المالك، وليس له طمّها2 مع عدم الطلب، فضلًا عمّا لو منعه. ولو بنى في الأرض المغصوبة بناءً فهو كما لو غرس فيها، فيكون البناء للغاصب إن كان أجزاؤه له، وللمالك إلزامه بالقلع، فحكمه حكم الغرس في جميع ما ذكر.
1-الگرامی: (لاحترام الملك ومثل رواية 1 و 2، الباب 3، كتاب الغصب وسائل الشيعة، ج 25، ص 388 وأمّا رواية 2، الباب 2، ص 387 «... إن كان استأمره»، فضمير الفاعل مربوط بصاحب الأرض).
2-الگرامی: ومقتضى ما قال في المسألة 43 هو الضمان إن طمّ.
(مسألة45): لو غرس أو بنى في أرض غصبها، وكان الغراس وأجزاء البناء لصاحب الأرض، كان الكلّ له، وليس للغاصب قلعها أو مطالبة الأجرة، وللمالك إلزامه بالقلع والهدم إن كان له غرض عقلائيّ1 في ذلك، وعلى الغاصب أرش نقص الأرض2 وطمّ حفرها.
1-الگرامی: لا يلزم رعاية ذلك.
2-الگرامی: وكذا الأجزاء.
(مسألة46): لو غصب ثوباً وصبغه بصبغه، فإن أمكن إزالته مع بقاء ماليّة له كان له ذلك1، وليس لمالك الثوب منعه، كما أنّ للمالك إلزامه به. ولو ورد نقص على الثوب بسبب إزالة صبغه ضمنه الغاصب، ولو طلب مالك الثوب من الغاصب أن يملّكه الصبغ بقيمته لم يجب عليه إجابته، كالعكس؛ بأن يطلب الغاصب منه أن يملّكه الثوب. هذا إذا أمكن إزالة الصبغ. وأمّا إذا لم يمكن الإزالة، أو تراضيا على بقائه، وكان للصبغ عين متموّلة، اشتركا2 في قيمة الثوب المصبوغ بالنسبة، فلو كانت قيمة الثوب قبل الصبغ تساوي قيمة الصبغ، كانت بينهما نصفين، وإن تفاوتت كان التفاوت لصاحب الثوب أو الصبغ. هذا إذا بقيت قيمتهما على ما هما عليها إلى ما بعد الصبغ، وإلّا فإن زادت قيمة الثوب ونقصت قيمة الصبغ لأجله فالزيادة لصاحب الثوب، ولو انعكس ضمن الغاصب أرش نقص الثوب، ولو زادت قيمة الثوب بالصبغ، وبقيت قيمة الصبغ على ما هو عليه، كانت الزيادة لصاحب الثوب، ولو انعكس فالزيادة للغاصب.
1-الگرامی: بل يحرم ويحتاج إلي الإذن. لكونه تصرّفاً في ملك الغير، نعم الصبغ ملكه فلا ضمان في هذا التصرف.
2-الگرامی: بعيد ذلك في الغاصب، إن اريد ترتيب الأثر ويجرى ذلك في الفرع آخر المسألة في قوله: فالزيادة للغاصب. فإن حصّص جدار الغير مثلًا غصباً يبعد اشتراكه مع المالك في الجدار وقد يكون الاشتراك مع الغاصب حرجاً شديداً للمالك ولعلّ الغاصب فعل ذلك بقصد الاشتراك إيذاءً. فلا يبعد عدم حقّ للغاصب وتفويت ماله بيده.
(مسألة47): لو صبغ الثوب المغصوب بصبغ مغصوب، وكانت للصبغ بعده عين متموّلة، بقيت كلّ منهما في ملك صاحبه، وحصلت الشركة- لو بيعا- بين صاحبيهما بنسبة قيمتهما، ولا غرامة على الغاصب إن لم يرد نقص عليهما، وإن ورد ضمنه لمن ورد عليه.
