في قسمة الخمس ومستحقّه - الخمس

استفتائات رساله نوین احکام برگزیده

العروه الوثقی وسیلة النجاة منهاج الصالحین تحریر الوسیلة آراء المراجع

احکام > الخمس:

في قسمة الخمس ومستحقّه

مسالة 1: يقسّم الخمس ستّة اسهم على الاصحّ(1)؛ سهم للّه سبحانه، وسهم للنبيّ صلّی الله علیه واله، وسهم للامام علیه السّلام؛ وهذه الثلاثة، الان لصاحب الزمان ـ ارواحنا له الفداء وعجّل اللّه تعالى فرجه ـ وثلاثة للايتام والمساكين وابناء السبيل. ويشترط في الثلاثة الاخيرة الايمان، وفي الايتام الفقر، وفي ابناء السبيل الحاجة في بلد التسليم وان كان غنيّا في بلده، ولا فرق بين ان يكون سفره في طاعة او معصية(2)؛ ولايعتبر في المستحقّين العدالة وان كان الاولى ملاحظة المرجّحات، والاولى ان لايعطى لمرتكبي الكبائر، خصوصا مع التجاهر، بل يقوى عدم الجواز اذا كان في الدفع اعانة على الاثم وسيّما اذا كان في المنع الردع عنه، ومستضعف كلّ فرقة ملحق بها.

1- الفیّاض: بل علی الصحیح، إذ مضافا إلی أن الروایات الکثیرة وفیها روایات معتبرة تنص علی تقسیم الخمس بستة أسهم، تکفینا الآیة الشریفة في المقام التي تجعله علی ستة أسهم صریحا، ولم ینسب الخلاف في ذلک إلی أحد ما عدا ابن جنید حیث نسب إلیه القول بأن الخمس یقسم إلی خمسه أسهم. وقد یستدل علیه بصحیحة ربعي عن أبي عبد الله7 قال: «کان رسول الله6 إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وکان ذلک له، ثم یقسم ما بقی خمسة أخماس فیأخذ خمسه ثم یقسم أربعة أخماس بین الناس الذین قاتلو علیه، ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس یأخذ خمس الله عزو جل لنفسه، ثم یقسم الأربعة أخماس بین ذوي القربی والیتامی والمساکین وأبناء السبیل یعطی کل واحد منهم حقا، وکذلک الامام یأخذ کما أخذ الرسول6»(الوسائل باب: 1 من أبواب قسمة الخمس الحدیث: 3).

بدعوی أنها تنص علی تقسیم الخمس إلی خمسة أسهم، وانه6 کان یصنع بالمغنم کذلک، وحیث ان الفعل مجمل فلا یدل علی أن ما صنعه طریق متبع في الشریعة المقدسة، ولا یجوز التخلف عنه، اذ کما یحتمل ذلک یحتمل ان اتخاذه6 هذه الطریقة في مقام التقسیم وهي الاکتفاء باخذ صفو المغنم ورفع الید عن سهمه فیه بملاک ما یری فیها مصلحة.

فالنتیجة ان الصحیحة مجملة فلا یمکن الاستدلال بها.

وثانیا: مع الاغماض عن ذلک وتسلم أنها لا تکون مجملة، الّا أنها من جهة مخالفتها للآیة الشریفة فتدخل في الروایات المخالفة للکتاب فلا تکون حجة.

2- الفیّاض: فیه ان مقتضی القاعدة وإن کان کذلک حیث انه لا دلیل علی اعتبار أن لا یکون سفره في معصیة، وما ورد في باب الزکاة من النهي عن الاعطاء فقد مر أنه ضعیف سندا فلا یمکن الاعتماد علیه، ولکن مع هذا فالأحوط والأجدر ترک الاعطاء للعاصي في سفره.

 

 مسالة 2: لايجب البسط على الاصناف(1)، بل يجوز دفع تمامه الى احدهم،  وكذا لايجب استيعاب افراد كلّ صنف، بل يجوز الاقتصار على واحد، ولو اراد البسط لايجب التساوي بين الاصناف او الافراد.

1- الفیّاض: هذا هو الصحیح، وفي مقابل ذلک ذهب جماعة من الأصحاب إلی وجوب البسط بین الاصناف الثلاثة، وقد استدلوا علیه بالآیة الشریفة.

بدعوی أنها ظاهرة في أن کل صنف من هؤلاء الاصناف مالک لجزء من الخمس وهو سدسه، فاذا کان الأمر کذلک فمقتضی القاعدة وجوب البسط علیهم بنسبة واحدة بملاک وجوب ایصال کل مال إلی مالکه.

والجواب: ان الآیة الشریفة وإن کانت ظاهرة في ذلک الّا انه لا یمکن الأخذ بهذا الظهور، بل لابد من رفع الید عنه وحملها علی أن هؤلاء افراد للمالک وهو الفقیر والمحتاج لا نفس المالک، وذلک بقرینة أن هناک روایات تنص علی أن الله تعالی جعل للفقراء في مال الاغنیاء ما یکفیهم، وقد قید اطلاق هذه الروایات بالفقراء غیر الهاشمیین علی أساس ما دل علی حرمة زکاة غیر الهاشمیین علی فقرائهم، فمن أجل ذلک جعل اللفقراء الهاشمیین نصف الخمس بدلا عنها، وتدل علی ذلک مجموعة من الروایات منها: صحیحة زرارة عن أبط عبد الله7 في حدیث قال: «انه لو کان العدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلی صدقة ان الله جعل لهم في کتابه ما کان فیه سعتهم، ثم قال: ان الرجل إذا لم یجد شیئا حلت له المیتة، والصدقة لا تحل لأحد منهم الّا أن لا یجد شیئا ویکون ممن یحل له المیتة»(الوسائل باب: 33 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1).

بتقریب أنها ظاهرة في أن نصف الخمس مجعول للمحتاجین من الهاشمیین والمطلبیین، فیکون المالک طبیعي المحتاج منهم، وعلیه فیکون الیتامی والمساکین وأبناء السبیل من المصارف باعتبار أنهم افراد المالک ومصادیقه، لا نفس المالک، فاذن یدور الأمر بین رفع الید عن ظهور الآیة الکریمة في ذلک، ورفع الید عن ظهور الصحیحة في أن المالک هو طبیعي الفقراء والمحتاجین منهم بلاخصوصیة للأصناف الثلاثة بعناوینها المخصوصة، ولکن لابد من رفع الید عن ظهور الآیة علی أساس أن ظهور الصحیحة حاکم علیه ومبین للمراد منه بجعل الخمس فیها للأصناف الثلاثة، وانه انما جعل لهم بملاک الفقر والاحتیاج بلاموضوعیة لهم بعناوینهم الخاصة وان تمام الموضوع والملاک انما هو الفقر والحاجة.

ومع الاغماض عن ذلک تکفی في عدم وجوب البسط صحیحة أبي نصر عن الرضا7 قال: «سئل عن قول الله عز وجل: (وَاِعلَمُوا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهَ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي اَلقُربی) فقیل له: فما کان لله فلمن هو؟ فقال: لرسول الله6، وما کان لرسول الله6 فهو للإمام، فقیل له: أفرأیت إن کان صنف من الأصناف أکثر وصنف أقل ما یصنع به؟ قال: ذاک إلی الامام، أرأیت رسول الله کیف یصنع ألیس انما کان یعطي علی ما یری وکذلک الامام»(الوسائل باب: 2 من أبواب قسمة الخمس حدیث: 1) فانها ناصة علی أن البسط غیر واجب فضلا عن کونه علی نسبة واحدة، بل أمره بید الامام وهو یوزع حسب ما یری، وفي زمن الغیبة بید الفقیه الجامع للشرائط منها الأعلمیة علی أساس ان الدولة الاسلامیة بما أنها دولة خالدة ولیست بموقته ولا محدودة بفترة من الزمن فهي مرتبطة بالزعامة الدینیة التي هي متمثلة في الرسول الأکرم6 وبعده في الأئمة الأطهار6 وفي زمن الغیبة في الفقیه المذکور.

ونتیجة ذلک أن کل ما ثبت للإمام بعنوان الامامة فهو ثابت للفقیه أیضا امتدادا للولایة العامة والزعامة الدینیة، أو فقل ان کل حکم ثبت للمنصب فهو ممتد بامتداد الدین، ولا یحتمل اختصاصه بزمن الحضور، وحیث ان ظاهر قوله7 في هذه الصحیحة: «وکذلک الامام» هو أن ثبوت ولایته7 علی سهم السادة من شئون زعامته الدینیة، فهي ثابتة للفقیه أیضا، ولکن ثبوتها له خاص بما یری فیه مصلحة، فانها لا تدل علی أکثر من ذلک، هذا.

وقد نوقش في أصل دلالة الآیة الشریفة علی وجوب البسط:

مرة: بأن لازمه امّا تعطیل سهم ابن السبیل، أو ادخاره علی أساس ندرته في کل بلد وعصر ولا سیّما في العصر الحاضر، بل لا یوجد أحیانا.

وأخری: ان الآیة الشریفة تدل علی الاستغراق والعموم لجمیع افراد الیتامی والمساکین، بمقتضی دلالة الجمع المحلی باللام علی العموم، ومن المعلوم ان البسط علی جمیع افرادهما غیر واجب جزما، لأنه خلاف الضرورة الفقهیة والسیرة القطعیة القائمة علی الاقتصار علی یتامی البلد ومساکینه، وهذان الأمران قرینة علی أن الآیة المبارکة في مقام بیان أن هؤلاء مصرف لا مالک.

ولنا تعلیق علی کلا الأمرین:

اما الأمر الأول: فلان ندرة ابن السبیل لا تستلزم تعطیل سهمه ولا ادخاره، بل یرجع أمره إلی الامام في زمن الحضور، والی الحاکم الشرعي في زمن الغیبة، وهو یصرفه فیما یراه، وتدل علی ذلک صحیحة أبي نصر المتقدمة.

واما الأمر الثاني: فلأنه مبني علی أن یکون المراد من اللام في الیتامی والمساکین الاستغراق، ولکن لا یبعد أن یکون المراد منه الجنس، أو لا أقل من الاجمال.

 

 مسالة 3: مستحقّ الخمس من انتسب الى هاشم بالابوّة، فان انتسب اليه بالامّ لم‌يحلّ له الخمس(1) وتحلّله الزكاة، ولافرق بين ان‌يكون علويّا اوعقيليّا او عبّاسيّا، وينبغي تقديم الاتمّ علقةً بالنبيّ  صلّی الله علیه واله على غيره، او توفيره كالفاطميّين.

 1- الفیّاض: هذا لا من جهة عدم صدق الولد علی ولد البنت، فانه یصدق علیه حقیقة، کما یصدق علی ولد الابن، بل من جهة عدم صدق عنوان الهاشمي أو المطلبي علیه، وبما أن المأخوذ في موضوع حرمة الزکاة وحلیة الخمس انما هو عنوان الهاشمي أو المطلبي کما في صحیحة زرارة المتقدمة، أو بني هاشم کما في قوله7 في صحیحة عبد الله بن سنان: «لا تحل الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم»(الوسائل باب: 29 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 3) فهو لا یصدق علی ولد البنت علی أساس ان هذا العنوان عنوان للطائفة والقبیلة کبني تمیم وبني أسد ونحوهما، ومن المعلوم انه لا یصدق علی المنتسب من قبل الأم، وانما یصدق علی المنتسب من قبل الأب فقط فإذا کانت الزوجة هاشمیة والزوج غیر هاشمي لم یصدق علی ولدهما عنوان الهاشمي أو بني هاشم، فمن أجل ذلک یجوز له أخذ الزکاة دون الخمس.

وبکلمة أخری ان عنوان الهاشمي والتمیمي والأسدي وغیرها عنوان للقبیلة والعشیرة، وقد وضع في لغة العرب وغیرها لمعنی خاص لا ینطبق الّا علی المنتسب من قبل الأب، فانه مأخوذ في مفهومه ومعناه الموضوع له، وهذا بخلاف ولد هاشم فانه یکفی في صدقه وقوعه في سلسلة أولاده أعم من الابن والبنت، غایة الأمر ان کان واقعا في سلسلة أولاده من قبل الابن صدق علیه عنوان الهاشمي، ویقال انه من قبیلة بني هاشم وإن کان واقعا فیها من قبل البنت لم یصدق علیه ذلک العنوان، ولا یقال أنه من تلک القبیلة وکذلک الحال في نظائر هذه العناوین والمفاهیم کالعراقي والایراني والحجازي والأفغاني واللبناني وغیرها، فان العراقي لا یصدق الّا علی من کانت عنده جنسیة عراقیة، ولا یصدق علی ولد العراقي انه عراقي ما لم تکن فیه هذه الخصوصیة.

