وهي عقد يفيد استنابة في الحفظ، أو هي1 استنابة فيه. وبعبارة اخرى: هي وضع المال عند الغير ليحفظه لمالكه.
وتطلق كثيراً على المال الموضوع، ويقال لصاحب المال: المودِع، ولذلك الغير: الودعي والمستودع. وتحتاج إلى الإيجاب، وهو كلّ لفظ دالّ على تلك الاستنابة، كأن يقول:
«أودعتك هذا المال»، أو «احفظه»، أو «هو وديعة عندك»، ونحو ذلك، والقبول الدالّ على الرضا بالنيابة في الحفظ. ولايعتبر فيه العربية، بل يقع بكلّ لغة. ويجوز أن يكون الإيجاب باللفظ، والقبول بالفعل؛ بأن تسلم بعد الإيجاب لذلك، بل تصحّ بالمعاطاة بأن يسلّمه للحفظ، وتسلّم لذلك.
1-العلوی: هذا هو الأصحّ.
(مسألة1):لو طرح ثوباً- مثلًا- عند أحد، وقال: هذا وديعة عندك، فإن قبلها بالقول أو الفعل الدالّ عليه صار وديعة، وفي تحقّقها1 بالسكوت الدالّ على الرضا إشكال2. ولو لم يقبلها لم يصر وديعة؛ حتّى فيما إذا طرحه عنده بهذا القصد وذهب وتركه عنده، وليس عليه ضمان حينئذٍ، وإن كان الأحوط القيام بحفظه مع الإمكان.
1-العلوی: ولو بالسكوت.
2-الگرامی:إذا دلّ السكوت عرفاً كفى فى القبول.
(مسألة2):إنّما يجوز قبول الوديعة لمن كان قادراً على حفظها، فمن كان عاجزاً لم يجز له قبولها على الأحوط1، إلّاإذا كان المودِع أعجز منه في الحفظ مع عدم مستودع آخر قادر عليه، فإنّ الجواز في هذه الصورة غير2بعيد، خصوصاً مع التفات المودع.
1-الصانعی: بل الأقوى مع جهل المودع، وأ مّا مع علمه بالعجز فالأقوى الجواز
الگرامی:بل فى صحّة الوديعة حينئذٍ إشكال وتأمّل، فإنّه إذا كان الحفظ فى قوام الوديعة فلا تعتبر حينئذٍ مع العجز والظاهر أنّ صرف كون المودع أعجز لا يصحّحها.
2-العلوی:بل لايخلو من إشكال.
(مسألة3):الوديعة جائزة من الطرفين، فللمالك استرداد ماله متى شاء، وللمستودع ردّه كذلك، وليس للمودع الامتناع من قبوله. ولو فسخها المستودع عند نفسه انفسخت وزالت الأمانة المالكيّة، وصار عنده أمانة شرعيّة، فيجب عليه ردّه إلى مالكه أو من يقوم مقامه، أو إعلامه بالفسخ، فلو أهمل لا لعذر شرعيّ أو عقليّ ضمن.
(مسألة4):يعتبر في كلّ من المستودع والمودع البلوغ1 والعقل، فلايصحّ استيداع الصبي ولا المجنون، وكذا إيداعهما؛ من غير فرق بين كون المال لهما أو لغيرهما من الكاملين، بل لايجوز وضع اليد على ما أودعاه، ولو أخذه منهما ضمنه ولايبرأ بردّه إليهما، وإنّما يبرأ بإيصاله إلى وليّهما. نعم لابأس بأخذه إذا خيف هلاكه وتلفه في يدهما، فيؤخذ بعنوان الحسبة في الحفظ، ولكن لايصير بذلك وديعة وأمانة مالكيّة، بل تكون أمانة شرعيّة، يجب عليه حفظها والمبادرة إلى إيصالها إلى وليّهما2 أو إعلامه بكونها عنده، وليس عليه ضمان لو تلفت في يده.
1-الصانعی: بل الرشد، ويظهر من ذلك حكم الفروع الآتية
2-الگرامی: أو صاحب المال وكذا فى الفرع بعد، ثمّ الظاهر منهم كالماتن عدم صحّة الوديعة من الصبىّ ولو بإذن الولىّ بخلاف العارية ولم أفهم الفرق.
