كتاب الشِّركة - تحریر الوسیلة محشّی

استفتائات رساله نوین احکام برگزیده

العروه الوثقی وسیلة النجاة منهاج الصالحین تحریر الوسیلة آراء المراجع

احکام > تحریر الوسیلة محشّی:

كتاب الشِّركة

 وهي كون شي‏ء واحد لاثنين أو أزيد، وهي إمّا في عين أو دين أو منفعة أو حقّ. وسببها:

قد يكون إرثاً، وقد يكون عقداً ناقلًا، كما إذا اشترى اثنان معاً مالًا، أو استأجرا عيناً، أو صولحا عن حقّ. ولها سببان آخران يختصّان بالشركة في الأعيان:

أحدهما: الحيازة، كما إذا اقتلع اثنان معاً شجرة مباحة، أو اغترفا ماءً مباحاً بآنية واحدة دفعة.

وثانيهما: الامتزاج، كما إذا امتزج ماء أو خلّ من شخص بماء أوخلّ من شخص آخر؛ سواء وقع قهراً أوعمداً واختياراً.

ولها سبب آخر: وهو تشريك أحدهما الآخر في ماله، ويسمّى‏ بالتشريك، وهو غير الشركة العقديّة بوجه.

(مسألة1): الامتزاج قد يوجب الشركة الواقعيّة الحقيقيّة، وهو فيما إذا حصل خلط وامتزاج تامّ بين مائعين متجانسين، كالماء بالماء، والدهن بالدهن، بل وغير متجانسين كدهن اللوز بدهن الجوز مثلًا، رافع للامتياز عرفاً بحسب الواقع وإن لم يكن عقلًا كذلك.

وأمّا خلط الجامدات الناعمة بعضها ببعض كالأدقّة، ففي كونه موجباً للشركة الواقعيّة تأمّل وإشكال، ولايبعد كونها ظاهريّة1. وقد يوجب الشركة الظاهرية الحكميّة، وهي مثل خلط الحنطة بالحنطة والشعير بالشعير. ومنها خلط ذوات الحبّات الصغيرة بمجانسها على الأقوى‏، كالخشخاش بالخشخاش، والدخن والسمسم بمثلهما وجنسهما. وأمّا مع الخلط بغير جنسهما فالظاهر عدم الشركة، فيتخلّص بالصلح ونحوه. كما أنّ الأحوط2 التخلّص بالصلح ونحوه في خلط الجوز بالجوز واللّوز باللّوز، وكذا الدراهم والدنانير المتماثلة إذا اختلط بعضها ببعض على‏ نحو يرفع الامتياز. ولا تتحقّق الشركة لا واقعاً ولا ظاهراً بخلط القيميّات بعضها ببعض، كما لو اختلط الثياب بعضها ببعض مع تقارب الصفات، والأغنام بالأغنام ونحو ذلك، فالعلاج فيها التصالح أو القرعة.

1-العلوی: فكون العلاج فيها بالصلح ونحوه أولى.

2-العلوی: هذا الاحتياط استحبابي؛ لكون الشركة هنا ظاهراً شركة ظاهرية، فيعامل معها معاملةالمال المشترك.

(مسألة2): لايجوز لبعض الشركاء التصرّف في المال المشترك إلّابرضا الباقين، بل لو أذن أحد الشريكين لشريكه في التصرّف جاز للمأذون دون الآذن إلّابإذن صاحبه، ويجب على المأذون أن يقتصر على المقدار المأذون فيه كمّاً وكيفاً. نعم الإذن في الشي‏ء إذن في لوازمه عند الإطلاق، والموارد مختلفة لابدّ من لحاظها، فربما يكون إذنه له في سكنى الدار لازمه إسكان أهله وعياله وأطفاله، بل وتردّد أصدقائه ونزول ضيوفه بالمقدار المعتاد، فيجوز ذلك كلّه إلّاأن يمنع عنه كلًاّ أو بعضاً فيتّبع.

(مسألة3): كما تطلق الشركة على المعنى المتقدّم- وهو كون شي‏ء واحد لاثنين أو أزيد- تطلق- أيضاً- على‏ معنى‏ آخر، وهو العقد الواقع بين اثنين أو أزيد على المعاملة بمال مشترك بينهم، وتسمّى الشركة العقديّة والاكتسابيّة. وثمرته جواز تصرّف الشريكين فيما اشتركا فيه بالتكسّب به، وكون الربح والخسران بينهما على‏ نسبة مالهما.

وهي عقد يحتاج إلى‏ إيجاب وقبول، ويكفي قولهما: اشتركنا، أو قول أحدهما ذلك مع قبول الآخر، ولايبعد جريان المعاطاة فيها؛ بأن خلطا المالين بقصد اشتراكهما في الاكتساب والمعاملة به.

