كتاب الوصيّة - تحریر الوسیلة محشّی

استفتائات رساله نوین احکام برگزیده

العروه الوثقی وسیلة النجاة منهاج الصالحین تحریر الوسیلة آراء المراجع

احکام > تحریر الوسیلة محشّی:

كتاب الوصيّة

 
 وهي: إمّا تمليكيّة، كأن يوصي بشي‏ء من تركته لزيد، ويلحق بها الإيصاء بالتسليط على‏ حقّ. وإمّا عهديّة، كأن يوصي بما يتعلّق بتجهيزه، أو باستئجار الحجّ أو الصلاة أو نحوهما له. وإمّا فكّيّة1 تتعلّق بفكّ ملك كالإيصاء بالتحرير.
1-الصانعی: في كون الإيصاء بالتحرير وصيّة فكّية في قبال القسمين الآخرين تأمّل، بل إشكال ومنع، فإنّها من العهدية، نعم لو كان المراد منه كون عبده حرّاً بعد وفاته، فالتقسيم في محلّه‏
(مسألة1): إذا ظهرت للإنسان أمارات الموت، يجب عليه إيصال ما عنده من أموال الناس- من الودائع والبضائع ونحوها- إلى‏ أربابها، وكذا أداء ما عليه خالقيّاً كقضاء الصلوات والصيام والكفّارات وغيرها، أو خلقيّاً إلّاالديون المؤجّلة، ولو لم يتمكّن من الإيصال والإتيان بنفسه يجب عليه أن يوصي بإيصال ما عنده من أموال الناس إليهم، والإشهاد عليها، خصوصاً إذا خفيت على الورثة، وكذا بأداء ما عليه من الحقوق الماليّة:
خلقيّاً كالديون والضمانات والديات واروش الجنايات، أو خالقياً كالخمس والزكاة والكفّارات ونحوها، بل يجب عليه أن يوصي بأن يستأجر عنه ما عليه من الواجبات البدنيّة؛ ممّا يصحّ فيها الاستيناب والاستئجار، كقضاء الصلاة والصوم إن لم يكن له وليّ يقضيها عنه، بل ولو كان له وليّ لايصحّ منه العمل، أو كان ممّن لايوثق بإتيانه، أو يرى‏ عدم صحّة عمله.
(مسألة2): إن كان عنده أموال الناس، أو كان عليه حقوق وواجبات، لكن يعلم أو يطمئنّ بأنّ أخلافه يوصلون الأموال ويؤدّون الحقوق والواجبات، لم يجب عليه الإيصال والإيصاء وإن كان أحوط وأولى‏.
(مسألة3): يكفي في الوصيّة كلّ ما دلّ عليها من الألفاظ من أيّ لغة كان، ولايعتبر فيها لفظ خاصّ، ففي التمليكيّة يقول: «أوصيت لفلان بكذا» أو «اعطوا فلاناً» أو «ادفعوا إليه بعد موتي» أو «لفلان بعد موتي كذا»، ونحوها بأيّ نحو يفيد ذلك. وفي العهديّة: «افعلوا بعد موتي كذا وكذا»، والظاهر الاكتفاء بالكتابة حتّى‏ مع القدرة على النطق، خصوصاً في الوصيّة العهديّة إذا علم أنّه كان في مقام الوصيّة، وكانت العبارة ظاهرة الدلالة على المعنى المقصود، فيكفي وجود مكتوب من الموصي بخطّه وإمضائه أو خاتمه إذا علم من قرائن الأحوال كونه بعنوان الوصيّة، فيجب تنفيذها، بل الاكتفاء بالإشارة المفهمة- حتّى‏ مع القدرة على النطق أو الكتابة- لايخلو من قوّة؛ وإن كان الأحوط عدم الإيصاء بها اختياراً.
(مسألة4): للوصيّة التمليكيّة أركان ثلاثة: الموصي والموصى‏ به والموصى‏ له، وقوام العهديّة بأمرين: الموصي والموصى‏ به. نعم إذا عيّن الموصي شخصاً لتنفيذها تقوم- حينئذٍ- بامور ثلاثة: هما والموصى‏ إليه، وهو الذي يطلق عليه «الوصيّ».
(مسألة5): لا إشكال في أنّ الوصيّة العهديّة لا تحتاج إلى‏ قبول. نعم لو عيّن وصيّاً لتنفيذها لابدّ من قبوله، لكن في وصايته، لا في أصل الوصيّة. وأمّا الوصيّة التمليكيّة فإن كانت تمليكاً للنوع كالوصيّة للفقراء والسادة، فهي كالعهديّة لايعتبر فيها القبول، وإن كانت تمليكاً للشخص فالمشهور على‏ أنّه يعتبر فيها القبول من الموصى‏ له. والظاهر أنّ تحقّق الوصيّة وترتّب أحكامها من حرمة التبديل ونحوها، لايتوقّف على القبول، لكن تملّك الموصى‏ له متوقّف عليه، فلايتملّك قهراً. فالوصيّة من الإيقاعات، لكنّها جزء سبب للملكيّة في الفرض.
(مسألة6): يكفي في القبول كلّ ما دلّ على الرضا قولًا أو فعلًا، كأخذ الموصى‏ به والتصرّف فيه بقصد القبول.
(مسألة7): لا فرق بين وقوع القبول في حياة الموصي أو بعد موته، كما لا فرق في الواقع بعد الموت، بين أن يكون متّصلًا به أو متأخّراً عنه مدّة.
(مسألة8): لو ردّ بعضاً وقبل بعضاً صحّ فيما قبله، وبطل فيما ردّه على الأقوى‏ إلّاإذا أوصى‏ بالمجموع من حيث المجموع.
(مسألة9): لو مات الموصى‏ له في حياة الموصي أو بعد موته، قبل أن يصدر منه ردّ أو قبول، قام ورثته مقامه في الردّ والقبول، فيملكون الموصى‏ به بقبولهم كمورّثهم لو لم يرجع الموصي عن وصيّته.
(مسألة10): الظاهر أنّ الوارث يتلقّى المال من الموصي ابتداءً، لا أنّه ينتقل إلى الموصى‏ له أوّلًا1، ثمّ إلى‏ وارثه وإن كانت القسمة بين الورثة- مع التعدّد- على حسب قسمة المواريث، فعلى‏ هذا لايخرج من الموصى‏ به ديون الموصى‏ له، ولا تنفذ فيه وصاياه.