فالنتیجة ان موضوع حرمة الزکاة وحلیة الخمس في لسان الروایات بما انه لیس عنوان ولد هاشم، فلا یعم أولاد البنت، فان عنوان ولد هاشم وإن کان یصدق علیهم الّا أن عنوان الهاشمي أو بني هاشم لا یصدق.

 

 مسالة 4: لايصدّق من ادّعى النسب، الّا بالبيّنة او الشياع المفيد للعلم(1) ، ويكفي الشياع والاشتهار في بلده؛ نعم، يمكن الاحتيال في الدفع الى مجهول الحال بعد معرفة عدالته(2) بالتوكيل على الايصال الى مستحقّه على وجه يندرج فيه الاخذ لنفسه ايضا، ولكنّ الاولى بل الاحوط  عدم الاحتيال المذكور.

 1- الفیّاض: بل یکفی الاطمئنان والوثوق سواء أکان بسبب الشیاع أم کان بسبب آخر کاخبار الثقة.

2- الفیّاض: في اطلاقه اشکال بل منع، فان الموکل إذا لم یعلم استحقاق الوکیل وکان یشک فیه مع علمه بأنه إذا أعطاه أخذه لنفسه باعتقاده الاستحقاق لم یجز الاعطاء، ولا فرق في ذلک بین أن یکون الاعطاء لمن کان یشک في استحقاقه مباشرة، أو بالتوکیل والاحتیال.

نعم، إذا کان واثقا ومطمئنا من جهة عدالته انه لو لم یکن مستحقا لم یأخذه لنفسه جاز الاعطاء مع علمه بأنه یأخذه لنفسه، ولا فرق حینئذ أیضا بین أن یکون الاعطاء له مباشرة أو بالتوکیل کما إذا علم بعدالة فرد ولا یعلم استحقاقه، ولکنه کان واثقا ومطمئنا بأنه لو لم یکن مستحقا لم یأخذه، فإذا اعطاه الخمس وأخذه حصل له الوثوق والاطمئنان باستحقاقه.

فالنتیجة انه لا قیمة للاحتیال أصلا، فالمعیار انما هو بالوثوق والاطمئنان باستحقاقه ولو من جهة عدالته أو وثاقته.

 

 مسالة 5: في جواز دفع الخمس الى من يجب عليه نفقته اشكال، خصوص وفي الزوجة، فالاحوط عدم دفع خمسه اليهم(1)، بمعنى الانفاق عليهم محتسبا ممّا عليه من الخمس؛ امّا دفعه اليهم لغير النفقة الواجبة ممّا يحتاجون اليه، ممّا لايكون واجبا عليه كنفقة من يعولون ونحو ذلک، فلا باس به، كما لا باس بدفع خمس غيره اليهم ولو للانفاق مع فقره، حتّى الزوجة اذا لم‌يقدر على انفاقها.

1-  الفیّاض: بل هو الأظهر، فانه وإن لم یکن منصوصا في باب الخمس، الّا ان التعلیل الوارد في صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج للمنع عن دفع الزکاة لواجبي النفقة بأنهم عیاله لازمون له، یعم المنع عن دفع الخمس لهم بنفس الملاک، أو فقل ان المتفاهم العرفي ان العیال لما کان من شئون المعیل في الحیاة ولازمین له فیها، فاذا کان المعیل غنیا کان العیال أیضا کذلک، وعلیه فلا یجوز اعطاء الخمس لهم، هذا اضافة الی أنه لا مجال لهذا الاحتیاط بالنسبة إلی الزوجة باعتبار أن نفقتها دین علی الزوج، فما دام الزوج متمکنا منها ولا یکون ممتنعا کما هو المفروض، فالزوجة غنیة، فلا یجوز اعطاء الخمس لها.

 

 مسالة 6: لايجوز دفع الزائد عن مؤونة السنة لمستحقّ واحد ولو دفعةً، على الاحوط(1).

1- الفیّاض: بل علی الأقوی، وقد تقدم وجه ذلک موسعا في باب الزکاة.

 

 مسالة 7: النصف من الخمس  الّذي للامام  علیه السّلام امره في زمان الغيبة راجع الى نائبه وهو المجتهد الجامع للشرائط(1)، فلابدّ من الايصال اليه او الدفع الى المستحقّين باذنه، والاحوط له  الاقتصار على السادة (2)مادام لم‌يكفهم النصف الاخر؛ وامّا النصف الاخر الّذي للاصناف الثلاثة، فيجوز للمالک دفعه اليهم بنفسه، لكنّ الاحوط فيه ايضا الدفع الى المجتهد(3) او باذنه، لانـّه اعرف بمواقعه والمرجّحات الّتي ينبغي ملاحظتها.

1- الفیّاض: هذا هو الصحیح وذلک لأمرین..

أحدهما: بطلان سائر الأقوال في المسألة، وعدم امکان الأخذ بشيء منها.

والآخر: ان الدلیل یساعد علی هذا القول.

اما الأمر الأول: فلأن القول بوجوب دفنه أو القائه في البحر أو عزله والایصاء به عند ظهور أمارات الموت، فمضافا إلی أنه لا دلیل علیه فلا یمکن الأخذ به لأنه تضییع للمال وهو غیر جائز في نفسه.

واما القول باباحته للشیعة مطلقا فهو وإن کان ممکنا الّا انه لا دلیل علیه، بل الدلیل علی الخلاف موجود کما سیأتي التعرض له عند خاتمة الکتاب.

واما القول باجراء حکم مجهول المال علیه، فقد اختاره صاحب الجواهر1 بدعوی ان الملاک في اجراء حکمه علی مال انما هو بعدم امکان ایصاله إلی مالکه لا الجهل به، وتدل علیه صحیحة یونس بن عبد الرحمن قال: «سئل أبو الحسن الرضا7 وأنا حاضر.. إلی أن قال: فقال: رفیق کان لنا بمکة فرحل منها إلی منزله ورحلنا إلی منازلنا، فلما أن صرفا في الطریق أصبنا بعض متاعه معنا، فأيّ شيء نصنع به؟ قال: تحملونه حتی تحملوه الی الکوفة، قال: لسنا نعرفه ولا نعرف بلده ولا نعرف کیف نصنع؟ قال: إذا کان کذا فبعه وتصدق بثمنه، قال له: علی من جعلت فداک؟ قال: علی أهل الولایة»(الوسائل باب: 7 من أبواب کتاب اللقطة الحدیث: 2)، بتقریب ان موردها ینطبق علی حصة الامام، فان مالکها وإن کان معلوما ذاتا وعینا ولکنه مجهول بلدة، فمن أجل ذلک لا یمکن ایصالها الیه.

والجواب: انه لا یمکن المساعدة علی ذلک لنکتتین..

الأولی: ان اجراء حکم مجهول المالک علی مال وهو التصدق به من قبل صاحبه منوط بعدم احراز رضاه بالتصرف فیه في جهة من الجهات المعینة، واما مع مکان احراز رضائه به فلا موضوع لإجراء حکم مجهول المالک علیه، لأنه مرتبط بتوفر أمرین فیه..

أحدهما: عدم امکان ایصال المال إلی مالکه.

والآخر: عدم امکان احراز رضائه بالتصرف فیه في جهة خاصة، فاذا توفر هذان الأمران فیه جری علیه حکم مجهول المالک، والّا فلا، وبما ان الأمر الثاني غیر متوفر في حصة الامام فلا یجري علیها حکمه، لأن الأمر الأول وإن کان متوفرا فیها الا انه وحده لا یکفی ما لم یتوفر فیها الأمر الثاني، والفرض عدم توفره علی أساس العلم الخارجي برضائه7 بالتصرف فیها في الجهات المرتبطة بالدین وتقویة أرکانه وحفظ شعائره، وعلیه فلا موضوع لإجراء حکم مجهول المالک علیها.

وإن شئت قلت: ان جهل المکلف بالمالک أو عدم امکان الوصول إلیه لا قیمة له الّا بلحاظ انه في هذه الحالة لا یتمکن من احراز رضائه بالتصرف في ماله في جهة من الجهات، فلذلک یترتب علیه حکم مجهول المالک وهو التصدق به من قبله، وأما إذا کان المکلف محرزا رضاءه بالتصرف في ماله في جهة خاصة فلا موضوع للتصدق باعتبار ان جواز التصرف في مال الغیر مرتبط برضائه به وطیب نفسه وجودا وعدما، فان احرز جاز، والّا فلا سواء أعرف المالک أم لم یعرفه، تمکن من الوصول إلیه أم لا.

الثانیة: ان سهم الامام بما أنه لیس ملکا لشخص إمام العصر – عجّل الله تعالی فرجه الشریف – علی ما أشرنا إلیه في ضمن البحوث السالفة، بل هو ملک للمنصب أو الدولة، ولذا لا یصل من امام إلی امام آخر إرثا، بل یصل إلیه مباشرة بجعل من الله تعالی بتبع جعل الامامة له، فلا موضوع لإجراء حکم مجهول المالک علیه، فان موضوعه الملک الشخصي، وعلی هذا الأساس فسهم الامام یتبع المنصب وهو الزعامة الدینیة، فکل من یتولی هذا المنصب یتولاه ویصرفه في الجهات الدینیة ودعم ارکانها العامة وشعائرها الخاصة وحفظ حدودها.

وبکلمة أخری: ان السهم لیس ملکا لشخصه الشریف، وانما هو ملک للزعامة الدینیة التي هي متمثلة في الرسالة للرسول الأکرم6 والامامة للأئمة الأطهار: والفقاهة للفقیه الجامع للشرائط في زمن الغیبة المتمثل في الأعلم في کل عصر، اذ لا یحتمل أن تکون الزعامة الدینیة مختصة بزمن الحضور دون الغیبة، بداهة أن تطبیق الأحکام الشرعية واجراء حدودها ودعم ارکانها وحفظ مصالح المسلمین الکبری وهي العدالة الاجتماعیة مطلوب في الإسلام في کل عصر وزمن وعلی ضوء ذلک فلا مناص من الالتزام بثبوت الولایة للفقیه الجامع للشرائط حیث انها من شئون ولایة الأئمة الأطهار: وزعامتهم وفي طولها.

فالنتیجة في نهایة المطاف ان کل ما هو ثابت في الإسلام للنبي الأکرم6 والامام مرتبطا بالدین الاسلامي في مرحلة تطبیق الشریعة واجراء حدودها والحفاظ علیها بما یراه فهو ثابت للفقیه الجامع للشرائط أیضا، اذ احتمال اختصاص ذلک بزمن الحضور غیر محتمل، وبذلک یظهر حال الأمر الثاني وهو أن هذا القول، اي القول بأن سهم الامام یرجع إلی الفقیه الجامع للشرائط في زمن الغیبة هو الموافق للدلیل.

2-الفیّاض: فیه انه لا وجه لهذا الاحتیاط لما مر من أن أمره بید الفقیه الجامع للشرائط وله أن یتصرف فیه حسب ما یراه ولا خصوصیة للسادة.

3-الفیّاض: بل علی الأقوی إذا طلب المجتهد دفعه إلیه وکان بعنوان الحکم واعمال الولایة، والّا لم یجب لعدم الدلیل، ومقتضی اطلاقات ادلة الخمس المتوجهة إلی المالک أن له الولایة علی افرازه من ماله ودفعه إلی مستحقیه بلاحاجة إلی الاستئذان من المجتهد.

 

 مسالة 8: لا اشكال في جواز نقل الخمس من بلده الى غيره اذا لم‌يوجد المستحقّ فيه، بل قد يجب كما اذا لم‌يمكن حفظه مع ذلک، او لم‌يكن وجود المستحقّ فيه متوقّعا بعد ذلک، ولا ضمان  حينئذٍ  عليه  لو تلف؛ والاقوى(1) جواز النقل مع وجود المستحقّ ايضا، لكن مع الضمان لو تلف، ولا فرق بين البلد القريب والبعيد وان كان الاولى القريب، الّا مع المرجّح للبعيد.