(مسألة4): يعتبر في الشركة العقديّة كلّ ما اعتبر في العقود الماليّة؛ من البلوغ1‏ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر لفلس أو سفه.

1-الصانعی: الظاهر عدم اعتباره وكفاية الرشد، كما مرّ في البيع‏

(مسألة5): لا تصحّ الشركة العقديّة إلّافي الأموال1‏نقوداً كانت أو عروضاً، وتسمّى‏تلك: شركة العنان. ولا تصحّ في الأعمال، وهي المسمّاة بشركة الأبدان؛ بأن أوقع العقد اثنان على‏ أن تكون اجرة عمل كلّ منهما مشتركاً بينهما؛ سواء اتّفقا في العمل كالخيّاطين، أو اختلفا كالخيّاط مع النسّاج، ومن ذلك معاقدة شخصين على‏ أنّ كلّ ما يحصل كلّ منهما بالحيازة من الحطب- مثلًا- يكون مشتركاً بينهما، فلا تتحقّق الشركة بذلك، بل يختصّ كلّ منهما باجرته وبما حازه. نعم لو صالح أحدهما الآخر بنصف منفعته إلى‏ مدّة- كسنة أو سنتين- على‏ نصف منفعة الآخر إلى‏ تلك المدّة وقبل الآخر صحّ، واشترك كلّ منهما فيما يحصّله الآخر في تلك المدّة بالأجر والحيازة، وكذا لو صالح أحدهما الآخر عن نصف منفعته إلى‏ مدّة بعوض معيّن- كدينار مثلًا- وصالحه الآخر- أيضاً- نصف منفعته في تلك المدّة بذلك العوض.

ولا تصحّ- أيضاً- شركة الوجوه. وأشهر معانيها- على المحكيّ- أن يوقع العقد اثنان وجيهان عند الناس- لا مال لهما- على‏ أن يبتاع كلّ منهما في ذمّته إلى‏ أجل، ويكون ذلك بينهما، فيبيعانه ويؤدّيان الثمن، ويكون ما حصل من الربح بينهما. ولو أرادا حصول هذه النتيجة بوجه مشروع، وكّل كلّ منهما الآخر في أن يشاركه فيما اشتراه؛ بأن يشتري لهما وفي ذمّتهما، فيكون- حينئذٍ- الربح والخسران بينهما.

ولا تصحّ- أيضاً- شركة المفاوضة، وهي أن يعقد اثنان على‏ أن يكون كلّ ما يحصل لكلّ منهما- من ربح تجارة، أو فائدة زراعة، أو اكتساب، أو إرث، أو وصية، أو غير ذلك- شاركه فيه الآخر، وكذا كلّ غرامة وخسارة ترد على‏ أحدهما تكون عليهما. فانحصرت الشركة العقديّة الصحيحة بشركة العنان.

1-الصانعی: في حصر الصحة في الأموال تأمّل وإشكال، ولاتبعد الصحّة في كلّ مورد يمكن أن تتحقّق الشركة العقدية فيه عرفاً في المنافع والوجوه والمفاوضة والأعمال؛ قضاءً لبناء العقلاء وعموم آيتي الوفاء بالعقود وتجارة عن تراض وغيرهما من عمومات العقود والشروط والمعاملات، وما في «الجواهر» من الإشكال في التمسّك بالآيتين باختصاصهما بما ثبت التكسّب به شرعاً. (جواهر الكلام 26: 296)

ففيه: مضافاً إلى منافاة ذلك لتمسّكه وتمسّك غيره من الفقهاء قديماً وحديثاً بعمومهما في المعاملات والعقود، كما يظهر للمراجع إلى «الجواهر» وغيره، ولو في مبحث واحد منها، إنّه يكون مخالفاً لظاهر الآيتين، فإنّهما عامّتان شاملتان لجميع العقود حتّى ما سيحدث في الأزمنة المستقبلة. والاستدلال للحصر بالإجماع كما في «الخلاف» و «الغنية» و «السرائر» و «المختلف» و «التذكرة» و «الرياض» وغيرها، ففيه، ما لايخفى، من كونه في مسألة اجتهادية لاتعبّدية؛ لما في «الخلاف» من الاستدلال على بطلان شركة الأبدان بإجماع الفرقة وأخبارهم، وعلى بطلان شركة الوجوه والمفاوضة بعدم الدليل على صحّتها، وأنّ انعقاد الشركة حكم شرعي محتاج إلى دلالة شرعية و بالنهي عن الغرر، ومن استدلال «الرياض» على البطلان في الثلاثة بعد نقله الاجماع من عدّة من الكتب الفقهية ك «الغنية» و «الانتصار» و «المختلف» وغيرها، بقوله: «وهو الحجة مضافاً إلى الأصل وحديث نفي الغرر والضرر مع عدم دليل على الصحّة من كتاب أو سنّة سوى الأمر بالوفاء بالعقود والشروط، وهو ليس على ظاهره في الشركة؛ لأنّها من العقود الجائزة كما سيأتي إليه الإشارة» (رياض المسائل 9: 322) ومع كون المسألة ذات اجتهادات كثيرة واسعة، التمسّك فيها بالإجماع وإن كان محصلًا، كما ترى فضلًا عن كونه منقولًا، هذا مع ما يظهر من «مجمع الفائدة والبرهان» الترديد في أصل الإجماع، ففيه: «ولايظهر دليل على عدم الجواز سوى الإجماع فإن كان فهو وإلّا فلا مانع». (مجمع الفائدة والبرهان 10: 193)