1-الصانعی: بل هو الظاهر، ويؤيّده القسمة بين الورثة على قسمة المواريث، بل فيه شهادة ودلالة على ذلك، وإلّا فكيف يحكم بالتقسيم على حسب الإرث مع عدم الإرث موضوعاً، فالتلقّي من الموصي بعيد جدّاً ومخالف للظاهر. وعلى هذا يخرج من الموصى به ديون الموصى له وتنفذ فيه وصاياه‏
(مسألة11): إذا قبل بعض الورثة وردّ بعضهم، صحّت الوصيّة1فيمن قَبِل، وبطلت فيمن ردّ بالنسبة.
1-الصانعی: وتمامه للقابل على ما اخترناه من تلقّي الوارث المال من الموصى له، نعم على مبنى الماتن فالحقّ ما في المتن‏
(مسألة12): يعتبر في الموصي: البلوغ والعقل والاختيار والرشد، فلا تصحّ وصيّة الصبيّ. نعم الأقوى‏ صحّة وصيّة البالغ عشراً1 إذا كانت في البرّ والمعروف، كبناء المساجد والقناطر ووجوه الخيرات والمبرّات. وكذا لا تصحّ وصيّة المجنون ولو أدواريّاً في دور جنونه، ولا السكران ولا المكره ولا المحجور عليه إذا كانت متعلّقة بالمال المحجور فيه.
1-الصانعی: لكونه أمارة غالبية عقلائية على الرشد الممضاة شرعاً، كما يدلّ عليها أخبار الوصيّة في وجوه البرّ
(مسألة13): يعتبر في الموصي- مضافاً إلى‏ ما ذكر- أن لايكون قاتل نفسه متعمّداً، فمن أوقع على‏ نفسه جرحاً، أو شرب سمّاً، أو ألقى‏ نفسه من شاهق، ونحو ذلك ممّا يقطع أو يظنّ كونه مؤدّياً إلى الهلاك لم تصحّ وصيّته المتعلّقة بأمواله. وإن كان إيقاع ما ذكر خطأً، أو كان مع ظنّ السلامة فاتفق موته به، نفذت وصيّته. ولو أوصى‏ ثمّ أحدث في نفسه ما يؤدّي إلى‏ هلاكه، لم تبطل وصيّته وإن كان حين الوصيّة بانياً على‏ أن يحدث ذلك بعدها.
(مسألة14): لا تبطل الوصيّة بعروض الإغماء والجنون للموصي وإن بقيا إلى‏ حين الممات.
(مسألة15): يشترط في الموصى‏ له الوجود حين الوصيّة، فلا تصحّ للمعدوم كالميّت، أو لما تحمله المرأة في المستقبل، ولمن سيوجد1من أولاد فلان. وتصحّ للحمل بشرط وجوده حين الوصيّة وإن لم تلجه الروح، وانفصاله حيّاً، فلو انفصل ميّتاً بطلت ورجع المال ميراثاً لورثة الموصي.
1-الصانعی: على تأمّل وإشكال فيه، وفي الحمل أيضاً، وإن كانت الصحّة لاتخلو من قوّة. نعم عدم الصحّة بالنسبة إلى المعدوم تامّة
(مسألة16): تصحّ الوصيّة للذمّي وكذا للمرتدّ الملّي؛ إن لم يكن المال ممّا لايملكه الكافر كالمصحف1 ، وفي عدم صحّتها للحربي والمرتدّ الفطري تأمّل‏2 .
1-الصانعی: في إطلاق المثال تأمّل على ما حقّقه قدس سره من التحقيق العميق المنحصر بفكره الثاقب في حرمة بيع المصحف في كتابه «البيع». (كتاب البيع، الإمام الخميني قدس سره 2719)
2-الصانعی: والظاهر الصحّة، كما مضى في الوقف‏
(مسألة17): يشترط في الموصى‏ به في الوصيّة التمليكيّة: أن يكون مالًا، أو حقّاً قابلًا للنقل كحقّي التحجير والاختصاص؛ من غير فرق في المال بين كونه عيناً أو دَيناً في ذمّة الغير أو منفعة، وفي العين بين كونها موجودة فعلًا أو ممّا ستوجد، فتصحّ الوصيّة بما تحمله الدابّة أو يثمر الشجر في المستقبل.
(مسألة18): لابدّ وأن تكون العين الموصى‏ بها ذات منفعة محلّلة مقصودة حتّى‏ تكون مالًا شرعاً، فلا تصحّ الوصيّة بالخمر غير المتّخذة للتخليل والخنزير وآلات اللهو والقمار، ولابالحشرات وكلب الهراش ونحوها، وأن تكون المنفعة الموصى‏ بها محلّلة مقصودة، فلا تصحّ الوصيّة بمنفعة المُغنّية وآلات اللهو، وكذا منفعة القردة ونحوها.
 (مسألة19): لا تصحّ الوصيّة بمال الغير وإن أجاز المالك إذا كان الإيصاء به عن نفسه؛ بأن جعل مال الغير لشخص بعد وفاة نفسه. وأمّا عن الغير؛ بأن جعله لشخص بعد وفاة مالكه فلا تبعد صحّته ونفوذه بالإجازة.
(مسألة20): يشترط في الوصيّة العهديّة أن يكون ما أوصى‏ به عملًا سائغاً تعلّق به أغراض العقلاء، فلا تصحّ الوصيّة بصرف ماله في معونة الظلمة وقطّاع الطريق وتعمير الكنائس1‏ ونسخ كتب الضلال ونحوها، وكذا بصرف المال فيما يكون سفهاً وعبثاً.
1-الصانعی: في كون تعمير الكنائس من صغريات المعاصي تأمّل وإشكال، بل منع، كما مرّ في الوقف‏
(مسألة21): لو أوصى‏ بما هو سائغ عنده- اجتهاداً أو تقليداً- وغير سائغ عند الوصي، كما أوصى‏ بنقل جنازته بعد دفنه وهو غير جائز عند الوصيّ، لم يجز له تنفيذها، ولو انعكس الأمر انعكس.