 1- الفیّاض: في القوة اشکال بل منع، إذ لو کان النقل جائزا شرعا وقام المالک بنقله مستندا الیه وتلف في أثناء الطریق اتفاقا من دون تقصیره فیه فلا موجب للضمان، لأن الموجب له أحد أمور..

الأول: الید، والفرض أن یده ید أمین لا ید ضمان.

الثاني: الاتلاف ومباشرة، والفرض عدمه.

الثالث: أن یکون التلف مستندا إلی تقصیره وتفریطه، والمفروض انه لا یکون مقصرا فیه، فاذن ما هو الموجب للضمان. ومن هنا فالصحیح في المقام أن یقال: ان المسألة بما أنها خالیة عن النص الخاص فلنا ان ننظر فیها الی مقتضی القاعدة وقد اشرنا آنفا أن قضیة اطلاقات أدلة الخمس المتوجهة ضمنا إلی المالک أن له الولایة علی افراز الخمس وعزله من ماله وایصاله إلی مستحقیه، ولا یحتاج ذلک إلی دلیل خاص لکي یقال انه غیر موجود هنا، وانما هو موجود في باب الزکاة فقط، وعلی هذا فلا یجوز له التسامح والتساهل في الأداء والدفع، فإن أخّر علی نحو یصدق علیه عنوان التسامح والتساهل فیه فتلف کان ضامنا لصدق التفریط والتقصیر فیه، وإذا نقل ایاه من بلدته إلی بلدة أخری للإیصال إلی أهله، فان کان ذلک من جهة عدم وجود المستحق له في بلدته جاز شریطة أن لا یکون في نقله خطر علیه، کما إذا کان الطریق مأمونا، وحینئذ فإذا تلف فیه اتفاقا بسبب وقوع حادثة سماویة أو أرضیة لم یضمن لعدم التفریط، واما مع وجود المستحق فیها او لا یکون الطریق مأمونا فلا یجوز له النقل، لأن فیه تفریطا وتساهلا في حفظه، فاذا نقل وتلف والحال هذه ضمن لصدق التقصیر والتسامح فیه.

فالنتیجة ان الجمع بین جواز النقل تکلیفا مع وجود المستحق في البلدة، وبین الضمان إذا تلف في الطریق اتفاقا وبدون تفریط لا یمکن، حیث ان في هذا الفرض لا منشأ للحکم بالضمان الا التفریط والتقصیر فیه، باعتبار أن یده لیست ید ضمان، ومع افتراض عدم التفریط لا منشأ له، وقد دلت علی ذلک صحیحتا محمد بن مسلم وزرارة في باب الزکاة، وبما ان الحکم في کلا الموردین یکون علی القاعدة فلا نحتاج إلی دعوی التعدي عن موردهما الی المقام، هذا اضافة الی ما ذکرناه هناک من انه لابد من تقیید اطلاق صحیحة محمد ابن مسلم بعدم جواز نقل الزکاة کلا من بلدتها الی بلدة أخری مع وجود المستحق فیها، وأما مع صرف مقدار منها في بلدتها فلا مانع من نقل الباقي إلی بلدة أخری مع فرض وجود المستحق فیها.

 

 مسالة 9: لو اذن الفقيه في النقل، لم‌يكن عليه ضمان(1) ولو مع وجود المستحقّ، وكذا لو وكّله في قبضه عنه بالولاية العامّة ثمّ اذن في نقله.

1-  الفیّاض: في عدم الضمان مطلقا في هذه الحالة اشکال بل منع، علی أساس انه لا یستفاد من الدلیل کصحیحة أبي نصر المتقدمة ولایة الفقیه علی التصرف في سهم السادة مطلقا وإن لم تکن فیه مصلحة، بل المستفاد منها ثبوت ولایته علی التصرف فیه بما یراه، وعلیه فإن کانت في النقل مصلحة رغم وجود المستحق في البلد فالأمر کما في المتن، سواء أکان مردّ اذنه إلی التوکیل الضمني في القبض من قبله ثم نقلها أم کان الاذن في النقل فقط من دون توکیل، وإن لم تکن فیه مصلحة فلا ولایة له، وعندئذ فلا أثر لإذنه ولا یرفع الضامن اذا تلف.

 

 مسالة 10: مؤونة النقل على الناقل في صورة الجواز، ومن الخمس  في صورة الوجوب .

 

مسالة 11: ليس من النقل لو كان له مال في بلد اخر فدفعه فيه للمستحقّ عوضا عن الّذي عليه في بلده(1)، وكذا لو كان له دين في ذمّة شخص في بلد اخر فاحتسبه خمسا، وكذا لو نقل قدر الخمس من ماله الى بلد اخر فدفعه عوضا عنه .

 1- الفیّاض: هذا وإن لم یکن من النقل، ولکن کفایته منوطة بأن یکون ذلک باذن الحاکم الشرعي حتی فیما إذا کان العوض من أحد النقدین کما تقدم في المسألة (75) وبذلک یظهر حال ما بعده.

 

مسالة 12: لو كان الّذي فيه الخمس في غير بلده، فالاولى دفعه هناک(1)، ويجوز نقله الى بلده مع الضمان.

1- الفیّاض: بل هو الأظهر شریطة وجود المستحق هناک وعدم وجود مرجح للنقل کما مر، لدن المعیار في عدم جواز نقل الخمس انما هو نقله عن بلد المال وإن لم یکن بلد المالک.

 

مسالة 13: ان كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده، جاز نقل حصّة الامام علیهِ السَّلام اليه(1)، بل الاقوى جواز ذلک ولو كان المجتهد الجامع للشرائط موجودا في بلده ايضا(2) ، بل الاولى النقل اذا كان من في بلد اخر افضل او كان هناک مرجّح اخر.

 1- الفیّاض: هذا إذا کان باذنه، لما مر من أن حصة الامام في زمن الغیبة ترجع إلی الفقیه الجامع للشرائط، فیکون أمرها بیده وهو یتصرف فیها حسب ما یراه، ولا یجوز لأي واحد التصرف فیها بدون اذنه واجازته، وعلی هذا فالمالک وإن کانت له الولایة علی افراز الخمس وعزله من ماله کما تقدم، الّا أن ایصاله الی المجتهد اذا توقف علی النقل فلابد أن یکون ذلک باذنه، فلو نقل بدون الإذن والاجازة منه وتلف في الطریق ضمن للتفریط، ولا فرق في ذلک بین وجود المجتهد الجامع للشرائط في بلده أو لا.

2- الفیّاض: في القوة اشکال بل منع إذا کان المجتهد الموجود في بلده أعلم من غیره بنظره، فانه لو قلنا بجواز النقل في الفرض الأول فلا نقول به في هذا الفرض، حیث ان وظیفته في هذا الفرض وجوب تسلیمه إلی المجتهد الحاضر علی أساس انه أعلم فیکون أمره بیده.

فالنتیجة: ان کل مکلف یرجع إلی مقلده ولا یجوز له تسلیم السهم إلی غیره الّا باذنه.

 

 مسالة 14: قد مرّ انـّه يجوز للمالک ان يدفع الخمس من مال اخر له نقدا او عروضا (1)، ولكن يجب ان يكون بقيمته الواقعيّة، فلو حسب العروض بازيد من قيمتها لم‌تبرا ذمّته  وان قبل  المستحقّ ورضي به.

1- الفیّاض: مر الاشکال فیه في المسألة (11) من هذا الفصل، والمسألة (75) من الفصل السابق.

 

 مسالة 15: لاتبرا ذمّته من الخمس الّا بقبض المستحقّ او الحاكم؛ سواء كان في ذمّته او في العين الموجودة، وفي تشخيصه بالعزل اشكال(1) .

 1- الفیّاض: مر عدم الاشکال فیه، وان مقتضی اطلاقات الأدلة المتوجهة إلی الملاک باخراج الخمس من أموالهم أن له الولایة علی ذلک علی أساس انه لما کان من أحد الواجبات في الشریعة المقدسة فلا محالة تکون کیفیة الاتیان به بیده واختیاره.

وإن شئت قلت: انه لا شبهة في ان المالک مأمور باخراج الخمس من الفائدة التي استفادها، ومعنی ذلک ان له الولایة علی تقسیمها اخماسا، وتعیین الخمس في حصة خاصة منها، وافراز حصصه منها.

ودعوی ان الخمس یتعین بقبض الحاکم الشرعي أو مستحقه لا باخراج المالک وتعیینه لعدم الدلیل علی أنه یتعین به.

مدفوعة بأنه لا معنی حینئذ لکون المالک مأمورا باخراجه من ماله وایصاله إلی أهله، مع ان المستفاد عرفا من اطلاقات أدلته ذلک، علی أساس أنها تدل علی تعلق الخمس بالفائدة والغنیمة التي استفادها المرء بالمطابقة، وعلی وجوب اخراجه منها وایصاله الی أهله بالالتزام، ومن المعلوم ان الظاهر منه اخراج نفس الخمس وأنه یعین بتعیینه، لا اخراج المال المشترک وانه یتعین خمسا بالقبض، هذا اضافة إلی أنه قد جاء في مجموعة من روایات الخمس..

مرة بهذا النص: «وادفع إلینا الخمس»(الوسائل باب: 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس الحدیث: 6).

وأخری بصیغة: «یؤدی خمسنا ویطیب له»(الوسائل باب: 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس الحدیث: 8).

وثالثة بصیغة: «یجب علیهم الخمس»(الوسائل باب: 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس الحدیث: 3)

ورابعة بصیغة: «فاما الغنائم والفوائد فهي واجبة علیهم في کل عام»(الوسائل باب: 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس الحدیث: 5).

وخامسة بصیغة: «فانّ علیه الخمس»(الوسائل باب: 9 من أبواب ما یجب فیه الخمس الحدیث: 1) ونحوها، فانها تدل بالمطابقة علی أنه مکلف باخراج الخمس مباشرة، ومن المعلوم ان معنی ذلک انه یتعین بتعیینه، والّا فلا معنی لکونه مکلفا باخراجه.

فالنتیجة: ان هذه الروایات وغیرها تدل علی أن ولایة التعیین بید المالک، وانه یتعین بتعیینه بلا حاجة إلی الإذن من الحاکم الشرعي.

 

 مسالة 16: اذا كان له في ذمّة المستحقّ دين، جاز  له احتسابه  خمسا(1) ، وكذا في حصّة الامام علیهِ السَّلام اذا اذن المجتهد.

1- الفیّاض: فیه انه لا یصح احتسابه خمسا لعدم الدلیل علی ولایة المالک علی هذه المبادلة والمعاوضة الّا أن تکون باذن من الحاکم الشرعي، وقد مرت الاشارة إلیه في المسألة (11).

 

 مسالة 17: اذا اراد المالک ان يدفع العوض نقدا او عروضا(1) ، لايعتبر فيه رضى المستحقّ او المجتهد بالنسبة الى حصّة الامام علیهِ السَّلام وان كانت العين الّتي فيها الخمس موجودة، لكنّ الاولى اعتبار رضاه خصوصا في حصّة الامام علیهِ السَّلام.

1- الفیّاض: تقدم الاشکال في ذلک في المسألة (75) من الفصل السابق.

 

 مسالة 18: لايجوز  للمستحقّ ان ياخذ من باب الخمس ويردّه على المالک(1)، الّا في بعض الاحوال ، كما اذا كان عليه مبلغ كثير ولم‌يقدر على ادائه، بان صار معسرا واراد تفريغ الذمّة، فحينئذٍ لا مانع منه اذا رضي المستحقّ بذلک(2) .

 1- الفیّاض: في اطلاقه اشکال بل منع، ویظهر وجهه من التعلیق الآتي.

2- الفیّاض: هذا شریطة أن یکون ذلک مناسبا لمکانته ومقتضی شئونه کسائر هدایاه ونحوهما مما تتطلبه حاله ومکانته، واما إذا کان زائدا علی متطلبات حاله فلا یجوز.

