فصل في أصناف المستحقین ومصارفها - الزكاة

استفتائات رساله نوین احکام برگزیده

العروه الوثقی وسیلة النجاة منهاج الصالحین تحریر الوسیلة آراء المراجع

احکام > الزكاة:

فصل في أصناف المستحقین ومصارفها

 اصناف المستحقّين للزكاة ومصارفها ثمانية :

الاوّل والثاني: الفقير والمسكين؛ والثاني اسوء حالا  من الاوّل. والفقيرالشرعيّ من لايملک مؤونة السنة له ولعياله، والغنيّ الشرعيّ بخلافه ؛ فمن كان عنده ضيعة او عقار او مواشٍ او نحو ذلک تقوم بكفايته  وكفاية عياله في طول السنة، لايجوز له اخذ الزكاة، وكذا اذا كان له راس مال يقوم ربحه بمؤونته، او كان له من النقد او الجنس ما يكفيه وعياله وان كان لسنة واحدة، وامّا اذا كان اقلّ من مقدار كفاية سنته يجوز له اخذها، وعلى هذا فلو كان عنده بمقدار الكفاية ونقص عنه بعد صرف بعضه في اثناء السنة يجوز له الاخذ ولايلزم ان يصبر الى اخر السنة حتّى يتمّ ما عنده، ففي كلّ وقت ليس عنده مقدار الكفاية المذكورة يجوز له الاخذ، وكذا لايجوز لمن كان ذا صنعة او كسب يحصّل منهما مقدار مؤونته، والاحوط  (1) عدم اخذ القادر  على الاكتساب اذا لم‌يفعل تكاسلا .

1- الفیاض: بل هو الأقوی، وتنص علی ذلک صحیحة زرارة أبي جعفر  قال: «قال رسول الله : لا تحلّ الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي، ولا لمحترف، ولا لقوي، قلنا: ما معنی هذا؟ قال: لا یحل له أن یأخذها وهو یقدر علی أن یکف نفسه عنها»(الوسائل باب: 8 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 8)،فانها تعطی ضابطا عاما لذلک، وهو ان من یقدر علی أن یکف نفسه عن الزکاة فلا یحل له أن یأخذها، سواء أکان ذا صنعة أو حرفة، أو قوة یقدر بها علی الاکتساب والاستغناء به عن الزکاة.

قد یقال: أنها معارضة بصحیحته الاخری عن أبي جعفر قال: «سمعته یقول: ان الصدقة لا تحل لمحترف، ولا لذي مرة سوي قوي، فتنزهوا عنها»(الوسائل باب: 8 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 2)، بدعوی أن قوله : «فتنزهوا عنها» یدل علی الکراهة، وهي متضمنة للجواز نصا، وعلیه فتکون هذه الصحیحة أقوی وأصرح دلالة من الصحیحة المتقدمة، فاذن لابد من تقدیمها علیها وحملها علی الکراهة، لأنه مقتضی الجمع العرفي الدلالي بینهما، ولا تصل النوبة إلی المعارضة وأعمال قواعدها.

والجواب: إن هذه الدعوی مبنیة علی الخلط بین مادة (التنزّه) التي هي بمعنی التباعد عن المکروه، وبین الأمر بتلک المادة، فان ما یتضمن الجواز نصا هو مادته، وأما إذا تعلق الأمر بها فهو ظاهر في وجوب التباعد، وبما أن الصحیحة تتضمن الأمر بالتنزه فیکون ظاهرا في وجوبه، علی أساس ظهور الأمر فیه، فاذن لا تنافي بین الصحیحتین.

وقد یقال: أنها معارضة بصحیحة معاویة بن وهب، قال: «قلت لأبي عبد الله : یرون ن النبي6 ان الصدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي، فقال أبو عبد الله : لا تصلح لغني» (الوسائل باب: 8 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 2) بدعوی ان اقتصار الامام  علی الغني یدل علی عدم صحة نقل قوله ، ولا لذي مرة سوي.

والجواب: انه لا یدل علی عدم صحة هذا النقل لکي یکون معارضا لها، إذ من المحتمل أن یکون الاقتصار علی الغني من جهة انه یعمّ ذي مرة سوي أیضا، لوضح أن من کانت عنده مهنة أو حرفة أو قوة یعیش بممارستها ومزاولتها یصدق علیه انه غني فلا یختص صدقه علی من کان عنده قوت السنة فعلا، غایة الأمر ان الانسان قد یکون غنیا بالمال، وقد یکون غنیا بالمهنة أو الحرفة، وقد یکون غنیا بالقوة علی الاکتساب.

فالنتیجة: أنها لا تدل علی عدم صحة النقل المذکور عن النبي ، بل من المحتمل قویا أنه تأکید لما نقل عن النبي الأکرم بکلمة جامعة وهي کلمة (غنی)، فاذن لا تکون معارضة لها.

مسالة 1: لو كان له راس مال لايقوم ربحه بمؤونته لكن عينه تكفيه، لايجب عليه صرفها في مؤونته(1)، بل يجوز له ابقاؤه للاتّجار به واخذ البقيّة من الزكاة؛ وكذا لو كان صاحب صنعة تقوم الاتها، او صاحب ضيعة تقوم قيمتها بمؤونته، ولكن لايكفيه الحاصل منهما، لايجب عليه بيعها وصرف العوض في المؤونة ، بل يبقيها وياخذ من الزكاة بقيّة المؤونة.

1- الفیاض: هذا هو الصحیح، وتدل علیه مجموعة من الروایات..

منها: صحیحة معاویة بن وهب قال: «سألت أبا عبد الله  عن الرجل یکون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم وله عیال وهو یحترف فلا یصیب نفقته فیها، أیکب فیأکلها ولا یأخذ الزکاة، أو یأخذ الزکاة؟ قال: لا، بل ینظر إلی فضلها، فیقوت بها نفسه ومن وسعه ذلک من عیاله ویأخذ البقیة من الزکاة، ویتصرف بهذه لا ینفقها»(الوسائل باب: 12 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1)، فا مقتضی اطلاقها عدم الفرق بین أن یکون رأس مال حرفته یکفی لمئونة سنته علی تقدیر صرفه فیها وحده أو لا، وحملها علی صورة کفایة رأس المال بضمیمة الربح لا وحده بحاجة إلی قرینة تدل علی هذا التقیید، ولا توجد قرینة علی ذلک لا في نفس الصحیحة، ولا من الخارج.

وعلی هذا فلا وجه للتفصیل بین ما إذا کان رأس المال وحده کافیا لمئونة السنة، وما إذا لم یکن وحده کافیا لها، فعلی الأول فقد استشکل في جواز أخذ الزکاة، دون الثاني ولکن لا وجه للإشکال بعد اطلاق الصحیحة.

ومنها: موثقة سماعة، قال: «سألت أبا عبد الله  عن الزکاة هل تصلح لصاحب الدار والخادم؟ فقال: نعم، الّا أن تکون داره دار غلّة فخرج له من غلتها دراهم ما یکفیه لنفسه وعیاله، فان لم تکن الغلّة تکفیه لنفسه ولعیاله في طعامهم وکسوتهم وحاجتهم من غیر اسراف، فقد حلت له الزکاة، فان کانت غلّتها تکفیهم فلا» (الوسائل باب: 9 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1).

فان رأس المال في موردها وإن کان الدار التي جعلها صاحبها مورد للإعاشة، ویستفید من فضلها وغلتها، الّا ان العرف لا یفهم خصوصیة لها حیث ان المتفاهم العرفي منها أن الزکاة تحل لکل من لا یکفی مورد ارتزاقه لمئونة السنة سواء أکان مورده من النقود أم کان من غیرها، کالدار والخان والضیعة والدکان وما شاکل ذلک.

والنکتة فیه ان مثل هذا الشخص فقیر عرفا باعتبار ان رأس المال لدی الکاسب کالمهن لدی أصحابها مثل الخیاط والطبیب والمهندس ونحوهم، فانه إذا لم تکف مهنته لمؤنة السنة جاز له أخذ الزکاة لتتمیمها لأنه فقیر، وکذلک الکاسب فانه إذا لم یکف کسبه لمئونة سنته جاز له أخذ الزکاة لتکمیل المؤونة.

ومنها: روایة اسماعیل بن عبد العزیز (الوسائل باب: 9 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 3)، وبما أنها ضعیفة سندا، فلا بأس بالتأیید بها، ونتیجة ذلک أمران..

أحدهما: أنه لا فرق في جواز أخذ الزکاة بین أن یکون رأس المال وحده کافیا لمئونة السنة أو لا، کما هو مقتضی اطلاقي الصحیحة والموثقة.

والآخر: انه لا فرق بین أن یکون رأس المال من النقود، أو من الأعیان کالدار والدکان والخان ونحو ذلک.

مسالة 2: يجوز (1) ان يعطى الفقير  ازيد من مقدار مؤونة سنته دفعةً، فلايلزم الاقتصار على مقدار مؤونة سنة واحدة؛ وكذا في الكاسب الّذي لايفي كسبه بمؤونة سنته، اوصاحب‌الضيعة الّتي لايفي حاصلها، اوالتاجرالّذي لايفي ربح‌تجارته بمؤونة سنته، لايلزم الاقتصار على اعطاء التتمّة، بل يجوز دفع ما يكفيه لسنين(2)، بل يجوز جعله غنيّا عرفيّا وان كان الاحوط   الاقتصار ؛ نعم، لو اعطاه دفعات، لايجوز بعد ان حصل عنده مؤونة السنة ان يعطى شيئا ولو قليلا، مادام كذلک.

1- الفیاض: في الجواز اشکال بل منع، والسبب فیه ان روایات الباب تصنف إلی طائفتین..

إحداهما: تنص علی انه یحق للفقیر أن یأخذ من الزکاة بمقدار مئونة السنة، أو یکمل المؤونة ولا یحق له أن یأخذ منها أکثر من نفقة السنة کصحیحة زرارة وموثقة سماعة المتقدمتین ونحوهما. ومن الواضح ان المراد من عدم جواز أخذ الزائد عدم جوازه وضعا لا تکلیفا فقط، بمعنی انه لا یملک الزائد إذا أخذه.

والاخری: تنص علی أنه یجوز اعطاء الزکاة للفقیر إلی حد الغناء دون أکثر من ذلک. وهي روایات کثیرة..

منها: صحیحة سعید بن غزوان عن أبي عبد الله7: «قال: تعطیه من الزکاة حتی تغنیه»(الوسائل باب: 24 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1).

ومنها: موثقة عمار بن موسی عن أبي عبد الله : «انه سئل: کم یعطی الرجل من الزکاة؟ قال: قال أبو جعفر7: إذا اعطیت فاغنه»(الوسائل باب: 24 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 4).

ومنها: غیرهما.

ثم ان المراد من الغناء في هذه الروایات هو الغناء الشرعي في مقابل الفقیر، فانه المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة، ولا یکون المراد منه الغناء العرفي فان ارادته من تلک الروایات التي هي في مقام تحدید حد اعطاء الزکاة للفقیر بحاجة إلی قرینة، والّا فمناسبة الحکم والموضوع تقتضی ان المراد منه المعنی الشرعي، بل ولو لم تکن الروایات ظاهرة فیه، فلابد من حملها علیه بقرینة سائر الروایات التي منها الطائفة الاولی. هذا من ناحیة، ومن ناحیة اخری ان المتفاهم العرفي منها ومن الطائفة الاولی ان الفقیر لا یملک الزائد علی مئونة السنة.