(مسألة5):لو أرسل شخص كامل مالًا- بواسطة الصبي أو المجنون- إلى شخص ليكون وديعة عنده، وأخذه منه بهذا العنوان، فالظاهر صيرورته وديعة عنده؛ لكونهما بمنزلة الآلة للكامل.
(مسألة6):لو أودع عند الصبي والمجنون مالًا لم يضمناه بالتلف، بل بالإتلاف- أيضاً- إذا لم يكونا مميّزين، وإن كانا مميّزين صالحين للاستئمان، لايبعد1 ضمانهما مع التلف مع تفريطهما في الحفظ، فضلًا عن الإتلاف.
1-الگرامی:بناءً على عدم شمول رفع القلم للوضع كما هو الأصح.
(مسألة7):يجب على المستودع حفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها به؛ ووضعها في الحرز الذي يناسبها، كالصندوق المقفل للثوب والدراهم والحليّ ونحوها، والإصطبل المضبوط بالغلق للدابّة، والمراح كذلك للشاة. وبالجملة: حفظها في محلّ لا يُعدّ معه- عند العرف- مضيّعاً ومفرّطاً وخائناً؛ حتّى فيما1 إذا علم المودِع بعدم وجود حرز لها عند المستودع، فيجب عليه بعد القبول تحصيله مقدّمة للحفظ الواجب عليه. وكذا يجب عليه القيام بجميع ما له دخل في صونها من التعيّب أو التلف، كالثوب ينشره في الصيف إذا كان من الصوف أو الإبريسم، والدابّة يعلفها ويسقيها ويقيها من الحرّ والبرد، فلو أهمل عن ذلك ضمنها.
1-الگرامی: إلا أن يكون ذلك قرينة على كون المراد والقرار بينهما على الحفظ بمرتبة أقلّ.
(مسألة8):لو عيّن المودع موضعاً خاصّاً لحفظ الوديعة وفهم منه القيديّة1 اقتصر عليه، ولايجوز نقلها إلى غيره بعد وضعها فيه وإن كان أحفظ، فلو نقلها منه ضمنها. نعم لو كانت في ذلك المحلّ في معرض التلف، جاز نقلها إلى مكان آخر أحفظ، ولا ضمان عليه حتّى مع نهي المالك2؛ بأن قال: لا تنقلها وإن تلفت، وإن كان الأحوط- حينئذٍ- مراجعة الحاكم3 مع الإمكان.
1-الصانعی: وكذا إذا لميفهم منه المثالية ولا القيدية
2-الگرامی: إلا أن يريد بذلك مصلحة أهمّ.
3-الگرامی:لاحتمال شرطية ذلك فى الحسبيّات لكن لو بنى على لزوم ذلك لزم تعطيل كثير من الحسبيات، لازدحام الناس على المجتهد، إلا أن يكتفى بالإجازة العامّة للأفراد، لكن ليس كثير فائدة فى الإجازة العامّة للعوام. والأظهر صناعةً، هو لزوم الاستئذان إلا فى الحرج فيكتفى بإذن عدل مؤمن، ومع الحرج يسقط اعتبار الإذن.
(مسألة9):لو تلفت الوديعة في يد المستودع من دون تعدّ منه ولا تفريط لم يضمنها. وكذا لو أخذها منه ظالم قهراً؛ سواء انتزعها من يده، أو أمره بدفعها له بنفسه فدفعها كرهاً. نعم يقوى الضمان لو كان هو السبب لذلك؛ ولو من جهة إخباره بها، أو إظهارها في محلٍّ كان مظنّة الوصول1 إلى الظالم، فحينئذٍ لايبعد انقلاب يده إلى يد الضمان؛ سواء وصل إليها الظالم أم لا.
1-الگرامی: بل مطلقاً إذا عدّ هو السبب لاطّلاع الظالم. فإنّه حينئذٍ متلف والأمانة تؤثر في التلف لا الإتلاف، بل تنقلب اليد أيضاً إلى الضمان، كما في المتن.
(مسألة10):لو تمكّن من دفع الظالم بالوسائل الموجبة لسلامة الوديعة وجب؛ حتّى أنّه لو توقّف دفعه على إنكارها كاذباً بل الحلف عليه، جاز بل وجب، فإن لم يفعل ضمن. وفي وجوب التورية عليه مع الإمكان إشكال، أحوطه ذلك1، وأقواه العدم2.
1-العلوی: لايترك.