ولقد أجاد في تحقيقه وجزمه بعدم الدليل على البطلان سوى الإجماع كما يظهر للمتأمّل في أدلّتهم وممّا يؤيد الصحّة في جميع أنواع الشركة أنّها بعد ما كانت عقلائية، احتياج الردع لمثل تلك البناء على أدلّة واضحة ظاهرة لا مثل نفي الغرر والضرر ممّا لايكون ملازماً مع جميع أنواع الشركة، مضافاً إلى كون دلالتهما بالإطلاق لا بالظهور اللفظي والصراحة، نعم، لابدّ من رعاية نفي الخطر والضرر بتعيين المدّة وغيرها في الشركة كغيرها من العقود، فإنّ المعاملات الغررية الخطرية مضافاً إلى كونها منهية بنفي الغرر والضرر ليست بعقلائية كما لايخفى‏

(مسألة6): لو آجر اثنان نفسهما بعقد واحد لعمل واحد باجرة معيّنة، كانت الاجرة مشتركة بينهما. وكذا لو حاز اثنان معاً مباحاً، كما لو اقتلعا معاً شجرة، أو اغترفا ماءً دفعة بآنية واحدة، كان ما حازاه مشتركاً بينهما. وليس ذلك من شركة الأبدان حتّى‏ تكون باطلة. وتقسم الاجرة وما حازاه بنسبة عملهما، ولو لم تُعلم النسبة فالأحوط التصالح1‏.

1-الصانعی: بل لايخلو عن قوّة

(مسألة7): يشترط في عقد الشركة العنانية: أن يكون رأس المال من الشريكين ممتزجاً امتزاجاً رافعاً للتميّز قبل العقد أو بعده؛ سواء كان المالان من النقود أم العروض، حصل به الشركة كالمائعات أم لا، كالدراهم والدنانير، كانا مثليّين أم قيمّيين. وفي‏ الأجناس المختلفة التي لايجري فيها المزج الرافع للتميّز، لابدّ من التوسّل بأحد أسباب الشركة على الأحوط1 ، ولو كان المال مشتركاً كالمورّث يجوز إيقاع العقد عليه، وفائدته الإذن في التجارة في مثله.

1-الصانعی: وإن كان عدم لزوم التوسّل والاكتفاء بالعقد- عملًا بالعمومات- لايخلو عن قوّة

(مسألة8): لايقتضي عقد الشركة- ولا إطلاقه1- جواز تصرّف كلّ من الشريكين في مال الآخر بالتكسّب، إلّاإذا دلّت قرينة حاليّة أو مقاليّة عليه، كما إذا كانت الشركة حاصلة- كالمورّث- فأوقعا العقد، ومع عدم الدلالة لابدّ من إذن صاحب المال، ويتّبع في الإطلاق والتقييد، وإذا اشترطا كون العمل من أحدهما أو من كليهما معاً فهو المتّبع. هذا من حيث العامل. وأمّا من حيث العمل والتكسّب، فمع إطلاق الإذن يجوز مطلقه ممّا يريان فيه المصلحة كالعامل في المضاربة، ولو عيّنا جهة خاصّة- كبيع الأغنام أو الطعام وشرائهما أو البزازة أو غير ذلك- اقتصر عليه، ولايتعدّى‏ إلى‏ غيره.

1-العلوی: الظاهر أنّ إطلاقه يقتضي جواز تصرّف كلّ منهما في مال الآخر بالتكسّب برأس المال؛ بلااحتياج إلى الإذن من صاحبه.