فالنتیجة: علی ضوء ذلک أنه لا فرق بین اعطاء الزکاة للفقیر تدریجا واعطائها دفعة واحدة، فکما أنه لا یملک الزائد علی مئونة السنة في الصورة الاولی فکذلک لا یملکه في الصورة الثانیة، غایة الأمر انه في هذه الصورة یملک من المجموع المعطی له بمقدار مئونة السنة علی نحو الاشاعة، فیبقی الزائد علیه في ملک طبیعي الفقیر.

مثال ذلک: إذا اعطی للفقیر مبلغا یساوي عشرین ألف دینار – مثلا – وفرضنا ان مئونة سنته عشرة آلاف دینار، وبما أن اعطاء نصف المبلغ کان في مورده واعطاء نصفه الآخر کان في غیر مورده فبطبیعة الحال یکون أخذه بالنسبة إلی نصفه في محله وعن استحقاق، وبالنسبة إلی نصفه الآخر في غیر محله، فمن أجل ذلک کان یملک نصفه مشاعا، ویبقی نصفه الآخر کذلک في ملک طبیعي الفقیر علی أساس ان کلا من الاعطاء والأخذ کان في موضعه بالنسبة إلی النصف وفي غیر موضعه بالنسبة إلی نصفه الآخر.

ودعوی: انه لا یتاح للفقیر أخذ الزائد علی مئونة السنة باعتبار انه کان غنیا قبله، ومن المعلوم انه لا یجوز للغني أن یأخذ من الزکاة وأما إذا کان فقیرا حین الأخذ لا غنیا – کما هو المفروض في المقام – فلا مانع من أخذ الزائد وتملکه، ولذلک تختلف هذه الصورة عن صورة الاعطاء والأخذ تدریجا.

مدفوعة أولا: بأن المستفاد من روایات الزکاة أمران..

أحدهما: انه لا یجوز اعطاء الزکاة للغني.

والآخر: انه لا یجوز للفقیر أن یأخذ من الزکاة أکثر من مؤنة السنة. وتدل علی ذلک الروایتان المتقدمتان هما صحیحة زرارة وموثقة سماعة وغیرهما. وعلی هذا، فلا یجوز للفقیر ان یأخذ منها الزائد علی المئونة سواء أکان بالتدریج أم کان مرة واحده لصدق انه أخذ الزائد علیها.

وثانیا: ان تحدید جواز اعطاء الزکاة للفقیر لحد الغناء في الروایات یدل علی أن المراد من الغناء أقصی حده، وهو مقدار مؤنة السنة فحسب، فاذن لا محالة یکون التحدید بلحاظ أقصی حد الاعطاء حیث لا حدّ لأدناه.

ونتیجة ذلک: ان الروایات المذکورة تحدد مقدار الاعطاء من الزکاة لمستحقیها وهو مقدار مؤنة السنة، ومعنی هذا انه لا یجوز لمالک النصاب أن یعطي الفقیر من زکاة أمواله أزید من مؤنة السنة ولو مرة واحدة لصدق انه أعطی أکثر من المئونة والّا لکان اعطاء الزائد في غیر موضعه، نظیر أن یعطي الزکاة لغیر أهلها، وعلی هذا ففي المثال المتقدم کان اعطاء عشرة آلاف دینار له من عشرین ألف دینار في موضعه باعتبار أنها بمقدار مؤنة السنة والزائد في غیر موضعه فلا یجزئ.

وثالثا: مع الاغماض عن ذلک وتسلیم ان عدم جوازه لا یستفاد من هذه الروایات نصا، الّا أنه لا شبهة في ان ملاک عدم الجواز في الصورتین واحد، وهو عدم استحقاق کل فقیر من الزکاة أکثر من مؤنة السنة، وهذا المعنی هو المستفاد من سیاق مجموعة روایات الباب بمختلف الألسنة والموارد، منها الروایات التي تنص علی أن الله تعالی جعل للفقراء في أموال الأغنیاء ما یکفیهم، فان المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة ان الله تعالی جعل لکل فقیر في أموال الأغنیاء ما یکفي لمؤنته دون أکثر، فاذن کیف یمکن أن یملک الزائد علی المئونة، ومن الواضح انه لا فرق في ذلک بین أن یأخذ الزکاة لدی الاعطاء دفعة واحدة أو تدریجا، فان أخذ الزائد غیر جائز وضعا وتکلیفا.

إلی هنا قد ظهر ان جواز اعطاء الزکاة للفقیر أکثر من مؤنة السنة مرة واحدة وإن کان مشهورا بین الأصحاب، الّا أنه مبني علی نقطة خاطئة، وهي توهم أن المانع من أخذ الزکاة زائدا علی مؤنة السنة انما هو غناء الآخذ في المرتبة السابقة علی ذلک، والفرض عدم وجود هذا المانع إذا کان اعطاء الزائد مع المزید دفعة واحدة باعتبار أنه یصیر غنیا بأخذ المجموع مرة واحدة. ولکن لا واقع لهذا التوهم فان الموجب لتحقق عنوان الغناء لیس هو الأخذ الخارجي، بل تملکه المال المدفوع إلیه زکاة، والمفروض انه انما یملک منه بمقدار مؤنة السنة دون الأکثر منها، فیکون أخذه الأکثر في غیر موضعه فلا یصلح سببا للتملک.

وإن شئت قلت: ان أخذه الزائد علی المئونة وإن کان معها في آن واحد، الّا أن هذا الأخذ بالنسبة إلی مقدار المئونة کان في محله، فیکون سببا للملک، وبالنسبة إلی الزائد بما أنه کان في غیر محله فلا یصلح أن یکون سببا له، نظیر ما إذا أعطی لشخص مالا یکون مشترکا بینه وبین غیره، فان أخذه بالنسبة إلی ماله کان في موضعه، وبالنسبة إلی مال غیره في غیر محله، فاذن لا یرجع التفصیل بین الصورتین إلی معنی صحیح.

2- الفیاض: ظهر مما مرّ عدم جوازه، وبه یظهر حال ما بعده.

مسالة 3: دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج اليها بحسب حاله ولو لعزّه وشرفه، لايمنع من اعطاء الزكاة واخذها، بل ولو كانت متعدّدة مع الحاجة اليها، وكذا الثياب والالبسة الصيفيّة والشتويّة السفريّة والحضريّة ولو كانت للتجمّل، واثاث البيت من الفروش والظروف وسائر ما يحتاج اليه؛ فلايجب بيعها في المؤونة، بل لو كان فاقدا لها مع الحاجة جاز اخذ الزكاة لشرائها، وكذا يجوز اخذها لشراء الدار والخادم وفرس الركوب والكتب العلميّة ونحوها مع الحاجة اليها؛ نعم، لو كان عنده من المذكورات او بعضها ازيد من مقدار حاجته بحسب حاله، وجب   صرفه  في المؤونة ، بل اذا كانت عنده دار تزيد عن حاجته وامكنه بيع المقدار الزائد منها عن حاجته وجب بيعه، بل لو كانت له دار تندفع حاجته باقلّ منها قيمةً فالاحوط (1) بيعها  وشراء الادون، وكذا في العبد والجارية والفرس .

1- الفیاض: بل الأقوی ذلک إذا کانت حاجته بحسب حاله وشئونه تندفع بالأقل منها قیمة وأدون منها کما وکیفا، فان معنی ذلک أنها زائدة علی حاجته اللائقة بحاله.

نعم، إذا لم تکن زائدة علی ما هو اللائق بحاله، ولکن بامکانه أن یعیش في دار أدون منها کما وکیفا وأقل منها قیمة بدون عسر وحرج لم یجب علیه بیعها، لأن مؤن کل فرد انما هو بحسب مکانة ذلک الفرد اجتماعیا وعائلیا وشئونه في الداخل والخارج من المسکن والخدم والمرکبة والفروش والظروف والألبسة ونحوها.

فالنتیجة ان المؤنة المستثناة من الزکاة تلحظ بالنسبة إلی کل مکلف مکانة ذلک المکلف اجتماعیا مادیا ومعنویا، وأنها تحدد مؤنته کما وکیفا، فمن أجل ذلک لیس لها ضابط کلي، بل هي تختلف باختلاف مکانة أفراد المکلفین.

ثم إن اثمان المئونة هل هي تلحق بنفس المئونة في استثنائها من الزکاة لدی الحاجة إلیها أو لا؟ الظاهر أنها لا تلحق بها، فإذا کان لدی الشخص الدراهم أو الدنانیر بقدر النصاب، وکان الشخص في أمس الحاجة إلی المسکن أو سائر لوازم الحیاة، ولکنه لم یقدم علی الشراء وکانت تظل باقیة عنده إلی أن حال علیها الحول تعلقت الزکاة بها ولا یوجد دلیل علی استثنائها لاختصاص الدلیل بعین المؤن.

مسالة 4: اذا كان يقدر على التكسّب لكن ينافي شانه، كما لو كان قادرا على الاحتطاب والاحتشاش الغير اللائقين بحاله، يجوز له اخذ الزكاة؛ وكذا اذاكان عسرا ومشقّة، من جهة كِبَر او مرض او ضعف، فلايجب عليه التكسّب حينئذٍ.

مسالة 5: اذا كان صاحب حرفة وصنعة ولكن لايمكنه الاشتغال بها من جهة فقد الالات او عدم الطالب، جاز له اخذ الزكاة .

 مسالة 6: اذا لم‌يكن له حرفة ولكن يمكنه تعلّمها من غير مشقّة، ففي وجوب التعلّم وحرمة اخذ الزكاة بتركه اشكال ، والاحوط (1) التعلّم  وترک الاخذ بعده؛ نعم، مادام مشتغلا بالتعلّم، لا مانع من اخذها.

1- الفیاض: بل هو الأقوی، لأنه مشمول لقوله  في صحیحة زرارة المتقدمة: «وهو یقدر علی أن یکف نفسه عنها» (الوسائل باب: 8 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 8) أي الزکاة، باعتبار أنه قادر علی ذلک من جهة قدرته علی التعلم ومعها لا یجوز له أخذ الزکاة غني بمهنته فیکون مشمولا لإطلاق الصحیحة.

 

مسالة 7: من لايتمكّن من التكسّب طول السنة الّا في يوم او اسبوع مثلا ولكن يحصل له في ذلک اليوم او الاسبوع مقدار مؤونة السنة، فتركه وبقي طول السنة لايقدر على الاكتساب، لايبعد   جواز اخذه  وان قلنا: انّه عاصٍ  بالترک في ذلک اليوم  او الاسبوع(1) ، لصدق الفقير عليه حينئذٍ.

1- الفیاض: فیه انه لا وجه للعصیان حیث انه لا یجب علیه تکلیفا التکسب في ذلک الیوم أو الاسبوع حتی یکون ترکه عصیانا إذ یجوز له أن یترک التکسب فیه، غایة الأمر أنه إذا ترک أصبح فقیرا فیه، وحینئذ یستحق أن یأخذ الزکاة ولا محذور من أن یجعل الانسان نفسه فقیرة ومستحقة لها باختیاره حیث ان الفقر لیس شیئا مبغوضا عند الله تعالی.