(مسألة22): لو أوصى‏ لغير الوليّ بمباشرة تجهيزه- كتغسيله والصلاة عليه- مع وجود الوليّ، ففي نفوذها وتقديمه على الوليّ وعدمه وجهان بل قولان، ولايترك الوصيّ الاحتياط بالاستئذان من الوليّ1 ، والوليّ بالإذن له.
1-الصانعی:  وإن كان الأقوى عدم لزوم الاستئذان منه‏
(مسألة23): يشترط في نفوذ الوصية- في الجملة- أن لا تكون في الزائد على الثلث.
وتفصيله: أنّ الوصيّة إن كانت بواجب ماليّ، كأداء ديونه وأداء ما عليه من الحقوق، كالخمس والزكاة والمظالم والكفّارات، يخرج من أصل المال بلغ ما بلغ، بل لو لم يوص به يخرج منه وإن استوعب التركة. ويلحق به الواجب المالي المشوب بالبدني، كالحجّ ولو كان منذوراً على الأقوى‏. وإن كانت تمليكيّة أو عهديّة تبرّعيّة، كما إذا أوصى‏ بإطعام الفقراء أو الزيارات أو إقامة التعزية ونحو ذلك، نفذت بمقدار الثلث، وفي الزائد صحّت إن أجاز الورثة، وإلّا بطلت من غير فرق بين وقوعها في حال الصحّة أو المرض، وكذلك إذا كانت بواجب غير ماليّ على الأقوى‏، كما لو أوصى‏ بالصلاة والصوم عنه إذا اشتغلت ذمّته بهما.
(مسألة24): لا فرق فيما ذكر بين ما إذا كانت الوصيّة بكسر مشاع أو بمال معيّن أو بمقدار من المال، فكما أنّه لو أوصى‏ بالثلث نفذت، ولو أوصى‏ بالنصف نفذت في الثلث إلا إذا أجاز الورثة، كذلك لو أوصى‏ بمال معيّن كبستانه أو بمقدار معيّن كألف دينار، فإنّه ينسب إلى‏ مجموع التركة، فإن لم تزد على‏ ثلث المجموع نفذت، وإلّا تحتاج إلى‏ إذن الورثة.
(مسألة25): لو كانت إجازة الورثة لما زاد على الثلث بعد موت الموصي، نفذت بلا إشكال وإن ردّها قبل موته، وكذا لو أجازها قبل الموت ولم يردّها بعده. وأمّا لو ردّها بعده، فهل تنفذ الإجازة السابقة ولا أثر للردّ بعدها أم لا؟ قولان، أقواهما الأوّل.
(مسألة26): لو أجاز الوارث بعض الزيادة لا تمامها نفذت بمقدار ما أجاز، وبطلت في الزائد عليه.
(مسألة27): لو أجاز بعض الورثة دون بعضهم نفذت في حقّ المجيز في الزائد، وبطلت في حقّ غيره. فإذا كان للموصي ابن وبنت وأوصى‏ لزيد بنصف ماله، قسّمت التركة ثمانية عشر، ونفذت في ثلثها وهو ستّة، وفي الزائد وهو ثلاثة احتاج إلى‏ إمضاء الابن والبنت، فإن أمضى الابن دون البنت نفذت في اثنين وبطلت في واحد، وإن أمضت البنت نفذت في واحد وبطلت في اثنين.
(مسألة28): لو أوصى‏ بعين معيّنة أو مقدار كلّي من المال كمائة دينار، يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقلّ أو أزيد بالنسبة إلى‏ أمواله حين الفوت، لا حين الوصيّة. فلو أوصى‏ بعين كانت بمقدار نصف أمواله حين الوصيّة، وصارت لجهة بمقدار الثلث ممّا ترك حين الوفاة، نفذت في الكلّ، ولو انعكس نفذت في مقدار الثلث ممّا ترك، وبطلت في الزائد. وهذا ممّا لا إشكال فيه. وإنّما الإشكال فيما إذا أوصى‏ بكسر مشاع، كما إذا قال: «ثلث مالي لزيد بعد وفاتي» ثمّ تجدّد له بعد الوصيّة أموال، وأنّه هل تشمل الوصيّة الزيادات المتجدّدة بعدها أم لا؟ سيّما إذا لم تكن متوقّعة الحصول، والظاهر- نظراً إلى‏ شاهد الحال- أنّ المراد بالمال هو الذي لو لم يوص بالثلث كان جميعه للورثة، وهو ما كان له عند الوفاة. نعم لو كانت قرينة تدلّ على‏ أنّ مراده الأموال الموجودة حال الوصيّة اقتصر عليها.
(مسألة29): الإجازة من الوارث إمضاء وتنفيذ، فلايكفي فيها مجرّد الرضا وطيب النفس؛ من دون قول أو فعل يدلّان على الإمضاء.
(مسألة30): لا تعتبر في الإجازة الفوريّة.
 (مسألة31): يحسب من التركة ما يملك بالموت كالدية1 ، وكذا ما يملك بعد الموت إذا أوجد الميّت سببه قبل موته، مثل ما يقع في الشبكة التي نصبها الميّت في زمان حياته، فيخرج منه دين الميّت ووصاياه. نعم بعض صورها محلّ تأمّل 2
1-الصانعی: أي‏دية الخطأ وشبه العمد، بل ومثلها دية العمد التي صولح عليها الورثة؛ للنصوص الخاصّة، مضافاً إلى الاعتبار، وهو كونه أحقّ بعوض نفسه من غيره، وكذا دية جرحه خطأً، بل وعمداً
2-الصانعی: في غير محلّه‏
(مسألة32): للموصي تعيين ثلثه في عين مخصوصة من التركة، وله تفويض التعيين إلى الوصيّ، فيتعيّن فيما عيّنه، ومع الإطلاق- كما لو قال: ثلث مالي لفلان- يصير شريكاً مع الورثة بالإشاعة، فلابدّ وأن يكون الإفراز والتعيين برضا الجميع كسائر الأموال المشتركة.
(مسألة33): إنّما يحسب الثلث بعد إخراج ما يخرج من الأصل كالدين والواجبات المالية، فإن بقي بعد ذلك شي‏ء يخرج ثلثه.