وإن شئت قلت: ان لکل مستحق أن یأخذ من سهم السادة بمقدار مئونته التي تحددها کمّا وکیفا مکانته، الاجتماعیة وشئونه دون أکثر منها، وعلی هذا الأساس فان کان الأخذ ثم الرد مما تتطلبه مکانته وشئونه جاز لأنه داخل في المؤونة، والّا لم یجز لخروجه عنها، ولا دلیل علی جواز أخذ الزائد علیها لا مطلقا ولا في خصوص المقام. ومن هنا یظهر انه لا فرق بین أن یکون ممن علیه الحق قادرا علی أدلة أولا، لأن المعیار في جواز أخذ المستحق الحق منه ثم رده علیه انما هو بکون ذلک هو مناسب لمقامه وشأنه أولا، فعلی الأول یجوز بملاک انه من مئونته، وعلی الثاني لا یجوز لأنه زائد علیها، ومن المعلوم انه لا فرق فیه بین المتمکن من الأداء وغیره، فما في المتن من الفرق بینهما لا وجه لا، واما الحاکم الشرعي فبما أن ولایته علیه مرتبطة بوجود مصلحة في التصرف فیه فحینئذ إن رأی في هذا مصلحة جاز له ذلک والّا فلا.

فالنتیجة: ان ولایته علی هذا السهم تدور مدار المصلحة وجودا وعدما، فحاله حال الزکاة من هذه الناحیة، وقد تقدم الکلام فیها في المسألة السادسة عشرة من (ختام فیه مسائل متفرقة).

وأما سهم الامام فهو یختلف عن سهم الساده والزکاة علی أساس ما مر من انه في زمن الغیبة بید الفقیه الجامع للشرائط المتمثل في الأعلم، باعتبار أن الزعامة الدینیة تنتهی الیه في ذلک الزمن، وعلیه فلا تکون ولایته محدودة بما فیه مصلحة للسهم، بل تعم ما لا تکون فیه مفسدة، وعلی هذا فیسوغ له الرد علیه وابراء ذمته إذا کان هذا مقتضی زعامته وإن لم تکن في ذلک مصلحة له.

فالنتیجة: ان سهم الامام یختلف عن سهم السادة والزکاة، فان ولایة الفقیه علیهما محدودة بما فیه مصلحة دون الولایته علی السهم بنکتة ان السهم ملک للمنصب والزعامة الدینیة في کل عصر دونهما.

 

 مسالة 19: اذا انتقل الى الشخص مال فيه الخمس ممّن لايعتقد وجوبه(1)  كالكافر ونحوه ،لم‌يجب ‌عليه ‌اخراجه، فانّهم :اباحوا لشيعتهم ‌ذلک؛سواء كان من ربح تجارة او غيرها، وسواء كان من المناكح  والمساكن والمتاجر او غيرها.

1-     الفیّاض: بل مطلقا حتی من کان معتقدا وجوب الخمس ولکنه غیر ملتزم به خارجا.

بیان ذلک: ان الروایات الواردة في باب الخمس تصنف الی أربع مجموعات..

المجموعة الأولی: الروایات المطلقة التي تنص علی وجوب الخمس في الشریعة المقدسة بمختلف الألسنة، ومن هذا القبیل الآیة الشریفة التي تدل علی وجوب الخمس في الغنیمة.

المجموعة الثانیة: الروایات التي تنص علی اباحة الخمس للشیعة، وعمدتها روایتان..

احدهما: صحیحة الفضلاء عن أبي جعفر قال: «قال أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب7: هلک الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم یؤدّوا إلینا حقنا، ألا وان شیعتنا من ذلک وآبائهم (وأبنائهم) في حل»(الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال الحدیث: 1).

والأخری: صحیحة زرارة عن أبي جعفر انه قال: «ان أمیر المؤمنین7 حللهم من الخمس – یعني الشیعة – لیطیب مولدهم»(الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال الحدیث: 15).

المجموعة الثالثة: الروایات التي تنص علی وجوب الخمس علی الموالي.

منها: صحیحة علي بن مهزیار التي یکون موردها الموالي، وتدل علی وجوب الخمس علیهم.

المجموعة الرابعة: الروایات التي تنص علی أن ما انتقل إلی الموالي من الخمس فهو حلال لهم، وعمدة هذه الروایات صحیحة أبي سلمة سالم بن مکرم وهو أبو خدیجة عن أبط عبد الله7 قال: «قال رجل وأنا حاضر: حلل لي الفروج، ففزع أبو عبد الله7 فقال له رجل: لیس یسألک أن یعترض الطریق، انما یسألک خادما یشتریها، او امرأة یتزوجها، أو میراثا یصیبه، أو تجارة أو شیئا اعطیه، فقال: هذا لشیعتنا حلال، الشاهد منهم والغائب، والمیت منهم والحي، وما یولد منهم إلی یوم القیامة، فهو لهم حلال، أما والله لا یحل الّا لمن احللنا له – الحدیث -»(الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال الحدیث: 4)، فإنها ناصة في تحلیل المال المتعلق للخمس المنتقل إلی شیعتهم بشراء أو هدیة أو إرث أو نحو ذلک.

وبعد ذلک نقول: ان المعارضة انما هي بین المجموعة الثانیة تنص علی أن الأئمة: قد أباحوا حقهم لشیعتهم، والمجموعة الثالثة التي تنص علی عدم الاباحة وأنهم مطالبون به، ولکن لابد من رفع الید عن المجموعة الثانیة بوجوه..

الوجه الأول: أنها تنافي حکمة تشریع الخمس في الشریعة المقدسة ومصلحته العامة، أما حصة السادة فلدنها مجعولة لفقرائهم حفاظا علی کرامتهم وماء وجههم واشباعا لمتطلبات حاجاتهم حسب شئونهم علی أساس ان زکاة غیر الهاشمي محرمة علیهم، وتتحقق من وراء ذلک المصلحة الکبری وهي العدالة الاجتماعیة التي اهتم الإسلام بها، وقد نصت علی ذلک مجموعة من الروایات.

منها: صحیحة زرارة عن أبي عبد الله7 في حدیث قال: «انه لو کان العدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلی صدقة، ان الله جعل لهم في کتابه ما کان فیه سعتهم» (الوسائل باب: 33 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1) فانها تدل علی أمرین..

أحدهما: ان سهم السادة بدل عن الزکاة، فانها مجعولة لفقراء غیر بني هاشم، وسهم السادة مجعول لفقراء بني هاشم والمطلب.

والآخر: انه مجعول بمقدار یکفی لمئونتهم ویحتفظ به کرامتهم وشئونهم، ویتحقق به العدل الاجتماعي.

وأما حصة الامام فلأنها مجعولة لتقویة الدین ودعم أرکانه ودعائمه بمختلف الطرق والوسائل علی أساس أنها ملک للمنصب وهو الزعامة الدینیة المتمثل في زمن الغیبة الجامع للشرائط، ومن العملوم ان الزعامة الدینیة المجعولة في کل عصر انما هي لدعم الدین الاسلامي وحفظ حدوده ومصالحه الکبری، ونشر أحکامه، وهو یتوقف علی وجود مال لا محالة، فمن أجل ذلک لا یمکن الأخذ بها، أي بالمجموعة الثانیة، ولابد من طرحها وردّ علمها إلی أهله، أو حملها علی التحلیل المؤقت في عصر أمیر المؤمنین7 لأسباب غیر خفیة.

الوجه الثاني: أنها معارضة بالمجموعة الثالثة علی نحو التباین، فاذن لابد من الرجوع إلی مرجحات باب المعارضة، وبما أن المجموعة الثانیة مخالفة لإطلاق الکتاب، والمجموعة الثالثة موافقة له، فلابد من تقدیم الموافق علی المخالف تطبیقا لهذا المرجج، وقد ذکرنا في علم الأصول انه لا فرق في کون موافقة الکتاب مرجحا بین أن تکون لعمومه أو اطلاقه الثابت بمقدمات الحکمة.

ودعوی ان الاطلاق بما انه غیر داخل في مدلول اللفظ وان الحکم به انما هو العقل ببرکة مقدمات الحکمة فلا یکون مدلولا للکتاب فاذن لا تصدق علی موافقته موافقة الکتاب، ولا علی مخالفته مخالفة الکتاب حتی تکون مرجحة.

مدفوعة بما ذکرناه هناک من ان الاطلاق عبارة عن الظهور التصدیقي للکلام المنعقد بسبب تمامیة مقدمات الحکمة فتکون المقدمات حیثیة تعلیلیة له.

وإن شئت قلت: ان الاطلاق لیس مدلولا لحکم العقل ومقدمات الحکمة، بل المقدمات منشأ لظهور اللفظ فیه، علی أساس أنها عبارة عن تحلیل حال المتکلم في مقام کشف تمام مراده من کلامه الصادر منه، وهي کونه شاعرا وملتفتا وفي مقام البیان ولم ینصب قرینة علی تقیید الحکم فیه بحصة خاصة، فإن مجموع ذلک بما هو المجموع یوجب ظهور کلامه في الاطلاق، أي ثبوت الحکم للمطلق لا لحصة خاصة فیکون الاطلاق مدلولا للفظ مباشرة، ویکون منشأه مقدمات الحکمة لا أنه مدلول لها، فاذن لیس الاطلاق عبارة عن السکوت في مقام البیان وعدم ذکر القید، فانه منشأ له لا أنه عینه، کما هو الحال في العام الوضعي، فان دلالته علی المدلول التصوري مستندة الي الوضع، واما دلالته علی المدلول التصدیقي فلا تکون مستندة إلیه، بل هي مستندة إلی ظهور حال المتکلم الناشي من سکوته عن الاتیان بمخصص متصل وإن کانت دلالته أقوی من دلالة المطلق لدی العرف، باعتبار ان سکوته فیه بمثابة عدم المانع عنها، وأما في المطلق فهو بمثابة المقتضی لها.

فالنتیجة انه لا شبهة في أن الاطلاق مدلول لنظر کالعموم، فلا فرق بینهما من هذه الناحیة.

الوجه الثالث: مع الاغماض عن ذلک وتسلیم ان الاطلاق مدلول لحکم العقل ومقدمات الحکمة لا للفظ، الّا أنهما حینئذ تسقطان معا من جهة المعارضة، فیرجع إلی العام الفوقي وهو المجموعة الأولی المتمثلة في الآیة الشریفة والروایات.

فالنتیجة في نهایة الشوط ان القول بتحلیل الخمس بکلا سهمیه للشیعة لا یمکن الأخذ به أصلا.

وأما المجموعة الرابعة: فلا مانع من الأخذ بها، اذ لا یوجد في شيء من الروایات ما یمنع عنه، ومقتضی اطلاقها عدم الفرق بین أن یکون الانتقال ممن لا یعتقد بالخمس أو یعتقد به ولکن لا یخمس خارجا، ولا وجه لتخصیص ذلک بالأول، فانه بحاجة إلی دلیل، ولا یوجد دلیل علیه، فما هو المشهور بین الأصحاب من تقیید هذا الحکم بما إذا کان الانتقال ممن لا یعتقد بالخمس لا مبرر له أصلا.

ثم ان المراد من التحلیل في الروایات هل هو تحلیل شرعي أو مالکي؟ الظاهر هو الثاني، اذ مضافا إلی أن مناسبة الحکم والموضوع تقتضي ان التحلیل الصادر من المالک تحلیل مالکي في مقابل التحلیل الشرعي، أن قوله  في صحیحة أبي سلمة سالم بن مکرم المتقدمة: «أما والله لا یحلّ الّا لمن أحللنا له»(الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال الحدیث: 4)، یدل علی أنه تحلیل مالکي علی أساس ان الامام قد نسب الإحلال الی نفسه لا الی الشرع، بل قوله7 في صحیحة مسمع: «وکل ما کان في أیدي شیعتنا من الأرض فهم فیه محللون ومحلل لهم ذلک»(الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال الحدیث: 12) أیضا ظاهر في التحلیل المالکي، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة أخری، ان المراد من التحلیل المالکي التحلیل الوضعي یعني التملیک دون التکلیفي، بقرینة أن الصحیحة المذکورة ظاهرة في صحة المعاملة الواقعة علی المال المتعلق للخمس من شراء أو هبة أو هدیة أو نحو ذلک، شریطة أن یکون من انتقل الیه ذلک المال شیعیا، ولازم صحتها انتقال الخمس الیه وبدله إلی ذمة الدافع، فاذن یکون مرد اخبار التحلیل الی امضاء المعاملة.

ومن ناحیة ثالثة: ان انتقال المال المتعلق للخمس إذا کان بالإرث فبما أن بدله انتقل إلی ذمة المورث فیکون دینا علیه، وحینئذ فهل یجب علی الورثة اخراج ذلک الدین من أصل الترکة کسائر الدیون وقبل تقسیمها إرثا؟ الظاهر عدم الوجوب، لأنه مبني علی تمامیة مقدمتین..