(مسألة48): لو مزج الغاصب المغصوب بغيره، أو امتزج في يده بغير اختياره مزجاً رافعاً للتميّز بينهما، فإن كان بجنسه وكانا متماثلين- ليس أحدهما أجود من الآخر أو أردأ- تشاركا في المجموع بنسبة ماليهما، وليس على الغاصب غرامة بالمثل أو القيمة، بل الذي عليه تسليم المال والإقدام على الإفراز والتقسيم بنسبة المالين، أو البيع وأخذ كلّ واحد منهما حصّته من الثمن كسائر الأموال المشتركة. وإن خلط المغصوب بما هو أجود أو أردأ منه، تشاركا- أيضاً- بنسبة المالين إلّاأنّ التقسيم وتوزيع الثمن بينهما بنسبة القيمة، فلو خلط مَنّاً من زيت قيمته خمسة بمنّ منه قيمته عشرة، كان لكلّ منهما نصف المجموع، لكن إذا بنيا على القسمة يجعل ثلاثة أسهم، ويعطى لصاحب الأوّل سهم ولصاحب الثاني سهمان، وإذا باعاه يقسّم الثمن بينهما أثلاثاً، والأحوط في مثل ذلك- أعني اختلاط مختلفي القيمة من جنس واحد- البيع وتوزيع الثمن بنسبة القيمة، لا التقسيم بالتفاضل بنسبتها من جهة شبهة لزوم الربا في الثاني كما قال به جماعة. هذا إذا مزج المغصوب بجنسه. وأمّا إذا اختلط بغير جنسه فإن كان فيما يعدّ معه تالفاً- كما إذا اختلط ماء الورد المغصوب بالزيت- ضمن المثل، وإن لم يكن كذلك- كما لو خلط دقيق الحنطة بدقيق الشعير، أو خلط الخلّ بالعسل1 فالظاهر أنّه بحكم الخلط بالأجود أو الأردأ من جنس واحد، فيشتركان في العين بنسبة المالين، ويقسّمان العين ويوزّعان الثمن بينهما بنسبة القيمتين كما مرّ.
1-الصانعی: في المثالين مناقشة، كما لايخفى، والأمر سهل؛ لعدم كون المناقشة في المثال من دأب المحصّل، فإنّ المهمّ الممثّل
(مسألة49): لو خلط المغصوب بالأجود أو الأردأ، وصار قيمة المجموع المخلوط أنقص من قيمة الخليطين منفردين، فورد بذلك النقص المالي على المغصوب ضمنه الغاصب، كما لو غصب منّاً من زيت جيّد قيمته عشرة، وخلطه بمنّ منه رديء قيمته خمسة، وبسبب الاختلاط يكون قيمة المنّين اثني عشر، فصار حصّة المغصوب منه من الثمن بعد التوزيع ثمانية، والحال أنّ زيته غير مخلوط كان يسوي عشرة، فورد النقص عليه باثنين، وهذا النقص يغرمه الغاصب. وإن شئت قلت: يستوفي المالك قيمة ماله غير مخلوط من الثمن، وما بقي يكون للغاصب.
(مسألة50): فوائد المغصوب مملوكة للمغصوب منه وإن تجدّدت بعد الغصب، وهي كلّها مضمونة على الغاصب؛ أعياناً كانت كاللّبن والولد والشعر والثمر، أو منافع كسكنى الدار وركوب الدابّة، بل كلّ صفة زادت بها قيمة المغصوب لو وجدت في زمان الغصب، ثمّ زالت وتنقّصت بزوالها قيمته، ضمنها الغاصب وإن ردّ العين كما كانت قبل الغصب، فلو غصب دابّة هازلة، ثمّ سمنت فزادت قيمتها بسبب ذلك، ثمّ هزلت، ضمن الغاصب تلك الزيادة التي حصلت ثمّ زالت. نعم لو زادت القيمة لزيادة صفة، ثمّ زالت تلك الصفة ثمّ عادت الصفة بعينها، لم يضمن قيمة الزيادة التالفة؛ لانجبارها1 بالزيادة العائدة، كما إذا سمنت الدابّة في يده فزادت قيمتها ثمّ هزلت ثمّ سمنت، فإنّه لايضمن الزيادة الحاصلة بالسمن الأوّل، إلّاإذا نقصت الزيادة الثانية عن الاولى؛ بأن كانت الزيادة الحاصلة بالسمن الأوّل درهمين والحاصلة بالثاني درهماً مثلًا، فيضمن التفاوت.
