وهي أنواع كثيرة نذكر جلّها والمسائل المتعلّقة به في طيّ كتب
مقدّمة تشتمل على مسائل:
(مسألة1): لايجوز التكسّب1 بالأعيان النجسة بجميع أنواعها على إشكال2 في العموم3، لكن لايترك الاحتياط فيها بالبيع والشراء وجعلها ثمناً في البيع، واجرة في الإجارة، وعوضاً للعمل في الجعالة، بل مطلق المعاوضة عليها؛ ولو بجعلها مهراً، أو عوضاً في الخلع ونحو ذلك، بل لايجوز هبتها والصلح عليها بلا عوض. بل لايجوز التكسّب بها4 ولو كانت لها منفعة محلّلة مقصودة، كالتسميد في العذرة. ويستثنى من ذلك العصير المغليّ قبل ذهاب ثلثيه بناء على نجاسته، والكافر5 بجميع أقسامه، حتّى المرتدّ عن فطرة على الأقوى، وكلب الصيد بل والماشية والزرع والبستان والدور6.
1-الگرامی:فيه إشكال، بل منع فالجواز فيما له منفعة محللّة أقوى.
2-العلوی:بل على الأقوى، ولا إشكال في عمومه.
3-الصانعی:بل الجواز في غير الخمر لايخلو من وجه، كما أنّ عدمه في الخمر ممّا لا إشكال فيه. هذا في الحرمة التكليفية، وأ مّا الوضعية، أيالبطلان فمختصّة بما كانت منفعته المقصودة محرّمة، وإلّا فمع المنفعة المحلّلة المقصودة له فالظاهر الصحّة، ولاينبغي الإشكال فيه كغيره ممّا له تلك المنفعة
4-الصانعی:على الأحوط، وإن كانت الصحّة فيها غير بعيدة
5-الصانعی:أيالنجس منه على ما مرّ بيانه في النجاسات
6-العلوی:نعم، لا إشكال في إجارتها وإعارتها.
(مسألة2): الأعيان النجسة- عدا ما استثني- وإن لم يعامل معها شرعاً معاملة الأموال1، لكن لمن كانت هي في يده وتحت استيلائه حقّ اختصاص2 متعلّق بها ناشئ: إمّا من حيازتها، أو من كون أصلها مالًا له، ونحو ذلك، كما إذا مات حيوان له فصار ميتة، أو صار عنبه خمراً. وهذا الحقّ قابل للانتقال إلى الغير بالإرث وغيره، ولايجوز لأحد التصرّف فيها بلا إذن صاحب الحقّ، فيصحّ أن يصالح عليه بلا عوض، لكن جعله عوضاً لايخلو من إشكال3 بل لايبعد دخوله في الاكتساب المحظور، نعم لو بذل له مالًا ليرفع يده عنها ويعرض فيحوزها الباذل، سلم من الإشكال، نظير بذل المال لمن سبق إلى مكان من الأمكنة المشتركة- كالمسجد والمدرسة- ليرفع يده عنه، فيسكن الباذل.
1-الگرامی:إن لم يكن لها منفعة محللّة مقصودة.
2-الگرامی:إذا كان لها منفعة محللّة ولو فى المستقبل وبالقوة وإلا فاعتبار الحقّية لها محلّ إشكال.
3-الصانعی:وإن كان الجواز لايخلو من قوّة
(مسألة3): لا إشكال في جواز بيع ما لا تحلّه الحياة من أجزاء الميتة؛ ممّا كانت له منفعة محلّلة مقصودة، كشعرها وصوفها، بل ولبنها إن قلنا بطهارته، وفي جواز بيع الميتة الطاهرة- كالسمك ونحوه- إذا كانت له منفعة ولو من دهنه، إشكال1 لايترك2 الاحتياط3
1-العلوی:لايبعد الجواز، بل لايخلو من قوّة.
2-الگرامی:الجواز أقوى.
3-الصانعی: وإن كان الجواز لايخلو من قوّة
(مسألة4): لا إشكال في جواز بيع الأرواث إذا كانت لها منفعة. وأمّا الأبوال الطاهرة فلا إشكال في جواز بيع بول الإبل، وأمّا غيره ففيه إشكال، لايبعد الجواز لو كانت له منفعة محلّلة مقصودة.
(مسألة5): لا إشكال في جواز بيع المتنجّس القابل للتطهير، وكذا غير القابل له إذا جاز الانتفاع به مع وصف نجاسته في حال الاختيار، كالدُّهن المتنجّس الذي يمكن الانتفاع به بالإسراج وطلي السفن، والصبغ والطين المتنجّسين، والصابون ونحو ذلك. وأمّا ما لايقبل التطهير، وكان جواز الانتفاع به متوقّفاً على طهارته- كالسكنجبين النجس ونحوه- فلايجوز بيعه والمعاوضة عليه.
(مسألة6): لابأس ببيع الترياق المشتمل على لحوم الأفاعي؛ مع عدم ثبوت أنّها من ذوات الأنفس السائلات، ومع استهلاكها فيه- كما هو الغالب، بل المتعارف- جاز استعماله وينتفع به. وأمّا المشتمل على الخمر فلايجوز بيعه، لعدم قابليّته للتطهير، وعدم حلّية الانتفاع به مع وصف النجاسة حال الاختيار- الذي هو المدار1- لا الجواز عند الاضطرار2
1-الگرامی:فيه إشكال فإنّه إذا كان الاضطرار به شائعاً كسائر الأدوية صحّ اعتبار المالية له وجاز بيعه، بل إذا كان الاضطرار به قليلًا ولا يمكن تهيئته عند الاضطرار جاز بيعه من قبل، وكذا حين الاضطرار فملاك صحّة البيع اعتبار المالية ما لم يمنعه الشارع، وملاك المالية الرغبة ولو للمشترى، ولو فى حال الاضطرار، ويمكن تصوّر ذلك حتّى فى الخمر، وأدلّة حرمة بيع الخمر منصرفة إلى البيع للشرب اختياراً. نعم إن استفيد من أدلّة بعض المحرمات كالخمر إلغاء الشارع ماليّته مطلقاً لمصالح لم يجز أخذ الثمن قباله.