(مسألة34): لو أوصى‏ بوصايا متعدّدة غير متضادّة وكانت من نوع واحد، فإن كانت جميعاً واجبة ماليّة ينفذ الجميع من الأصل، وإن كانت واجبة بدنيّة أو كانت تبرعية تنفذ من الثلث، فإن وفى‏ بالجميع أو زادت عليه وأجاز الورثة تنفذ في الجميع. وإن لم يُجيزوا فإن لم يكن بين الوصايا ترتيب وتقديم وتأخير في الذكر، بل كانت مجتمعة- كما إذا قال: «اقضوا عشرين سنة واجباتي البدنيّة»، أو «اقضوا عشرين سنة صلواتي وصيامي»، أو قال:
«أعطوا زيداً وعمراً وخالداً كلًاّ منهم مائة دينار»- كانت بمنزلة وصيّة واحدة، فيوزّع النقص على الجميع بالنسبة، فلو أوصى‏ بمقدار من الصوم ومقدار من الصلاة، ولم يفِ الثلث بهما، وكانت اجرة الصلاة ضعف اجرة الصوم، ينتقص من وصيّة الصلاة ضعف ما ينتقص من الصوم، كما إذا كانت التركة ثمانية عشر، وأوصى‏ بستّة لاستئجار الصلاة وثلاثة لاستئجار الصوم ولم يجز الورثة، بطلتا في الثلاثة، وتوزّع النقص عليهما بالنسبة، فينتقص عن الصلاة اثنان فيصرف فيها أربعة، وعن الصوم واحد ويصرف فيه اثنان، وكذا الحال في التبرّعيّة. وإن كانت بينها ترتيب وتقديم وتأخير في الذكر؛ بأن كانت الثانية بعد تمامية الاولى‏، والثالثة بعد تمامية الثانية وهكذا، وكان المجموع أزيد من الثلث، ولم يجز الورثة، يبدأ بالأوّل فالأوّل‏1 إلى‏ أن يكمل الثلث، ولغت البقيّة.
1-الصانعی: بل يردّ النقص أيضاً على الجميع بالنسبة على الأحوط، بل لايخلو من وجه‏
(مسألة35): لو أوصى‏ بوصايا مختلفة بالنوع- كما إذا أوصى‏ بأن يُعطى‏ مقدار معيّن خمساً وزكاة، ومقدار صوماً وصلاة، ومقدار لإطعام الفقراء- فإن أطلق ولم يذكر المخرج يبدأ بالواجب المالي، فيخرج من الأصل، فإن بقي شي‏ء يعيّن ثلثه ويخرج منه البدني والتبرّعي، فإن وفى‏ بهما أو لم يف وأجاز الورثة نفذت في كليهما، وإن لم يف ولم يُجيزوا يقدّم الواجب البدني ويردّ النقص على التبرّعي. وإن ذكر المخرج وأوصى‏ بأن تخرج من الثلث تقدّم الواجبات- ماليّة كانت أو بدنيّة- على التبرّعي على الأقوى‏. وأمّا الواجبات فلايقدّم بعضها على‏ بعض، بل الظاهر أنّه لو أوصى‏ مرتّباً يقدّم المقدّم1 فالمقدّم إلى‏ أن يفنى الثلث، فإن بقي من الواجب المالي شي‏ء يخرج من الأصل، وإن بقي من البدني يُلغى‏، وإن لم يكن بينها ترتيب يوزّع الثلث عليها، ويتمّ الواجب المالي من الأصل دون البدني.
1-الصانعی: بل يوزّع الثلث عليها، مثل ما لم‏يكن بينها ترتيب من دون رعاية المقدّم فالمقدّم، ويتمّ الواجب المالي من الأصل دون البدني‏
(مسألة36): لو أوصى‏ بوصايا متضادّة؛ بأن كانت المتأخّرة منافية للمتقدّمة- كما لو أوصى‏ بعين شخصيّة لواحد ثمّ أوصى‏ بها لآخر، أو أوصى‏ بثلثه لشخص ثمّ أوصى‏ به لآخر- كانت اللاحقة عدولًا عن السابقة فيعمل باللاحقة، ولو أوصى‏ بعين شخصيّة لشخص ثمّ أوصى‏ بنصفها- مثلًا- لشخص آخر، فالظاهر كون الثانية عدولًا بالنسبة إلى النصف لا التمام، فيبقى النصف الآخر للأوّل.
(مسألة37): متعلّق الوصيّة إن كان كسراً مشاعاً من التركة- كالثلث أو الربع- ملكه الموصى‏ له بالموت والقبول، وله من كلّ شي‏ء ثلثه‏أو ربعه، وشارك الورثة فيها من حين ما ملكه. هذا في الوصيّة التمليكيّة. وأمّا في العهديّة، كما إذا أوصى‏ بصرف ثلثه أو ربع تركته في العبادات والزيارات، كان الموصى‏ به فيها باقياً على‏ حكم مال الميّت، فهو يشارك الورثة حين ما ملكوا بالإرث؛ فكان للميّت من كلّ شي‏ء ثلثه أو ربعه والباقي للورثة.
وهذه الشركة باقية ما لم يفرز الموصى‏ به عن مالهم، ولم تقع القسمة بينهم وبين الموصى‏ له، فلو حصل نماء متّصل أو منفصل قبل القسمة كان بينهما، ولو تلف شي‏ء من التركة كان منهما. وإن كان ما أوصى‏ به مالًا معيّناً يساوي الثلث أو دونه اختصّ بالموصى‏ له، ولا اعتراض فيه للورثة، ولا حاجة إلى‏ إجازتهم، لكن إنّما يستقرّ ملكيّة الموصى‏ له أو الميّت في تمام الموصى‏ به؛ إذا كان يصل إلى الوارث ضعف ما أوصى‏ به، فإذا كان له مال عند الورثة بهذا المقدار استقرّت ملكيّة تمام المال المعيّن، فللموصى‏ له أو الوصيّ التصرّف فيه؛ أنحاء التصرّفات، وإن كان ما عدا ما عيّن غائباً توقّف ذلك على‏ حصول مثليه بيد الورثة. نعم للموصى‏ له أو الوصيّ التصرّف في الثلث بمثل الانتقال إلى الغير، بل لهما المطالبة بتعيين الثلث حتّى‏ يتصرّفا فيه كيف شاءا؛ وإن لم يكن للورثة التصرّف في الثلثين بوجه من الوجوه، ولو لم يحصل بيد الورثة شي‏ء منه شاركوا الموصى‏ له في المال المعيّن أثلاثاً:ثلث للموصى‏ له، وثلثان للورثة.