1-الگرامی: الجبر يكون حينئذٍ من باب إعادة المعدوم وهو ممنوع وسيجىء في المسألة بعده ما ينافى المذكور هنا. فلا يعدّ المتجدّد عين التالف إلا من باب التسامح العرفى وهو غير صناعة الفقه.
(مسألة51): لو حصلت فيه صفة فزادت قيمته، ثمّ زالت فنقصت، ثمّ حصلت فيه صفة اخرى زادت بها قيمته، لم يزل ضمان زيادة الاولى، ولم ينجبر نقصانها بالزيادة الثانية، كما إذا سمنت الدابّة المغصوبة، ثمّ هزلت فنقصت قيمتها، ثمّ ارتاضت فزادت قيمتها بقدر زيادة الاولى أو أزيد، لم يزل ضمان الغاصب للزيادة الاولى.
(مسألة52): إذا غصب حبّاً فزرعه، أو بيضاً فاستفرخه تحت دجاجته- مثلًا- كان الزرع والفرخ للمغصوب منه. وكذا لو غصب خمراً فصارت خلًاّ، أو غصب عصيراً فصار خمراً عنده، ثمّ صارت خلًاّ، فإنّه ملك للمغصوب منه لا الغاصب. وأمّا لو غصب فحلًا فأنزاه عن الانثى وأولدها، كان الولد لصاحب الانثى وإن كان هو الغاصب، وعليه اجرة الضراب.
(مسألة53): جميع ما مرّ من الضمان1 وكيفيّته وأحكامه وتفاصيله، جارية في كلّ يد جارية على مال الغير بغير حقّ؛ وإن لم تكن عادية وغاصبة وظالمة، إلّافي موارد الأمانات؛ مالكيّة كانت أو شرعيّة، كما عرفت التفصيل في كتاب الوديعة، فتجري في جميع ما يقبض بالمعاملات الفاسدة، وما وضع اليد عليه بسبب الجهل والاشتباه، كما إذا لبس مداس غيره أو ثوبه اشتباهاً، أو أخذ شيئاً من سارق عارية باعتقاد أنّه ماله، وغير ذلك ممّا لايحصى.
1-الصانعی: جريان جميع ما مرّ في اليد، إن لمتكن عادية وغاصبة وظالمة محلّ تأمّل وإشكال، بل منع، والمسألة محتاجة إلى تفصيل لايسعها المقام. نعم ما مرّ منّا في التعليقة على المسألة الرابعة عشرة لايخلو عن فائدة، فراجعها
(مسألة54): كما أنّ اليد الغاصبة وما يلحق بها موجبة للضمان- وهو المسمّى بضمان اليد، وقد عرفت تفصيله في المسائل السابقة- كذلك للضمان سببان آخران: الإتلاف والتسبيب. وبعبارة اخرى: له سبب آخر، وهو الإتلاف؛ سواء كان بالمباشرة أو التسبيب.