الأولی: ان ما دل علی ان الارث بعد الدین یعم هذا الدین أیضا.

الثانیة: ان الترکة تنتقل إلی الورثة رغم ان المیت مدیون، الّا انه یجب علیهم اخراجه منها قبل تقسیمها ارثا.

ولکن کلتا المقدمیتن غیر تامة، اما المقدمة الأولی، فلأن الظاهر من الدلیل الدال علی أن الارث بعد الدین هو الدین الثابت في ذمة المورث قبل الموت، ولا یعم الدین الثابت في ذمته بعده، واما المقدمة الثانیة، فلأن الظاهر من الدلیل أن ما یوازي الدین من الترکة لا ینتقل إلی الورثة، بل یظل باقیا في ملک المیت، وهذا الدین بما أنه معلول لانتقال الترکة إلی الورثة ومتأخر عنه فلا یمکن افتراض أن ما یوازیه من الترکة یظل باقیا في ملک المیت.

فالنتیجة أن هذا الدین لا یخرج من أصل الترکة، نعم إذا أوصی المیت بالثلث أدی منه شریطة عدم تعیین المصرف.

النتائج

نتائج البحوث السابقة تتمثل في النقاط التالیة الأساسیة:

 

الأولی: ان متعلق الخمس وموضوع وجوبه حصة خاصة من الفائدة وهي التي تکون زائدة علی مئونة سنة الانسان ومتطلبات حاجاته طول فترتها ولم تصرف فیها، فیکون عدم الصرف قیدا للمتعلق لا الحکم علی نحو الشرط المتأخر، وأما مئونة التجارة والصناعه والمهن والحرف فیکون استثناؤها من موضوع وجوب الخمس بالتخصص والورود، إذ لا یصدق عنوان الفائدة علی ما یوازیها مما نتج منها وربح.

الثانیة: ان المکلف إذا خمس الفائدة من حین ظهورها کان واقعا في محله وإن علم بأنه لو لم یخمسها لصرفت في المؤونة أثناء السنة باعتبار أن تخمیسها یکشف عن أنها من الفائدة التي لم تصرف فیها طول فترة العام وإن کان ذلک من باب السالبة بانتفاء الموضوع، وقد تقدم ان الناتج من ضم الاطلاقات إلی أدلة المؤونة هو ان الموضوع لوجوب الخمس الفائدة التي تکون زائدة عن المؤونة واقعا وفي علم الله تعالی ولم تصرف فیها ولو من باب السالبة بانتفاء الموضوع، والفرض ان الفائدة التي قام المکلف باخراج خمسها من حین ظهورها تکون منها باعتبار أنها في الواقع وعلم الله زائدة ولم تصرف فیها.

الثالة: ان التاجر إذا کان واثقا ومتأکدا بأن ما نتج من مبادلاته التجاریة أو معامله ومصانعه یفوق مئونة سنته ومتطلبات حاجاته مهما توسعت وزادت بوقوع اتفاقات لم یکن وقوعها متوقعا، فالأحوط والأجدر به وجوبا أن یخمس الزائد بلا تأخیر، وإن کان شاکا في ذلک وغیر متأکد لاحتمال تجدد المؤونة في أثناء السنة لم یجب.

الرابعة: انه لا یجوز للتاجر ان یتصرف في الفوائد الزائدة بالبیع والشراء ونحوهما من المبادلات التجاریة قبل أن یقوم بتخمیسها، الّا أن یکون باذن من الحاکم الشرعي واجازته، وحینئذ قد یشترک أهل الخمس معه في الربح بالنسبة علی تفصیل تقدم.

الخامسة: انه لو تصرف في الفائدة بأکثر مما تتطلب مکانته وشئونه أو أسرف فیها ضمن خمسها.

السادسة: الأظهر وجوب الخمس في عوض الخلع، واما المهر فان کان بقدر شدن المرأة ومکانتها فلا یجب، وإن کان أزید مما تتطلب مکانتها وشأنها وجب خمس الزائد، واما المیراث فلا یجب فیه الخمس، هذا لا من جهة عدم صدق الفائدة علیه، فان الظاهر صدقها عرفا، بل من جهة أن موضوع وجوب الخمس لیس مطلق الفائدة، بل حصة خاصة منها وهي التي أفادها المرء وغنمها، ولا یصدق هذا العنوان علی المیراث، فانه لیس مما غنمه المرء واستفاده، ومن هنا یفترق المیراث عن الهبة والهدیة والجائزة ونحوها، فانه یصدق علیها عنوان ما غنمه المرء واستفاده، فمن أجل ذلک یجب الخمس فیها، نعم یجب الخمس في المیراث الذي لا یحتسب للنص، والمعیار في وجوب الخمس فیه انما هو بعدم کونه متوقعا ولا في الحسبان، ولا یعتبر فیه عدم العلم بوجود المورث ولا کونه في بلد آخر، فانه مع العلم بوجوده في بلده أو بلد آخر إذا لم یکن الإرث منه متوقعا ولا في الحسبان فإذا وصل اتفاقا وجب علیه خمسه لأنه مشمول للنص کما تقدم.

السابعة: ان نمو المال قد یکون عینیا، وقد یکون حکمیا، فعلی الأول لا شبهة في وجوب الخمس فیه سواء أکان في المال التجاري أم کان في غیره، وعلی الثاني فالمعروف والمشهور بین الأصحاب انه إن کان في المال التجاري الذي یکون المقصود من وراء التداول به الحفاظ علی مالیته ونموها دون عینه وجب خمسه، وإن کان في غیره مما یکون المقصود من شرائه الحفاظ علی عینه للانتفاع به لم یجب خمسه ما دام یظل باقیا عنده، نعم إذا باع بأزید من ثمن الشراء فالزائد داخل في ربح سنة البیع، ولکن تقدم انه لا یبعد وجوب الخمس فیه.

الثامنة: ان المالک إذا أخّر خمس ارتفاع القیمة في نهایة السنة تساهلا ولم یخرجه إلی أن رجعت قیمته إلی قیمة وقت الشراء – مثلا – ضمن خمسه لمکان التفریط لا خمس الباقي بالنسبة علی تفصیل تقدم، هذا کله فیما إذا کان أصل المال مخمسا، وأما إذا کان متعلقا للخمس وزادت قیمته فبطبیعة الحال زادت بکل أخماسه، غایة الأمر یتعلق بأربعة اخماسه خمس آخر باعتبار أنها فائدة، وحینئذ فیجب علیه خمس العین بقیمتها الحالیة، وخمس أربعة أخماس ارتفاع قیمتها فحسب.

التاسعة: ان التاجر إذا اتجر بالفوائد التي حال علیها الحول ولم یخمسها وأخذ یتداول بها، فان کان بعین تلک الفوائد خارجا وکان باذن ولي الخمس یوزع ما نتج من عملیة التجارة والتداول علیها بالنسبة، ویدخل في ارباح السنة ما یوازي أربعة أخماسها، وحینئذ یجب علیه خمس رأس المال فورا، واما خمس الربح ومنه ارتفاع قیمته إن کان ففي نهایة السنة، وإذا لم یکن باذنه فان کان المنتقل الیه ممن شملته اخبار التحلیل فالتجارة حینئذ وإن کانت صحیحة الا ان الربح لم یوزع بل هو کله للتاجر، غایة الأمر ان ذمته اشتغلت ببدل الخمس من المثل او القیمة، کما هو الحال إذا کان الاتجار بها في الذمة، وإن لم یکن ممن شملته الأخبار بطلت التجارة بالنسبة إلی خمسها.

العاشرة: هذا الصورة ولکن الفوائد التي یتجر بها مما لم تمر علیها سنة کاملة وحکمها حکم الصورة السابقة، فلا فرق بینهما الّا ان وجوب خمس رأس المال في هذه الصورة مبني علی الاحتیاط شریطة أن یعلم بأنه لا یصرف في المؤونة طول فترة السنة مهما زادت بوقوع اتفاقات لم یکن متوقعا، والّا لم یجب الّا في نهایة السنة، وبذلک یظهر حکم ما إذا کان رأس المال مختلطا من الفائدة التي مرّت علیها سنة والفائدة التي لم تمر سنة علیها، أو مختلطا من المال المخمس وغیره کما مر تفصیل کل ذلک.

الحادیة عشرة: ان المستفاد من روایات المؤونة بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة أن المستثنی انما هو مئونة السنة الکاملة، وعندئذ فبطبیعة الحال یکون المراد منها السنة الواقعیة المتمثلة في فترة زمینة تمتد إلی اثنی عشر شهرا کاملا، ونتیجة ذلک ان کل فائدة اذا مرت علیها تلک الفترة الزمنیة وجب علیه خمسها إذا لم یجعلها مئونة، هذا من ناحیة، ومن ناحیة اخری، ان الناتج من ضم روایات المؤونة إلی اطلاقات أدلة الخمس من الکتاب والسنة هو تعلق الخمس بالفائدة من حین ظهورها، ولکن بحصة خاصة منها وهي التي تکون زائده علی المؤونة ولم تصرف فیها، ومن هنا إذا علم التاجر بأن ما أفاده یکون زائدا علی مئونة سنته وجب علیه أن یخمسه علی الأحوط، فجواز التأخیر انما هو في فرض الشک واحتمال تجدد المؤونة في أثناء السنة، وعلیه فاعتبار التاجر أو الکاسب سنة واحدة لکل ارباحه التي حصل علیها تدریجا طول فترة العام انما هو للتسهیل، اذ لیس بامکانه عادة أن یجعل لکل ربح سنة من تاریخ حصوله، ومن هنا یجوز له أن لا یخمس الأرباح المتأخرة بعد نهایة سنتها المتخذة ما دام لم تنته سنتها الواقعیة شریطة ان لا یعلم بزیادتها علی المرونة، وبذلک یظهر انه لا وجه لاعتبار مجموع ما حصل علیه من الأرباح تدریجا طول فترة زمینة لا تقل عن اثنی عشر شهرا ربحا واحدا ووجوب خمسه في نهایة تلک السنة.

الثانیة عشرة: ان الأظهر استثناء رأس المال من الخمس بمقدار تحدده مکانة الشخص وشئونه لا مطلقا، علی أساس انه في هذه الحالة یعتبر من مئونته کالمسکن والمرکب والملبس والفرش والظروف ونحوها، کما إذا کان ذلک الشخص ممن لا یلیق بمکانته وشئونه أن یعمل کعامل مضاربة أو بناء أو حداد أو نجار أو خیاط أو نحو ذلک، فانه یعتبر بالنسبة إلیه مهانة، وفي هذه الحالة إذا رزقه الله تعالی مالا بسبب أو آخر کهدیة أو جائزة أو نحوها ویجعله رأس مال له وأخذ یعمل فیه کتاجر ویصرف من أرباحه في مئونته اللائقة بحاله ومتطلبات حاجاته بحسب شأنه لم یجب علیه تخمیسه في نهایة السنة، لأنه یعتبر مئونة له کالمسکن، نعم إذا کان ذلک المال لدی شخص لم یکن عمله کعامل مضاربة مهانة له فانه اذا جعله رأس مال له وعمل فیه کتاجر وجب علیه أن یخمسه في نهایة السنة باعتبار انه لا یعتبر مئونة له عرفا، ولا فرق فیه بین أن یکون ذلک المال بمقدار مئونة سنته أو أکثر أو أقل، فان المعیار انما هو بکون ما نتج منه من الربح یکفی لمؤنته اللائقة بمقامه، نعم إذا زاد ما حصل علیه من الأرباح عن مئونة سنته وجب أن یخمس من رأس المال بالنسبة، وبذلک یظهر حال أصحاب المهن والحرف، فان الوسائل والأدوات التي تتطلبها مکانتهم لممارسة اعمالهم واشغالهم بها تعتبر من المؤونة عرفا، فلا یجب علیهم اخراج خمسها.

الثالثة عشرة: ان المؤونة التي خرجت عن وصفها باستغناء الانسان عنها کالدار التي کان یسکن فیها مدة ثم استغنی عنها وسکن في دار أخری أو غیرها لا یجب علیه خمسها، وهذا یعني أنها لا تدخل في فوائد سنة الاستغناء، لأنها حین حدوثها وظهورها لم تکن مشمولة لإطلاقات أدلة الخمس من جهة أنها في ذلک الحین کانت من المؤونة، واما بقاء فلا تکون مشمولة لها.