(مسألة9): حيث إنّ كلّ واحد من الشريكين كالوكيل والعامل عن الآخر، فإذا عقدا على الشركة في مطلق التكسّب أو تكسّب خاصّ، يقتصر على المتعارف، فلايجوز البيع بالنسيئة ولا السفر بالمال إلّامع التعارف، والموارد فيهما مختلفة، وإلّا مع الإذن الخاصّ، وجاز لهما كلّ ما تعارف؛ من حيث الجنس المشترى‏ والبائع والمشتري وأمثال ذلك. نعم لو عيّنا شيئاً لم يجز لهما المخالفة عنه إلّابإذن الشريك، وإن تعدّى‏ عمّا عيّنا أو عن المتعارف ضمن الخسارة والتلف.

(مسألة10): إطلاق الشركة يقتضي بسط الربح والخسران على الشريكين على‏ نسبة مالهما، فإن تساوى‏ تساويا فيهما، وإلّا يتفاضلان حسب تفاوته؛ من غير فرق بين ما كان العمل من أحدهما أو منهما، مع التساوي فيه أو الاختلاف. ولو شرط التفاوت في الربح مع التساوي في المال، أو تساويهما فيه مع التفاوت فيه، فإن جعل الزيادة للعامل منهما أو لمن كان عمله أزيد صحّ بلا إشكال، وإن جعلت لغير العامل أو لمن لم يكن عمله أزيد، ففي صحّة العقد والشرط معاً، أو بطلانهما، أو صحّة العقد دون الشرط، أقوال أقواها أوّلها.

(مسألة11): العامل من الشريكين أمين، فلايضمن التلف إلّامع التعدّي أو التفريط. وإن‏ ادّعى التلف قبل قوله. وكذا لو ادّعى الشريك عليه التعدّي والتفريط وقد أنكر.

(مسألة12): عقد الشركة جائز من الطرفين1‏ فيجوز لكلّ منهما فسخه فينفسخ. والظاهر بطلان أصل الشركة به فيما إذا تحقّقت بعقدها، لابالمزج ونحوه، كمزج اللوز باللوز، والجوز بالجوز، والدرهم والدينار بمثلهما. ففي مثلها لو انفسخ العقد يرجع كلّ مال إلى‏ صاحبه، فيتخلّص فيه بالتصالح. وكذا ينفسخ بعروض الموت والجنون والإغماء والحجر بالفلس أو السفه. ولايبعد بقاء أصل الشركة في ذلك مطلقاً؛ مع عدم جواز تصرّف الشريك.

1-الصانعی: بل لازم منهما، حيث إنّ عقد الشركة لازم؛ قضاءً لعموم‏ «أَوْفُوا بِالعُقُود». (المائدة (5): 1) وعليه فلابدّ من تعيين المدّة لئلّا يلزم الغرر

(مسألة13): لو جعلا للشركة أجلًا لم يلزم1‏  فيجوز لكلّ منهما الرجوع قبل انقضائه، إلّا إذا اشترطا في ضمن عقد لازم عدم الرجوع، فيجب عليهما الوفاء، بل وكذا في ضمن عقد جائز، فيجب الوفاء مادام العقد باقياً.

1-الصانعی: محلّ إشكال، بل منع؛ قضاءً لإطلاق أدلّة لزوم العقود وعمومها. وعليه فلايجوز لكلٍّ منهما الرجوع قبل انقضاء الأجل‏

(مسألة14): لو تبيّن بطلان عقد الشركة، كانت المعاملات- الواقعة قبله- محكومة بالصحّة إذا لم يكن إذنهما متقيّداً بالشركة1 إذا حصلت بالعقد، أو بصحّة عقدها في غيره.

هذا إذا اتّجر كلّ منهما أو واحد منهما مستقلًاّ، وإلّا فلا إشكال. وعلى الصحّة لهما الربح وعليهما الخسران على‏ نسبة المالين، ولكلّ منهما اجرة مثل عمله بالنسبة إلى‏ حصّة الآخر.

1-العلوی: الصحيحة، وإلّا تقع فضولية، فللعامل مثل اجرة عمله على الآخر.

 

القول في القسمة

وهي تمييز حصص الشركاء بعضها عن بعض؛ بمعنى‏ جعل التعيين بعدما لم تكن معيّنة بحسب الواقع، لا تمييز ما هو معيّن واقعاً ومشتبه ظاهراً. وليست ببيع ولا معاوضة، فلايجري فيها خيار المجلس ولا خيار الحيوان المختصّان بالبيع، ولايدخل‏ فيها الربا وإن عمّمناه لجميع المعاوضات.