(مسألة55): الإتلاف بالمباشرة واضح لايخفى مصاديقه، كما إذا ذبح حيواناً أو رماه بسهم فقتله، أو ضرب على إناء فكسره، أو رمى شيئاً في النار فأحرقته، وغير ذلك ممّا لايحصى. وأمّا الإتلاف بالتسبيب فهو إيجاد شيء يترتّب عليه الإتلاف بسبب وقوع شيء، كما لو حفر بئراً في المعابر فوقع فيها إنسان أو حيوان، أو طرح المعاثر والمزالق، كقشر البطّيخ والرقّي في المسالك، أو أوتد وتداً في الطريق فأصاب به عطب أو جناية على حيوان أو إنسان، أو وضع شيئاً على الطريق فتمرّ به الدابّة فتنفر بصاحبها فتعقره، أو أخرج ميزاباً على الطريق فأضرّ بالمارّة، أو ألقى صبيّاً أو حيواناً يضعف عن الفرار في مسبعة فقتله السبع، ومن ذلك ما لو فكّ القيد عن الدابّة فشردت، أو فتح قفصاً عن طائر فطار مبادراً أو بعد مكث وغير ذلك، ففي جميع ذلك يكون فاعل السبب ضامناً، ويكون عليه غرامة التالف وبدله؛ إن كان مثليّاً فبالمثل، وإن كان قيميّاً فبالقيمة، وإن صار سبباً لتعيّب المال كان عليه الأرش، كما مرّ في ضمان اليد.
(مسألة56): لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعاً، أو حبس مالك الماشية أو راعيها عن حراستها فاتّفق تلفها، لم يضمن1 بسبب التسبيب، إلّاإذا انحصر غذاء الولد بارتضاع من امّه، وكانت الماشية في محالّ السباع ومظانّ الخطر وانحصر حفظها بحراسة راعيها، فعليه الضمان- حينئذٍ- على الأحوط2.
1-الصانعی: في إطلاق التسبيب مع عدم استناد التلف إلى الغاصب والحابس مسامحة غير خفية
2-العلوی:الأقوى.
الگرامی: بل الأقوى.
(مسألة57): ومن التسبيب الموجب للضمان ما لو فكّ وكاء ظرف فيه مائع فسال ما فيه. وأمّا لو فتح رأس الظرف ثمّ اتّفق أنّه قلبته الريح الحادثة، أو انقلب بوقوع طائر عليه- مثلًا- فسال ما فيه، ففي الضمان تردّد وإشكال1 نعم يقوى الضمان فيما كان ذلك في حال هبوب الرياح العاصفة، أو في مجتمع الطيور ومظانّ وقوعها عليه.
1-الصانعی: فيما لميعلم بسببيّة الفتح، وإلّا فيما علم بسببيّة الفتح فالظاهر عدم الإشكال في الضمان
الگرامی: والضمان أقوى.
(مسألة58): ليس من التسبيب الموجب للضمان ما لو فتح1 باباً على مال فسرق، أو دلّ2 سارقاً عليه فسرقه، فلا ضمان عليه.
1-الصانعی: إلّاأن يكون الفتح والدلالة للسرقة وقد تواطئا عليها، فالظاهر فيها الضمان
2-الگرامی: فيه إشكال بل منع. بل في إطلاق الأوّل أيضاً إشكال.
(مسألة59): لو وقع الحائط على الطريق- مثلًا- فتلف بوقوعه مال أو نفس لم يضمن صاحبه، إلّاإذا بناه مائلًا1 إلى الطريق2 أو مال إليه بعد ما كان مستوياً وقد تمكّن صاحبه من الإزالة3ولم يزله، فعليه الضمان في الصورتين على الأقوى.
1-الگرامی: أو بوجه مخطور ولو من جهة عدم مقاومة البناء للزلزال ونحوه فيما يكثر الزلزال وبلا إعلام ذلك مع ظهور المقاومة.