2-الصانعی: في ذكره نفي الاضطرار مداراً للجواز في المقام مسامحة؛ حيث إنّ البحث في الجواز وعدمه بحسب العناوين الأولية وذوات الأشياء. ومن المعلوم أنّ الاضطرار من العناوين الثانوية التي تكون موجبة للجواز في مواردها
(مسألة7): يجوز بيع الهرّة ويحلّ ثمنها بلا إشكال، وأمّا غيرها من أنواع السباع، فالظاهر جوازه إذا كان ذا منفعة محلّلة مقصودة عند العقلاء. وكذا الحشرات، بل المسوخ- أيضاً- إذا كانت كذلك. فهذا هو المدار في جميع الأنواع، فلا إشكال في بيع العلق الذي يمصّ الدم الفاسد، ودود القزّ، ونحل العسل وإن كانت من الحشرات، وكذا الفيل الذي ينتفع بظهره وعظمه وإن كان من المسوخ.
(مسألة8): يحرم بيع كلّ ما كان آلة للحرام؛ بحيث كانت منفعته المقصودة منحصرة فيه، مثل آلات اللهو1 كالعيدان2 والمزامير والبرابط ونحوها، وآلات القمار كالنرد والشطرنج ونحوهما3 وكما يحرم بيعها وشراؤها يحرم صنعتها والاجرة عليها، بل يجب كسرها وتغيير هيئتها. نعم يجوز بيع مادّتها من الخشب والصفر- مثلًا- بعد الكسر، بل قبله- أيضاً- إذا اشترط على المشتري كسرها، أو بيع المادّة ممّن يثق به أنّه يكسرها.ومع عدم ما ذكر ففيه إشكال. ويجوز بيع أواني الذهب والفضّة للتزيين4 والاقتناء.
1-الصانعی:لايخفى أنّه إن كان الوجه في التمثيل بتلك الآلات وجعلها من مصاديق ما كان آلة للحرام حرمة اللهو بما هو هو، فهو كما ترى؛ لعدم الدليل على حرمته كذلك، كما حقّقه سيّدنا الاستاذ في مكاسبه، بل لعلّ السيرة والبداهة على عدم الحرمة. هذا مع ما يلزم من حرمته الحرج الشديد، وأ مّا إن كان المراد منه حرمة اللهو بتلك الآلات لا مطلقاً، كما هو الظاهر من المتن وغيره بقرينة ذكر تلك الآلات الخاصّة المعروفة حرمة الانتفاع بها، ففيه: أنّ ما استدلّ به للحرمة مورد الإشكال والمناقشة، كما حقّقناه في رسالة مستقلّة. وعليه فيكون الانتفاع بها بما هي هي جائزاً بحكم الأصل والسعة والرفع فيما لايعلمون. وبالجملة، بعد اللتيا والتي في كون آلات اللهو المذكورة مصداقاً لما تكون منفعته محرّمة تأ مّل، بل منع
2-الگرامی: إذا كانت الأصوات الخارجة من هذه الآلات غير محرّمة فلا يبعد جواز بيعها، فليس كلّ منفعة الآلات محرّمة، وكذلك آلات القمار، إذا كان اللعب بها بغير القمار فإنّه جائز على الأقوى. وأمّا لو فرض عدم منفعة محللّة أصلًا أو لم يكن البيع باعتبارها فبيعها ولو باعتبار المادّة غير جائز على الأحوط حتّى مع اشتراط الكسر لفرض حرمة جميع المنافع.
3-الصانعی:على القول بحرمة الانتفاع بتلك الآلات مطلقاً، وإلّا فعلى المختار من عدم حرمة الانتفاع بها في غير المقامرة، كاللعب بها للتمرين وغيره، التمثيل بها في غير محلّه
4-العلوی:بل للاقتناء، لا التزيين.
(مسألة9): الدراهم الخارجة عن الاعتبار، أو المغشوشة المعمولة لأجل غشّ الناس، تحرم المعاملة بها وجعلها عوضاً أو معوّضاً في المعاملات مع جهل من تدفع إليه، بل مع علمه واطّلاعه أيضاً- على الأحوط لو لم يكن الأقوى- إلّاإذا وقعت المعاملة على مادّتها، واشترط على المتعامل كسرها، أو كان موثوقاً به في الكسر؛ إذ لايبعد وجوب إتلافها ولو بكسرها؛ دفعاً لمادّة الفساد.
(مسألة10): يحرم بيع العنب والتمر ليعمل خمراً، والخشب- مثلًا- ليعمل صنماً أو آلة للَّهو أو القمار ونحو ذلك؛ وذلك إمّا بذكر صرفه في المحرّم والالتزام به في العقد، أو تواطُئِهما على ذلك؛ ولو بأن يقول المشتري لصاحب العنب مثلًا: بعني منّاً من العنب لأعمله خمراً، فباعه. وكذا تحرم إجارة المساكن ليُباع ويُحرز فيها الخمر، أو ليُعمل فيها بعض المحرّمات، وإجارة السفن أو الحمولة لحمل الخمر وشبهها بأحد الوجهين المتقدّمين. وكما يحرم البيع والإجارة فيما ذكر يفسدان أيضاً، فلايحلّ له الثمن والاجرة، وكذا بيع الخشب لمن يعلم أنّه يجعله صليباً أو صنماً، بل وكذا بيع العنب والتمر والخشب ممّن يعلم أنّه يجعلها خمراً وآلة للقمار والبرابط، وإجارة المساكن لمن يعلم أنّه يعمل فيها ما ذكر أو يبيعها وأمثال ذلك1؛ في وجه قويّ2 والمسألة من جهة النصوص مُشكلة جدّاً، والظاهر أنّها معلّلة.
1-العلوی:على الأحوط، ولا يترك أصلًا.