2-الگرامی:إلا أن يكون قادراً عليها بحيث يطمئنّ بعدم التفات الظالم، فإنّ التورية مشكلة على غالب الناس، بحيث يوجب التلجلج ويتوجّه الظالم حينئذٍ.
(مسألة11):إن كانت مدافعته عن الظالم مؤدّية إلى الضرر على بدنه من جرح وغيره، أو هتك في عرضه، أو خسارة في ماله، لايجب تحمّله، بل لايجوز في غير الأخير، بل فيه- أيضاً- ببعض مراتبه. نعم لو كان ما يترتّب عليها يسيراً جدّاً بحيث يتحمّله غالب الناس- كما إذا تكلّم معه بكلام خشن؛ لايكون هاتكاً له بالنظر إلى شرفه ورفعة قدره وإن تأذّى منه بالطبع- فالظاهر وجوب تحمّله.
(مسألة12):لو توقّف دفع الظالم عن الوديعة على بذل مال له أو لغيره، فإن كان بدفع بعضها وجب، فلو أهمل وأخذ الظالم كلّها، ضمن المقدار الزائد على ما يندفع به منها، لاتمامها، فلو يندفع بالنصف ضمن النصف، أو بالثلث ضمن الثلثين وهكذا. وكذا الحالفيما إذا كان عنده من شخص وديعتان وكان الظالم يندفع بدفع إحداهما فأهمل حتّى أخذ كلتيهما، فإن كان يندفع بإحداهما المعيّنة ضمن الاخرى، وإن كان بإحداهما لابعينها ضمن أكثرهما قيمة. ولو توقّف دفعه على المصانعة معه بدفع مال من المستودع لم يجب عليه الدفع تبرّعاً ومجّاناً، وأمّا مع قصد الرجوع به على المالك، فإن أمكن الاستئذان منه أو ممّن يقوم مقامه- كالحاكم عند عدم الوصول إليه- لزم1، فإن دفع بلا استئذان لم يستحقّ الرجوع به عليه، وإن لم يمكن الاستئذان وجب عليه- على الأحوط2 أن يدفع، وله أن يرجع على المالك بعدما كان قصده ذلك.
1-الگرامی:إلا أن يكون قادراً عليها بحيث يطمئنّ بعدم التفات الظالم، فإنّ التورية مشكلة على غالب الناس، بحيث يوجب التلجلج ويتوجّه الظالم حينئذٍ.
2-الصانعی: بل غير بعيد، بل لايخلو عن قوّة. نعم كما أنّ قصد الرجوع شرط لجواز رجوعه على المالك فكذلك قصد جبران خسارة أداء ذلك المال إلى زمان أخذه من المودّع شرط لاستحقاقه ذلك التفاوت أيضاً
العلوی: الأقوى إن لم يمكن دفعها إلى مالكها، أو من قام مقامه.
(مسألة13):لو كانت الوديعة دابّة يجب عليه سقيها وعلفها ولو لم يأمره المالك، بل ولو نهاه، أو ردّها إلى مالكها أو القائم مقامه، ولايجب أن يكون السقي ونحوه بمباشرته، ولا أن يكون ذلك في محلّها، فيجوز التسبيب لذلك، وكذا يجوز إخراجها من منزله لذلك؛ وإن أمكن حصوله في محلّها بعد جريان العادة بذلك. نعم لو كان الطريق- مثلًا- مخوفاً لم يجز إخراجها. كما أنّه لايجوز أن يُولّي غيره لذلك إذا كان غير مأمون، إلّامع مصاحبته أو مصاحبة أمين معه. وبالجملة: لابدّ من مراعاة حفظها على المعتاد؛ بحيث لا يُعدّ معها عرفاً مفرّطاً ومتعدّياً. هذا بالنسبة إلى أصل سقيها وعلفها. وأمّا بالنسبة إلى نفقتها فإن وضع المالك عنده عينها أو قيمتها، أو أذن له في الإنفاق عليها من ماله على ذمته، فلا إشكال. وإلّا فالواجب أوّلًا الاستئذان من المالك أو وكيله، فإن تعذّر رفع الأمر إلى الحاكم؛ ليأمره بما يراه صلاحاً ولو ببيع بعضها للنفقة، فإن تعذّر الحاكم أنفق هو1 من ماله، وأشهد عليه على الأولى الأحوط، ويرجع على المالك مع نيّته.
1-الگرامی:مع عدم إمكان الردّ.