(مسألة38): يجوز للموصي أن يعيّن شخصاً لتنجيز وصاياه وتنفيذها فيتعيّن، ويقال له: الموصى‏ إليه والوصيّ. ويُشترط فيه: البلوغ والعقل والإسلام‏1 ، فلا تصحّ وصاية الصغير2 ولا المجنون، ولا الكافر عن المسلم وإن كان ذمّياً قريباً. وهل يشترط فيه العدالة أم يكفي الوثاقة؟ لايبعد الثاني وإن كان الأحوط الأوّل.
1-الصانعی: شرطية الإسلام محلّ تأمّل، بل منع. وما في «المسالك» من قوّة احتمال صحّتها مطلقاً مع عدالته في دينه في محلّه. (مسالك الأفهام 6: 248)
2-الصانعی:  إلّاإذا كان مميّزاً رشيداً
(مسألة39): إنّما لا تصحّ وصاية الصغير منفرداً1 وأمّا منضمّاً إلى الكامل فلابأس به، فيستقلّ الكامل بالتصرّف إلى‏ زمان بلوغه، فإذا بلغ شاركه من حينه، وليس له الاعتراض فيما أمضاه الكامل سابقاً، إلّاما كان على‏ خلاف ما أوصى‏ به الميّت، فيردّه إلى‏ ما أوصى‏ به، ولو مات الصغير أو بلغ فاسد العقل كان للكامل الانفراد بالوصاية.
1-الصانعی: إلّاإذا كان مميّزاً رشيداً
 (مسألة40): لو طرأ الجنون على الوصيّ بعد موت الموصي، فهل تبطل الوصاية أم لا؟ لايخلو الثاني من وجه وإن لم تنفذ تصرّفاته، فلو أفاق جازت التصرّفات، لكن الأحوط نصب الحاكم إيّاه. نعم لو كان جنونه بحيث لا يُرجى‏ زواله فالظاهر بطلانها.
(مسألة41): الأحوط أن لايردّ الابن وصيّة والده1  ولايجب على‏ غيره قبول الوصاية، وله أن يردّها مادام الموصي حيّاً بشرط أن يبلغه الردّ؛ وإن كان الأحوط الأولى‏ أن لايردّ فيما إذا لم يتمكّن الموصي من الإيصاء إلى‏ غيره، فلو كان الردّ بعد موت الموصي، أو قبله ولكن لم يبلغه حتّى‏ مات، كانت الوصاية لازمة على الوصيّ وليس له الردّ، بل لو لم يبلغه أنّه قد أوصى‏ إليه وجعله وصيّاً إلّابعد موت الموصي، لزمته الوصاية وليس له ردّها2
1-الصانعی: فيما أمره بالقبول والعمل، لا سيّما مع كون الردّ إيذاءً له، وأمّا مع عدم الأمر فعدم وجوب القبول وجواز الردّ غير بعيد
2-الصانعی: على الأحوط في ذلك كلّه فيما لم‏يستلزم القبول والعمل حرجاً ومشقّة وضرراً على الوصيّ، وإلّا فله الردّ، ولزوم الوصاية- على تسليمه- منفي بالحرج والضرر؛ كتاباً وسنّة. ولايخفى أنّ وجوب القبول في مورده غير منافٍ لأخذ الاجرة، فللوصيّ أخذ اجرة المثل على عمله في هذا الفرع وفي غيره، بل وإن أوصى بعدم أخذه الاجرة؛ لعدم سلطة الموصي على عمل الوصيّ ولحرمة عمله. نعم بعد قبوله الوصيّة في حال حياة الموصي مع كونها من دون الاجرة فليس له الأخذ بالاجرة، كما هو ظاهر
(مسألة42): يجوز للموصي أن يجعل الوصاية لاثنين فما فوق، فإن نصّ على الاستقلال والانفراد لكلّ منهما، أو كان لكلامه ظهور فيه- ولو بقرينة حال أو مقال- فيتّبع، وإلّا فليس لكلّ منهما الاستقلال بالتصرّف؛ لا في جميع ما أوصى‏ به ولا في بعضه، وليس لهما أن يقسّما الثلث وينفرد كلّ منهما في نصفه؛ من غير فرق في ذلك بين أن يشترط عليهما الاجتماع أو يطلق، ولو تشاحّا ولم يجتمعا أجبرهما الحاكم على الاجتماع، فإن تعذّر استبدل بهما. هذا إذا لم يكن التشاح لاختلاف اجتهادهما ونظرهما، وإلّا فألزمهما على‏ نظر ثالث إذا كان في أنظارهما تعطيل العمل بالوصاية، فإن امتنعا استبدل بهما، وإن امتنع أحدهما استبدل به.
(مسألة43): لو مات أحد الوصيّين، أو طرأ عليه الجنون أو غيره ممّا يوجب ارتفاع وصايته، فالأحوط مع عدم استقلال كلّ منهما ضمّ الحاكم شخصاً إليه، بل اللزوم لايخلو من قوّة. ولو ماتا معاً احتاج إلى النصب من قبله، فهل اللازم نصب اثنين أو يجوز نصب واحد إذا كان كافياً؟ وجهان، أحوطهما الأوّل وأقواهما الثاني.
(مسألة44): يجوز أن يوصي إلى‏ واحد في شي‏ء وإلى‏ آخر في غيره، ولايشارك أحدهما الآخر.
(مسألة45): لو قال: «أوصيت إلى‏ زيد فإن مات فإلى‏ عمرو» صحّ ويكون وصيّاً بعد موته، وكذا لو قال: «أوصيت إلى‏ زيد، فإن كبر ابني، أو تاب عن فسقه، أو اشتغل بالعلم، فهو وصيّي»، فإنّه يصحّ، وتنتهي وصاية زيد بحصول ما ذكر.
(مسألة46): لو ظهرت خيانة الوصيّ، فعلى الحاكم عزله ونصب شخص آخر مكانه، أو ضمّ أمين إليه حسب ما يراه من المصلحة. ولو ظهر منه العجز عن الاستقلال ضمّ إليه من يساعده. وأمّا إن عجز عن التدبير والعمل مطلقاً- بحيث لايرجى‏ زواله- كالهرم الخرف، فالظاهر انعزاله، وعلى الحاكم نصب شخص آخر مكانه.