 

مسالة 8: لو اشتغل القادر على الكسب بطلب العلم المانع عنه، يجوز له اخذ الزكاة  اذا كان ممّا يجب  تعلّمه  عينا او كفايةً(1)  ، وكذا اذا كان ممّا يستحبّ  تعلّمه كالتفقّه  في الدين اجتهادا او تقليدا؛ وان كان ممّا لا يجب ولا يستحبّ  كالفلسفة  والنجوم والرياضيّات والعروض والادبيّة لمن لا يريد التفقّه في الدين، فلا يجوز اخذه .

1- الفیاض: في جواز أخذ الزکاة من حصة الفقراء إذا کان وجوب التعلّم علیه کفائیا اشکال بل منع، لأن المعیار في جواز أخذ الزکاة انما هو عدم قدرة المکلف علی أن یکف نفسه عنها، وأما إذا کان قادرا علی ذلک یجوز له أخذها علی ما نص علیه في صحیحة زرارة المتقدمة. والمفروض في المقام انه قادر علی کف النفس علی أساس أن وجوب التعلم علیه کفائي، فیجوز له ترکه واختیار التکسّب، وبه یظهر حال ما بعده.

 

 مسالة 9: لو شکّ في انّ ما بيده كافٍ لمؤونة سنته ام لا، فمع سبق وجود ما به الكفاية لايجوز   الاخذ، ومع سبق العدم وحدوث ما يشکّ في كفايته يجوز، عملا بالاصل  في الصورتين .

مسالة 10: المـدّعـي لـلـفـقـر ان عـرف صـدقـه او كـذبـه عـومـل بـه، وان جـهل الامـران فمـع سبـق فـقـره يـعـطى مـن غـير يمـين، ومـع سبـق الغـنى(1) او الجـهل بالحـالة السـابـقة فـالاحـوط عدم الاعطاء، الّا مع الظنّ  بالصدق(2) ، خصوصا في الصورة الاولى.

1- الفیاض: في جواز الاکتفاء بالظن بصدقة مطلقا في هذه الصورة وفي غیرها اشکال بل منع، لأن الظن لا یکون حجة حتی یکون مانعا عن استصحاب بقاء الغنی، فاذن العبرة انما هي بحصول الوثوق بالصدق، فان حصل فهو، والّا لم یجز اعطاء الزکاة له.

2- الفیاض: مرّ أنه لا أثر للظن، ولا یکون حجة، وعلیه فالأظهر عدم قبول دعوی الفقر الّا في حالتین..

الاولی: أن یکون الفقیر ثقة.

الثانیة: أن یحصل الوثوق بالصدق. نعم المشهور بین الأصحاب قبول دعوی الفقر مطلقا حتی مع عدم الظن بالصدق، وقد استدل علی ذلک بوجوه..

الأول: الإجماع المدعی في المسألة علی قبول دعوی الفقر.

ویرده ما ذکرناه غیر مرة من أنه لا یمکن اثبات الحکم في المسألة بالإجماع الا عند توفر أمرین فیه..

الأول: ثبوته لدی القدماء من الأصحاب علی نحو یکون کاشفا عن ثبوته في زمان المعصومین7.

الثاني: أن لا یتوفر في المسألة ما یصلح أن یکون مدرکا لها، وکلا الأمرین غیر متوفرین في المقام.

الثاني: جریان السیرة القطعیة العملیة من المتشرعة علی العمل بقوله من دون المطالبة بالبینة أو الیمین.

والجواب أولا: ان ثبوت السیرة کذلک بین المتشرعة في تمام الأدوار والقرون علی قبول دعواه مطلقا لا یخلو عن اشکال بل منع.

وثانیا: إنها انما تکون حجة إذا کانت متصلة بزمن المعصومین7 حتی تکون کاشفة عن ثبوتها في ذلک الزمان ووصولها إلینا یدا بید وطبقة بعد طبقة، ولکن ذلک یتوقف علی ثبوت أمرین..

الأول: السیرة بین قدماء الأصحاب الذین یکون عصرهم متصلا بعصر أصحاب الأئمة:.

الثاني: أن لا یکون عملهم بقوله مستندا إلی شيء آخر، بل یکون مستندا إلی تلقي هذه السیرة من زمن المعصومین: یدا بید. وکلا الأمرین غیر متوفر في المقام.

أما الأول: فلا طریق لنا إلی احراز ثبوتها بینهم جمیعا، ومجرد الفتوی لا یکشف عن وجودها واستنادها إلیها.

وأما الثاني: فلأن من المحتمل قویا أن یکون عملهم بقوله مستندا إلی وجوه اخری في المسألة لا إلی تلقي السیرة من زمن المعصومین: طبقة بعد طبقة، فاذن لا یکون مجرد عملهم بقوله کاشفا عن ثبوت السیرة علی ذلک من زمن الأئمة:.

الثالث: ان من ادعی شیئا ولا معارض له في دعواه یقبل منه مطلقا من دون أن یطالب ببینة ولا یمین، فانه انما یطالبه بذلک إذا کان في مقابله منکر لا مطلقا، وتدل علی ذلک صحیحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله  قال: «قلت: عشرة کانوا جلوسا، وفي وسطهم کیس، فیه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضا: ألکم هذا الکیس؟ فقالوا کلهم: لا، وقال واحد منهم هو لي، فلمن هو؟ قال: للذي ادعاه»(الوسائل باب: 17 من أبواب کیفیة الحکم وأحکام الدعوی الحدیث: 1) فان مقتضی اطلاقها أنه للمدعي مطلقا وإن لم یکن ثقة ولا دعواه مفیدة للوثوق، وهذا معنی قبول دعوی المدعي إذا لم یکن لها معارض، وهذه الکبری تنطبق علی المقام.

والجواب: ان الصحیحة وإن کانت تامة دلالة، الّا أن موردها دعوی المال التي لا معارض لها، ولا یمکن التعدي عنه إلی الموارد التي لا تکون الدعوی فیها متعلقة بالمال وإن کان لا معارض لها کما هو الحال في المقام، فان دعوی الفقر وإن کانت لا معارض لها الّا أنها لا ترتبط بالمال، فلذلک یکون التعدي بحاجة إلی قرینة حیث ان الحکم في مورد الصحیحة یکون علی خلاف القاعدة، والفرض أنه لا قرینة علیه، لا في نفس الصحیحة، ولا في الخارج.

فالنتیجة: انه لا دلیل علی أن کل من ادعی شیئا ولا معارض له في دعواه یقبل قوله مطلقا، وانما الدلیل قد قام علی ذلک في بعض صغریات هذه الکبری وهو ما إذا کانت الدعوی مرتبطة بالمال.

الرابع: بروایة عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد الله7 قال: «جاء رجل إلی الحسن والحسین3 وهما جالسان علی الصفا فسألهما، فقالا: ان الصدقة لا تحلّ الّا في دین موجع أو غرم مفظع، أو فقر مدقع، ففیک شيء من هذا؟ قال: نعم، فاعطیاه»(الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 6) بدعوی أنها تدل علی قبول قوله مطلقا.

والجواب أولا: ان الروایة ضعیفة سندا من جهة الارسال، فلا یمکن الاستدلال بها.

وثانیا: ان الروایة تتضمن قضیة في واقعة خاصة، فلا اطلاق لها ولا تدل علی قبول قول الفقیر مطلقا وإن لم یکن ثقة ولا یحصل الوثوق بصدقه.

الخامس: ان أخیار الشخص عن حالاته وشئونه کالفقر والغناء والمرض والصحة وما شاکل ذلک حجة، معللا بأنه لا طریق غالبا للتعرف بحاجة المحتاجین الّا بسبب أخبارهم عنها، فلو لم یقبل دعوی الفقر من أهله لتعذر علیه في الغالب اقامة البینة علیه، وتؤکد ذلک مجموعة من الروایات..

منها: صحیحة میسر قال: «قلت لأبي عبد الله  ألقی المرأة بالفلاة التي لیس فیها أحد فأقول لها: ألک زوج؟ فتقول: لا، فأتزوجها، قال: نعم، هي المصدقة علی نفسها»(الوسائل باب: 25 من أبواب عقد النکاح وأولیاء العقد الحدیث: 2) بتقریب ان موردها وإن کان خاصا ألّا أن المتفاهم العرفي منها الکبری الکلیة وهي حجیة أخبار کل مخبر بشيء لا طریق للتعرف به غالبا الّا من ناحیة إخباره به.

والجواب أولا: ان الفقر والغناء والمرض والصحة ونحوها لیست من الأشیاء التي لا یمکن الاطلاع علیها غالبا الّا من ناحیة أخبار أصحابها، بل هي من الأشیاء الاعتیادیة التي کما یمکن الاطلاع علهیا من ناحیة أخبارهم بها، کذلک یمکن الاطلاع علیها من النواحي الاخری.

وثانیا: انه لا دلیل بشکل عام علی أن کل ما لا یمکن الاطلاع علیه غالبا الّا من طریق أخبار صاحبه فأخباره به حجة، وأما الصحیحة ونحوها فلا اطلاق لها بالنسبة إلی سائر الموارد، فالتعدي عن موردها إلیها بحاجة إلی دلیل، ولا یوجد دلیل علیه في نفس تلک الأخبار، وقوله7 فیها: «نعم هي المصدقة علی نفسها» لا یدل علی ان کل من أخبر عن حال من حالاته التي لا طریق إلیها غالبا الّا من طریق أخباره بها، فهو مصدق فیه، بل یدل علی أنه المصدقة علی نفسها في موردها لا مطلقا. نعم، لو کان قبول قولها في ذلک معللا بعدم امکان الاطلاع به غالبا الّا من طریق نفسها لدل علی عموم الحکم في کل مورد یتوفر فیه هذا الملاک بلا خصوصیة لموردها. هذا اضافة إلی أنها معارضة بصحیحة حماد عن أبي عبد الله : «في رجل طلق امرأته ثلاثا، فبانت منه، مراجعتها، فقال لها: إني أرید مراجعتک فتزوجي زوجا غیري، فقالت له قد تزوجت زوجا غیرک، وحلّلت لک نفسي، أیصدّق قولها ویراجعها؟ وکیف یصنع؟ قال: إذا کانت المرأة ثقة صدّقت في قولها»(الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الطلاق وأحکامه الحدیث: 1) فإنها تنص علی ان قبول قولها منوط بکونها ثقة.

فالنتیجة: انه لا دلیل علی أن دعوی الفقر مسموعة مطلقا وإن لم یحصل الوثوق بالصدق، ولا کون المدعي ثقة.

ومن هنا یظهر أنه لا وجه للتفصیل بین العلم یکون مدعي الفقر مسبوقا بالغناء، وبین الجهل بحالته السابقة، فعلی الأول لا تکون دعوی الفقر من مسموعة الّا إذا حصل الوثوق بصدقة، وعلی الثاني تکون مسموعة مطلقا، وذلک لأن الوجوه المذکورة کلا أو بعضا لو تمت فلا مجال لهذا التفصیل، فان استصحاب بقاء الغناء لا یکون حجة في مقابلها، وإن لم تتم کذلک فأیضا لا مجال له، فان دعواه کما لا تکون حجة في الفرض الأول لا تکون حجة في الفرض الثاني أیضا، ولا فرق في هذا الفرض بین أن یکون الجهل بحالته السابقة من جهة الشک في کل من الفقر والغنی بمفاد کان التامة، أو بمفاد کان الناقصة، کما إذا علم أنه کان في فترة من الزمن فقیرا، وفي فترة اخری کان غنیا، وشک في المتقدم والمتأخر منهما، فهاهنا حالتان..