(مسألة14):تبطل الوديعة بموت كلّ واحد من المودع والمستودع أو جنونه، فإن كان هو المودع تكون الوديعة في يد الودعيّ أمانة شرعيّة، فيجب عليه فوراً ردّها إلى وارث المودِع أو وليّه أو إعلامهما بها، فإن أهمل لا لعذر شرعيّ ضمن. نعم لو كان ذلك لعدم العلم بكون من يدّعي الإرث وارثاً، أو انحصار الوارث فيمن علم كونه وارثاً، فأخّر الردّ والإعلام للتروّي والفحص، لم يكن عليه ضمان على الأقوى، وإن كان الوارث متعدّداً سلّمها إلى الكلّ أو إلى من يقوم مقامهم. ولو سلّمها إلى بعض من غير إذن ضمن حصص الباقين. وإن كان هو المستودع تكون أمانة شرعيّة في يد وارثه أو وليّه1؛ على فرض كونها تحت يدهما، ويجب عليهما الردّ إلى المودِع أو من يقوم مقامه أو إعلامه فوراً.
1-الگرامی:أو من كانت الوديعة عنده ولو غيرهما.
(مسألة15):يجب ردّ الوديعة عند المطالبة في أوّل وقت الإمكان؛ وإن كان المودع كافراً محترم المال، بل وإن كان حربيّاً مباح المال على الأحوط1 والذي هو الواجب عليه رفع يده عنها والتخلية بينها وبين المالك، لا نقلها إليه. فلو كانت في صندوق مقفل أو بيت مغلق، ففتحهما عليه، فقال: خُذ وديعتك، فقد أدّى ما هو تكليفه وخرج من عهدته. كما أنّ الواجب عليه مع الإمكان الفوريّة العرفيّة، فلايجب عليه الركض ونحوه، والخروج من الحمّام- مثلًا- فوراً، وقطع الطعام والصلاة وإن كانت نافلة ونحو ذلك. وهل يجوز له التأخير ليشهد عليه؟ قولان، أقواهما ذلك إذا كان الإشهاد غير موجب للتأخير الكثير2، وإلّا فلايجوز، خصوصاً لو كان الإيداع بلا إشهاد. هذا إذا لم يرخّص في التأخير وعدم الإسراع والتعجيل، وإلّا فلا إشكال في عدم وجوب المبادرة.
1-الصانعی: بل على الأقوى
2-الگرامی: أو كان عدم الإشهاد موجباً للخسارة.
(مسألة16):لو أودع اللصّ ما سرقه عند شخص، لايجوز له ردّه إليه مع الإمكان، بل يكون أمانة شرعيّة في يده، فيجب عليه إيصاله إلى صاحبه إن عرفه، وإلّا عرّف سنة، فإن لم يجد صاحبه1 فلايترك الاحتياط بالتصدّق به عنه2 فإن جاء بعد ذلك خيّره بين الأجر والغرم، فإن اختار أجر الصدقة كان له، وإن اختار الغرامة غرم له، وكان الأجر للغارم، وإن لايبعد3 جريان حكم اللقطة4 عليه5.
1-العلوی: الأقوى أنّه يجب عليه ردّها إلى الحاكم إن أمكن، وإلّا تصدّق.
2-الصانعی: بل لايخلو عن قوّة
3-العلوی:بل هو بعيد جدّاً.
4-الگرامی: أدلّة اللقطة لا تشمل المقام ولا قطع بالملاك.
5-الصانعی: محلّ تأمّل، بل منع، وعدم الجريان لايخلو من قوّة
(مسألة17):كما يجب ردّ الوديعة عند مطالبة المالك، يجب ردّها إذا خاف عليها من تلف أو سرق أو حرق ونحو ذلك، فإن أمكن إيصالها إلى المالك أو وكيله الخاصّ أو العامّ تعيّن، وإلّا فليوصلها إلى الحاكم لو كان قادراً على حفظها، ولو فقد الحاكم أو كانت عنده- أيضاً- في معرض التلف، أودعها عند ثقة أمين متمكّن من حفظها.