2-الصانعی: أو كان بناؤه غير جائز
3-الصانعی: أو إعلام الخطر ولم يُعلمه
(مسألة60): لو وضع شربةً أو كوزاً- مثلًا- على حائطه فسقط وتلف به مال أو نفس، لم يضمن إلّاإذا وضعه مائلًا إلى الطريق، أو وضعه على وجه يسقط مثله1
1-الصانعی: أو كان في معرض السقوط ولم يزله ولم يُعلمه
(مسألة61): ومن التسبيب الموجب للضمان أن يشعل ناراً في ملكه وداره، فتعدّت وأحرقت دار جاره- مثلًا- فيما إذا تجاوز قدر حاجته ويعلم أو يظنّ تعدّيها لعصف الهواء مثلًا، بل الظاهر كفاية الثاني، فيضمن مع العلم أو الظنّ بالتعدّي ولو كان بمقدار الحاجة، بل لايبعد الضمان إذا اعتقد عدم كونها متعدّية فتبيّن خلافه، كما إذا كانت ريح حين اشتعال النار، وهو قد اعتقد أنّ بمثل هذه الريح لا تسري النار إلى الجار فتبيّن خلافه. نعم لو كان الهواء ساكناً بحيث يؤمن معه من التعدّي، فاتّفق عصف الهواء بغتة فطارت شرارتها، يقوى عدم الضمان.
(مسألة62): إذا أرسل الماء في ملكه فتعدّى إلى ملك غيره فأضرّ به، ضمن ولو مع اعتقاده عدم التعدّي. نعم ضمانه فيما إذا خرجت من اختياره في صورة اعتقاده عدم التعدّي محلّ إشكال، والأحوط1 الضمان. ولو كان طريقه إلى ملك الغير مسدوداً حين إرسال الماء فدفع بغير فعله، فلا ضمان عليه.
1-العلوی: والأقوى الضمان، ولا إشكال فيه.
الگرامی: بل الأقوى.
(مسألة63): لو تعب حمّال الخشبة فأسندها إلى جدار الغير ليستريح- بدون إذن صاحب الجدار- فوقع بإسناده إليه، ضمنه وضمن ما تلف بوقوعه عليه، ولو وقعت الخشبة فأتلفت شيئاً ضمنه؛ سواء وقعت في الحال أو بعدُ إذا كان مستنداً إليه.
(مسألة64): لو فتح قفصاً عن طائر فخرج، وكسر بخروجه قارورة شخص- مثلًا- ضمنها على الأحوط، وكذا لو كان القفص ضيّقاً- مثلًا- فاضطرب بخروجه فسقط وانكسر.
(مسألة65): إذا أكلت دابّة شخص زرع غيره أو أفسدته، فإن كان معها صاحبها- راكباً أو سائقاً أو قائداً أو مصاحباً- ضمن ما أتلفته، وإن لم يكن معها؛ بأن انفلتت من مراحها- مثلًا- فدخلت زرع غيره، ضمن ما أتلفته إن كان ذلك ليلًا1. نعم ضمانه فيما إذا خرجت من اختياره محلّ إشكال، والأحوط2 الضمان3. وليس عليه ضمان إن كان نهاراً.
1-الصانعی: بل ونهاراً مع التفريط؛ فإنّ الضمان وعدمه فيهما يكون بمناط التفريط وعدمه، فإنّه المستفاد من العلّة في موثّقة السكوني، ومن العلّة في خبر هارون بن حمزة، ففي الأوّل قال: «كان عليّ عليه السلام لايضمن ما أفسدت البهائم نهاراً ويقول على صاحب الزرع حفظ زرعه وكان يضمن ما أفسدت البهائم ليلًا»، وفي الثاني قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن البقر والغنم والإبل تكون في الرعى (المرعى- خ) فتفسد شيئاً هل عليها ضمان؟ فقال: «إن أفسدت نهاراً فليس عليها ضمان، من أجل أنّ أصحابه يحفظونه، وإن أفسدت ليلًا فإنّه عليها ضمان». (وسائل الشيعة 29: 277/ 1 و 3)
والظاهر أنّ ما عن متأخّري الأصحاب كابن إدريس وابن سعيد والعلّامة رحمهم الله من جعلهم الضابط التفريط وعدمه وحملهم الموثّقة على ذلك كان لمكان تلك العلّة، وما عن القدماء من الفتوى بالتفصيل على ما في المتن للإمام الاستاذ قدس سره كان من جهة التبعية لعبارة الأحاديث، وإلّا فالظاهر أنّ مرادهم أيضاً هو التفصيل بين التفريط وعدمه؛ لمكان العلّة ولأنّ الحكم بالضمان وعدمه في الأخبار من باب رعاية الغالب، فإنّ الغالب حفظ الدابّة ليلًا وحفظ الزرع نهاراً، فالخلاف بينهم وبين المتأخّرين ليس إلّافي اللفظ ومجرّد العبارة، لا في المراد والمعنى. ولقد أجاد صاحب «الجواهر» حيث قال في آخر المسألة: «ولكنّ الإنصاف عدم صلاحية النصوص المزبورة التي منها قضيّة في واقعة، المعبّر عنها عن مضمونها بعبارات القدماء المعلوم عدم التحرير فيها، للخروج عن القواعد المحكمة المعتضدة بالعقل والنقل، فالتحقيق حملها على ما عرفت من كون ذلك مثالًا للتفريط وعدمه». (جواهر الكلام 43: 405)
2-العلوی:والأقوى الضمان، ولا إشكال فيه.