2-الصانعی:على ما حقّقه قدس سره في مكاسبه، لكنه غير تامّ وغير خالٍ من الإشكال والمنع، فالظاهر الجواز؛ قضاءً لعمومات الحلّ والصحّة، وأخبار المسألة. وما في المتن من أنّها معلّلة فقد بيّنّا في البحث عنه في المكاسب أنّها تامّة كبقية الأخبار، والتفصيل في محلّه
الگرامی:لا قوّة فيه، بل الأظهر الجواز. واستبعاد الاستاذ في كتاب بيعه مفاد أدلّة الجواز في غير محلّه كما بيّنّا في البيع، ثمّ لو فرض لزم المنع في جميع بياعي الأغذية إذا علم- ولو بالعلم الإجمالى في المحصور- أنّ المشترى يتقوّى بالغذاء لإرادة الفحشاء والفساد مثلًا، ولم يعهد إلى الآن منع بيع الخبز ونحوه لهذه الأشخاص. نعم في مثل الصليب والصنم ممّا يكون في طريق هدم أساس الدين ممنوع بيعه لمن يعلم أنّه يعمله كذا، بل وحتّى في الظنّ القوي بذلك
(مسألة11): يحرم بيع السلاح من أعداء الدين حال مقاتلتهم مع المسلمين1، بل حال مباينتهم معهم بحيث يخاف منهم عليهم. وأمّا في حال الهدنة معهم، أو زمان وقوع الحرب بين أنفسهم ومقاتلة بعضهم مع بعض؛ فلابدّ في بيعه من مراعاة مصالح الإسلام والمسلمين ومقتضيات اليوم، والأمر فيه موكول إلى نظر والي المسلمين، وليس لغيره الاستبداد بذلك. ويلحق بالكفّار من يعادي الفرقة الحقّة من سائر الفرق المسلمة، ولايبعد التعدّي إلى قُطّاع الطريق وأشباههم، بل لايبعد التعدّي2 من بيع السلاح إلى بيع غيره لهم؛ ممّا يكون سبباً لتقويتهم على أهل الحقّ، كالزاد والراحلة والحمولة ونحوها.
1-الصانعی: أو مع غيرهم فيما يكون السلاح موجباً لقتل الأنفس المحترمة أو تضييع الأعراض والأموال المحترمة أو الفساد في الأرض، كما يظهر من صحيحة محمّد بن قيس، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفئتين تلتقيان من أهل الباطل أبيعهما السلاح؟ فقال: «بعهما مايكنهما الدرع والخفّين ونحو هذا». (وسائل الشيعة 17: 102/ 3) ويؤيّده إطلاق رواية السراج، عن أبي عبداللّه عليه السلام، قال: قلت له إنّي أبيع السلاح، قال: «لاتبعه في فتنة». (وسائل الشيعة 17: 102/ 4)
2-الگرامی: على الأحوط.
(مسألة12): يحرم1تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والحيوان إذا كانت الصورة مجسّمة2، كالمعمولة من الأحجار والفلزّات والأخشاب ونحوها. والأقوى جوازه مع عدم التجسيم3 وإن كان الأحوط تركه. ويجوز تصوير غير ذوات الأرواح، كالأشجار والأوراد ونحوها ولو مع التجسيم، ولا فرق بين أنحاء التصوير من النقش والتخطيط والتطريز والحكّ وغير ذلك. ويجوز التصوير المتداول في زماننا بالآلات المتداولة، بل الظاهر أنّه ليس من التصوير. وكما يحرم عمل التصوير من ذوات الأرواح مجسّمة، يحرم التكسّب به وأخذ الاجرة عليه. هذا كلّه في عمل الصور. وأمّا بيعها واقتناؤها واستعمالها والنظر إليها، فالأقوى جواز ذلك كلّه حتّى المجسّمات. نعم يُكره4قتناؤها وإمساكها في البيت5.
1-الصانعی: على المعروف المشهور، لكنّ الكراهة مع عدم غرض عقلائي؛ فيه لكونه لهواً قويّة. وبذلك يظهر حكم الفروع التالية
2-الگرامی: وليس ملاك الحرمة احتمال عبادة الناس وتقديسهم للصورة كما قد يقال، لعدم عهد بعبادة أحد للكلاب والخنازير مع حرمة تجسيمهما، وللعهد القطعى بعبادة الشمس والقمر وبعض الأشجار مع وضوح عدم حرمة تجسيمها!
3-العلوی:الأقوى فيه الكراهة.
4-الصانعی:ولايخفى أنّ الكراهة على ثبوتها مرتفعة؛ لجهات مرجّحة مطلوبة من «الذكرى» للشهيد أو الدفاع، كما أنّ الاحتياط في التجسيم مختصّ بغير ما فيه الجهات المرجّحة أو مرتفع بها
5-العلوی:ولا تبعد أشدّية كراهيتها.
(مسألة13): الغناء حرام فعله وسماعه والتكسّب به، وليس هو مجرّد تحسين الصوت، بل هو مدّه وترجيعه بكيفيّة خاصّة مطربة، تناسب مجالس اللهو1 ومحافل الطرب وآلات اللهو والملاهي، ولا فرق2 بين استعماله في كلام حقّ؛ من قراءة القرآن والدعاء والمرثية، وغيره من شعر أو نثر، بل يتضاعف عقابه لو استعمله فيما يطاع به اللَّه تعالى. نعم قد يستثنى غناء المغنّيات3 في الأعراس4، وهو غير بعيد. ولايترك الاحتياط بالاقتصار على زفّ العرائس5 والمجلس المعدّ له مقدّماً ومؤخّراً، لا مطلق المجالس، بل الأحوط6 الاجتناب مطلقاً7.
1-الگرامی: والمتيقّن من ذلك ما ناسب لحنه الرقص.
2-الصانعی:وإن كان اختصاص الحرمة بما إذا كان محتواه باطلًا ولغواً وزوراً لايخلو من وجه، فلايحرم ما كان منه مع محتوى الحقّ، كقراءة القرآن وبيان المسائل العلمية والدينية. وبالجملة، كون حرمة الغناء محتوائية لا صوتية- تبعاً لما يظهر من بعض المحقّقين، كصاحب «المستند» و «الكفاية»- لايخلو من وجه، فالصوت وكيفيّته والمجالس غير دخيلة في حرمة الغناء بما هو غناء. ولايخفى أنّه ليس المراد من الحرمة المحتوائية، أياختصاص الحرمة بما كان محتوى الغناء حراماً وباطلًا، حرمة المحتوى فقط، حتّى يرد عليه: إنّه خلاف المذهب، بل المراد حرمته أيضاً، ففي الغناء المحرّم الحرام اثنان
3-الگرامی:ويلحق بغنائهنّ غناء المغنّين، ويحتمل قويّاً إلحاق الموسيقى أى الصوت الخارج من الآلات، بالغناء، لكن لا يترك الاحتياط؛ فإنّ الغناء حرّم تحت عنوان اللهو كما أنّ أصوات آلات اللهو أيضاً حرّمت بعنوان استعمال آلات اللهو فحكمها حكمه، مؤيّداً بروايات الدّف فى الأعراس، سيّما وأنّ المغنّية معمولًا تتغنّى مع دفّ ونحوه بل الغناء فى غير المغنّية أيضاً كذلك إذا كان كسب المغنّى وسيرته. لا يقال: استثناء نوع من الجنس الحرام لا يدلّ على استثناء النوع الآخر، إذ السكوت فى مثل هذا الأمر الموافق للطبع البشرى مع تلازم النوعين، لا يفيد فى إثبات الحرمة، فلو كان مراد الشارع هو الحرمة لزم التصريح، وبهذا البيان لا فرق بين المغنّى والمغنّية.