الاولی: أن یکون تاریخ کل منهما مجهولا.

الثانیة: أن یکون تاریخ أحدهما مجهولا وتاریخ الآخر معلوما. وعلی جمیع التقادیر فاستصحاب بقاء الفقر معارض باستصحاب بقاء الغناء. أما في الحالة الاولی، فلأن المکلف یکون شاکا في بقاء الجامع بین الفردین الطولیین باعتبار أنه کان متیقنا بتحقق الجامع في ضمن أحد فردیه، حیث انه یعلم بفقره في أحد الزمانین وبغناء في الآخر، ویشک في بقاء کل منهما في الزمن الثالث، وحینئذ لا مانع من استصحاب بقاء کل منهما في نفسه، ولکنه یسقط من جهة المعارضة. وأما في الحالة الثانیة فأیضا لا مانع من استصحاب بقاء کل منهما في نفسه، غایة الأمر أنه شخصي في المعلوم التاریخ، وکلي في المجهول، فتقع المعارضة بینهما ویسقطان معا، ولا فرق فیه بین أن یکون تاریخ الفقر معلوما وتاریخ الغناء مجهولا أو بالعکس.

فالنتیجة: ان استصحاب بقاء کل من الفقر والغنی ساقط في تمام هذه الحالات بالمعارضة، فعندئذ إن حصل الوثوق بالفقر من قوله فهو، والّا فلا أثر له.

 

مسالة 11: لو كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاةً؛ سواء كان حيّا او ميّتا، لكن يشترط في الميّت ان لايكون له تركة تفي بدينه، والّا لايجوز؛ نعم، لو كان له تركة لكن لايمكن الاستيفاء منها لامتناع الورثة او غيرهم، فالظاهر الجواز  .

مسالة 12: لايجب اعلام‌الفقير انّالمدفوع اليه زكاة، بل لوكان ممّن يترفّع ويدخله الحياء منها وهو مستحقّ، يستحبّ دفعها اليه على وجه الصلة ظاهرا والزكاة واقعا؛ بل لو اقتضت المصلحة   التصريح كذبا  بعدم كونها زكاةً جاز(1) اذا لم‌يقصد  القابض  عنوانا اخر غير الزكاة(2)، بل قصد مجرّد التملّک.

1- الفیاض: في الجواز اشکال بل منع، لأن المصلحة المقتضیة للکذب هي الحفاظ علی حرمة المؤمن المستحق، فإذا فرض انه لا یمکن الحفاظ علیها الّا بنفي الزکاة عن المال المعطی له کذبا لم یجز الاعطاء. نعم، إذا فرض ان الاعطاء واجب بسبب من الأسباب، فعندئذ تقع المزاحمة بین حرمة الکذب وبین حفظ حرمة المؤمن وعدم هتکه، ویرجع إلی مرجحات باب المزاحمة، وهذا یختلف باختلاف مکانة المؤمن. هذا اضافة إلی أن ذلک مجرد فرض، إذ إعطاء الزکاة بدون الاسم لا یکون هتکا بنظر الناس، بل ربما یکون فیه بنظرهم نوع احترام بتخیل انه هدیة له تکشف عن مکانته عنده، لأن الاعطاء لو کان فیه إذ لالا  فانما هو مع الاسم لا بدونه کما نصت علیه صحیحة أبي بصیر قال: «قلت لأبي جعفر : الرجل من أصحابنا یستحي أن یأخذ من الزکاة، فأعطیه من الزکاة ولا أسمّي له أنها من الزکاة؟ فقال: اعطه ولا تسم له ولا تدلّ المؤمن»(الوسائل باب: 58 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1).

فالنتیجة: ان المعتبر في صحة الزکاة أن ینوي بها القربة، وأما التصریح باسمها فهو غیر معتبر في صحتها، بل لا یحتمل اعتباره فیها. وتنصّ الصحیحة علی عدم اعتباره.

وأما صحیحة محمد بن مسلم قال: «قلت لأبي جعفر : الرجل یکون محتاجا فیبعث إلیه بالصدقة فلا یقبلها علی وجه الصدقة یأخذه من ذلک ذمام واستحیاء وانقباض، فنعطیها ایّاه علی غیر ذلک الوجه، وهي منّا صدقة؟ لا إذا کانت زکاة فله أن  یقبلها، فإن لم یقبلها علی وجه الزکاة فلا تعطها ایاه، وما ینبغي له أن یستحي مما فرض الله، انما هي فریضة الله له، فلا یستحي منها»(الوسائل باب: 58 من أبواب المستحقین للزکاة حدیث: 2) فهي لا تصلح ان تعارض صحیحة أبي بصیر، حیث أنها لم تکن ناصة، بل ولا ظاهرة في عدم جواز اعطاء الزکاة بدون الاسم، فان محتملاتها امور..

الأول: أن یکون المنهي عنه هو الاعطاء بدون الاسم بحیث یکون التصریح بالاسم معتبرا فیه.

الثاني: أن یکون المنهي عنه الاعطاء بعنوان الهدیة واقعا، ولکن الله تعالی یحسب تلک الهدیة عوضا عن الزکاة.

الثالث: أن یکون المنهي عنه الاعطاء بعننوان الآخر کذبا، بمعنی أنه ینوي واقعا کون المعطی زکاة، ولکنه یقول أنه هدیة کذبا.

ولا ظهور لها في شيء منها، فاذن تکون مجملة، ومع الاغماض عن ذلک وتسلیم أنها ظاهرة في الاحتمال الأول، فلابد من رفع الید عن ظهورها فیه بقرینة نص نصیحة أّی بصیر، إما بحملها علی أحد الاحتمالین الآخرین، أو حملها علی کراهة الاعطاء بدون الاسم شریطة انقباضه مع الاسم منها، وهو خلاف طیب النفس، مع أنه لا ینبغي له الانقباض مما فرضه الله تعالی له.

2- الفیاض: لا أثر لقصد القابض عنوانا آخر غیر الزکاة، إذ لا دلیل علی أن قبض الفقیر بنیة أنه زکاة معتبر، لأنه یتعین زکاة بقصد المعطي وإن کان الفقیر القابض جاهلا بأنه زکاة، فإذا أخذه ولو بعنوان آخر تعین في ملکه، ولا یتوقف علی قصد التملک باعتبار أنه ملک لطبیعي الفقیر في المرتبة السابقة، فإذا عین المالک الزکاة في شيء وقبضه الفقیر تعیّن له، وإن کان قبضه بقصد الهدیة أو الهبة فانه لا یغیر الواقع.

 

مسالة 13: لـو دفـع الـزكـاة بـاعتـقـاد الفـقر، فبـان كـون القـابـض غنـيّا، فـان كـانت العـين باقـية ارتجـعـها ، وكـذا مـع تلـفها اذا كـان القـابـض عالـما  بكـونها زكـاة وان كـان جاهـلا بحـرمتـها للغـنيّ، بخـلاف مـا اذا كـان جاهلا بكونها زكاة فانّه لاضمان عليه(1) ؛ ولو تعذّر الارتجاع او تلفت بلاضمان او معه ولم‌يتمكّن الدافع من اخذ العوض، كان ضامنا(2) ، فعليه الزكمرّة اخرى ؛ نعم، لو كان الدافع هو المجتهد  او الماذون منه، لا ضمان عليه ولاعلى المالک الدافع اليه.

1- الفیاض: في عدم الضمان اشکال بل منع، والأقوی الضمان، لعموم علی الید، غایة الأمر ان له الرجوع إلی الدافع باعتبار أنه مغرور من قبله فیرجع إلیه لقاعدة الغرور، وحینئذ فان کان الدافع هو المالک فان أدی المغرور الزکاة یرجع إلیه، ویأخذ عوضها عنه، وإن لم یؤد فعلی المالک أن یؤدّیها لأن الضمان قد استقر علیه، وکذلک إذا کان الدافع غیر المالک.

2- الفیاض: الظاهر عدم الضمان شریطة أن یکون دفع الزکاة إلی شخص بعد الفحص والاجتهاد والتأکد وتنص علیه صحیحة عبید بن زرارة عن أبي عبد الله7 في حدیث قال: «قلت له: رجل عارف أدّی زکاته إلی غیر أهلها زمانا، هل علیه أن یؤدیها ثانیة إلی أهلها إذا علمهم؟ قال: نعم،... قال: قلت: فانه لم یعلم أهلها فدفعها إلی من لیس هو لها بأهل، وقد کان طلب واجتهد ثم علم بعد ذلک سوء ما صنع؟ قال: لیس علیه أن یؤدیها مرة اخری»(الوسائل باب: 2 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1) وقریب منها صحیحة زرارة (الوسائل باب: 2 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 2).

قد یقال کما قیل: ان المراد بغیر الأهل في الصحیحتین هو غیر العارف، بقرینة وصف الرجل الدافع بالعارف، وعلیه فلا تکونان مما نحن فیه، وهو دفع الزکاة إلی العارف غیر المستحق والأهل.

والجواب أولا: ان حمل غیر الأهل فیهما علی غیر العارف فقط بحاجة إلی قرینة، ومجرد توصیف الرجل الدافع بالعارف لا یصلح أن یکون قرینة علی ذلک، والّا لکان المناسب للسائل أن یقول: «رجل عارف أدّی زکاته إلی غیر العارف» فاذن یکون مراده من کلمة (غیر الأهل) مجهولا، ولا یعلم أنه أراد منها مطلق غیر المستحق، أو خصوص غیر العارف.

وثانیا: ان الحکم في مورد الصحیحتین یکون علی القاعدة، وذلک لما مر آنفا من أن دعوی الفقر غیر مسموعة، وحینئذ فوظیفة الدافع أن یقوم بعملیة الفحص والاجتهاد لکي یکون متأکدا وواثقا بالاستحقاق، فإذا دفعها إلی غیر موردها في الواقع ولکن کان متأکدا ومطمئنا بالمورد لم یکن ضامنا لعدم الموجب له، فان الموجب هو التفریط والتقصیر، والفرض انه لا تفریط فیه، وأما إذا دفعها إلی غیر موردها واقعا بدون أن یقوم بعملیة الفحص وتحصیل الحجة فهو ضامن، لصدق التفریط والتقصیر فیه، ولا فرق في ذلک بین أن یکون الدفع إلی غیر العارف أو إلی العارف غیر المستحق، فان المعیار في الضمان وعدمه انما هو بصدق التفریط وجودا وعدما.

وأما روایة الحسین بن عثمان عمن ذکره عن أبي عبد الله : «في رجل یعطي زکاة ماله رجلا وهو یری انه معسر فوجده موسرا؟ قال: لا یجزئ عنه»(الوسائل باب: 2 من أبواب المستحقین للزکاة حدیث: 5) فهي ضعیفة سندا بالارسال، فلا یمکن الاعتماد علیها، هذا إضافة إلی أنها تدل علی عدم الاجزاء مطلقا وإن اجتهد وفحص وتأکد فیه، فاذن لابد من تقیید اطلاقها بالصحیحتین المذکورتین.