(مسألة18):إذا ظهرت للمستودع أمارة الموت- بسبب المرض أو غيره- يجب عليه ردّها إلى مالكها أو وكيله مع الإمكان، وإلّا فإلى الحاكم، ومع فقده يوصي ويشهد بها، فلو أهمل عن ذلك ضمن، وليكن الإيصاء والإشهاد بنحو يترتّب عليهما حفظها لصاحبها، فلابدّ من ذكر الجنس والوصف وتعيين المكان والمالك، فلايكفي قوله: عندي وديعة لشخص.نعم يقوى عدم لزومهما رأساً فيما إذا كان الوارث مطّلعاً عليها، وكان ثقة أميناً1.
1-الگرامی:وقادراً على الردّ، واطمئنّ بردّه.
(مسألة19):يجوز للمستودع أن يسافر، ويبقي الوديعة في حرزها السابق عند أهله وعياله؛ لو لم يكن السفر ضروريّاً؛ إذا لم يتوقّف حفظها على حضوره، وإلّا فعليه إمّا ترك السفر، وإمّا ردّها إلى مالكها أو وكيله، ومع التعذّر إلى الحاكم، ومع فقده فالظاهر تعيّن الإقامة وترك السفر، ولايجوز أن يسافر بها على الأحوط1 ولو مع أمن الطريق ومساواة السفر للحضر في الحفظ. ولو قيل باختلاف الودائع فيجوز في بعضها2 السفر بها لكان حسناً3 لكن لايترك الاحتياط4 مطلقاً، والأقوى 5عدم جواز إيداعها عند الأمين. وأمّا لو كان السفر ضروريّاً له، فإن تعذّر ردّها إلى المالك أو وكيله أو الحاكم تعيّن إيداعها عند الأمين، فإن تعذّر سافر بها محافظاً لها بقدر الإمكان، وليس عليه ضمان. نعم في مثل الأسفار الطويلة الكثيرة الخطر، اللازم أن يعامل فيه معاملة من ظهر له أمارة الموت على ما سبق تفصيله.
1-الصانعی: بل على الأقوى
العلوی: الأقوى، هذا لو لم يدلّ دليل على كون قصد المودع هو الحفظ حتّى حال السفر، وإلّايجوز مع أمن الطريق.
2-الصانعی: وهو الوديعة التي جرت العادة في حفظها ولو بالسفر بها
3-الصانعی: حسنه ممنوع، وعدم الجواز مطلقاً هو الأقوى، كما مرّ
4-الگرامی: الظاهر عدم دخالة الحضر بل الملاك هو الحفظ، فربما كان السفر بها أحفظ، ولو فى السفر غير الضرورى، (فما رواه فى النهاية، ابن الأثير من النبى: «المسافر وماله لعلى قلت إلا ما وقى الله عزّ وجلّ»، قضية خارجية مربوطة بشرائط السفر فى السابق).
5-العلوی:هو الأحوط لو لم يكن أقوى.
(مسألة20):المستودَع أمين ليس عليه ضمان لو تلفت الوديعة أو تعيّبت بيده، إلّاعند التفريط والتعدّي، كما هو الحال في كلّ أمين. أمّا التفريط فهو الإهمال في محافظتها، وترك ما يوجب حفظها على مجرى العادة؛ بحيث يُعدّ معه عند العرف مضيّعاً ومسامحاً، كما إذا طرحها في محلّ ليس بحرز وذهب عنها غير مراقب لها، أو ترك سقي الدابّة وعلفها، أو نشر ثوب الصوف والإبريسم في الصيف، أو أودعها، أو ترك تحفّظها من النداوة فيما تفسدها النداوة كالكتب وبعض الأقمشة، أو سافر1 بها. نعم في كون مطلق السفر والسفر بمطلقها من التفريط منع. وأمّا التعدّي فهو أن يتصرّف فيها بما لم يأذن له المالك، مثل أن يلبس الثوب، أو يفرش الفراش، أو يركب الدابّة إذا لم يتوقّف حفظها على التصرّف، كما إذا توقّف حفظ الثوب والفراش من الدود على اللبس والافتراش، أو يصدر منه بالنسبة إليها ما ينافي الأمانة، وتكون يده عليها على وجه الخيانة، كما إذا جحدها؛ لا لمصلحة الوديعة، ولا لعذر من نسيان ونحوه. وقد يجتمع التفريط مع التعدّي، كما إذا طرح الثوب والقماش والكتب ونحوها في موضع يفسدها، ولعلّ من ذلك ما إذا أودعه دراهم- مثلًا- في كيس مختوم أو مخيط أو مشدود، فكسر ختمه أو حلّ خيطه وشدّه من دون ضرورة ومصلحة.