الرابعة عشرة: الأظهر عدم استثناء الدین للمئونة عن الفائدة في نهایة السنة وإن کان بعد الربح، نعم إذا کان الخسران بعدالربح في تجارة واحدة فالظاهر استثناؤه منه علی أساس عدم صدق الربح والفائدة علی ما یوازي الخسران، وهذا بخلاف الدین فانه لا یمنع عن صدق الفائدة، واما إذا کان الخسران قبل الربح فلا یستثنی منه، وکذلک إذا خسر في نوع من التجارة وربح في نوع آخر.

الخامسة عشرة: ان المراد من المؤونة المستثناة من الخمس هو المؤونة الفعلیة لا مقدارها علی تفصیل قد مر.

السادسة عشرة، ان الخمس متعلق بالعین علی نحو الاشاعة لا علی نحو الکلي في المعین.

السابعة عشرة: الأظهر تعین الخمس بعزل المالک وافرازه.

الثامنة عشرة: الأقوی عدم جواز نقل سهم السادة من بلدة السهم إلی بلدة أخری مع وجود المستحق فیها، الّا إذا کان هناک مرجح، فإذا نقل والحال هذه وتلف في الطریق ضمن للتفریط، واما سهم الامام فبما أنه بید الفقیه الجامع للشرائط فإذا نقل من بلدته إلی بلدة أخری بدون إذنه وتلف في الطریق ضمن بنفس الملاک.

التاسعة عشرة: الأقوی انه لا یسوغ للمالک أن یؤدي خمس العین من مال آخر عوضا عنه لأنه یتوقف علی ولایة المالک علیه، ولا دلیل علی ولایته علی ذلک، وحینئذ فاذا أراد المالک أن یؤدي خمسها من مال آخر فعلیه أن یستأذن من الحاکم الشرعي حتی إذا کان المال الآخر من النقدین، باعتبار ان مورد النص الدال علی کفایتهما الزکاة، والتعدي عن مورده بحاجة إلی قرینة بلحاظ ان الحکم فیه یکون علی خلاف القاعدة، ولا قرینة علیه لا فیه من عموم أو تعلیل، ولا من الخارج، ولا یوجد دلیل علی أن کل ما هو ثابت للزکاة فهو ثابت للخمس أیضا. فمن أجل ذلک لو لم یکن عدم الکفایة أظهر فلا شبهة في أنه أحوط ما لم یکن باذن الحاکم الشرعي.

العشرون: الأظهر اعتبار البلوغ في کل اصناف الخمس بلافرق بین خمس أرباح المکاسب وسائر الأصناف حتی المال المختلط بالحرام بناء علی ما هو الصحیح من أن الخمس المتعلق به هو الخمس المتعلق من الاصناف.

الحادیة والعشرون: لا یجب بسط سهم السادة علی الأصناف الثلاثة، بل أمره في زمن الحضور بید الامام، فله أن یتصرف فیه حسب ما یراه، وفي زمن الغیبة بید الفقیه الجامع للشروط منها الأعلمیة، وله أن یتصرف فیه علی ما یراه، وأما سهم الامام فبما انه ملک للمنصب وهو الزعامة الدینیة دون شخصه الشریف، فبطبیعة الحال یرجع أمره في زمن الغیبة إلی الفقیه المذکور باعتبار ثبوت هذا المنصب له امتداد لمنصب الإمامة ولکن في مستوی دونه، إذ لا یحتمل اختصاصه بزمن الحضور، بداهة ان الدولة الاسلامیة لیست دولة مؤقته، بل هي دولة خالدة، فلابد أن تکون زعامتها أیضا کذلک، فمن أجل هذا لا یسوغ لأي واحد التصرف فیه بدون إذنه.

الثانیة والعشرون: الأظهر عدم جواز دفع سهم السادة إلی من تجب نفقته علیه کالزوجة والوالدین والأولاد، وأما سهم الامام فلا مانع منه إذا کان موردا.

الثالثة والعشرون: الأقوی عدم جواز اعطاء سهم السادة إلی ولد البنت الهاشمیة وهذا لا من جهة أن ولد البنت لیس بولد، فانه ولد حقیقة کولد الابن، بل من جهة ان موضوع هذا السهم معنون بعنوان الهاشمي أو بني هاشم، وهذا العنوان بما انه عنوان للقبیلة والعشیرة فلا یصدق الّا علی المنتسب به من قبل الأب دون الأم.

الرابعة والعشرون: لا یجوز لمستحق سهم السادة أن یأخذه ممن علیه ذلک السهم ثم یرده علیه الّا إذا کان ذلک من مقتضی شئونه ومتطلبات مکانته، فعندئذ یجوز بلافرق بین أن یکون من علیه الحق قادرا علی الأداء أولا، واما الحاکم الشرعي فبما أن ولایته علیه منوطة بوجود مصلحة فإن رأی فیه مصلحة جاز له ذلک والّا فلا.

الخامسة والعشرون: ان المراد من التحلیل الوارد في الروایات التحلیل المالکي لا الشرعي ومرده إلی امضاء المعاملة الواقعة علی المال المتعلق للخمس شریطة أن یکون من انتقل إلیه المال شیعیا.

السادسة والعشرون: لا فرق بین أن یکون المال المتعلق للخمس منتقلا إلیه ممن لا یعتقد بالخمس أصلا، أو یعتقد به ولکن لا یلتزم بالدفع خارجا لإطلاق الدلیل وعدم اختصاصه بالأول.

 

مسائل

 

ونذکر فیما یلي عددا من المسائل التي یکثر ابتلاء أصحاب الخمس بها نوعا.

المسألة الأولی: ان من لا یحاسب نفسه سنین متمادیة اما غفلة أو عامدا وملتفتا إلی الحکم الشرعي، ثم التفت إلی حاله، أو ندم وبنی علی أن یحاسب نفسه بالنسبة إلی کل ما مضی من السنین، فعلیه أن یقسّم أمواله إلی مجموعتین..

الأولی: الأموال التي تکون مئونة له کالمسکن والملبس والمرکب وکل ما تتطلبه حاجاته حسب مکانته وشأنه.

الثانیة: الأموال التي تکون زائدة علی متطلبات حاجاته من النقود والعقارات ونحوهما.

اما حکم المجموعة الأولی، فان علم إنه اشتراها بأرباح لم تمر علیها سنة، فلا خمس فیها، ولا شيء علیه، وإن علم بدنه اشتراها بأرباح قد مرت علیها سنة فعلیه تخمیس ثمنها وقت الشراء، وإن لم یعلم بالحال، وأنها من قبیل الأول أو الثاني، ففي هذه الحالة یشک في اشتغال ذمته بخمس ثمنها علی أساس أنها إن کانت من قبیل الأول فلا شيء علیه، وإن کانت من قبیل الثاني فعلیه خمس ثمنها، لأن عهدته قد اشتغلت به بملاک اتلافه، وبما انه لا یدري بالحال، فلا یدري بأن عهدته مشغولة به أولا، فالمرجع فیه أصال البراءة، وإن کان الأولی والأجدر به أن یصالح مع الحاکم الشرعي بنصف الخمس مثلا. ومن هنا یظهر الحکم فیما إذا علم بالحال بالنسبة إلی بعض هذه المجموعة دون بعضها الآخر، فان ما علم حاله ترتب علیه حکمه، وما لم یعلم حاله فالمرجع فیه أصالة البراءة، نعم إذا علم اجمالا بأن بعض هذه المجموعة قد اشتراها بارباح مرت علیها سنة ولکنه لا یعلم مقدارها انه نصف المجموعة أو أکثر أو أقل وجب حینئذ المصالحة مع الحاکم الشرعي بنصف الخمس.

واما حکم المجموعة الثانیة: فهو وجوب تخمیس کل تلک المجموعة بقیمتها الحالیة، بلافرق بین أن تکون من الأموال التجاریة أو غیرها، وبلافرق بین أن یعلم بأنه اشتراها بأرباح قد مرت علیها سنة أو بأرباح لم تمر علیها سنة، أو لا یعلم بالحال، لما مر من أن الأظهر وجوب الخمس في ارتفاع القیمة مطلقا وإن کان في غیر الأموال التجاریة، نعم إذا علم بأن قسما من هذه الأموال من أرباح السنة الأخیرة التي بنی المکلف فیها علی الحساب قبل أن تمر علیها السنة لم یجب علیه خمسه إلّا إذا بقي الی نهایة العام. وإذا دار أمره بین الأقل والأکثر لم یجب خمس الأقل إلی نهایة السنة، وانما الکلام في وجوب خمس الأکثر، باعتبار انه إن کان من أرباح السنین السابقة وجب خمسه فورا، والّا ففي نهایة العام، وبما انه مشکوک فالمرجع فیه أصالة البراءة.

بقی هنا حالتان..

الأولی: انه یعلم في طول هذه الفترة بصرف أموال في معاش نفسه وعائلته اللائق بحاله کالمأکل والمشرب والملبس وفي صدقاته وزیاراته وجوائزه وهدایاه وضیافة ضیوفه وختان أولاده وتزویجهم وغیرها مما یتفق للإنسان في فترة حیاته کالوفاء بالحقوق الواجبة علیه بنذر أو کفارة أو أرش جنایة أو دین أو  ما شاکل ذلک، وفي هذه الحالة فمرة کان یعلم بأنه في کل سنة من هذه السنین قد صرف في حاجیاته تلک من الأرباح التي لم تمر علیها سنة، وأخری یعلم بأنه في کل سنة منها قد صرف فیها من الأرباح التي مرت علیها سنة، وثالثة لا یعلم بالحال، وعلی الأول فلا شيء علیه، وعلی الثاني ضمن خمس تلک الأرباح في وقت الصرف، وعلی الثالث فبما أنه شاک في أن عهدته مشغولة بخمسها أولا فیرجع فیه إلی أصالة البراءة، وإن کان الأولی والأجدر به المصالحة مع الحاکم الشرعي، ومن هنا یظهر حکم ما إذا علم بالحال في بعض السنین دون بعضها الآخر، أو في بعض تلک الأشیاء دون بعضها.

الثانیة: انه إذا علم بوجود خسارة في بعض هذه السنوات في تجاراته، فان علم مقدار الخسارة تفصیلا في المال المتعلق للخمس منجزا ضمن خمسه، وإن علم مقدارها اجمالا ضمن المقدار المتیقن منه، ویرجع في الزائد إلی أصالة البراءة، وإن لم یعلم بالخسارة أصلا، أو علم بعدمها فلا شيء علیه من هذه الناحیة.

المسألة الثانیة: إذا غنم شخص من عمله ککاسب أو عامل أو صانع غنیمة تدریجیة لا تکفی لتوفیر مسکن له في سنة واحدة، ولکنها تکفی لتوفیره تدریجا وفي طول سنتین أو أکثر، ففي مثل ذلک إذا قام في السنة الأولی بشراء أرض لبناء مسکن علیها، وفي الثانیة لشراء مواد البناء وأدواته، وفي الثالثة ببنائه، فهل علیه خمس ما اشتراه في السنتین الأولیین من الأرض ومصالح البناء أو لا؟ الظاهر أن ذلک یختلف باختلاف مکانة الأشخاص وشئونهم، فان کان وجود مسکن ولو بهذا النحو من متطلبات مکانة الفرد وشئونه اعتبر کل ما هیأه ووفره لبنائه في السّنین السابقة مئونة له، ولا خمس فیه، والّا فعلیه خمسه.

المسألة الثالثة: إذا اجر نفسه في سنین توزع الأجرة علیها بالنسبة، فتکون اجرته في کل سنة إزاء عمله فیها، وتعتبر من فائدة تلک السنة لا من سنة الاجارة وهي السنة الأولی باعتبار انه مطلوب ومدین ازاؤه في السنین القادمة.

وإن شئت قلت: ان اجرته في کل سنة انما هي عوض عن عمله فیها الذي ملکه المستأجر بعقد الاجارة و ما دامت ذمته مشغولة بعوضها فلا یصدق علیها الفائدة، وعلی هذا فیحسب أجرته في کل سنة من فائدة تلک السنة، فإن بقی منها شيء في نهایتها وجب خمسه، وإلّا فلاشيء علیه، ومن هنا یظهر انه لا فرق في النتیجة بین أن یؤجر نفسه في سنین باجارة واحدة، أو في کل سنة باجارة.