(مسألة47): لو لم ينجز الوصيّ ما اوصي إليه في حياته، ليس له أن يجعل وصيّاً لتنجيزه بعد موته إلّاإذا كان مأذوناً من الموصي في الإيصاء.
(مسألة48): الوصي أمين، فلايضمن ما كان في يده إلّامع التعدّي أو التفريط ولو بمخالفة الوصيّة، فيضمن لو تلف.
(مسألة49): لو أوصى‏ إليه بعمل خاصّ أو قدر مخصوص أو كيفيّة خاصّة، اقتصر عليه ولم يتجاوز إلى‏ غيره، وأمّا لو أطلق- بأن قال: «أنت وصيّي»- من دون ذكر المتعلّق، فالأقرب وقوعه لغواً إلّاإذا كان هناك عُرف خاصّ وتعارف يدلّ على المراد، فيتّبع، كما في عُرف بعض الطوائف؛ حيث إنّ مرادهم- بحسب الظاهر- الولاية على‏ أداء ما عليه من الديون، واستيفاء ماله على الناس، وردّ الأمانات والبضائع إلى‏ أهلها، وإخراج ثلثه وصرفه فيما ينفعه- ولو بنظر الحاكم- من استئجار العبادات وأداء الحقوق الواجبة والمظالم ونحوها. نعم في شموله بمجرّده للقيمومة على الأطفال تأمّل وإشكال، فالأحوط أن يكون‏ تصدّيه لُامورهم بإذن من الحاكم. وبالجملة: المدار هو التعارف بحيث يكون قرينة على‏ مراده، فيختلف باختلاف الأعصار والأمصار.
(مسألة50): ليس للوصيّ أن يعزل نفسه بعد موت الموصي، ولا أن يفوّض أمر الوصيّة إلى‏ غيره. نعم له التوكيل في بعض الامور المتعلّقة بها؛ ممّا لم يتعلّق الغرض إلّابوقوعها من أيّ مباشر كان، خصوصاً إذا كان ممّا لم يجر العادة على‏ مباشرة أمثال هذا الوصيّ، ولم يشترط عليه المباشرة.
(مسألة51): لو نسي الوصيّ مصرف الوصيّة مطلقاً، فإن تردّد بين أشخاص محصورين يقرع بينهم على الأقوى‏، أو جهات محصورة يقسّط بينها، وتحتمل القرعة، ويحتمل التخيير في صرفه في أيّ الجهات شاء منها، ولايجوز صرفه في مطلق الخيرات على الأقرب. وإن تردّد بين أشخاص أو جهات غير محصورة، يجوز صرفه في الخيرات المطلقة في الأوّل، والأولى‏ عدم الخروج عن طرف الشبهة، وجهة من الجهات في الثاني بشرط عدم الخروج عن أطراف الشبهة.
(مسألة52): لو أوصى الميّت وصيّة عهديّة ولم يعيّن وصيّاً، أو بطل وصاية من عيّنه بموت أو جنون أو غير ذلك تولّى الحاكم أمرها أو عيّن من يتولّاه، ولو لم يكن الحاكم ولا منصوبه تولّاه من المؤمنين من يوثق به.
(مسألة53): يجوز للموصي أن يجعل ناظراً على الوصيّ، ووظيفته تابعة لجعله: فتارة:
من جهة الاستيثاق على‏ وقوع ما أوصى‏ به، يجعل الناظر رقيباً على الوصيّ؛ بأن يكون أعماله باطّلاعه حتّى‏ أنّه لو رأى‏ منه خلاف ما قرّره الموصي لاعترض عليه. واخرى‏: من جهة عدم الاطمئنان بأنظار الوصيّ والاطمئنان بأنظار الناظر، يجعل على الوصيّ أن يكون أعماله على‏ طبق نظره، ولايعمل إلّاما رآه صلاحاً، فالوصيّ وإن كان وليّاً مستقلًاّ في التصرّف، لكنّه غير مستقلّ في الرأي والنظر، فلايمضي من أعماله إلّاما وافق نظر الناظر، فلو استبدّ الوصيّ بالعمل على‏ نظره من دون مراجعة الناظر واطّلاعه، وكان عمله على‏ طبق ما قرّره الموصي، فالظاهر صحّته ونفوذه على الأوّل، بخلافه على الثاني، ولعلّ الغالب المتعارف في جعل الناظر في الوصايا هو النحو الأوّل.
(مسألة54): يجوز للأب مع عدم الجدّ1 ، وللجدّ للأب مع فقد الأب‏2 ، جعل القيّم على الصغار، ومعه لا ولاية للحاكم، وليس لغيرهما3  أن ينصب القيّم عليهم حتّى الامّ‏4
1-الصانعی: والامّ‏
2-الصانعی: والامّ‏
3-الصانعی:  وغير الامّ‏
4-الصانعی: عبارة «حتّى الامّ» زائدة على المختار؛ من كونها وليّةً على الصغار مع عدم الأب ومقدّمة على الجدّ
 (مسألة55): يشترط في القيّم على الأطفال ما اشترط في الوصيّ على المال، والأحوط اعتبار العدالة؛ وإن كان الاكتفاء بالأمانة ووجود المصلحة ليس ببعيد.
(مسألة56): لو عيّن الموصي على القيّم تولّي جهة خاصّة وتصرّفاً مخصوصاً اقتصر عليه، ويكون أمر غيره بيد الحاكم أو المنصوب من قبله، فلو جعله قيّماً في حفظ ماله وما يتعلّق بإنفاقه- مثلًا- ليس له الولاية على‏ أمواله بالبيع والإجارة ونحوهما، وعلى‏ نفسه بالإجارة ونحوها، وعلى‏ ديونه بالوفاء والاستيفاء. ولو أطلق، وقال: «فلان قيّم على‏ أولادي»- مثلًا- كان وليّاً على‏ جميع ما يتعلّق بهم ممّا كان للموصي الولاية عليه، فله الإنفاق عليهم بالمعروف، والإنفاق على‏ من عليهم نفقته، وحفظ أموالهم واستنماؤها، واستيفاء ديونهم، وإيفاء ما عليهم، كأرش ما أتلفوا من أموال الناس، وكذا إخراج الحقوق المتعلّقة بأموالهم كالخمس وغير ذلك، وفي ولايته على‏ تزويجهم كلام يأتي في محلّه إن شاء اللَّه تعالى‏.