ومن التعدّي خلطها بماله؛ سواء كان بالجنس أو بغيره، وسواء كان بالمساوي أو بالأجود أو بالأردأ، ولو مزجها بالجنس من مال المودع، كما إذا أودع عنده دراهم في كيسين غير مختومين ولا مشدودين، فجعلهما كيساً واحداً2، فالظاهر3 كونه تعدّياً مع احتمال تعلّق غرضه بانفصالهما، فضلًا عن إحرازه.
1-العلوی:فيما إذا لم تكن ممّا يجوز السفر بها، كما مرّ.
2-الگرامی:إذا لم يكن غرضه التوسل بالأحفظ.
3-العلوی: فيه إشكال؛ لأنّه يختلف بحسب الموارد، إذ قد يحتسب تعدّياً.
(مسألة21):المراد بكونها مضمونة بالتفريط والتعدّي: أنّ ضمانها عليه لو تلفت ولو لم يكن مستنداً إلى تفريطه وتعدّيه. وبعبارة اخرى: تنقلب يده الأمانيّة غير الضمانيّة إلى الخيانيّة الضمانيّة.
(مسألة22):لو نوى التصرّف ولم يتصرّف فيها لم يضمن. نعم لو نوى الغصب؛ بأن قصد الاستيلاء عليها لنفسه والتغلّب على مالكها، كسائر الغاصبين ضمنها، وتصير يده يد عدوان، ولو رجع عن قصده لم يزل الضمان. ومثله ما إذا جحدها، أو طلبت منه فامتنع من الردّ مع التمكّن عقلًا وشرعاً، فإنّه يضمنها بمجرّد ذلك، ولم يبرأ من الضمان لو عدل عن جحوده أو امتناعه.
(مسألة23):لو كانت الوديعة في كيس مختوم- مثلًا- ففتحه وأخذ بعضها ضمن الجميع، بل المتّجه الضمان بمجرّد الفتح كما سبق. وأمّا لو لم تكن مودعة في حرز، أو كانت في حرز من المستودع فأخذ بعضها، فإن كان من قصده الاقتصار عليه فالظاهر قصر الضمان عليه، وأمّا لو كان من قصده أخذ التمام شيئاً فشيئاً، فلايبعد أن يكون ضامناً للجميع. هذا إذا جعلها المستودع في حرزه. وأمّا لو أخذ المودع الحرز منه وجعلها فيه وختمه أو خاطه فأودعها، فالوجه ضمان الجميع بمجرّد الفتح من دون مصلحة أو ضرورة.
(مسألة24):لو سلّمها إلى زوجته أو ولده أو خادمه ليحرزوها، ضمن إلّاأن يكونوا كالآلة؛ لكون ذلك بمحضره وباطّلاعه وبمشاهدته1.
1-الگرامی:أى المستودع، يريد بذلك تحقّق الحفظ وحرز المستودع بذلك؛ (و قال الگلپايگانى: «أى مشاهدة المودع وسكوته الكاشف عن رضاه بحسب العادة لا ما كان حياء، فإنّه لا يفيد سيّما فيما جرت العادة على الحرز مباشرة» ولكن الظاهر أنّه ليس مراد الماتن).
(مسألة25):لو فرّط في الوديعة ثمّ رجع عن تفريطه؛ بأن جعلها في الحرز المضبوط، وقام بما يوجب حفظها، أو تعدّى ثمّ رجع، كما إذا لبس الثوب ثمّ نزعه، لم يبرأ من الضمان1. نعم لو جدّد المالك معه عقد الوديعة- بعد فسخ الأوّل- ارتفع الضمان، فهو مثل ما إذا كان مال بيد الغاصب فجعله أمانة عنده، فإنّ الظاهر أنّه بذلك يرتفع الضمان؛ من جهة تبدّل عنوان العدوان إلى الاستئمان. ولو أبرأه من الضمان ففي سقوطه قولان، أوجههما السقوط2. نعم لو تلفت في يده واشتغلت ذمّته بعوضها لا إشكال في صحّة الإبراء.
1-الگرامی:ويصير وديعة جديدة إن كان بالإيجاب والقبول وإلا فليس وديعة وإن كان لا يضمن للإذن.