إلی هنا قد ظهر ان الضابط في الضمان وعدمه انما هو بصدق التفریط وعدمه، ومن هنا لا ضمان علی المالک إذا دفعها إلی المجتهد أو المأذون من قبله وتلفت عنده، لأنه بذلک قد عمل بوظیفته الشرعیة، وهو یمنع عن صدق التفریط المستتبع للضمان، وکذلک المجتهد، فانه إذا دفع الزکاة علی طبق ما یراه فیه مصلحة شرعا، ثم بان خلافه لم یضمن لعدم صدق التفریط، ومن ذلک لا فرق بین المجتهد والمأذون من قبله والمالک، فان المعیار فیه انما هو بصدق التفریط، فان تلتفت وکان تلفها مستندا إلی التفریط في حفظها أو وضعها في غیر موضعها، فلا مناص من الضمان وإن کان من المجتهد. نعم ید المجتهد علیها کید المالک ید أمانة فلا ضمان علیه إذا تلفت بدون تفریط، وهذا بخلاف ید غیره علیها، فانها ید ضمان فإذا تلفت عنده فعلیه ضمانها وإن کان بغیر تفریط.

بقي هنا شيء، وهو ان اختیار تعیین الزکاة انما هو بید المالک بعزلها من النصاب وافرازها في مال معین، فإذا صنع ذلک تتعین الزکاة به، ولو تلفت بعد ذلک من دون تفریط منه لم یضمن، وقد نصب علی ذلک مجموعة من الروایات، کما أنها تتعین بدفعها إلی مستحقها، وانما الکلام فیما إذا دفعها إلی غیر مستحقها من دون الفحص والاجتهاد، فهل تتعین بنفس هذا الدفع بدون عزلها وافرازها، أو لا؟ حتی یکون ضامنا لبدلها، أو لا تتعین به، بل تظل الزکاة باقیة في النصاب، فعلی الأول یجوز له التصرف فیه کلا باعتبار ان ذمته مشغولة بالزکاة، وعلی الثاني لا یجوز له التصرف فیه کذلک، وجهان: الظاهر هو الوجه الأول، لأن المستفاد من الروایات هو ان الزکاة تتعین بعزل المالک وافرازها، ومن المعلوم ان العزل یتحقق بأخذ مقدار من النصاب بنیة ان المعزول زکاة، ولا فرق فیه بین أن یکون ذلک حین دفعها بنیة ان المدفوع زکاة، أو کان قبله، حیث ان المتفاهم من تلک الروایات عرفا ان اختیار تعیین الزکاة بید المالک سواء أکان بالعزل المصطلح لدی الفقهاء، أم کان بالأخذ بنیة الدفع.

ومع الاغماض عن ذلک وتسلیم ان الظاهر هو الوجه الثاني، فحینئذ لابد من التفصیل بین زکاة النقدین والانعام الثلاثة، وبین زکاة الغلات الأربع، فان بقاء تمام الزکاة علیه في ماله انما یتم في الاولی دون الثانیة، لما تقدم من أن تعلق الزکاة بها انما یکون علی نحو الاشاعة في العین، وعلی هذا فیکون المالک ضامنا لمقدار زکاة التألف بالنسبة.

 

مسالة 14: لو دفع الزكاة الى غنيّ جاهلا بحرمتها عليه او متعمّدا، استرجعها مع البقاء او عوضها مع التلف وعلم  القابض (1)، ومع عدم الامكان يكون عليه مرّة اخرى(2) ، ولا فرق في ذلک بين الزكاة المعزولة وغيرها، وكذا في المسالة السابقة؛ وكذا الحال لو بان انّ المدفوع اليه كافر او فاسق ان قلنا باشتراط العدالة، او ممّن تجب نفقته عليه او هاشميّ اذا كان الدافع من غير قبيله.

1- الفیاض: بل مع الجهل أیضا، لأن یده ید ضمان، غایة الأمر انه مغرور یرجع إلی من غره بمقتضی قاعدة الغرور.

2- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، لأن دفع الزکاة ان کان بعد الفحص وتحصیل الحجة فلا موجب للضمان، وقد مر أن ید المالک علیها ید أمانة، فیدور ضمانها مدار صدق التفریط وجودا عدما. وإن کان بدون الفحص والتأکد فهو ضامن. ثم انه لا فرق في ذلک بین أن تکون الزکاة معزولة في مال معین أولا ثم دفعه، أو أنها معزولة بنفس الدفع من دون عزلها أولا، وبذلک یظهر حال ما بعده.

 

مسالة 15: اذا دفع الزكاة باعتقاد انـّه عادل فبان فقيرا فاسقا، او باعتقاد انـّه عالم فبان جاهلا، او زيد فبان عمروا، او نحو ذلک، صحّ واجزا اذا لم‌يكن  على وجه التقييد(1) ، بل كان من باب الاشتباه في التطبيق، ولايجوز استرجاعه حينئذٍ وان كانت العين باقية؛ وامّا اذا كان على وجه التقييد فيجوز ، كما يجوز نيّتها  مجدّدا مع بقاء العين او تلفها اذا كان ضامنا، بان كان عالما (2)باشتباه الدافع وتقييده.

1- الفیاض: فیه ان الموجود الخارجي مضیق في ذاته ووجوده، ولا یمکن تقیید اعطاء الزکاة له بکونه عادلا، لأن مرجعه إلی أن العدالة داعیة للإعطاء، لا أنها قید لموضوعه، والّا فلازمه انه لو لم یکن عادلا لم یتحقق الاعطاء له، وهو غیر معقول، بداهة ان الزکاة قد اعطیت له في الخارج وإن لم یکن متصفا بصفة العدالة، لاستحالة انقلاب الشيء عما وقع علیه، فاذن لا محالة تکون عدالته داعیة لإعطاء الزکاة، فیکون تخلفها من التخلف في الداعي، وهو لا یضر.

 2- الفیاض: بل وإن کان جاهلا، علی تفصیل قدمر.

 

 الثالث: العاملون عليها، وهم المنصوبون من قبل الامام علیه السّلام او نائبه الخاصّ او العامّ لاخذ الزكوات وضبطها وحسابها وايصالها اليه او الى الفقراء على حسب اذنه؛ فانّ العامل يستحقّ منها سهما في مقابل عمله  وان كان غنيّا. ولايلزم استيجاره من الاوّل او تعيين مقدار له على وجه الجعالة، بل يجوز ايضا ان لايعيّن له ويعطيه بعد ذلک ما يراه . ويشترط  فيهم التكليف بالبلوغ والعقل(1) والايمان ، بل العدالة  والحرّيّة  ايضا على الاحوط(2)؛ نعم، لا باس بالمكاتب؛ ويشترط ايضا معرفة المسائل المتعلّقة بعملهم اجتهادا او تقليدا(3)، وان لايكونوا من بني هاشم؛ نعم، يجوز استيجارهم من بيت المال او غيره، كما يجوز عملهم تبرّعا. والاقوى عدم سقوط هذا القسم في زمان الغيبة مع بسط يد نائب الامام علیه السّلام في بعض الاقطار؛ نعم، يسقط بالنسبة الى من تصدّى بنفسه لاخراج زكاته وايصالها الى نائب الامام علیه السّلام او الى الفقراء بنفسه.

1- الفیاض: علی الأحوط الأولی، حیث انه لا دلیل علی اعتبارهما فیهم الّا دعوی الاجماع في المسألة، وفي غیر تامة. وعلی هذا فالعامل بما أنه منصوب من قبل الامام أو نائبه الخاص أو العام فهو أعرف بتکلیفه، إذ قد یری مصلحة في نصب الصبي الراشد أو الفاسق باعتبار انه وإن کان صبیا أو فاسقا الّا أنه بصیر بالامور وحاذق فیها وشفیق وناصح وأمین، فإذا رأی صبیا أو فاسقا کذلک فلا مانع من نصبه لجبایة الصدقات وضبطها وکتابتها وحفظها وایصالها إلیه، أو إلی الفقراء لقاء سهم من الصدقة الذي جعله الله تعالی للعالمین علیها، ولکن تعیین ذلک السهم بید الإمام أو نائبه، فله أن یعینه للعامل علیها علی وجه الجعالة، أو الاجارة، أو حسب ما یراه مناسبا، وتنص علی الأخیر صحیحة الحلبي عن أبي عبد الله ، «قال: قلت له ما یعطی المصدّق؟ قال: ما یری الامام، ولا یقدّر له شيء»(الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 4)، فانها تدل علی أنه لا یجب تعیین شيء من الصدقة له، بعنوان الاجرة، بل یعطیه الامام ما یراه. ومن هنا یشترط في العامل أن لا یکون هاشمیا لحرمة زکاة غیر الهاشمي علی بني هاشم، وقد دلت علی ذلک الروایات الکثیرة..

منها: صحیحة عیص بن القاسم عن أبي عبد الله  قال: «إن اناسا من بني هاشم أتوا رسول الله  فسألوه أن یستعملهم علی صدقات المواشي، وقالوا: یکون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعالمین علیها، فنحن أولی به، فقال رسول الله : یا بني عبد المطلب ان الصدقة لا تحل لي ولا لکم، ولکني قد وعدت الشفاعة»(الوسائل باب: 29 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1).

ودعوی: أن ما دل علی حرمة زکاة غیر الهاشمي علی الهاشمي لا یشمل ما إذا أخذها بعنوان الاجرة، کما إذا کان عاملا فانه یأخذها اجرة، نظیر ما إذا استأجر الهاشمي من بیت المال وأعطی اجرته منها، فانه لا اشکال فیه.

مدفوعة: بأن الهاشمي لا یمکن أن یکون من العاملین الذین جعل الله تعالی لهم سهما من الصدقات في الکتاب العزیز لقاء عملهم، بمعنی ان عملهم شرط لاستحقاقهم منها نظیر استحقاق المقاتلین سهامهم من الغنیمة، ولیس ذلک من باب الاجارة، فان سهمهم منها حق لهم جعله الله عز وجل شریطة عملهم فیها من دون عقد اجارة في البین.

نعم، ان تعیین ذلک السهم کما وکیفا بید الإمام أو نائبه، فانه قد یعینه علی وجه الاجرة لهم، أي بنسبة عملهم، وقد یعطیه حسب ما یراه مصلحة. وأما استئجار بني هاشم من بیت المال أو غیره لجبایة الزکوات وحفظها وایصالها إلیه، أو إلی الفقراء فهو خارج عن محل الکلام، ولا مانع منه لأنه غیر داخل في العاملین في الآیة الشریفة التي جعل الله تعالی لهم حصة من الزکاة.

2- الفیاض: لا بأس بترکه، اما العدالة فلا شبهة في عدم اعتبارها في العامل، لعدم الدلیل، وأن المعتبر فیه أن یکون ثقة وأمینا وإن کان فاسقا، لأنه مقتضی مناسبة الحکم والموضوع في المسألة، وأما الحریة فلا دلیل علی اعتبارها ولا مانع من کون العبد عاملا باذن سیده ومستحقا للزکاة علی أساس عمله، ولا یمکن التمسک لعدم جواز صرف سهم العاملین علیه بقوله  في موثقة اسحاق بن عمار: «لایعطی العبد من الزکاة شیئا»(الوسائل باب: 44 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 3)، فان المنصرف منه المنع عن اعطائه من سهم الفقراء لا مطلقا ولو کان من سهم العاملین، وأصرح منه في المنع عن ذلک قوله في صحیحة عبد الله بن سنان الواردة في المملوک: «لو احتاج لم یعط من الزکاة شیئا» (الوسائل باب: 4 من أبواب من تجب علیه الزکاة الحدیث: 1).