(مسألة1): لابدّ في القسمة من تعديل السهام: وهو إمّا بحسب الأجزاء والكمّية؛ كيلًا أو وزناً أو عدّاً أو مساحة، وتسمّى‏ قسمة إفراز، وهي جارية في المثليّات، كالحبوب والأدهان والأخلّ والألبان، وفي بعض القيميّات المتساوية الأجزاء، كطاقة واحدة من الأقمشة التي تساوت أجزاؤها، وقطعة واحدة من أرض بسيطة تساوت أجزاؤها. وإمّا بحسب القيمة والماليّة، كما في القيميّات إذا تعدّدت، كالأغنام والعقار والأشجار إذا ساوى‏ بعضها مع بعض بحسب القيمة، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة أغنام قد ساوت قيمة أحدها مع اثنين منها، فيجعل الواحد سهماً والاثنان سهماً. وتسمّى‏ هذه قسمة التعديل. وإمّا بضمّ مقدار من المال مع بعض السهام ليعادل الآخر، كما إذا كان بين اثنين غنمان قيمة أحدهما خمسة دنانير والآخر أربعة، فإذا ضمّ إلى الثاني نصف دينار تساوى‏ مع الأوّل. وتسمّى‏ هذه قسمة الردّ.

(مسألة2): الظاهر إمكان جريان قسمة الردّ في جميع صور الشركة ممّا يمكن فيها التقسيم؛ حتّى‏ فيما إذا كانت في جنس واحد من المثليّات؛ بأن يقسّم متفاضلًا ويضمّ إلى الناقص دراهم- مثلًا- تجبر نقصه ويساوي مع الزائد قيمة، وكذا إذا كانت في ثلاثة أغنام تساوي قيمة واحد منها مع الآخرين؛ بأن يُجعل غالي قيمةً مع أحد الآخرين سهماً وضمّ إلى السهم الآخر ما يساويهما قيمة وهكذا.

وأمّا قسمة التعديل فقد لا تتأتّى‏ في بعض الصور كالمثال الأوّل، كما أنّ قسمة الإفراز قد لا تتأتّى‏ كالمثال الثاني.

وقد تتأتّى الأقسام الثلاثة، كما إذا اشترك اثنان في وزنة حنطة قيمتها عشرة دراهم، ووزنة شعير قيمتها خمسة، ووزنة حمّص قيمتها خمسة عشر، فإذا قسّم كلّ منها بانفرادها كانت قسمة إفراز، وإن جعلت الحنطة مع الشعير سهماً والحمّص سهماً كانت قسمة تعديل، وإن جعل الحمّص مع الشعير سهماً والحنطة مع خمسة دراهم سهماً كانت قسمة الردّ، ولا إشكال في صحّة الجميع مع التراضي إلّاقسمة الردّ مع إمكان غيرها، فإنّ في صحّتها إشكالًا، بل الظاهر العدم. نعم لابأس بالمصالحة المفيدة فائدتها.

(مسألة3): لايعتبر في القسمة تعيين مقدار السهام بعد أن كانت معدّلة، فلو كانت صبرة من حنطة مجهولة الوزن بين ثلاثة، فجعلت ثلاثة أقسام معدّلة بمكيال مجهول المقدار، أو كانت بينهم عرصة أرض متساوية الأجزاء، فقسّمت ثلاثة أقسام معدّلة بخشبة أو حبل لايدرى‏ مقدار طولهما، صحّ.

(مسألة4): لو طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها، فإن كانت قسمة ردّ أو كانت مستلزمة للضرر، فللشريك الآخر الامتناع ولم يجبر عليها، وتسمّى‏ هذه قسمة تراض، وإن لم تكن قسمة ردّ ولا مستلزمة للضرر يجبر عليها الممتنع، وتسمّى‏ قسمة إجبار. فإن كان المال لايمكن فيه إلّاقسمة الإفراز أو التعديل فلا إشكال. وأمّا فيما أمكن كلتاهما، فإن طلب قسمة الإفراز يجبر الممتنع، بخلاف ما إذا طلب قسمة التعديل، فإذا كانا شريكين في أنواع متساوية الأجزاء- كحنطة وشعير وتمر وزبيب- فطلب أحدهما قسمة كلّ نوع بانفراده قسمة إفراز اجبر الممتنع، وإن طلب قسمة تعديل بحسب القيمة لم يجبر، وكذا إذا كانت بينهما قطعتا أرض أو داران أو دكّانان، فيجبر الممتنع عن قسمة كلّ منها على‏ حدة، ولايجبر على‏ قسمة التعديل. نعم لو كانت قسمتها منفردة مستلزمة للضرر دون قسمتها بالتعديل، اجبر الممتنع على الثانية دون الاولى‏.