4-الصانعی:وأ مّا غناء المغنّين فيها، فإن لميكن أولى بالجواز فلا أقلّ من التساوي
5-الگرامی: لكن لا يبعد الجواز فى مجلس العقد أيضاً؛ فإنّ فهم العرف من دليل التجويز هو إطلاق التجويز، بلا فرق بين الزفّ والعقد ومقدّماتهما ومؤخّراتهما ولو كان المراد الاختصاص لزم البيان، سيّما والعادة على فهم التوسعة فى التجويز إذا لم يمنع، فى هذا الموضوع الملائم للطبع، وذكر الزفّ فى بعض أدلّة الباب لا ظهور له فى تقييد ما يذكر التجويز فى العرس على الإطلاق. وفى رواية قرب الإسناد ذكر الفرح مكان العرس لكن المتيقّن العرس.
6-العلوی: لايترك.
7-الگرامی: لا ينبغى تركه، بل لا يترك فى العقد الموقّت، والأحوط لا ينبغى تركه الاقتصار على المغنّية بل المملوكة، وكون الغناء حال دخول المرأة فى بيت الزوج ولا بدّ من رعاية عدم دخول الرجال.
(مسألة14): معونة الظالمين في ظلمهم- بل في كلّ محرّم1- حرام بلا إشكال، بل ورد عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنّه قال: «من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم، فقد خرج من الإسلام»، وعنه صلى الله عليه و آله و سلم: «إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ: أين الظلمة وأعوان الظلمة؛ حتّى من برى لهم قلماً، ولاق لهم دواة؟ قال: فيجتمعون في تابوت من حديد ثمّ يُرمى بهم في جهنّم». وأمّا معونتهم في غير المحرّمات، فالظاهر جوازها ما لم يُعدّ من أعوانهم2 وحواشيهم والمنسوبين إليهم، ولم يكن اسمه مقيّداً في دفترهم وديوانهم، ولم يكن ذلك موجباً لازدياد شوكتهم وقوّتهم.
1-الگرامی:بل إعانة العاصى فى عصيانه ولو فى غير الظالم وغير الظلم.
2-الگرامی:ولم يوجب زيادة شوكتهم ولم يؤثّر فى حفظ رئاستهم.
(مسألة15): يحرم حفظ كتب الضلال ونسخها وقراءتها ودرسها وتدريسها؛ إن لم يكن غرض صحيح في ذلك، كأن يكون قاصداً لنقضها وإبطالها، وكان أهلًا لذلك ومأموناً من الضلال. وأمّا مجرّد الاطّلاع على مطالبها، فليس من الأغراض الصحيحة المجوّزة لحفظها لغالب الناس؛ من العوام الذين يخشى عليهم الضلال والزلل، فاللازم على أمثالهم التجنّب عن الكتب المشتملة على ما يخالف عقائد المسلمين1، خصوصاً ما اشتمل منها على شبهات ومغالطات عجزوا عن حلّها ودفعها، ولايجوز لهم شراؤها وإمساكها وحفظها، بل يجب عليهم إتلافها2
1-الگرامی:وعقائد الشيعة الاثنى عشرية. ثمّ هل الملاك فى عدّ الكتاب ضالًا كونه موجباً لضلالة ضعفاء العقول أو اشتماله على خلاف العقائد الحقة؟ الأوّل حاصل فى غير واحد من كتب الحديث المشتملة على أحاديث يوجب تضعيف عقائد الضعفاء، أكثر نظير رواية الحمار، المعنعنة فى الكافى، والثانى حاصل فى مثل كتاب الجواهر المشتملة على مثل ما ذكره فى بحث الكرّ؛ إلا أن يقال: المراد العقائد الأصلية للإسلام أو التشيّع ممّا يوجب عدمها الخروج عنهما، أى الشهادتين ولزوم إطاعة الأئمّه الاثنى عشر. وعلى ذلك فكثير ممّا يعدّ من كتب الضلال ليس منها. وكيف كان هل المراد منها الكتب التى تلقى مطالب على خلاف عقائد الإسلام والتشيّع اصولًا وفروعاً وفيها روايات موضوعة كما يستفاد من المجمع للأردبيلى، ج 8، ص 75 أو ما خالف الحقّ واقعاً أو بحسب علم المكلّف لا ظنّه كما فى المستند للنراقى، ج 14، ص 157 أو هى التى وضعت للاستدلال على تقوية الضلال كما يستفاد من الجواهر، ج 22، ص 57 أو ما يستفاد من مكاسب الشيخ من أنّه ما وضع لحصول الإضلال أو ما أوجب الضلال، ونظيره ما فى مصباح الفقاهه، ج 1، ص 254: ما وضع لغرض الإضلال وأوجب الضلال، ونظيره مع التفاوت قول الگلپايگانى فى هداية العباد: مناط الحرمة كونه فى معرض ضلالة بها وقال بعض المعاصرين: ما يشتمل على العقائد الباطلة. والحقّ أنّ معناها معلوم فى العرف والوجدان لكن التعريف الدقيق مشكل لانطباق كثير من هذا التعريفات على الكتب الحقّة الدارجة بل الكتب الوحيانى الروائى بل الأعلى منها. فإنّ كثيراً من عبارات الكتب الحقّة مشتمل على ما يوجب ضلال جماعة وفى بعضها مطالب خلاف العقائد الحقّة.
2-الصانعی:في وجوب إتلافها على الإطلاق تأمّل
(مسألة16): عمل السحر وتعليمه وتعلّمه والتكسّب به حرام1 والمراد به2 ما يعمل من كتابة أو تكلّم أو دخنة أو تصوير أو نفث أو عقد ونحو ذلك يؤثّر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله، فيؤثّر في إحضاره أو إنامته أو إغمائه أو تحبيبه أو تبغيضه ونحو ذلك.