2-الگرامی: لما مرّ فى محلّه من عدم إشكال فى إسقاط ما لم يجب، إذا كان اقتضاء الضمان موجوداً، (خلافاً لبعض الأعلام فى اعتقاده عدم السقوط إلا إذا فهم منه الرضا بالبقاء وقلنا بتأثير الإذن المجرّد).
(مسألة26):لو أنكر الوديعة، أو اعترف بها وادّعى التلف أو الردّ ولابيّنة، فالقول قوله بيمينه. وكذلك لو تسالما على التلف، ولكن ادّعى عليه المودع التفريط أو التعدّي.
(مسألة27):لو دفعها إلى غير المالك وادّعى الإذن منه فأنكر ولابينة، فالقول قول المالك. وأمّا لو صدّقه على الإذن، لكن أنكر التسليم إلى من أذن له، فهو كدعواه الردّ إلى المالك في أنّ القول قوله.
(مسألة28):لو أنكر الوديعة، فلمّا أقام المالك البيّنة عليها صدّقها، لكن ادّعى كونها تالفة قبل أن ينكرها، لا تسمع دعواه1، فلا يُقبل منه اليمين ولا البيّنة على إشكال2 . وأمّا لو ادّعى تلفها بعد ذلك تسمع دعواه3، لكن يحتاج إلى البيّنة، ومع ذلك عليه الضمان لو كان إنكاره بغير عذر.
1-الگرامی:إلا إذا أظهر عذراً مسموعاً، (فإنّه بادّعاء التلف اعترف بالوديعة، وإنكارها مناقض له فدعوى التلف غير مسموعة بإنكاره الوديعة وإذا لم تكن مسموعة فلا يفيد اليمين ولا البيّنة، فإنّهما فرع سماع الدعوى. نعم، إذا أمكن رفع التناقض كقبول دعوي عدم الالتفات ونحوه كما عن الشهيدين القائلين بأنّه إذا أظهر لإنكاره سبباً ظاهراً ... فيقبل، وإلا فلا يقبل لتناقض كلامه).
2-الصانعی: من أنّه بإنكاره السابق مكذّب لدعواه اللاحقة، فلاتسمع؛ لتناقض كلاميه، ولايقبل منه اليمين ولا البيّنة بعد أن كذّبها بإنكاره السابق، ومن عموم الأدلّة وجواز استناد جحوده إلى النسيان فيعذر، لكنّ القول بعدم السماع أوجه؛ لأصالة عدم النسيان، ولما في شمول عموم الأدلّة لمثل مورد التناقض والاتّهام، إشكال، بل منع
3-الگرامی: وتفيد عدم الإلزام بردّ العين إذا ثبت التلف بالبيّنة، وأمّا الضمان فاستقرّ عليه بإنكار الوديعة إلا أن يأذن جديداً بعد الإثبات، فى البقاء عنده ثمّ ثبت التلف بالبيّنة.
(مسألة29):لو أقرّ بالوديعة ثمّ مات، فإن عيّنها في عين شخصيّة معيّنة- موجودة حال موته- اخرجت من التركة. وكذا لو عيّنها في ضمن مصاديق من جنس واحد موجودة حال الموت، كما إذا قال: «إحدى هذه الشياه وديعة عندي من فلان»، فعلى الورثة- إذا احتملوا صدقه ولم يميّزوا- أن يعاملوا معها معاملة ما إذا علموا إجمالًا بأنّ إحداها لفلان، والأقوى التعيين بالقرعة1. وإن عيّن الوديعة ولم يعيّن المالك كان من مجهول المالك، وقد مرّ حكمه في كتاب الخمس. وهل يعتبر قول المودع ويجب تصديقه لو عيّنها في معيّن واحتمل صدقه؟ وجهان، أوجههما عدمه2. ولو لم يعيّنها بأحد الوجهين؛ بأن قال: «عندي في هذه التركة وديعة من فلان»، فمات بلا فصل يحتمل معه ردّها أو تلفها بلا تفريط، فالظاهر3 اعتبار قوله، فيجب التخلّص بالصلح على الأحوط، ويحتمل قويّاً العمل بالقرعة. ومع أحد الاحتمالين المتقدّمين ففي الوجوب تردّد لو قال: «عندي في هذه التركة وديعة». نعم لو قال: «عندي وديعة» من غير4 تعيين مطلقاً، أو مع تعيين ما ولم يذكر أنّها في تركتي، فالظاهر عدم وجوب شيء في التركة ما لم يعلم بالتلف تفريطاً أو تعدّياً.