المسألة الرابعة: إذا أجر داره سنین کعشر سنوات – مثلا – بأجرة تقدر بعشرین ألف دینار – مثلا – کانت الأجرة تماما من فائدة سنة الاجارة شریطة استثناء مقدار منها الذي یجبر به النقص الوارد علی مالیة الدار من جهة أنها صارت مسلوبة في تلک السنین، فانه بعد هذا الجبر إذا بقی منها فالباقي کله من فائدة هذه السنة. مثلا إذا قدّر قیمة الدار بثلاثین ألف دینار، وقدر قیمتها مسلوبة المنفعة في هذه السنین بخمسة عشر ألف دینار، وعلی هذا فیستثنی من الأجرة وهي عشرون ألف دینار في المثال مقدار ما یجبر به النقص الوارد علی مالیة الدار في تلک السنین من جهة أنها أصبحت مسلوبة المنفعة فیها وهو خمسة عشر ألف دینار، فیبقی من الأجرة خمسة آلاف دینار، وهي فائدة السنة الأولی وهي سنة الاجارة، وحینئذ فان بقیت کلها أو بعضها إلی نهایة السنة وجب تخمیسه، والّا فلا شيء علیه.

المسألة الخامسة: الأظهر ان أمر سهم السادة کسهم الامام بید الفقیه الجامع للشرائط المتمثل في الأعلم، ولا یجوز التصرف فیه بدون إذنه، وتدل علیه صحیحة أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا7 قال: «سئل عن قوله الله عز وجل: - (وَاِعلَمُو أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي اَلقُربی) – فقیل له: فما کان لله فلمن هو؟ فقال: لرسول الله6، وما کان لرسول الله فهو للإمام، فقیل له: أفرأیت إن کان صنف من الأصناف أکثر وصنف أقل ما یصنع به؟ قال: ذاک إلی الإمام، درأیت رسول الله6 کیف یصنع ألیس انما کان یعطی علی ما یری، کذلک الامام»(الوسائل باب: 2 من أبواب قسمة الخمس الحدیث: 1) بتقریب أنها ناصة في أن أمر بید الامام بعد الرسول6، وانه یتصرف فیه علی ما یری، ویعطی کذلک، وقد تقدم أن ما ثبت للإمام7 في زمن الحضور فهو ثابت للفقیه الجامع للشرائط في زمن الغیبة أیضا، باعتبار أن ثبوته للإمام7 انما هو بملاک زعامته الدینیة، وهي متمثلة في زمن الغیبة في الفقیه المذکور، حیث ان زعامته امتداد للزعامة الکبری المتمثلة في الرسول الأعظم6 وبعده في الأئمة الأطهار.

المسألة السادسة: لا فرق في السنة بین أن یکون تأریخها قمریا أو شمسیا هجریا أو میلادیا، والسبب فیه أن کلمة (السنة) لم ترد في شيء من الروایات حتی یکون المتبع هو المتبادر منها عرفا، بل اعتبارها انما یستفاد من روایات استثناء المؤونة من الفائدة المتعلقة للخمس، علی أساس حملها علی مئونة السنة کما تقدم، وبما أن السنة الواقعیة تتکون من دورة کاملة لسیر الأرض حول الشمس التي تطول من البدایة إلی النهایة ثلاثمائة وخمسة وستون یوما وربع الیوم، فللکاسب أن یعتبر سنة الفائدة شمسیة، وله أن یعتبرها قمریة.

وإن شئت قلت: ان لفظ السنة لو کان واردا في الروایات لأمکن أن یقال ان المتبادر منه السنة القمریة، کما ان المتبادر من الشهر فیها الشهر القمري، وحیث انه لم یرد في شيء من الروایات فیجوز له أن یجعل سنة الفائدة السنة الواقعیة.

المسألة السابعة: یجوز للکاسب تبدیل رأس سنته برأس سنة أخری، کما إذا کان رأس سنته أول المحرم وأراد أن یجعله أول الربیع، ولکن علیه أن یخمس ما استفاده من بدایة المحرم إلی بدایة الربیع قبل حلول رأس سنته الجدیدة.

المسألة الثامنة: الأشجار التي غرسها فرد فهي علی قسمین..

أحدهما: انه غرسها للمئونة.

والآخر: لغیرها.

اما القسم الأول فله حالتان..

الأولی: أنها لا تزید عن مئونته ومتطلبات حاجاته.

والثانیة: أنها تزید عنها.

اما فط الحالة الأولی، فان کانت مکانته الاجتماعیة وشئونه تتطلب وجود هذه الاشجار له وإن تبلغ إلی حد الاستفادة من أثمارها أو غصونها فهي من المؤونة، فلا یجب علیه خمسها في تمام أدوارها من البدایة إلی النهایة، والّا فیجب علیه خمس نموها في کل سنة الی أن تبلغ إلی حد الاستفادة منها في المؤونة، وعندئذ فلا یجب خمسها باعتبار أنها أصبحت مئونة فعلا.

وأما في الحالة الثانیة: ففي الفرض الأول یجب خمس الزائد من نموها في کل سنة إلی أن تبلغ حد الاثمار والانتاج، فإذا أثمرت وجب خمس الزائد من ثمرها في کل عام. وفي الفرض الثاني یجب خمس تمام نموها في کل عام إلی أن تبلغ حد الانتاج والانتفاع، فاذا بلغت وانتفع بها وجب خمس الزائد من منافعها.

واما القسم الثاني: فله أیضا حالتان..

الأولی: انه غرسها بغرض الاتجار باعیانها وأغصانها وسائر منافعها بالبیع والشراء والمداولة بها.

الثانیة: انه غرسها بغایة الانتفاع من أعیانها في تأسیس البنایات والعمارات ونحوها للاستفادة من منافعها وفي کلتا الحالتین یجب علیه خمس نموها في کل عام وکذلک زیادة قیمتها في الحالة الأولی.

واما في الحالة الثانیة فالمعروف والمشهور هو عدم الوجوب، ولکنه لا یخلو عن اشکال، بل ولا یبعد الوجوب کما تقدم.

المسألة التاسعة: اذا نمت الاشجار وکبرت، ولکن قیمتها نقصت بسبب او آخر، فهل یجب في هذه الحالة خمس نموها بالنسبة، أو یتدارک به ما ورد علیها من النقص في قیمتها فیه وجهان:

المعروف والمشهور هو الثاني اما مطلقا بملاک عدم صدق الزیادة، أو فیما إذا کان النقص متأخرا عن النمو أو مقارنا معه، وأما إذا کان متقدما علیه فلا یستثنی، ولکنه لا یخلو عن اشکال، بل منع لما تقدم من ان موضوع وجوب الخمس حصة خاصة من الفائدة، وهي التي تکون زائدة عن المؤونة ولم تصرف فیها، والفرض ان النمو فائدة زائدة علیها، ومجرد ورود النقص علی قیمة الأصل لا یمنع عن صدق الفائدة علیه وان کان بعد النمو أو مقارنا معه، باعتبار ان موضوع وجوب الخمس لیس هو الزائد علی رأس المال في کل سنة لکي یقال بعدم تحقق الموضوع في هذا الفرض، وعلیه فیقوّم الأشجار مرة بقطع النظر عن نموها في هذه السنة، وأخری معه، ویخمس ما به التفاوت بینهما، ولا یقاس ذلک بما اذا ربح في تجارة ثم خسر في نفس تلک التجارة بقدر الربح أو أکثر أو أقل، فان خسرانه هذا یمنع عن صدق الفائدة علی الربح المقابل للخسران عرفا، وهذا بخلاف المقام فان النقص الوارد علی قیمة الأصل لا یمنع عن صدق الفائدة علی نموه.

المسألة العاشرة: ان الأرض الزراعیة الموجودة لدی شخص فلها حالات..

الأولی: أنها وصلت الیه ارثا.

الثانیة: انه قام بإحیائها وتوفیر شروط الانتفاع بها والاستفادة منها.

الثالثة: انه اشتراها من أجل هذه الغایة.

اما في الحالة الأولی: فلا یجب علیه خمسها، لما تقدم من خروج المیراث عن اطلاقات أدلة الخمس، نعم اذا علم الوارث بأنها کانت متعلقة للخمس عند المورث، فعندئذ هل یجب علی الوارث اخراج خمسها أو لا؟ لا یبعد عدم الوجوب شریطة أن یکون الوارث ممن شملته روایات التحلیل.

وأما في الحالة الثانیة: فان کانت الأرض التي قام باحیائها من متطلبات مکانته عند الناس وشئونه لإشباع حاجاته وسد مئونته اللائقة بحاله، فلا خمس فیها علی أساس أنها حینئذ تعتبر من مئونته، غایة الأمر ان کان أزید من مقدار متطلبات مکانته وشئونه وجب خمس الزائد بالنسبة، وإن لم تکن کذلک فعلیه أن یخمسها تماما في نهایة السنة.

واما في الحالة الثالثة: فالحکم فیه کالحکم في الحالة الثانیة، غایة الأمر إن کان ثمنها متعلقا للخمس وجب اخراج خمسه علی کلا التقدیرین، أي سواء أکانت الأرض متعلقة للخمس أم لا.

المسألة الحادیة عشرة: اذا اعطی المالک خمس ما افاده في السنة الماضیة من ربح السنة الثانیة جاز شریطة توفر أمرین فیه..

أحدهما: أن یکون ذلک باذن ولي الخمس حتی إذا کان من أحد النقدین کما  مر.

والآخر: أن یخمس أولا ثم یدفعه عوضا عنه علی أساس ان دفعه منه لا یعتبر من المؤن.

وإن شئت قلت: ان المالک إذا لم یدفع خمس الربح في نهایة السنة وأراد دفع خمسه من ربح السنة الثانیة، فله طریقان..

أحدهما: أن یخمس الربح اللاحق أولا، ثم یدفعه عوضا عن خمس الربح السابق باذن ولیه.

والآخر: أن یدفع منه بمقدار ربح الربح السابق، وعندئذ یجزئ عن کلا الخمسین.

خذ لذلک مثالا: إذا کان الربح السابق بمقدار مائة دینار مثلا، فان اخرج خمسه من نفس ذلک المقدار بقی عنده ثمانون دینارا مخمسا، وإن أخرج خمسه من مال آخر فان کان مخمسا کفی عشرون دینارا، وإن کان غیر مخمس کما إذا کان من الربح اللاحق قبل اخراج خمسه لم یکف عشرون دینارا، باعتبار أن أربعة دنانیر منه ملک لأهل الخمس، بل علیه أن یدفع منه خمسة وعشرین دینارا، باعتبار ان خمسة دنانیر منه خمسه، والعشرین خمس الربح السابق، فیکون المجموع خمسة وعشرین دینارا وهو ربع المبلغ السابق علی أساس انه إذا ضمه إلیه أصبح مجموع الربح المتعلق للخمس مائة وخمسة وعشرین دینارا.

المسألة الثانیة عشرة: إذا وجد التاجر في نهایة السنة أن بعض ما أفاده في عملیة تجارته دین علی الناس، فان أمکن استیفاؤه منه وجب أن یدفع خمسه، وإن لم یمکن فلا شيء علیه إلی وقت الاستیفاء، فإذا استوفاه وجب اخراج خمسه حالا، واما تحدید مالیة الدین وتقدیره بما یمکن بذلک المال بازائه، ثم تخمیس ذلک المقدار فهو یتوقف علی الاستئذان من ولي الخمس، فان رأی فیه مصلحة وأذن کفی، والّا لم یکف لأنه مأمور باخراج الخمس من نفس ما تعلق به، والفرض أنه غیر ممکن ولا ولایة له علی أن یقدر مالیته بمقدار خاص ویحدده به ویدفع خمسه من مال آخر عوضا عنه.

المسألة الثالثة عشرة: یجوز الاشتراک مع من لا یلتزم بالخمس في رأس المال فانه حینئذ وإن کان مختلطا من المال المخمس وغیره، الّا انه لا مانع من تصرفه فیه إذا کان ممن شملته اخبار التحلیل، نعم لا یجوز تصرف شریکه فیه إذا کان تارکا للخمس عامدا وملتفتا إلی الحکم الشرعي کما انه یکفی أن یخرج خمس حصته من الفائدة وإن کان ذلک قبل تقسیمها شریطة ان یکون باذن ولي الخمس، فاذا صنع ذلک کانت حصة مخمسة، وله حینئذ افرازها بالتقسیم.