(مسألة5): لو اشترك اثنان في دار ذات علو وسفل، وأمكن قسمتها إفرازاً؛ بأن يصل إلى‏ كلّ بمقدار حصّته منهما، وقسمتها على‏ نحو يحصل لكلّ منهما حصّة من العلو والسفل بالتعديل، وقسمتها على‏ نحو يحصل لأحدهما العلو وللآخر السفل، فإن طلب أحد الشريكين النحو الأوّل ولم يستلزم الضرر يجبر الآخر، ولايجبر لو طلب أحد النحوين الآخرين. هذا مع إمكان الأوّل وعدم استلزام الضرر، وإلّا ففي النحوين الآخرين يقدّم الأوّل1 منهما، ويجبر الآخر لو امتنع، بخلاف الثاني2. نعم لو انحصر الأمر فيه يجبر إذا لم يستلزم الضرر ولا الردّ، وإلّا لم يجبر كما مرّ. وما ذكرناه جار في أمثال المقام.

1-العلوی: بل الثاني.

2-العلوی: بل الأوّل.

(مسألة6): لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين جماعة، وطلب بعض الشركاء القسمة، اجبر الباقون، إلّاإذا استلزم الضرر من جهة ضيقهما وكثرة الشركاء.

(مسألة7): لو كان بينهما بستان مشتمل على‏ نخيل وأشجار، فقسمته بأشجاره‏ ونخيله بالتعديل قسمة إجبار، بخلاف قسمة كلّ من الأرض والأشجار على‏ حدة، فإنّها قسمة تراض لايجبر عليها الممتنع.

(مسألة8): لو كانت بينهما أرض مزروعة، يجوز قسمة كلّ من الأرض والزرع- قصيلًا كان أو سنبلًا- على‏ حدة، وتكون قسمة إجبار. وأمّا قسمتهما معاً فهي قسمة تراضٍ؛ لايجبر الممتنع عليها، إلّاإذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر فيها فيجبر عليها. هذا إذا كان قصيلًا أو سنبلًا، وأمّا إذا كان حبّاً مدفوناً، أو مخضرّاً في الجملة ولم يكمل نباته، فلا إشكال في قسمة الأرض وحدها وبقاء الزرع على‏ إشاعته، والأحوط1 إفراز الزرع بالمصالحة. وأمّا قسمة الأرض بزرعها- بحيث يجعل من توابعها- فمحلّ إشكال2.

1-العلوی:  لايترك.

2-العلوی: فالأحوط فيها قسمة الأرض وحدها؛ بأن لايكون زرعها تابعاً لها.

(مسألة9): لو كانت بينهم دكاكين متعدّدة- متجاورة أو منفصلة- فإن أمكن قسمة كلّ منها بانفراده وطلبها بعض الشركاء، وطلب بعضهم قسمة تعديل لكي تتعيّن حصّة كلّ منهم في دكّان تامّ أو أزيد، يقدّم ما طلبه الأوّل ويجبر عليها الآخر، إلّاإذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر بالنحو الثاني، فيجبر الأوّل.

(مسألة10): لو كان بينهما حمّام وشبهه- ممّا لايقبل القسمة الخالية عن الضرر- لم يجبر الممتنع. نعم لو كان كبيراً؛ بحيث يقبل الانتفاع بصفة الحمّامية من دون ضرر- ولو بإحداث مستوقد أو بئر اخرى‏- فالأقرب الإجبار.

(مسألة11): لو كان لأحد الشريكين عشر من دار- مثلًا- وهو لايصلح للسكنى‏، ويتضرّر هو بالقسمة دون الشريك الآخر، فلو طلب القسمة لغرض يجبر شريكه، ولم يجبر هو لو طلبها الآخر.

(مسألة12): يكفي في الضرر المانع عن الإجبار، حدوثُ نقصان في العين أو القيمة بسبب القسمة- بما لايتسامح فيه في العادة- وإن لم يسقط المال عن قابليّة الانتفاع بالمرّة.

(مسألة13): لابدّ في القسمة من تعديل السهام ثمّ القرعة. أمّا كيفيّة التعديل: فإن كانت حصص الشركاء متساوية- كما إذا كانوا اثنين ولكلّ منهما النصف، أو ثلاثة ولكلّ منهم الثلث وهكذا- يعدّل السهام بعدد الرؤوس، ويعلّم كلّ سهم بعلامة تميّزه عن غيره. فإذا كانت قطعة أرض متساوية الأجزاء بين ثلاثة- مثلًا- تجعل ثلاث قطع متساوية مساحة، ويميّز بينها بمميّز كالاولى‏ لإحداها، والثانية للُاخرى‏، والثالثة للثالثة. وإذا كانت دار مشتملة على‏ بيوت بين أربعة- مثلًا- تجعل أربعة أجزاء متساوية بحسب القيمة إن لم يمكن قسمة إفراز إلّابالضرر، وتميّز كلّ منها بمميّز كالقطعة الشرقيّة والغربيّة والشماليّة والجنوبيّة المحدودات بحدود كذائيّة. وإن كانت الحصص متفاوتة- كما إذا كان المال بين ثلاثة: سدس لعمرو، وثلث لزيد، ونصف لبكر- تجعل السهام على‏ أقلّ الحصص، ففي المثال تجعل السهام ستّة معلّمة كلّ منها بعلامة، كما مرّ.