3-الگرامی: تختلف الموارد والملاك هو الأسناد وروايات الباب لا تروم التعبّد.
(مسألة66): لو كانت الشاة أو غيرها في يد الراعي، أو الدابّة في يد المستعير أو المستأجر، فأتلفتا زرعاً أو غيره، كان الضمان على الراعي والمستأجر والمستعير، لا على المالك والمعير.
(مسألة67): لو اجتمع سببان للإتلاف بفعل شخصين، فإن لم يكن أحدهما أسبق في التأثير اشتركا في الضمان، وإلّا كان الضمان على المتقدّم في التأثير1، فلو حفر شخص بئراً في الطريق، ووضع شخص آخر حجراً بقربها، فعثر به إنسان أو حيوان فوقع في البئر، كان الضمان على واضع الحجر دون حافر البئر، ويحتمل قويّاً اشتراكهما في الضمان مطلقاً.
1-الگرامی: بل الأقوى استناداً، لا التقدّم الزمانى ولا الأشدّ تأثيراً صرفاً.
(مسألة68): لو اجتمع السبب مع المباشر 1كان الضمان على المباشر، دون فاعل السبب، فلو حفر شخص بئراً في الطريق، فدفع غيره فيها إنساناً أو حيواناً، كان الضمان على الدافع دون الحافر. نعم لو كان السبب أقوى من المباشر كان الضمان عليه لا على المباشر، فلو وضع قارورة تحت رجل شخص نائم فمدّ رجله فكسرها، كان الضمان على الواضع دون النائم.
1-الگرامی: ولعلّ الإسناد يختلف بحسب الجرم فرداً أو جمعاً.
(مسألة69): لو اكره على إتلاف مال غيره، كان الضمان على من أكرهه، وليس عليه ضمان؛ لكون السبب أقوى من المباشر. هذا إذا لم يكن المال مضموناً في يده؛ بأن أكرهه على إتلاف ما ليس تحت يده، أو على إتلاف الوديعة التي عنده مثلًا. وأمّا إذا كان المال مضموناً في يده- كما إذا غصب مالًا فأكرهه شخص على إتلافه- فالظاهر ضمان كليهما، فللمالك الرجوع على أيّهما شاء، فإن رجع على المكرِه- بالكسر- لم يرجع على المكرَه- بالفتح- بخلاف العكس. هذا إذا اكره على إتلاف المال. وأمّا لو اكره على قتل أحد معصوم الدم فقتله، فالضمان على القاتل1 من دون رجوع على المكره وإن كان عليه عقوبة، فإنّه لا إكراه في الدماء2.
1-الصانعی: بل على المكرِه (بالكسر) على تفصيل يأتي في كتاب القصاص
2-الگرامی: (خلافاً للخوئى مبانى تكملة المنهاج، ج 2، ص 13 تبعاً لابن جنيد حيث جعله من التزاحم. وفيه: أنّ التزاحم في فعلى شخص واحد لا شخصين كما أنّ مثاله في دفع الامّ جنينها مربوط بشخص واحد. وأمّا التزاحم بين حفظ النفس وقتل الغير فلا إطلاق لدليل وجوب حفظ النفس).