(مسألة57): يجوز جعل الولاية على الأطفال لاثنين فما زاد بالاستقلال والاشتراك، وجعل الناظر على الوصيّ كالوصيّة بالمال.
(مسألة58): يُنفق الوصيّ على الصبيّ من غير إسراف ولا تقتير، فيطعمه ويلبسه عادة أمثاله ونظرائه، فإن أسرف ضمن الزيادة، ولو بلغ فأنكر أصل الإنفاق أو ادّعى‏ عليه الإسراف، فالقول قول الوصيّ بيمينه، وكذا لو ادّعى‏ عليه أنّه باع ماله من غير حاجة ولا غبطة. نعم لو اختلفا في دفع المال إليه بعد البلوغ، فادّعاه الوصيّ وأنكره الصبيّ، قُدّم قول الصبيّ، والبيّنة على الوصيّ.
(مسألة59): يجوز للقيّم الذي يتولّى‏ امور اليتيم أن يأخذ من ماله اجرة مثل عمله؛ سواء كان غنيّاً أو فقيراً، وإن كان الأحوط الأولى‏ للأوّل التجنّب. وأمّا الوصيّ على الأموال، فإن عيّن الموصي مقدار المال الموصى‏ به وطبّقه على‏ مصرفه المعيّن؛ بحيث لم يبق شيئاً لُاجرة الوصيّ، واستلزم أخذها إمّا الزيادة على المال الموصى‏ به أو النقصان في مقدار المصرف، لم يجز له أن يأخذ الاجرة لنفسه1‏. وإن عيّن المال والمصرف على‏ نحو قابل للزيادة والنقصان، كان حاله حال متولّي الوقف؛ في أنّه لو لم يعيّن له جعلًا معيّناً، جاز له أن يأخذ اجرة مثل عمله، كما إذا أوصى‏ بأن يصرف ثلثه- أو مقداراً معيّناً من المال- في بناء القناطر وتسوية المعابر وتعمير المساجد.
1-الصانعی: بل يجوز له أخذ الاجرة على ما مرّ في المسألة الإحدى والأربعين؛ قضاءً لحرمة عمله ويكون مخيّراً بين أخذه من المال الموصى به أو من غيره‏
(مسألة60): الوصيّة جائزة من طرف الموصي، فله أن يرجع عنها مادام فيه الروح، وتبديلها من أصلها، أو من بعض جهاتها وكيفيّاتها ومتعلّقاتها، فله تبديل الموصى‏ به كلًاّ أو بعضاً، وتغيير الوصيّ والموصى‏ له وغير ذلك، ولو رجع عن بعض الجهات يبقى‏ غيرها بحاله. فلو أوصى‏ بصرف ثلثه في مصارف مخصوصة وجعل الوصاية لزيد، ثمّ بعد ذلك عدل عن وصاية زيد وجعلها لعمرو يبقى‏ أصل الوصيّة بحاله. وكذلك إذا أوصى‏ بصرف ثلثه في مصارف معيّنة على‏ يد زيد، ثمّ بعد ذلك عدل عن تلك المصارف إلى‏ اخرى‏ تبقى الوصاية على‏ يد زيد بحالها وهكذا. وكما له الرجوع في الوصيّة المتعلّقة بالمال، كذلك له الرجوع في الوصيّة بالولاية على الأطفال.
(مسألة61): يتحقّق الرجوع عن الوصيّة بالقول، وهو كلّ لفظ دالّ عليه عرفاً بأيّ لغة كان، نحو «رجعت عن وصيّتي أو أبطلتها أو عدلت عنها أو نقضتها» ونحوها. وبالفعل، وهو إمّا بإعدام موضوعها كإتلاف الموصى‏ به، وكذا نقله إلى الغير بعقد لازم كالبيع، أو جائز كالهبة مع القبض، وإمّا بما يعدّ عند العرف رجوعاً وإن بقي الموصى‏ به‏ بحاله وفي ملكه، كما إذا وكّل شخصاً على‏ بيعه.
(مسألة62): الوصيّة بعد ما وقعت تبقى‏ على‏ حالها، ويعمل بها لو لم يرجع الموصي وإن طالت المدّة، ولو شكّ في الرجوع- ولو للشكّ في كون لفظ أو فعل رجوعاً- يحكم ببقائها وعدم الرجوع. هذا إذا كانت الوصيّة مطلقة؛ بأن كان مقصود الموصي، وقوع مضمون الوصيّة والعمل بها بعد موته في أيّ زمان قضى اللَّه عليه. وأمّا لو كانت مقيّدة بموته في سفر كذا، أو عن مرض كذا، ولم يتّفق موته في ذلك السفر أو عن ذلك المرض، بطلت تلك الوصيّة، ولو أوصى‏ في جناح سفر أو في حال مرض ونحوهما، وقامت قرائن- حاليّة أو مقاليّة- على‏ عدم الإطلاق؛ وأنّ نظره مقصور على‏ موته في هذه الأحوال، لايجوز العمل بها، وإلّا فالأقرب الأخذ بها والعمل عليها ولو مع طول المدّة إلّاإذا نسخها، سيّما إذا ظهر من حاله أنّ عدم الإيصاء الجديد لأجل الاعتماد على الوصيّة السابقة، كما إذا شوهد منه المحافظة على‏ ورقة الوصيّة مثلًا.
(مسألة63): لاتثبت الوصيّة بالولاية- سواء كانت على المال أو على الأطفال- إلّابشهادة عدلين من الرجال، ولا تقبل فيها1 شهادة النساء لا منفردات ولا منضمّات بالرجال. وأمّا الوصيّة بالمال فهي كسائر الدعاوي الماليّة؛ تثبت بشهادة رجلين عدلين، وشاهد ويمين، وشهادة رجل عدل وامرأتين عادلتين‏2 . وتمتاز من بين الدعاوي الماليّة بأمرين: أحدهما: أنّها تثبت بشهادة النساء منفردات وإن لم تكمل أربع ولم تنضمّ اليمين؛ فتثبت ربعها بواحدة عادلة، ونصفها باثنتين، وثلاثة أرباعها بثلاث، وتمامها بأربع.