ويلحق بذلك استخدام الملائكة3، وإحضار الجنّ وتسخيرهم، وإحضار الأرواح وتسخيرها، وأمثال ذلك4 بل يلحق به- أو يكون منه- الشعبذة5: وهي إراءة غير الواقع واقعاً بسبب الحركة السريعة.
وكذلك الكهانة: وهي تعاطي الأخبار6 عن الكائنات في مستقبل الزمان؛ بزعم أنّه يلقي إليه الأخبار عنها بعض الجانّ، أو بزعم أنّه يعرف الامور بمقدّمات وأسباب يستدلّ بها على مواقعها.
والقِيافة: وهي الاستناد إلى علامات خاصّة في إلحاق بعض الناس ببعض، وسلب بعض عن بعض؛ على خلاف ما جعله الشارع ميزاناً للإلحاق وعدمه؛ من الفراش وعدمه.
والتنجيم: وهو الإخبار7 على البتّ والجزم عن حوادث الكون؛ من الرخص والغلاء والجدب والخصب وكثرة الأمطار وقلّتها، وغير ذلك من الخير والشر والنفع والضرر؛ مستنداً إلى الحركات الفلكيّة والنظرات والاتّصالات الكوكبيّة؛ معتقداً تأثيرها في هذا العالم على نحو الاستقلال أو الاشتراك مع اللَّه- تعالى عمّا يقول الظالمون- دون مطلق التأثير؛ ولو بإعطاء اللَّه تعالى إيّاها إذا كان عن دليل قطعيّ. وليس منه الإخبار عن الخسوف والكسوف والأهِلّة واقتران الكواكب وانفصالها، بعد كونه ناشئاً عن اصول وقواعد سديدة، والخطأ الواقع منهم أحياناً ناشئ من الخطأ في الحساب وإعمال القواعد، كسائر العلوم.
1-الصانعی:إلّاإذا كان نافعاً وعقلائياً، فالظاهر عدم حرمته؛ لقصور الأدلّة عن إثبات حرمة مثل ذلك، فإنّها منصرفة إلى المتعارف من السحر، وهو غير ذلك، ويجري الاستثناء فيما ألحقه بالسحر أيضاً، إلّاالكهانة والقيافة، فإنّهما حرام مطلقاً
الگرامی:فيه تأمّل بل منع، وكذا الجنّ وإحضار الأرواح. نعم التسخير أو الاستخدام حيث إنّه خلاف حرّية الشخص ونوع تسليط على آخر يكون حراماً لكن كون الارتباط بهم من نوع الاستخدام والتسخير ممنوع بل لعلّه من نوع ارتباط نظير تحريك جرس البيت أو التلفون للتكلم مع الشخص. كما أنّ دعوى الإجماع على حرمة أىّ ارتباط غيبي سوى الاستخارة كما ادّعاه بعض الأعلام ممنوعة أيضاً.
2-الگرامی:أى بالارتباط بالجنّ أو دعوى العلم بالمسبّبات من طريق الأسباب، وتحريمها شرعاً بعد نصوص الباب، لكثرة التخلف عن الواقع بخلاف أخبار النفوس القدسية عن الامور ماضيها ومستقبلها من جهة المكاشفات، أو حتّى العلم بالحروف والأعداد إذا لم يكن فيها تخلف كثير، فكأنّ حرمة الكهانة من جهة إغواء الناس أو من جهة أنّ التوسل إلى المغيّبات يوجب اختلال النظام وتشويش الأذهان. وهذا سرّ حرمة القيافة والتنجيم وإن كان طبق الواقع وأمّا أخبار النفوس القدسيه فمن جهة تورعهم لا خطر فيما لعدم إقدامهم على ذلك فيما لا مصلحة فيه.
3-الگرامی:على الأحوط حتّى إذا كان ذلك لدفع السحر إلا لواجب أهمّ من حرمته كحفظ النفس المحترمة، أو دفع شبهة اعتقادية، أو حفظ عرض مخطور. يحتمل كون الحرمة على وجه الطريقية أى إذا كان له ضرر أو فساد، ويحتمل كونها على وجه الموضوعية ومثل كريمة عمل الملكين ببابل تشير إلى الأوّل، ومثل حديث السكونى: ... كالكافر، يشير إلى الثانى وهذا أحوط حينئذٍ فهو حرام إلا لمصلحة أهمّ.
4-الصانعی:مع ما مر في السحر من الاستثناء
5-الصانعی: على الأحوط، وإن كان الجواز غير بعيد
6-الگرامی:السحر لايبعد صحّة تعريفه بأنّه إيجاد حوادث خارقة للعادة تشبه الكرامات بلا تسبّب من جهة العلوم التجربية، بل من النفس بقوّة الهمّة ولو بالاستعانة من النفث والعقد والدخنة ونحوها، ولو لم يكن بنحو التأثير فى بدن شخص، والسحر من عمل النفوس الخبيثة كما أنّ الكرامة من عمل النفوس القدسية، وإذا كانت مقارنة لدعوى النبوة والإمامة الإلهية كانت معجزة، وإذا تحقّقت أمور خارقة من أشخاص غير متديّنين فلا ريب أنّها ليست كرامة بل كره وإذا لم تكن من جهة همّة النفس بل بالتوسل إلى الأمور الحسّية من سرعة الحركات وخفّتها كانت شعبذة.
7-الگرامی:أو استخراج تأثير الحركات الفلكية والحوادث الكوكبية فى حياة الإنسان ومعيشته، وكلّ من الاستخراج والإخبار بذلك حرام. ولعلّ وجه الحرمة أيضاً بعد نصوص الباب إيجابه اختلال النظام.
(مسألة17): يحرم الغشّ بما يخفى في البيع والشراء، كشوب اللبن بالماء، وخلط الطعام الجيّد بالرديء، ومزج الدهن بالشحم 1أو بالدهن النباتي، ونحو ذلك؛ من دون إعلام. ولايفسد المعاملة به 2وإن حرم فعله، وأوجب الخيارَ للطرف بعد الاطّلاع. نعم لو كان الغشّ بإظهار الشيء على خلاف جنسه- كبيع المموّه على أنّه ذهب أو فضّة ونحو ذلك- فسد أصل المعاملة.