المسألة الرابعة عشرة: إذا اشتری أعیانا في الذمة لغیر المؤونة کالبستان أو الدار أو الأرض أو السیارة أو نحوها، فان کانت عنده فائدة من تجارته أو مهنته أو غیرها في وقت الشراء وأدی ثمنها منها وجب خمس نفس هذه الاعیان في نهایة السنة لأنها اصبحت بالمداولة والمبادلة في أثنائها من فوائدها، وإن لم تکن فائدة عنده في ذلک الوقت وانما تحققت في وقت متأخر عنه، ففي مثل ذلک لا یجوز أن یؤدی ثمنها من تلک الفائدة المتأخرة الا بعد اخراج خمسها باعتبار ان تلک الاعیان لیست من المؤونة لکي یکون أداء ثمنها منها یعتبر مئونة ولا شراؤها في سنة الفائدة حتی تصبح فائدة هذه السنة إذا أدي ثمنها من أرباحها، ولا یمکن أن تصبح فائدة من حین شرائها إذا أدی ثمنها من أرباح السنة الثانیة عوضا عنها وإلّا لزم أن یکون مبدأ سنة هذه الأرباح متقدما علی ظهورها وتحققها في الخارج وهو خلف، وأما صیرورتها من أرباح السنة الثانیة بقاء فهي منوطة بوجود دلیل یدل علی جواز أداء ثمنها من فائدة هذه السنة لکي یکون مرده ثبوتا إلی انتقال خمسها إلیها وأنها تقوم مقام فائدتها ویجب علیه اخراج الخمس منها في نهایتها، والفرض عدم وجود دلیل کذلک، لأن المستفاد من روایات استثناء المؤونة من الفوائد والأرباح هو جواز تصرف المالک في تلک الفوائد والأرباح طول فترة السنة في إطار أمرین..

أحدهما: في اطار المؤونة ومتطلبات حاجاته حسب شئونه ومکانته.

والآخر: في طار الاتجار والمداولة بها بالبیع والشراء ونحوهما شریطة أن لا یعلم بأنها تکون زائدة علی المؤونة، والّا فعلیه اما أن یخرج خمسها أولا، ثم الاتجار بها، أو یستأذن فیه من ولي الخمس، وأما في غیر اطار هذین الأمرین فلا یجوز له التصرف فیها، فلو تصرف وأدی إلی تلفها ضمن خمسها، وما نحن فیه لیس داخلا في الإطار الأول ولا الثاني، اما الأول فلأن أداء الدین السابق إذا کان لغیر المؤونة وکان ما بازائه موجودا لیس من مئونة العام اللاحق، وعلیه فلا یکون أداء ثمن تلک الأعیان الثابت في الذمة في العام السابق من فائدة العام الثاني من مئونة ذلک العام، واما الثاني فلأن أداء ثمنها الذي هو دین في الذمة من أرباح السنة الثانیة لیس اتجارا بها فیها، بل هو مصداق لأداء الدین السابق بالربح اللاحق، ومن هنا یظهر ان ما قیل من ان المالک إذا أدی ثمنها من فائدة السنة الثانیة وجب خمس نفس تلک الأعیان في نهایة هذه السنة لأنها اصبحت حینئذ فائدة لها ومتعلقة للخمس، فان أدی تمامه، وجب خمس تمامها، وإن أدی نصفه وجب خمس نصفها وهکذا لا أساس له ولا یرجع إلی معنی صحیح لما مر من ان انتقال الخمس مما یؤديه بعنوان ثمن الاعیان إلی نفسها بحاجة إلی دلیل ولا دلیل علیه.

فالنتیجة ان من اشتری عینا في الذمة لغیر المؤونة وجاء رأس سنته لم یجب علیه خمسها لعدم صدق الفائدة علیها، وإذا أدی ثمنها في السنة الثانیة وجب خمس الثمن لأنه من أرباح هذه السنة دون العین، هذا کله فیما إذا کانت العین موجودة، وأما إذا تلفت بسبب أو آخر فلا خمس فیما یؤدیه وفاء لثمنها الثابت في الذمة، لأن أداء الدین من المؤونة وإن کان لغیرها شریطة أن لا یکون له ما بازاء في الخارج.

المسألة الخامسة عشرة: إذا اشتری اعیانا لغیر المؤونة کبستان أو نحوه، أو وصلت إلیه هبة أو جائزة وکان علیه دین للمئونة کشراء دار أو نحوها یساویها في القیمة، فهل یجب علیه اخراج خمس تلک الاعیان في نهایة السنة أو لا؟ فیه قولان، الأظهر الوجوب، اما إذا کان شراؤها بربح متأخر عن الدین فالحکم واضح، لأن الدین المتقدم لا یستثنی من الربح المتأخر في نهایة السنة. نعم یجوز أداؤه منه في أثناء السنة، وأما إذا کان شراؤها بربح متقدم أو مقارن للدین مثل ذلک وإن ذهب جماعة إلی الاستثناء الا أنه لا یبعد عدم الاستثناء، وقد تقدم وجهه في المسألة (71) موسعا.

المسألة السادسة عشرة: ان من کان یملک المواشي والانعام بالشراء في اثناء السنة أو الهبة فله حالات..

الأولی: ان مکانته الاجتماعیة وشئونه تتطلب أن یکون مالکا لعدد منها لإشباع حاجاته اللائقة بحاله.

الثانیة: ان یجم المواشي والانعام بغایة الانتفاع بها ولو في المستقبل من دون ان تتطلب مکانته وجودها لدیه.

الثالثة: أن یقوم بالاتجار بها بالبیع والشراء والتصدیر والاستیراد ونحوها.

اما فط الحالة الأولی فلا خمس فیها لأنها من مئونته ومتطلبات حاجاته، بلافرق بین ان تکون منها مباشرة أو بالواسطة، نعم إذا کانت الأزید وجب خمس الزائد.

واما في الحالة الثانیة فیجب علیه اخراج خمس الجمیع في نهایة السنة.

واما في الحالة الثالثة فان کانت مکانته تتطلب أن یکون لدیه عدد من المواشي والانعام ویقوم بالعمل فیه کتاجر علی أساس أن قیامه بالعمل فیه کعامل نقصا ومهانة له، کان هذا المقدار مستثنی من الخمس کما مر تفصیله، والّا وجب الخمس في الکل بدون استثناء.

المسألة السابعة عشرة: إذا دفع المالک خمسه إلی المستحق ثم بان أن ما دفعه الیه أکثر ممّا وجب علیه من الخمس، جاز له الرجوع الیه مع بقاء عینه، وکذلک مع تلفه عنده اذا کان عالما بالحال، واما مع الجهل فلا ضمان علیه لأن تصرفه فیه حینئذ مستند إلی تسلیط المالک علیه، واما احتسابه خمسا للسنة الآتیة إذا وجب علیه فهو یتوقف علی ولایة المالک، ولا ولایة له علیه، نعم یصح هذا الاحتساب إذا کان باذن ولي الخمس.

المسألة الثامنة عشرة: هل تعتبر نیة القربة في دفع الخمس إلی أهله؟ فیه وجهان: المعروف والمشهور بین الأصحاب هو الأول، ولکن اثباته بالدلیل مشکل جدا، وقد تقدم تفصیل ذلک في باب الزکاة، ومن هنا إذا سلم الخمس إلی الفقیر غافلا عن نیة القربة أو جاهلا بها أو إلی الحاکم الشرعي فالظاهر الاجزاء واحتساب ما قبضه الفقیر أو الحاکم الشرعي خمسا، بل لا یبعد الاجزاء وإن کان تارکا لها عامدا وملتفتا، ولکن مع ذلک فالأحوط والأجدر به وجوبا أن لا یترک نیة القربة.

المسألة التاسعة عشرة: اذا وقع المالک الخمس في أثناء السنة من أرباحها التي حصل علیها تدریجا، فاذا تمت السنة فعلیه أن یضم ما دفعه خمسا إلی الأرباح الباقیة عنده إن کانت، ویحسب خمس المجموع، ویستثنی منه ما دفعه في الأثناء ویدفع الباقي.

مثال ذلک: اذا دفع خمسا من فائدة أثناء السنة ألف دینار ثم بعد نهایة السنة یحسب ان الباقي من الفائدة عنده تسعة آلاف دینار، ففي مثل هذه الحالة تکون وظیفته أن یضم ما دفعه خمسا في أثناء السنة وهو الألف إلی الباقیة بعد انتهائها عنده وهي تسعة آلاف دینار، فیصیر المجموع عشرة آلاف دینار ویکون خمسها ألفین وقد أدی الألف منهما وبقي ألف آخر، ولا یجوز له أن یحسب خمس تسعة آلاف فقط وهو الألف وثمانمائة دینار ویستثنی منه ما دفعه ویعطی الباقي، وذلک لأن ما دفعه خمسا من الفائدة في أثناء السنة متعلق للخمس أیضا باعتبار انه فائدة لم تصرف في المؤونة.

المسألة العشرون: إذا نذر أو عاهد علی أن یصرف ثلث فوائده السنویة في وجوه البر وجب علیه الوفاء به، فان صرف في تلک الجهة قبل نهایة السنة فلا یبقی موضوع للخمس وان لم یصرف فیها إلی أن انتهت السنة وجب علیه خمسه علی أساس ان النذر أو العهد لا یوجب خروج المال المنذور أو المعهود عن ملک مالکه.

 

مقارنة ومفارقة

 

نذکر فیما یلي عددا من المقارنات بین أنواع الخمس، ومفارقاتها في أهم آثارها.

المقارنات:

1- تتعلق کل أنواع الخمس بالأعیان علی نحو الاشاعة، لا علی نحو الکلي في المعین.

2- تشترک کل الانواع الخمس في المصارف حتی المال المختلط بالحرام.

3- تشترک کل الانواع في النیة ولا یتعین بدونها.

4- تشترک کل الانواع في اعتبار البلوغ حتی خمس المال المختلط بالحرام.

5- تشترک کل الانواع في عدم اعتبار العقل والحریة علی الأظهر.

6- تشترک کل الانواع في عدم اجزاء اعطاء مال آخر عوضا عنه الا إذا کان باذن الحاکم الشرعي.

7- تشترک کل الانواع في استثناء مئونة الصرف عنها في سبیل الحصول علی تلک الانواع ما عدا المال المختلط بالحرام فانه خارج عن هذا الحکم موضوعا.

والمفارقات:

1- یفترق کل نوع عن نوع آخر في الفصل المقوم للمتعلق ما عدا خمس الغنیمة والفائدة، فان متعلقة بمثابة الجنس للکل.

نعم ان المال المختلط بالحرام لیس من قبیل الأول ولا الثاني.

2- یفترق خمس المعدن والکنز عن سائر أنواع الخمس في اعتبار النصاب فیهما وعدم اعتباره في غیرهما.

3- یفترق خمس فوائد المکاسب عن خمس سائر الانواع في أمرین..

أحدهما: اعتبار الحول.

والآخر: استثناء مئونة الانسان عنها طول فترة السنة حسب مکانته وشئونه.

کلیه حقوق مادی و معنوی این وب سایت متعلق به پورتال انهار میباشد.
پورتال انهار

این وب سای بخشی از پورتال اینترنتی انهار میباشد. جهت استفاده از سایر امکانات این پورتال میتوانید از لینک های زیر استفاده نمائید:
انهار بانک احادیث انهار توضیح المسائل مراجع استفتائات مراجع رساله آموزشی مراجع درباره انهار زندگینامه تالیفات عربی تالیفات فارسی گالری تصاویر تماس با ما نماز بعثت محرم اعتکاف مولود کعبه ماه مبارک رمضان امام سجاد علیه السلام امام حسن علیه السلام حضرت علی اکبر علیه السلام میلاد امام حسین علیه السلام میلاد حضرت مهدی علیه السلام حضرت ابالفضل العباس علیه السلام ولادت حضرت معصومه سلام الله علیها پاسخ به احکام شرعی مشاوره از طریق اینترنت استخاره از طریق اینترنت تماس با ما قرآن (متن، ترجمه،فضیلت، تلاوت) مفاتیح الجنان کتابخانه الکترونیکی گنجینه صوتی پیوندها طراحی سایت هاستینگ ایران، ویندوز و لینوکس