ثانيهما: أنّها تثبت بشهادة رجلين ذمّيين عدلين- في دينهما- عند الضرورة وعدم عدول المسلمين، ولا تقبل شهادة غير أهل الذمّة من الكفّار3
1-الصانعی: بل تقبل فيها شهادة النساء منفردات فضلًا عن المنضمّات؛ قضاءً للأصل في باب الشهادة، فإنّ المناط والمعيار في حجّية البيّنة وشهادة العدلين هو الاعتدال والعدالة من دون خصوصية للرجولية، فكما أنّ شهادة العدلين من الرجال حجّة، فكذلك شهادة العادلتين من النساء
2-الصانعی:  كون المرأتين بمنزلة الرجل الواحد مخصوص بما فيه العلّة المذكورة في كتاب اللّه تعالى لا مطلقاً؛ لأنّ العلّة مخصِّصة كما أنّها معمّمة، فكلّما كانت شهادة المرأة في المال خالية عن تلك العلّة فشهادة المرأة الواحدة كشهادة الرجل الواحد؛ قضاءً للأصل. هذا إجمال من النظر في شهادتهنّ أشرنا إليه هنا وتفصيله في كتاب الشهادات‏
3-الصانعی: بل تقبل شهادة غير المسلمين مع اعتدالهم مطلقاً
(مسألة64): لو كانت الوَرَثة كباراً، وأقرّوا كلّهم بالوصيّة بالثلث وما دونه لوارث أو أجنبيّ، أو بأن يصرف في مصرف، تثبت في تمام الموصى‏ به، ويلزمون بالعمل بها أخذاً بإقرارهم، ولايحتاج إلى‏ بيّنة. وإن أقرّ بها بعضهم دون بعض، فإن كان المقرّ اثنين عدلين تثبت أيضاً في التمام؛ لكونه إقراراً بالنسبة إلى المقرّ وشهادة بالنسبة إلى‏ غيره، فلايحتاج إلى‏ بيّنة اخرى‏، وإلّا تثبت بالنسبة إلى‏ حصّة المقرّ، ويحتاج إلى البيّنة في الباقين. نعم لو كان المقرّ عدلًا واحداً، وكانت الوصية بالمال لشخص أو أشخاص، كفى‏ ضمّ يمين المقرّ له بإقرار المقرّ في ثبوت التمام، بل لو كان امرأة واحدة عادلة تثبت في ربع حصّة الباقين على‏ حذو ما تقدّم في المسألة السابقة1وبالجملة: المقرّ من الورثة شاهد بالنسبة إلى‏ حصص الباقين كالأجنبي، فيثبت به ما يثبت به.
1-الصانعی: على ما مرّ منّا فيها أنّه لا فرق بين الرجل والمرأة من حيث العدد
(مسألة65): لو أقرّ الوارث بأصل الوصيّة كان كالأجنبي، فليس له إنكار وصاية من يدّعيها، ولايسمع منه كغيره. نعم لو كانت الوصيّة متعلّقة بالقصّر، أو العناوين العامّة كالفقراء، أو وجوه القرب كالمساجد والمشاهد، أو الميّت نفسه كاستئجار العبادات والزيارات له ونحو ذلك، كان لكلّ من يعلم كذب مدّعي الوصاية- خصوصاً إذا رأى‏ منه الخيانة- الإنكار عليه والترافع معه عند الحاكم من باب الحسبة. لكن الوارث والأجنبي في ذلك سيّان إلّافيما تعلّقت بامور الميّت، فإنّه لايبعد أولويّة الوارث من غيره، واختصاص حقّ الدعوى‏ به مقدّماً على‏ غيره.
(مسألة66): قد مرّ في كتاب الحجر: أنّ الوصيّة نافذة في الثلث، وفي الزائد يتوقّف على‏ إمضاء الوارث، والمنجّزات نافذة في الأصل حتّى‏ من المريض‏1في مرض موته، وحتّى‏ المجّانيّة والمحاباتيّة على الأقوى‏.
1-الصانعی:  إلّامن المريض؛ فإنّها من الثلث كالوصيّة، كما مرّ، وبذلك يظهر حكم المسألة التالية؛ حيث إنّه لافرق بين المنجّز في مرض الموت والوصيّة في الخروج من الثلث، فمع التزاحم بينهما وعدم كفاية الثلث لهما فحكمهما حكم الوصيّتين المتزاحمتين، وقد مضى حكمهما في المسألة 34 و 35
(مسألة67): لو جمع في مرض الموت بين عطيّة منجّزة ومعلّقة على الموت، فإن وفى الثلث بهما لا إشكال في نفوذهما في تمام ما تعلّقتا به، وإن لم يفِ بهما يبدأ بالمنجّزة، فتخرج من الأصل، وتخرج المعلّقة من ثلث ما بقي مع عدم إذن الورثة.
کلیه حقوق مادی و معنوی این وب سایت متعلق به پورتال انهار میباشد.
پورتال انهار

این وب سای بخشی از پورتال اینترنتی انهار میباشد. جهت استفاده از سایر امکانات این پورتال میتوانید از لینک های زیر استفاده نمائید:
انهار بانک احادیث انهار توضیح المسائل مراجع استفتائات مراجع رساله آموزشی مراجع درباره انهار زندگینامه تالیفات عربی تالیفات فارسی گالری تصاویر تماس با ما نماز بعثت محرم اعتکاف مولود کعبه ماه مبارک رمضان امام سجاد علیه السلام امام حسن علیه السلام حضرت علی اکبر علیه السلام میلاد امام حسین علیه السلام میلاد حضرت مهدی علیه السلام حضرت ابالفضل العباس علیه السلام ولادت حضرت معصومه سلام الله علیها پاسخ به احکام شرعی مشاوره از طریق اینترنت استخاره از طریق اینترنت تماس با ما قرآن (متن، ترجمه،فضیلت، تلاوت) مفاتیح الجنان کتابخانه الکترونیکی گنجینه صوتی پیوندها طراحی سایت هاستینگ ایران، ویندوز و لینوکس