1-الگرامی: إن كان الشحم قليلًا بحيث لا يخرج الدهن عن مسمّاه وإلا فسدت المعاملة.
2-الصانعی:بل یفسد به؛ للملازمة العقلائیة العرفیة بین حرمة المعاملة و فسادها
(مسألة18): يحرم أخذ الاجرة على ما يجب عليه فعله عيناً، بل ولو كفائيّاً1على الأحوط2 فيه، كتغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم. نعم لو كان الواجب توصّليّاً- كالدفن- ولم يبذل المال لأجل أصل العمل، بل لاختيار عمل خاصّ، لابأس به، فالمحرّم أخذ الاجرة لأصل الدفن. وأمّا لو اختار الوليّ مكاناً خاصّاً وقبراً مخصوصاً، وأعطى المال لحفر ذلك المكان الخاصّ، فالظاهر أنّه لابأس به. كما لابأس بأخذ الطبيب الاجرة للحضور عند المريض؛ وإن أشكل أخذها لأصل المعالجة؛ وإن كان الأقوى جوازه3. ولو كان العمل تعبّدياً يشترط فيه التقرّب- كالتغسيل- فلايجوز أخذها عليه على أيّ حال. نعم لابأس بأخذها على بعض الامور غير الواجبة كما تقدّم في غسل الميت. وممّا يجب على الإنسان تعليم مسائل الحلال والحرام، فلايجوز أخذها عليه، وأمّا تعليم القرآن، فضلًا عن غيره من الكتابة وقراءة الخطّ وغير ذلك، فلابأس بأخذها عليه. والمراد بالواجبات المذكورة ما وجب على نفس الأجير. وأمّا ما وجب على غيره ولايعتبر فيه المباشرة، فلابأس بأخذ الاجرة عليه؛ حتّى في العبادات التي يشرع فيها النيابة4، فلابأس بالاستئجار للأموات في العبادات كالحجّ والصوم والصلاة.
1-الصانعی:منافاة وجوب الشيء كفائيّاً، أو عينيّاً مع الإجارة محلّ تأمّل وإشكال، بل عدمها غير بعيد، لكن لاينبغي الاحتياط بالترك
2-العلوی: الأقوى.
3-العلوی: لاقوّة في جوازه.
الگرامی:إلا أن يتوقّف العلاج على المعالجة مجّاناً. فالواجب أصل العلاج وبذل العمل وإن أخذ شيئاً قبال المبذول إلا أن لا يمكن إلا مجّاناً. فمن المحرّمات قطعاً طرد الطبيب، المريض الفقير الذى لا يقدر على بذل المال.
4-الگرامی: فيجوز أخذ المال ولو قبال العمل النيابى فضلًا عن النيابة خلافاً لما يظهر من متن الوسيلة.
(مسألة19): يكره اتّخاذ بيع الصرف والأكفان والطعام حرفة1 وكذا بيع الرقيق؛ فإنّشرّ الناس من باع الناس، وكذا اتّخاذ الذبح والنحر صنعة، وكذا صنعة الحياكة والحجامة، وكذا التكسّب بضراب الفحل؛ بأن يؤاجره لذلك مع ضبطه بالمرّة والمرّات المعيّنة أو بالمدّة أو بغير الإجارة. نعم لابأس بأخذ الهديّة والعطيّة لذلك.
1-الصانعی:كراهة الامور المذكورة محلّ تأ مّل وإشكال، بل محلّ منع؛ لضعف جلّ أخبارها إن لمنقل كلّها أوّلًا، ولاحتمال الإرشاد ثانياً؛ لما فيها من بيان العلل والحكم، مثل التعليل في حديث إسحاق بن عمّار للنهي عن بيع الصرف بقوله عليه السلام: «فإنّ الصيرفي لايسلم من الربا»، وعن شغل بيع الأكفان بقوله عليه السلام: «فإنّ صاحب الأكفان يسرّه الوباء»، (وسائل الشيعة 17: 135/ 1) ومثل ما في غيرهما ممّا يناسب الإرشاد، لا المولوية والحضاضة الذاتية أو العرضية، ولما في بعض أخبارها من الدلالة على عدم كون المراد الحرفة والشغل، بل المراد منه أمر آخر ثالثاً.
ففي مرسل أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبداللَّه عليه السلام، قال: ذكر الحائك عند أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه الملعون فقال: «إنّما ذلك الذي يحوك الكذب علىاللَّه وعلى رسوله صلى الله عليه و آله و سلم». (وسائل الشيعة 12: 248/ 2)
ولما في أخبارها من التعارض رابعاً. ففي رواية الصيرفي قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: حديث بلغني عن الحسن البصري، فإن كان حقّاً فإنّا للَّهوإنّا إليه راجعون، قال: «وما هو»؟ قلت: بلغني أنّ الحسن كان يقول: لو غلى دماغه من حرّ الشمس ما استظلّ بحائط صيرفي، ولو تفرثت كبده عطشاً لميستقِ من دار صيرفي ماء، وهو عملي وتجارتي، وفيه نبت لحمي ودمي، ومنه حجّي وعمرتي قال: فجلس ثمّ قال: «كذب الحسن، خذ سواء، وأعط سواء، فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وانهض إلى الصلاة، أما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة». (وسائل الشيعة 17: 139/ 1)
وفي رواية الفضل بن أبي قرّة قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: إنّ هؤلاء يقولون إنّ كسب المعلّم سحت، فقال: «كذبوا أعداء اللَّه، إنّما أرادوا أن لايعلّموا القرآن، ولو أنّ المعلّم أعطاه رجل دية ولده كان للمعلّم مباحاً». (تهذيب الأحكام 6: 364/ 167)
وفي موثّق ابن فضّال، قال: سمعت رجلًا سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام، فقال: إنّي اعالج الرقيق فأبيعه والناس يقولون: لاينبغي، فقال له الرضا عليه السلام: «وما بأسه؟ كلّ شيء ممّا يباع إذا اتّقى اللَّه عزّوجلّ فيه العبد فلابأس». (تهذيب الأحكام 6: 363/ 160)
ولسان هذه الموثّقة لسان الحكومة ومقدّمة على تلك الأخبار الناهية، مع قطع النظر عمّا فيها سنداً ودلالة.