وأمّا كيفيّة القرعة: ففي الأوّل- وهو ما كانت الحصص متساوية- تؤخذ رقاع بعدد رؤوس الشركاء؛ رقعتان إذا كانوا اثنين، وثلاث إذا كانوا ثلاثة وهكذا، ويتخيّر بين أن يكتب عليها أسماء الشركاء- على‏ إحداها زيد، واخرى‏ عمرو مثلًا- أو أسماء السهام: على‏ إحداها أوّل، وعلى‏ الاخرى‏ ثاني وهكذا، ثمّ تشوّش وتستر، ويؤمر من لم يشاهدها فيخرج واحدة واحدة. فإن كتب عليها اسم الشركاء يعيّن سهم كالأوّل، وتخرج رقعة باسم هذا السهم قاصدين أن يكون لكلّ من خرج اسمه، فكلّ من خرج اسمه يكون له، ثمّ يعيّن السهم الآخر وتخرج رقعة اخرى‏ لذلك السهم، فمن خرج اسمه فهو له وهكذا. وإن كتب عليها اسم السهام يعيّن أحد الشركاء وتخرج رقعة، فكلّ سهم خرج اسمه فهو له، ثمّ تخرج اخرى‏ لشخص آخر وهكذا.

وفي الثاني- وهو ما كانت الحصص متفاوتة، كالمثال المتقدّم الذي قد تقدّم: أنّه تجعل السهام على‏ أقلّ الحصص وهو السدس- يتعيّن فيه أن تؤخذ الرقاع بعدد الرؤوس؛ يكتب- مثلًا- على‏ إحداها زيد، وعلى‏ الاخرى‏ عمرو، وعلى‏ الثالثة بكر، وتستر كما مرّ. ويقصد أنّ كلّ من خرج اسمه على‏ سهم، كان له ذلك مع ما يليه بما يكمّل تمام حصّته، ثمّ تخرج إحداها على السهم الأوّل، فإن كان عليها اسم صاحب السدس تعيّن له، ثمّ تخرج اخرى‏ على السهم الثاني، فإن كان عليها اسم صاحب الثلث كان الثاني والثالث له، ويبقى الرابع والخامس والسادس لصاحب النصف، ولايحتاج إلى‏ إخراج الثالثة. وإن كان عليها اسم صاحب النصف كان له الثاني والثالث والرابع، ويبقى الباقي لصاحب الثلث. وإن كان ما خرج على السهم الأوّل اسم صاحب الثلث كان الأوّل والثاني له، ثمّ تخرج اخرى‏ على السهم‏

الثالث، فإن خرج اسم صاحب السدس فهو له، وتبقى الثلاثة الأخيرة لصاحب النصف. وإن خرج اسم صاحب النصف كان الثالث والرابع والخامس له، ويبقى السادس لصاحب السدس. وقس على‏ ذلك غيره.

(مسألة14): الظاهر أنّه ليست للقرعة كيفيّة خاصّة، وإنّما تكون منوطة بمواضعة القاسم والمتقاسمين؛ بإناطة التعيّن بأمر ليست إرادة المخلوق دخيلة فيه؛ مفوّضاً للأمر إلى الخالق جلّ شأنه؛ سواء كان بكتابة رقاع، أو إعلام علامة في حصاة أو نواة أو ورق أو خشب، أو غير ذلك.

(مسألة15): الأقوى‏ أنّه تتمّ القسمة بإيقاع القرعة كما تقدّم، ولايحتاج إلى‏ تراضٍ آخر بعدها، فضلًا عن إنشائه وإن كان أحوط في قسمة الردّ.