3- الفیاض: في الاشتراط اشکال بل منع، إذ لا دلیل علی أن یکون العامل فقیها وعارفا بالمسائل المتعلقة بأعمالهم سابقا، اذ له أن یکتفی بالسؤال عند الابتلاء بها، أو تأخیر الواقعة إلی أن یسأل عن حکمها أو غیر ذلک من الطریق المعینة للجاهل.

 

الرابع: المؤلّفة قلوبهم  من الكفّار(1)  الّذين يراد من اعطائهم الفتهم وميلهم الى الاسلام او الى معاونة المسلمين في الجهاد مع الكفّار او الدفاع؛ ومن المؤلّفة قلوبهم الضعفاء  العقول  من المسلمين، لتقوية اعتقادهم او لامالتهم  الى المعاونة في الجهاد او الدفاع.

1- الفیاض: هذا وإن کان مقتضی اطلاق الآیة الشریفة، الّا ان الروایات تنص علی تطبیق المؤلفة قلوبهم علی طائفة من المسلمین لکي یحسن اسلامهم ویثبتوا علی دینهم الذي دخلوا فیه، وهذه الروایات حاکمة علی اطلاق الآیة الکریمة، وتبیّن ان المراد من المؤلفة قلوبهم فیها طائفة من المسلمین الذین هم من الضعفاء في اسلامهم ودینهم، فاعطاء الزکاة لهم لتثبیتهم علی اسلامهم ودینهم وخروجهم من الشکوک والأوهام التي طرأت علیهم، وهذه الروایات ما یلی..

منها: صحیحة زرارة عن أبي جعفر  قال: «سألته عن قول الله عز وجل: (وَ اَلمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم)، قال: هم قوم وحدوا الله عز وجل وخلعوا عبادة من یعبد من دون الله عز وجل وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله6 وهم في ذلک شکّاک في بعض ما جاء به محمد6 فأمر الله نبیّه أن یتألفهم بالمال والعطاء لکي یحسن اسلامهم ویثبتوا علی دینهم الذي دخلوا فیه وأقرّوا به. وأن رسول الله6 یوم حنین تألف رؤساء العرب من قریش وسائر مضر، منهم أبو سفیان بن حرب وعیینة بن حصین الفزاري وأشباههم من الناس، فغضبت الأنصار واجتمعت إلی سعد بن عبادة فانطلق بهم إلی رسول الله  بالجعرانة، فقال: یا رسول الله أتأذن لي في الکلام، فقال: نعم، فقال: یا رسول الله  أتأذن لي في الکلام، فقال: ان کان هذا الأمر من هذه الأموال التي قسمت بین قومک شیئا أنزله الله رضینا وإن کان غیر ذلک لم نرض. قال زرارة: وسمعت أبا جعفر  یقول: فقال رسول الله : یا معشر الأنصار أکلّکم علی قول سیّدکم سعد فقالوا: سیّدنا الله ورسوله، ثم قالوا في الثالثة: نحن علی مثل قوله ورأیه، قال زرارة: فسمعت أبا جعفر یقول: فحط الله نورهم وفرض الله للمؤلفة قلوبهم سهما في القرآن»(اصول الکافي ج 2 صفحة 411 الحدیث: 2) فان هذه الصحیحة في مقام بیان المراد من المؤلفة قلوبهم في الآیة الشریفة وتفسیرها بطائفة من المسلمین الذین کانوا شاکین في بعض ما جاء به محمد .

ومنها: صحیحة الاخری عن أبي جعفر  قال: «المؤلفة قلوبهم قوم وحّدوا الله وخلعوا عبادة من دون الله ولم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمدا رسول الله  وکان رسول الله یتألفهم ویعرفهم لکیما یعرفوا ویعلّمهم»(اصول الکافي ج 2 صفحة 410 الحدیث: 1).

ومنها: روایات اخری، ولکن بما أنها ضعیفة سندا فلا یمکن الاستدلال بها.

فالنتیجة: انه لا دلیل علی أن المؤلفة قلوبهم أعم من الکفار والمسلمین، وعلیه فالمؤلفة قلوبهم الذین جعل الله لهم حصة من الزکاة في الکتاب العزیز عبارة عن طائفة من المسلمین الذین دخلوا في الإسلام، ولکنهم متزلزلین في بعض ما جاء به النبي الأکرم  وشاکین فیه، ولم یجعل للأعم من الکفار والمسلمین، فلا یجوز اعطاء الزکاة للکفار لألفتهم ومیلهم إلی الإسلام بعنوان أنهم من مواردها.

نعم، یجوز للإمام أو نائبه اعطاء الزکاة لهم إذا رأی فیه مصلحة للإسلام وعظمة وتقویة له کجلب رغبتهم ومیلهم قلبا إلیه والفتهم به، الّا ان ذلک لیس من جهة أنهم من المؤلفة قلوبهم في الآیة الشریفة، بل من باب المصلحة العامة للإسلام والمسلمین، فیدور مدار تلک المصلحة وجودا وعدما، ومن هنا یظهر أن مقتضی هذه الروایات اختصاص المؤلفة قلوبهم بالمسلمین الذین هم ضعفاء في اسلامهم، فان الله تعالی جعل لهم حصة من الزکاة لکي یحسن اسلامهم ویثبتوا علی دینهم، وعلیه فلا تعم المؤلفة المسلمین الذین یقصد من وراء اعطائهم الزکاة المعاونة علی الجهاد والدفاع عن الإسلام والمسلمین، فان اعطاءها لهم یدور مدار تلک المصلحة العامة، ولیس بملاک المؤلفة قلوبهم.

قد یقال کما قیل: ان مقتضی هذه الروایات الواردة في تفسیر الآیة الشریفة وإن کان ذلک، الّا أن هناک روایة اخری تدل علی الأعم، وهي صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا لأبي عبد الله : «أ رأیت قول الله تبارک وتعالی: (أِنَّمَا اَلصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَاَلمَساکِینِ وَاَلعامِلِینَ عَلَیها وَاَلمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم وَفِي اَلرَّقابِ وَاَلغارِمِینَ وَفِي سَبِیلِ اللهِ وَاِبنِ اَلسَّبِیلِ فَرِیضَةً مِنَ اَللهِ) أکلّ هؤلاء یعطی وإن کان لا یعرف؟ فقال: ان الامام یعطي هؤلاء جمیعا لأنهم یقرّون له بالطاعة، قال زرارة: قلت: فان کانوا لا یعرفون، فقال: یا زرارة لو کان یعطی من یعرف دون من لا یعرف لم یوجد لها موضع، وانما یعطی من لا یعرف لیرغب في الدین فیثبت علیه، فأما الیوم فلا تعطها أنت وأصحابک الّا من یعرف، فمن وجدت من هؤلاء المسلمین عارفا فاعطه دون الناس، ثم قال: سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام والباقي خاص – الحدیث»(الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1). بتقریب أنها تنص علی أن سهم المؤلفة وسهم الرقاب عام.

والجواب: ان في هذه الصحیحة شواهد تدل علی ان المراد من المؤلفة فیها المسلمون فحسب دون الأعم منهم ومن الکفار..

الأول: قوله: «لأنهم یقرون له بالطاعة» فانه ناص علی أن هؤلاء من المسلمین المعترفین له بالطاعة.

الثاني: قوله : «وانما یعطی من لا یعرف لیرغب في الدین فیثبت علیه» فانه ینص بقرینة قوله7: «فیثبت علیه» اختصاص من لا یعرف بالمسلم، فان اعطاء الزکاة له لکي یحسن اسلامه ویثبت علی دینه الذي دخل فیه.

الثالث: قوله7: «فمن وجدت من هؤلاء المسلمین عارفا فاعطه» فانه یدل علی أن العارف وغیر العارف کلاهما من المسلمین.

وهذه الشواهد قرینة علی أن المراد من العام في قوله  «سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام» الأعم من العارف وغیر العارف من المسلمین، لا من المسلمین والکفار، ویؤکد ذلک ان المراد من غیر العارف في الروایات غیر المعتقد بولایة علي بن أبي طالب وأولاده الطاهرین:، فالمؤلفة في الصحیحة علی ضوء تلک الشواهد تخص بالمسلمین وتعم العارف وغیر العارف منهم. ومما یؤکده أیضا جعل عموم سهمهما في مقابل خصوص سهم الباقي، إذ لا شبهة في أن سهم الباقي خاص بالشیعة، فلا یجوز لغیرهم.

ومع الاغماض عن جمیع ذلک فالصحیحة مجملة ولا ظهور لها في العموم.

فالنتیجة: ان المراد من المؤلفة قلوبهم في الآیة الشریفة المسلمون الذین دخلوا في الإسلام علی الرغم من الشکوک والأوهام في قلوبهم، فمن أجل ذلک جعل الله تعالی حصة من الزکاة لهم بغایة نمو ایمانهم بالاسلام ورغبتهم إلیه لکي تؤدي إلی ازالة تلک الشکوک والأوهام عن أذهانهم وتثبیتهم علی الإسلام.

 

الخامس: الرقاب؛ وهم ثلاثة اصناف :

الاوّل: المكاتب العاجز عن اداء مال الكتابة(1)، مطلقا كان او مشروطا؛ والاحوط ان يكون  بعد حلول النجم(2)، ففي جواز اعطائه قبل حلوله اشكال.

ويتخيّر بين الدفع الى كلّ من المولى والعبد، لكن ان دفع الى المولى واتّفق عجز العبد عن باقي مال الكتابة في المشروط فردّ الى الرقّ، يسترجع منه ؛ كما انـّه لو دفعها الى العبد ولم‌يصرفها في فکّ رقبته لاستغنائه بابراء او تبرّع اجنبيّ، يسترجع منه؛ نعم، يجوز الاحتساب حينئذٍ من باب سهم الفقراء اذا كان فقيرا. ولو ادّعى العبد انـّه مكاتب او انـّه عاجز، فان علم صدقه او اقام بيّنة، قبل قوله، والّا ففي قبول قوله اشكال ، والاحوط (3)  عدم القبول ؛ سواء صدّقه المولى او كذّبه، كما انّ في قبول قول المولى مع عدم العلم والبيّنة ايضا كذلک؛ سواء صدّقه العبد او كذّبه.
ويجوز(4) اعطاء المكاتب من سهم الفقراء  اذا كان  عاجزا  عن التكسّب  للاداء، ولايشترط اذن المولى في الدفع الى المكاتب؛ سواء كان من باب الرقاب او من باب الفقر.

1- الفیاض: علی الأحوط، حیث ان الدلیل علی التقیید بالعجز في مقابل اطلاق الآیة الشریفة مرسلة أبي اسحاق عن الصادق : «انه سئل عن مکاتب عجز عن مکاتبته وقد أدی بعضها؟ قال : یؤدی عنه من مال الصدقة، ان الله تعالی یقول في کتابه: (وَفِي اَلرِّقابِ) (الوسائل باب: 21 من أبواب المکاتبة الحدیث: 1) ولکنها لا تصلح للتقیید من ناحیة الإرسال، فاذن مقتضی اطلاق الآیة المبارکة جواز أداء مال الکتابة عن الزکاة وإن لم یکن المکاتب عاجزا عنه.