هذا مع ما في بعض الأخبار، مثل قوله عليه السلام: «شرّ الناس من باع الناس» (وسائل الشيعة 17: 136/ 1) من الشهادة على الإجمال في مثله ولزوم ردّ علمه إلى أهله؛ وذلك لاستلزام كونه شرّاً من شارب الخمر والظالم وقاتل النفس المحترمة وأمثالهم، وهو كما ترى
(مسألة20): لا ريب في أنّ التكسّب وتحصيل المعيشة بالكدّ والتعب محبوب عند اللَّه تعالى، وقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم والأئمّة عليهم السلام الحثّ والترغيب عليه مطلقاً، وعلى خصوص التجارة1 والزراعة واقتناء الأغنام والبقر روايات كثيرة. نعم ورد النهي عن إكثار الإبل.
1-الگرامی: ولعلّ ما يظهر منه أفضلية التجارة من الزراعة والغرس واقتناء الأغنام ونحوها محمول على شرائط خاصّة للمؤمن كالاحترام الخاصّ عند الناس للتجّار، كما كان كذلك إلى قريب عصرنا.
(مسألة21): يجب على كلّ من يباشر التجارة وسائر أنواع التكسّب، تعلُّمُ أحكامها والمسائل المتعلّقة بها؛ ليعرف صحيحها عن فاسدها، ويسلم من الربا. والقدر اللازم أن يكون عالماً- ولو عن تقليد- بحكم التجارة والمعاملة التي يوقعها حين إيقاعها، بل ولو بعد إيقاعها إذا كان الشكّ في الصحّة والفساد فقط1، وأمّا إذا اشتبه حكمها من جهة الحرمة والحلّيّة- لا من جهة مجرّد الصحّة والفساد- يجب الاجتناب عنها، كموارد الشكّ في أنّ المعاملة ربويّة؛ بناءً على حرمة نفس المعاملة أيضاً، كما هو كذلك على الأحوط.
1-الگرامی:ويحرم التصرّف فى العوض احتياطاً حتّى يعلم الحكم بعد الفحص.
(مسألة22): للتجارة والتكسّب آداب مستحبّة ومكروهة
أمّا المستحبّة: فأهمّها: الإجمال في الطلب والاقتصاد فيه؛ بحيث لايكون مضيّعاً ولا حريصاً.
ومنها: إقالة النادم في البيع والشراء لو استقاله.
ومنها: التسوية بين المتبايعين في السعر، فلايفرّق بين المماكس وغيره؛ بأن يقلّل الثمن للأوّل ويزيده للثاني. نعم لابأس بالفرق بسبب الفضل والدين ونحو ذلك ظاهراً.
ومنها: أن يقبض لنفسه ناقصاً ويُعطي راجحاً.
وأمّا المكروهة: فامور:
منها: مدح البائع لمتاعه.
ومنها: ذمّ المشتري لما يشتريه.
ومنها: اليمين صادقاً على البيع والشراء.
ومنها: البيع في موضع يستتر فيه العيب.
ومنها: الربح على المؤمن إلّامع الضرورة، أو كان الشراء للتجارة، أو كان اشتراؤه للمتاع أكثر من مائة درهم، فإنّ ربح قوت اليوم منه غير مكروه.
ومنها: الربح على من وعده بالإحسان إلّامع الضرورة.
ومنها: السوم ما بين الطلوعين.
ومنها: الدخول في السوق أوّلًا والخروج منه آخراً.
ومنها: مبايعة الأدنين الذين لايبالون بما قالوا وما قيل لهم1.
ومنها: التعرّض للكيل أو الوزن أو العدّ أو المساحة إذا لم يحسنه.
ومنها: الاستحطاط من الثمن بعد العقد.
ومنها: الدخول في سوم المؤمن على الأظهر. وقيل بالحرمة. ولايكون منه الزيادة فيما إذا كان المبيع في المزايدة2.
ومنها: تلقّي الرُّكبان والقوافل واستقبالهم للبيع عليهم أو الشراء منهم قبل وصولهم إلى البلد. وقيل: يحرم وإن صحّ البيع والشراء، وهو الأحوط وإن كان الأظهر الكراهة. وإنّما يكره بشروط:
أحدها: كون الخروج بقصد ذلك.
ثانيها: تحقّق مسمّى الخروج من البلد.
ثالثها: أن يكون دون الأربعة فراسخ، فلو تلقّى في الأربعة فصاعداً لم يثبت الحكم، بل هو سفر تجارة. والأقوى عدم3 اعتبار كون الركب جاهلًا بسعر البلد. وهل يعمّ الحكم غير البيع والشراء، كالإجارة ونحوها؟ وجهان4.
1-العلوی:ومنها: مبايعة ذوي العاهات، والأكراد، والمُحارَف، ومن لم ينشأ في الخير، كمستحدثي النعمة.
2-العلوی:ومنها: أن يتوكّل حاضر عارف بسعر البلد لبادٍ غريب جاهل غافل؛ بأن يصير وكيلًا عنه في البيع والشراء.
3-العلوی:وفي اعتباره وجه.
4-العلوی:عدم الشمول أوجه.
الگرامی:أوجهما التعميم، لفهم العرف عدم الخصوصية للبيع فإنّ الملاك المفهوم من الدليل عدم إغراء الركبان أو تحقّق تعايشهم والتيامهم مع أهل البلد ليفهموا مطالب دينية أو سياسية أو غير ذلك.
(مسألة23): يحرم الاحتكار1، وهو حبس الطعام وجمعه يتربّص به الغلاء؛ مع ضرورة المسلمين2 وحاجتهم وعدم وجود من يبذلهم قدر كفايتهم. نعم مجرّد حبس الطعام انتظاراً لعلوّ السعر مع عدم ضرورة الناس ووجود الباذل، ليس بحرام وإن كان مكروهاً. ولو حبسه في زمان الغلاء لصرفه في حوائجه لا للبيع فلا حرمة فيه ولا كراهة. والأقوى عدم تحقّقه إلّافي الغلّات الأربع والسمن والزيت3. نعم هو أمر مرغوب عنه في مطلق ما يحتاج إليه الناس، لكن4 لايثبت لغير ما ذكر أحكام الاحتكار. ويُجبر المحتكر على البيع، ولايعيَّن عليه السعر على الأحوط5، بل له أن يبيع بما شاء إلّاإذا أجحف، فيجبر على النزول من دون تسعير عليه، ومع عدم تعيينه يعيّن الحاكم بما يرى المصلحة.