1-العلوی:وهو الأولى إن لم يمكن استرضاء جميعهم.
2-الگرامی:بل الاعتبار أوجه؛ لانفهام ذلك من خبر هشام بن سالم في أبواب ميراث الخنثي وسائل الشيعة، ج 26، ص 296، ب 6، ح 1. ولبناء العقلاء فى أمثال ذلك ممّا نعلم ذا حقّ لكن لا نعرفه، ثمّ جاء ذو الحقّ وعيّنه بعد اعتقاد الوثوق به. وأمّا قاعدة قبول ما لا يعلم إلا من قبل هذا القائل، فلا دليل على عمومه.
3-العلوی: بل الظاهر عدم اعتبار قوله إذا لم يعلم الورثة بوجود الوديعة في تركته؛ حتّى إذا ذكرالجنس ولم يوجد من ذلك الجنس في تركته إلّاواحد، إلّاإذا علم أنّ مراده ذلك الواحد.
4-الگرامی:مع عدم تعيين المال والمالك فيحتمل إرادة غير التركة، فلا يجب شىء على الورثة، ومع تعيين المالك دون المال وجب إرضاؤه، وإن لم يمكن يعمل بقول الحاكم، ومع تعيين المال فهو مجهول المالك وله حكمه، ومع عدم تعيين المال والمالك، لكن مع تعيين كون المال في تركته، فمن حيث المالك يعامل معاملة مجهول المالك، ومن حيث المال فله حكم شبهة المحصور.
خاتمة
الأمانة على قسمين: مالكيّة وشرعيّة.
أمّا الأوّل: فهو ما كان باستئمان من المالك وإذنه؛ سواء كان عنوان عمله ممحّضاً في ذلك كالوديعة، أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات، كما في الرهن والعارية والإجارة والمضاربة، فإنّ العين فيها بيد الطرف أمانة مالكيّة؛ حيث إنّ المالك قد سلّمها إليه وتركها بيده من دون مراقبة منه، وجعل حفظها على عهدته.
وأمّا الثاني: فهو ما لم يكن الاستيلاء عليها ووضع اليد باستئمان وإذن من المالك، وقد صارت تحت يده لا على وجه العدوان؛ بل إمّا قهراً، كما إذا أطارتها الريح، أو جاء بها السيل- مثلًا- في ملكه، ووقعت تحت يده. وإمّا بتسليم المالك لها بدون اطّلاع منهما، كما إذا اشترى صندوقاً فوجد فيه شيئاً من مال البائع بدون اطّلاعه، أو تسلّم البائع أو المشتري زائداً على حقّهما من جهة الغلط في الحساب مثلًا. وإمّا برخصة من الشرع كاللقطة والضالّة، وما ينتزع من يد السارق أو الغاصب للإيصال إلى صاحبه. وكذا ما يُؤخذ من الصبيّ أو المجنون من مالهما- عند خوف التلف في أيديهما- حسبة للحفظ، وما يؤخذ ممّا كان في معرض الهلاك والتلف من الأموال المحترمة، كحيوان معلوم المالك في مسبعة أو مسيل ونحو ذلك، فإنّ العين- في جميع هذه الموارد- تكون تحت يد المستولي عليها أمانة شرعيّة؛ يجب عليه حفظها وإيصالها- في أوّل أزمنة الإمكان- إلى صاحبها ولو مع عدم المطالبة، وليس عليه ضمان لو تلفت في يده، إلّامع التفريط أو التعدّي كالأمانة المالكيّة.
ويحتمل عدم وجوب إيصالها؛ وكفاية إعلام صاحبها بكونها عنده، والتخلية بينها وبينه بحيث كلّما أراد أن يأخذها أخذها، بل لايخلو هذا من قوّة. ولو كانت العين أمانة مالكيّة بتبع عنوان آخر وقد ارتفع ذلك العنوان- كالعين المستأجرة بعد انقضاء مدّة الإجارة، والعين المرهونة بعد فكّ الرهن، والمال الذي بيد العامل بعد فسخ المضاربة- ففي كونها أمانة مالكيّة أو شرعيّة وجهان بل قولان، لايخلو أوّلهما من رجحان1.
1-الگرامی:إذا كان بقاء العين تحت يده بإذن المالك أو كان فى أثناء الزمان اللازم للأداء