ودعوی انصراف اطلاق الآیة إلی خصوص الرقاب المحتاجین في فکاکها إلی الزکاة.

غیر بعیدة في نفسها علی أساس ان المتفاهم العرفي من أدلة تشریع الرکاة بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة هو تشریعها لإشیاع حاجة المحتاجین ودفع الضرورة عنهم الّا أن هناک خصوصیة تمنع عن هذا الانصراف، وهي اهتمام الإسلام بفکاک الرقاب والتخلص منهم في المجتمع الاسلامي نهائیا، ومن أجل ذلک جاء بتشریعات متعددة بمختلف الصیغ والأسالیب في مختلف الموارد التي تتضمن الترغیب والاهتمام بفکاک الرقاب وجوبا مرة واستحبابا مرة اخری، منها هذه الآیة الشریفة، فانها تتضمن تشریع حصة من الزکاة لفکاک الرقاب، ومنها جعل فک الرقبة من أحد أفراد الواجب في ضمن تشریع نو ع الکفارات، ومنها تشریع سرایة الحریة من جزء إلی سائر أجزائه، ومنها تشریع استحباب فک الرقبة بشکل عام في مختلف الموارد والمناسبات، ومن المعلوم ان کل ذلک یدل علی اهتمام الشارع بفک الرقاب والتخلص منهم في نهایة المطاف کلا، وهذا الاهتمام یصلح أن یکون مانعا عن انصراف اطلاق الآیة الکریمة، ویکون حال الرقاب من هذه الناحیة حال المؤلفة قلوبهم والعاملین لا حال الفقراء والمساکین. ولکن مع هذا فالاحتیاط أجدر وأولی.

2- الفیاض: لا بأس بترکه لإطلاق الآیة وعدم الدلیل علی هذا التقیید.

3- الفیاض: بل هو الأظهر الّا إذا کان ثقة، أو یحصل الوثوق بصدقه، والّا فلا دلیل علی ان قوله حجة، ولا فرق في ذلک بین تصدیق السید أو تکذیبه الّا إذا کان السید ثقة، أو یحصل الوثوق من قوله. وأما دعوی القطع من الأصحب أو عدم الخلاف في أن قوله قبل إذا صدقة سیده، ولم یقبل إذا کذبه، لا أساس لها وعهدتها علی مدعیها.

وقد یستدل علی ذلک، مرة بان الکتابة حق في العبد للمولی، فاخباره بها حجة من باب الإقرار بالحق.

والجواب: ان الاقرار انما یکون حجة باعتبار انه اخبار بحق غیره علیه، فعندئذ للمقر له أن یأخذه علی طبق اقراره، ویطالبه به، ولا دلیل حجیة اخباره بحق نفسه في شيء.

واخری: ان أخبار المالک بالتصرفات المتعلقة بملکه من التصرفات الاعتباریة کالبیع والاجارة والکتابة ونحوها، والتصرفات الخارجیة حجة في الشرع والعرف، علی أساس انه أخبار بشيء کانت له الولایة علیه.

والجواب عنه، ما تقدم من أن دعوی المدعي إذا کانت متعلقة بالمال کانت حجة شریطة أن لا یکون لها معارض، ولا دلیل علی حجیة دعواه کذلک إذا لم تکن متعلقة بالمال کما في المقام، کدعوی الکتابة أو بیع ماله، أو إجارته أو ما شاکلهما، فانه لا دلیل علی حجیتها إذا لم یکن ثقة ولا یحصل الوثوق بالصدق.

فالنتیجة: انه لا دلیل علی حجیة دعوی المدعي مطلقا الّا إذا کانت متعلقة بالمال ولم یکن لها معارض.

4- الفیاض: في الجواز اشکال بل منع، لأن مقتضی اطلاق قوله  في صحیحة عبد الله بن سنان: »لیس في مال المملوک شيء ولو کان له ألف ألف، ولو احتاج لم یعط من الزکاة شیئا» (الوسایل باب: 4 من أبواب من تجب علیه الزکاة الحدیث: 1) و قوله في ذیل موثقة اسحاق بن عمار: «ولا یعطی العبد من الزکاة شیئا» (الوسائل باب: 4 من أبواب من تجب علیه الزکاة الحدیث: 6) عدم جواز اعطاء الزکاة للمکاتب من سهم الفقراء.

 

الثاني: العبد تحت الشدّة (1)، والمرجع في صدق الشدّة العرف؛ فيشترى ويُعتق، خصوصا اذا كان مؤمنا في يد غير المؤمن.

1- الفیاض: لا دلیل علی هذا التقیید، ومنشاه روایة أبي بصیر عن أبي عبد الله  قال: «سألته عن الرجل یجتمع عنده من الزکاة الخمسمائة والستمائة یشتري بها نسمة ویعتقها، فقال: إذا یظلم قوما آخرین حقوقهم، ثم مکث ملیا، ثم قال: الّا أن یکون عبدا مسلما في ضرورة فیشتریه و یعتقه» (الوسائل باب: 43 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1). ولکن الروایة ضعیفة سندا، باعتبار أن في سندها عمرو عن أبي بصیر وهو مجهول.

نعم، رواها الشیخ في التهذیب عن الکافي عن عمرو بن أبي نصر عن أبي بصیر، والروایة حینئذ تامة سندا، الّا أن ما رواه الشیخ لا یطابق مع ما هو في الکافي، فان الموجود فیه روایة عمرو عن أبي بصیر، فاذن یحتمل أن یکون الاشتباه في التهذیب.

فالنتیجة: ان الروایة لم تثبت سندا، وعلیه فلا وجه لجعل ذلک عنوانا مستقلا في مقابل العنوان الثالث وهو مطلق عتق العبد، فان مقتضی اطلاق الآیة الشریفة جواز شراء العبد من الزکاة بغرض عتقه سواء أکان تحت الشدة أم لا.

الثالث: مطلق عتق العبد مع عدم‌وجود  المستحقّ  للزكاة (1). ونيّة الزكاة في هذا والسابق عند دفع الثمن الى البايع، والاحوط  الاستمرار  بها الی حین الاعتاق .

1- الفیاض: بل مع وجود المستحق حتی علی القول بوجوب توزیع الزکاة علی تمام أصنافها بالسویة باعتبار أن حصة منها لفک الرقاب، مع أنه لا یجب توزیع الزکاة علی تمام الأصناف فضلا عن کونه بالسویة.

نعم، قد یستدل علی ذلک بموثقة عبید بن زرارة قال: «سألت أبا عبد الله  عن رجل أخرج زکاة مأئة ألف درهم، فلم یجد موضعا یدفع ذلک إلیه، فنظر إلی مملوک یباع فیمن یریده، فاشتراه بتلک الألف الدراهم التي أخرجها من زکاته فاعتقه، هل یجوز ذلک؟ قال: نعم لا بأس بذلک – الحدیث»(الوسائل باب: 43 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 2) بدعوی أنها تدل علی تقیید جواز شراء العبد بالزکاة للعتق بصورة عدم وجود المستحق لها.

والجواب: ان هذا القید انما ورد في قول السائل دون قول الامام ، وعلی هذا فقوله : «نعم لا بأس بذلک»  یدل علی جواز شراء العبد بها للعتق، ولا یدل علی تقییده بصورة عدم وجود المستحق لها، وتکون مجملة من هذه الناحیة، فلا تصلح أن تکون مقیدة لإطلاق الآیة الشریفة.

السادس: الغارمون وهم الّذين ركبتهم الديون وعجزوا عن ادائها وان كانوا مالكين لقوت سنتهم؛ ويشترط ان لايكون الدين مصروفا في المعصية، والّا لم‌يقض من هذا السهم وان جاز اعطاؤه من سهم الفقراء ؛ سواء تاب عن المعصية او لم‌يتب ، بناءً على عدم اشتراط العدالة في الفقير؛ وكونه مالكا لقوت سنته لاينافي فقره  لاجل وفاء الدين  الّذي لايفي كسبه او ما عنده به؛ وكذا يجوز اعطاؤه من سهم سبيل اللّه ؛ ولو شکّ في انـّه صرفه في المعصية ام لا، فالاقوى جواز اعطائه من هذا السهم وان كان الاحوط خلافه ؛ نعم، لايجوز له الاخذاذا كان قد صرفه في المعصية؛ ولو كان معذورا في الصرف في المعصية لجهل  اواضطرار او نسيان او نحو ذلک، لا باس باعطائه، وكذا لو صرفه فيها في حال عدم التكليف لصغرٍ او جنون؛ ولا فرق في الجاهل بين كونه جاهلا بالموضوع او الحكم .

مسالة 16: لا فرق بين اقسام الدين، من قرض او ثمن مبيع او ضمان مال  اوعوض صلح او نحو ذلک، كما لو كان من باب غرامة اتلاف؛ فلو كان الاتلاف جهلا او نسيانا ولم‌يتمكّن من اداء العوض، جاز اعطاؤه من هذا السهم، بخلاف مالو كان على وجه العمد والعدوان.

مسالة 17: اذا كان دينه مؤجّلا، فالاحوط  عدم الاعطاء  من هذا السهم قبل حلول اجله وان كان الاقوى (1)  الجواز .

1- الفیاض: في القوة اشکال، ولا یبعد عدم الجواز، لأن المنصرف من النص بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة هو أن یکون الغارم مطالبا بالدین فعلا، فلو کان دینه مؤجلا بعد سنة فحاله حال الشخص الاعتیادي، ولا یکون مطالبا بشيء، بل في جعل حصة من الزکاة للغارمین في الآیة الشریفة دلالة علی أنه انما هو من أجل رفع کلفة الدین عنهم التي وقعوا فیها فعلا.

فالنتیجة: ان المنسبق من الآیة الشریفة ونحوها عرفا ان الغارم المستحق للزکاة هو المکلف بأداء الدین فعلا العاجز عنه شرعا، بل وإن کان عنده کسب أو مهنة أو صنعة، ولکن لا یکفي الّا لمئونته فقط دون أکثر، فانه یسمح له أن یأخذ من الزکاة لأداء دینه المطالب به حالا، ولا ینافي ذلک صدق أنه غني لأن الغناء انما یمنع عن أخذ سهم الفقراء دون سهم الغارمین، فان الغارم القادر علی مئونته دون أداء دینه مورد لهذا السهم.

 

مسالة 18: لو كان كسوبا يقدر على اداء دينه بالتدريج، فان كان الديّان مطالبا فالظاهر جواز  اعطائه  من هذا السهم ، وان لم‌يكن مطالبا  فالاحوط (1) عدم اعطائه.

1- الفیاض: بل هو الأقوی، کما یظهر وجهه من التعلیق علی المسألة المتقدمة.

مسالة 19: اذا دفع الزكاة الى الغارم فبان بعده انّ دينه في معصية، ارتجع منه، الّا اذا كان فقيرا، فانّه يجوز  احتسابه عليه من سهم الفقراء ، وكذا اذا تبيّن انـّه غير مديون، وكذا اذا ابراه الدائن بعد الاخذ لوفاء الدين.

مسالة 20: لو ادّعى انـّه مديون، فان اقام بيّنة، قبل قوله، والّا فالاحوط  (1) عدم تصديقه  وان صدّقه الغريم، فضلا عمّا لو كذّبه او لم‌يصدّقه.