(مسألة16): لو طلب بعض الشركاء المهاياة في الانتفاع بالعين المشتركة: إمّا بحسب الزمان؛ بأن يسكن هذا في شهر وذاك في شهر مثلًا، وإمّا بحسب الأجزاء؛ بأن يسكن هذا في الفوقاني وذلك في التحتاني مثلًا، لم يلزم على‏ شريكه القبول، ولم يجبر إذا امتنع، نعم يصحّ مع التراضي لكن ليس بلازم، فيجوز لكلّ منهما الرجوع. هذا في شركة الأعيان. وأمّا في شركة المنافع فينحصر إفرازها بالمهاياة، لكنّها فيها- أيضاً- غير لازمة. نعم لو حكم الحاكم الشرعي بها في مورد- لأجل حسم النزاع- يجبر الممتنع وتلزم.

(مسألة17): القسمة في الأعيان بعد التماميّة والإقراع لازمة، وليس لأحد من الشركاء إبطالها وفسخها، بل الظاهر أنّه ليس لهم فسخها وإبطالها بالتراضي، لأنّ الظاهر عدم مشروعيّة الإقالة فيها. وأمّا بغير القرعة فلزومها محلّ إشكال1.

1-العلوی: لاإشكال فيه.

(مسألة18): لا تشرع القسمة في الديون المشتركة، فإذا كان لزيد وعمرو معاً ديون على الناس بسبب يوجب الشركة كالإرث، فأرادا تقسيمها قبل استيفائها، فعدّلا بينها وجعلا ما على الحاضر- مثلًا- لأحدهما، وما على البادي للآخر، لم تفرز، بل تبقى‏ على‏ إشاعتها. نعم لو اشتركا في دين على‏ أحد واستوفى‏ أحدهما حصّته؛ بأن قصد كلّ من الدائن والمديون أن يكون ما يأخذه وفاءً وأداءً لحصّته، فالظاهر تعيّنه وبقاء حصّة الشريك في ذمّة المديون.

 (مسألة19): لو ادّعى‏ أحد الشريكين الغلط في القسمة أو عدم التعديل فيها وأنكر الآخر، لا تُسمع دعواه إلّابالبيّنة، فإن أقامت نقضت واحتاجت إلى‏ قسمة جديدة، وإن لم تكن بيّنة كان له إحلاف الشريك.

(مسألة20): لو قسّم الشريكان، فصار في كلّ حصّة بيت، وقد كان يجري ماء أحدهما على الآخر، لم يكن للثاني منعه إلّاإذا اشترطا حين القسمة ردّه عنه. ومثله ما لو كان مسلك البيت الواقع لأحدهما في نصيب الآخر من الدار.

(مسألة21): لايجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم إلّاإذا وقع تشاحّ بينهم مؤدٍّ إلى‏ خرابه، ولا ترتفع غائلته إلّابالقسمة، فيقسّم بين الطبقة الموجودة، ولاينفذ التقسيم بالنسبة إلى الطبقة اللاحقة إذا كان مخالفاً لمقتضى الوقف؛ بسبب اختلاف البطون قلّة وكثرة. نعم يصحّ إفراز الوقف عن الطلق وتقسيمهما؛ بأن كان ملك نصفه المشاع وقفاً ونصفه ملكاً، بل الظاهر جواز إفراز وقف عن وقف، وهو فيما إذا كان ملك لأحد؛ فوقف نصفه على‏ زيد وذرّيّته ونصفه على‏ عمرو كذلك، أو كان ملك بين اثنين؛ فوقف أحدهما حصّته على‏ ذرّيّته- مثلًا- والآخر حصّته على‏ ذرّيّته، فيجوز إفراز أحدهما عن الآخر بالقسمة. والمتصدّي لها الموجودون من الموقوف عليهم ووليّ البطون اللاحقة.

 

کلیه حقوق مادی و معنوی این وب سایت متعلق به پورتال انهار میباشد.
پورتال انهار

این وب سای بخشی از پورتال اینترنتی انهار میباشد. جهت استفاده از سایر امکانات این پورتال میتوانید از لینک های زیر استفاده نمائید:
انهار بانک احادیث انهار توضیح المسائل مراجع استفتائات مراجع رساله آموزشی مراجع درباره انهار زندگینامه تالیفات عربی تالیفات فارسی گالری تصاویر تماس با ما نماز بعثت محرم اعتکاف مولود کعبه ماه مبارک رمضان امام سجاد علیه السلام امام حسن علیه السلام حضرت علی اکبر علیه السلام میلاد امام حسین علیه السلام میلاد حضرت مهدی علیه السلام حضرت ابالفضل العباس علیه السلام ولادت حضرت معصومه سلام الله علیها پاسخ به احکام شرعی مشاوره از طریق اینترنت استخاره از طریق اینترنت تماس با ما قرآن (متن، ترجمه،فضیلت، تلاوت) مفاتیح الجنان کتابخانه الکترونیکی گنجینه صوتی پیوندها طراحی سایت هاستینگ ایران، ویندوز و لینوکس