1-الگرامی:ظاهر الروايات الحرمة وما قال السبزوارى تبعاً لبعض من تقدّم من ورود مثل تعبيرات هذه الروايات، فى الآداب المستحبّة أيضاً، فيه أنّ ظاهر اللعن ونحوه الحرمة وإن ورد إحياناً فى المكروه، وظاهر الأمر بإخراج المتاع، فى الرواية هو الوجوب وإن ورد إحياناً فى المستحبّ أيضاً.
2-الگرامی:قيد موضوعى لا قيد الحكم، فلا يتحقّق مفهوم الاحتكار إذا كان المتاع كثيراً موجوداً ولا حاجة للناس إلى ماله.
3-العلوی:والملح على الأحوط لولم يكن أقوى فيه وفيما قبله.
4-العلوی: بل لايبعد ترتّب أحكام الاحتكار عليه، خصوصاً في بعض البلاد، مثل الأرز والذرة.
5-العلوی:الأقوى.
(مسألة24): لايجوز مع الاختيار الدخول في الولايات والمناصب والأشغال من قبلالجائر1 وإن كان أصل الشغل مشروعاً مع قطع النظر عن تولّيه من قبله، كجباية الخراج، وجمع الزكاة، وتولّي المناصب الجنديّة والأمنيّة، وحكومة البلاد ونحو ذلك، فضلًا عمّا كان غير مشروع في نفسه، كأخذ العشور والمكوس وغير ذلك من أنواع الظلم المبتدعة.
نعم يسوغ كلّ ذلك مع الجبر والإكراه؛ بإلزام من يُخشى من التخلّف عن إلزامه على نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به، إلّافي الدماء المحترمة، بل في إطلاقه بالنسبة إلى تولّي بعض أنواع الظلم، كهتك أعراض طائفة من المسلمين ونهب أموالهم وسبي نسائهم وإيقاعهم في الحرج، مع خوفه على عرضه ببعض مراتبه الضعيفة، أو على ماله إذا لم يقع في الحرج، بل مطلقاً في بعضها، إشكال بل منع، ويسوِّغ خصوص القسم الأوّل- وهو الدخول في الولاية على أمر مشروع في نفسه- القيام بمصالح المسلمين وإخوانه في الدين، بل لو كان دخوله فيها بقصد الإحسان إلى المؤمنين ودفع الضرر عنهم كان راجحاً، بل ربما بلغ الدخول في بعض المناصب والأشغال لبعض الأشخاص أحياناً إلى حدّ الوجوب، كما إذا تمكّن شخص بسببه من دفع مفسدة دينيّة، أو المنع عن بعض المنكرات الشرعيّة مثلًا2 ، ومع ذلك فيها خطرات كثيرة إلّالمن عصمه اللَّه تعالى.
1-الصانعی:-المدّعي للخلافة عن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، كخلفاء بني امية وبني العبّاس ومن يحذو حذوهم في هدم أحكام الدين والمذهب، وعلى ذلك فنفس الدخول في الولايات وتالييها بالنسبة إلى السلاطين والحكّام ممّن لميكونوا كذلك، ويكونون حافظاً للأمنية ومدافعاً عن حقوق الناس وغيرهما ممّا يكون من وظائفهم تكون جائزاً. نعم الإعانة على ظلمهم وتعدّيهم على الناس وحقوقهم، فضلًا عن ظلمهم بنفسه تكون محرّمة قطعاً، ولابدّ من الاجتناب عنها. ولايخفى عليك أنّ ما ذكره قدس سره من الفروع يكون على المختار مختصّاً بما كان الجائر مدّعياً للخلافة ومايخذو حذوها، وأمّا الجائر على مبنى حرمة الولاية إلّاللفقيه ومن قبله؛ لما مرّ من الأغراض فلا محلّ للفروع معها، كما لايخفى، فضلًا عن القول بجواز الولاية والحكومة للحكّام على النحو المتعارف في الأزمنة وبحسبها
2-الصانعی:ما ذكره مسوّغاً في خصوص القسم الأوّل للدخول في الولايات والمناصب المحرّمة على المختار محلّ تأمّل، بل منع
(مسألة25): ما يأخذه الحكومة من الضريبة على الأراضي مع شرائطها- جنساً أو نقداً- وعلى النخيل والأشجار، يعامل معها معاملة ما يأخذه السلطان العادل، فيبرأ ذمّة الدافع عمّا كان عليه من الخراج الذي هو اجرة الأرض الخراجيّة، ويجوز لكلّ أحد شراؤه وأخذه مجّاناً وبالعوض، والتصرّف فيه بأنواع التصرّف، بل لو لم يأخذه الحكومة وحوّل شخصاً على من عليه الخراج بمقدار، فدفعه إلى المحتال يحلّ له، وتبرأ ذمّة المحال عليه عمّا عليه، لكن الأحوط1- خصوصاً في مثل هذه الأزمنة- رجوع من ينتفع بهذه الأراضي ويتصرّف فيها في أمر خراجها- وكذلك من يصل إليه من هذه الأموال شيء- إلى حاكم الشرع أيضاً.
والظاهر أنّ حكم السلطان المؤالف كالمخالف، وإن كان الاحتياط بالرجوع إلى الحاكم في الأوّل أشدّ2
1-الگرامی:لا يترك ما أمكن. وهذا الاحتياط فى المؤالف أشدّ.
2-الصانعی:في المسألة تفصيل وموارد للإشكال والمناقشة، وتركنا البحث عنها؛ لعدم الابتلاء بها
(مسألة26): يجوز لكلّ أحد أن يتقبّل الأراضي الخراجيّة، ويضمنها من الحكومة1 بشيء، وينتفع بها بنفسه بزرع أو غرس أو غيره، أو يقبلها ويضمنها لغيره ولو بالزيادة؛ على كراهية في هذه الصورة2، إلّاأن يُحدث فيها حدثاً كحفر نهر، أو عمل فيها بما يُعين المستأجر، بل الأحوط ترك التقبيل بالزيادة إلّامعه.
1-الگرامی: مع الاستئذان من الحاكم الشرعى سيّما إذا كان فى السلطان المؤالف.
2-العلوی:ثبوت الكراهة فيها غير معلوم.