(مسألة70): لو غصب مأكولًا- مثلًا- فأطعمه المالك مع جهله بأنّه ماله؛ بأن قال له:
«هذا ملكي وطعامي»، أو قدّمه إليه ضيافة- مثلًا أو غصب شاة واستدعى من المالك ذبحها، فذبحها مع جهله بأنّه شاته، ضمن الغاصب وإن كان المالك هو المباشر للإتلاف. نعم لو دخل المالك دار الغاصب- مثلًا- ورأى طعاماً فأكله على اعتقاد أنّه طعام الغاصب فكان طعام الآكل، فالظاهر1 عدم ضمان الغاصب وقد برئ من ضمان الطعام.
1-الگرامی: ولعلّه أيضاً تختلف الموارد كمن دعاه شخص غير غاصب، للدخول في بيت ذلك الشخص فرأى طعاماً ... فالضمان محتمل قوياً.
(مسألة71): لو غصب طعاماً من شخص، وأطعمه غير المالك على أنّه ماله مع جهل الآكل بأنّه مال غيره، كما إذا قدّمه إليه بعنوان الضيافة مثلًا، ضمن كلاهما، فللمالك أن يغرّم أيّهما شاء، فإن أغرم الغاصب لم يرجع على الآكل، وإن أغرم الآكل رجع على الغاصب لأنّه قد غرّه
(مسألة72): إذا سعى إلى الظالم على أحد، أو اشتكى عليه عنده بحقّ أو بغير حقّ، فأخذ الظالم منه مالًا بغير حقّ، لم يضمن الساعي والمشتكي ما خسره؛ وإن أثم بسبب سعايته أو شكايته إذا كانت بغير حقّ، وإنّما الضمان على من أخذ المال1.
1-الصانعی: بل الضمان عليهما، إن كان السعي والشكاية بغير حقّ، وإن كان استقراره على الظالم الآخذ كترتّب الأيادي المتعاقبة في الغصب
(مسألة73): إذا تلف المغصوب، وتنازع المالك والغاصب في القيمة، ولم تكن بيّنة1، ففي أنّ القول قول الغاصب أو المالك تردّد ناشئ من التردّد في معنى «على اليد ما أخذت»، واحتمال2 أن يكون نفس المأخوذ على عُهدته حتّى بعد التلف، ويكون أداء المثل أو القيمة نحو أداء له، فيكون القول قول المالك بيمينه، واحتمال أن ينتقل بالتلف إلى القيمة، فيكون القول قول الغاصب بيمينه. ولايخلو هذا من قوّة3. ولو تنازعا في صفة تزيد بها الثمن؛ بأن ادّعى المالك وجود تلك الصفة فيه يوم غصبه، أو حدوثها بعده وإن زالت فيما بعد، وأنكره الغاصب ولم يكن بيّنة، فالقول قول الغاصب بيمينه بلا إشكال.
1-العلوی:القول قول الغاصب بيمينه. وكذا الحال فيما لو تنازعا في صفة يزيد بها الثمن.
2-الگرامی: وهذا أظهر، أخذاً بظاهر «على اليد ما اخذت ...»، بل بحسب البناء العقلائى.
3-الصانعی: بل الأوّل لايخلو من قوّة على ما بيّنّاه في تعليقتنا على «العروة»: كتاب المضاربة، المسألة الاولى في «المسائل [المتفرّقة]»
(مسألة74): إن كان على الدابّة المغصوبة رحل أو علّق بها حبل، واختلفا فيما عليها، فقال المغصوب منه: «هو لي»، وقال الغاصب: «هو لي»، ولم يكن بيّنة، فالقول قول الغاصب مع يمينه؛ لكونه ذا يد فعليّة عليه.