1- الفیاض: بل هو الأقوی تطبیقا لما تقدم في العبد المکاتب.

مسالة 21: اذا اخذ من سهم الغارمين ليصرفه في اداء الدين ثمّ صرفه في غيره، ارتجع منه .

مسالة 22: المناط هو الصرف في المعصية او الطاعة ، لا القصد من حين الاستدانة؛ فلو استدان للطاعة فصرف في المعصية، لم‌يعط من هذا السهم، وفي العكس بالعكس.

  مسالة 23: اذا لم‌يكن الغارم متمكّنا من الاداء حالا وتمكّن بعد حين، كان يكون له غلّة لم‌يبلغ اوانها او دين مؤجّل يحلّ اجله بعد مدّة، ففي جواز اعطائه من هذا السهم اشكال وان كان الاقوى عدم الجواز مع عدم المطالبة من الدائن او امكان الاستقراض والوفاء من محلّ اخر ثمّ قضاؤه بعد التمكّن.

مسالة 24: لو كان دين الغارم لمن عليه الزكاة، جاز له احتسابه  عليه زكاةً، بل يجوز ان يحتسب ما عنده من الزكاة وفاءً للدين  وياخذها مقاصّةً  وان لم ‌يقبضها المديون ولم‌يوكّل في قبضها، ولايجب اعلام المديون بالاحتساب عليه او بجعلها وفاءً واخذها مقاصّةً .

 مسالة 25: لو كان الدين لغير من عليه الزكاة، يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها ولو بدون اطّلاع الغارم(1).

1- الفیاض: فیه اشکال بل منع، لأن کفایة اعطاء من علیه الزکاة دین الغارم منها للدائن مباشرة بحاجة إلی دلیل، ولا دلیل علیه الّا مرسلة القمي وروایة محمد بن سلیمان، وکلتاهما ضعیفتان سندا.

نعم، قد دل الدلیل علی کفایة ذلک إذا کان الغارم میتا وهو صحیحة زرارة قال: «قلت لأبي عبد الله7: رجل حلّت علیه الزکاة ومات أبوه وعلیه دین، أیؤدي زکاته في دین أبیه وللابن مال کثیر؟ فقال: ان کان أبوه أورثه مالا ثم ظهر علیه دین لم یعلم به یومئذ فیقضیه عنه قضاه من جمیع المیراث ولم یقضه من زکاته، وإن لم یکن أورثه مالا لم یکن أحد أحق بزکاته من دین أبیه، فإذا أدّاها في دین أبیه علی هذه الحال أجزأت عنه»(الوسائل باب: 18 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1).

وأما إذا کان الغارم حیا – کما هو محل الکلام في المسألة – فقد مر أنه لا دلیل علی الکفایة، وأما علی القاعدة فالکفایة تتوقف علی توفر أحد أمور..

الأول: أن تکون لمن علیه الزکاة ولایة علی الغارم حتی یقبض حصته من الزکاة ولایة عنه، ثم یفی بها دینه، والمفروض انه لا دلیل علی ولایته علیه، ومقتضی الآیة الشریفة والروایات أنه مأمور بدفع زکاته إلی أهلها منه الغارم، وأما دفعها إلی الدائن وفاء لدین الغارم فلابد أن یکون أما بعنوان الوکالة منه، أو الإذن، أو الولایة والّا فلا یتعین المال المعطي في الزکاة.

الثاني: أن یکون ذلک باذن ولي الأمر.

الثالث: أن تکون للدائن ولایة علی الغارم حتی یقبض الزکاة من قبله ولایة، ثم یستملکه وفاء للدین. ولا دلیل علی ذلک أیضا. فاذن شيء من الأمور غیر متوفر في المسألة.

فالنتیجة: انه یتاح لمن علیه الزکاة أن یؤدي دین الغارم منها بدون اطلاعه شریطة أحد أمور..

الأول: أن یکون ذلک باذن الحاکم الشرعي.

الثاني: أن یکون بملاک الولایة أو الوکالة.

الثالث: أن یکون ذلک من جهة ولایة الدائن علی الغارم أو وکالته عنه، وإلّا فلا یحق له أن یتصرف في زکاته کذلک لأنه مکلف بالتصرف فیها في مواضعها المحددة من قبل الشرع، ولا یقاس ذلک بما إذا قام بأداء دینه من ماله الخاص بدون اطلاعه.

 

مسالة 26: لو كان الغارم ممّن تجب نفقته على من عليه الزكاة، جاز له اعطاؤه لوفاء دينه او الوفاء عنه(1) وان لم‌يجز اعطاؤه لنفقته.

1- الفیاض: مر أن من علیه الزکاة إذا لم یکن وکیلا أو مأذونا من قبل الغارم في قبضها ثم الوفاء بها لدینه لم یجزئ.

 

مسالة 27: اذا كان ديّان الغارم مديونا لمن عليه الزكاة، جاز له احالته   على  الغارم، ثمّ يحسب عليه، بل يجوز له ان يحسب  ما على الديان وفاءً عمّا في ذمّة الغارم (1) وان كان الاحوط ان يكون ذلک بعد الاحالة.

1- الفیاض: في الجواز اشکال بل منع، لأن جعل ما علی الدیان زکاة واحتسابه عوضا عما في ذمة الغارم یتوقف علی صحة المعاوضة بینهما وهي تتوقف علی أن تکون له الولایة علی الغارم، أو یکون وکیلا، أو مأذونا من قبله في ذلک، أو من قبل الحاکم الشرعي، والّا فالمعاوضة باطلة، والمفروض عدم توفر ذلک.

نعم، لو توفر أحد هذه الامور سقطت ذمة کل من الغارم والدیان بالتهاتر باعتبار أن ما في ذمة الدیان أصبح مملوکا للغارم بعد المعاوضة.

 

مسالة 28: لو كان الدين للضمان عن الغير تبرّعا لمصلحة  مقتضية لذلک مع عدم تمكّنه من الاداء وان كان قادرا على قوت سنته، يجوز  الاعطاء من هذا السهم وان كان المضمون عنه غنيّا.

مسالة 29: لو استدان لاصلاح ذات البين، كما لو وُجد قتيل لايدرى قاتله وكاد ان يقع بسببه الفتنة فاستدان للفصل ، فان لم‌يتمكّن من ادائه جاز الاعطاء من هذا السهم؛ وكذا لو استدان لتعمير مسجد او نحو ذلک من المصالح العامّة؛ وامّا لو تمكّن من الاداء فمشكل(1) ؛ نعم، لايبعد   جواز الاعطاء من سهم سبيل اللّه  و ان كان لايخلو عن اشكال (2) ايضا، الّا اذا كان   من قصده   حين الاستدانة ذلک.

1- الفیاض: بل الظاهر عدم الجواز لأن المتفاهم العرفي من الغارمین في الایة الشریفة بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة هو العاجز عن الأداء دون الأعم، ویؤیده اتفاق الأصحاب اعتبار الفقر في الغارم، واحتمال أن یکون منشأ هذا الاتفاق کون ذلک هو المتفاهم العرفي من الآیة الشریفة.

2- الفیاض: بل هو ممنوع، لأن سهم سبیل الله اسم لما یصرف في نفس العمل القربی العام کبناء المساجد والمدارس والطرق والجسور ونحوها، أو الخاص کالحج والجهاد ونحوهما، وأما إذا استدان لبناء مسجد أو مدرسة أو تعمیرها، فلا یکون أداؤه من الزکاة مصداقا لصرفها في سبیل الله، الّا إذا کان المدیون فقیرا، فان أداء دینه منها یکون مصداقا له وإن لم یکن دینه للعمل القربي. وأما إذا کان غنیا ومتمکنا من الأداء فلا یکون أداؤه منه مصداقا للعمل القربي لا بنفسه ولا بعنوان أنه عوض عما صرفه فیه. أما الأول فلأنه غني فلا یجوز اعطاء الزکاة له لا من سهم الفقراء لأن غناءه مانع عنه، ولا من سهم سبیل الله لعدم انطباق هذا العنوان علی أداء دینه. وأما الثاني فلما مر من أن سهم سبیل الله اسم لما یصرف في نفس العمل القربی والفرض عدم صدق علی أداء الدین المصروف فیه، حیث انه بعد القیام به.

نعم، لو کان للمدیون ولایة علی هذا السهم کالحاکم الشرعي یجوز له الاستدانة له بحسب ولایته علیه، ثم اعطاء الدین منه، وعندئذ یصبح المال المستدان من سهم سبیل الله ومصروفا فیه، أو فقل انه یتاح للحاکم الشرعي أن یستدین مالا لبناء مسجد أو مدرسة أو نحو ذلک، فإذا استدان ملک ذلک المال، وحینئذ له أن یجعله بدلا عن سهم سبیل الله بحسب ولایته علیه، ونتیجة ذلک ان المال المستدان یصبح من سهم الله، والسهم یصبح ملکا للحاکم، أو یستدین علی سهم سبیل الله ویصرف فیه وحینئذ فتکون ذمة السهم مشغولة بالدین ثم یؤدي منه ولا مانع من ذلک، ونظیره في الفقه موجود، وأما إذا لم یکن للدافع ولایة فلیس له ذلک.

 

السابع : سبيل اللّه، وهو جميع سبل الخير ، كبناء القناطر والمدارس  والخانات والمساجد وتعميرها وتخليص المؤمنين من يد الظالمين، ونحو ذلک من المصالح كاصلاح ذات البين ودفع وقوع الشرور والفتن بين المسلمين وكذا اعانة الحجّاج والزائرين واكرام العلماء والمشتغلين مع عدم تمكّنهم من الحجّ والزيارة والاشتغال ونحوها من اموالهم، بل الاقوى جواز دفع هذا السهم في كلّ قربة  مع عدم تمكّن المدفوع اليه من فعلها بغير الزكاة، بل مع تمكّنه ايضا لكن مع عدم اقدامه الّا بهذا الوجه(1).

1- الفیاض: هذا هو الصحیح شریطة وجود الحاجة إلی العمل القربي، لأن المتفاهم العرفي من أدلة تشریع الزکاة من الآیة الشریفة وغیرها بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة أنها مجعولة لتمام مواردها وأصنافها لدی الحاجة والضرورة، فإذا کان هناک حاجة لبناء مسجد أو مدرسة دینیة جاز صرف الزکاة فیه بعنوان سهم السبیل الله شریطة أن لا یکون هناک متبرع من ماله الخاص، والّا فلا حاجة ولا ضرورة لصرف الزکاة فیه، فلو صرف منها والحال هذه لم یجزئ.

 الثامن: ابن‌ السبيل، وهو المسافر الّذي نفدت نفقته او تلفت راحلته، بحيث لايقدر معه على الذهاب و ان كان غنيّا في وطنه، بشرط عدم تمكّنه من الاستدانة او بيع ما يملكه او نحو ذلک، وبشرط ان لايكون سفره في معصية (1) ؛ فيُدفع اليه قدر الكفاية اللائقة بحاله من الملبوس والماكول والمركوب او ثمنها او اجرتها الى ان يصل الى بلده بعد قضاء وطره من سفره، او يصل الى محلّ يمكنه تحصيلها بالاستدانة او البيع او نحوهما. ولو فضل ممّا اعطي شيء ولو بالتضييق على نفسه، اعاده على الاقوى؛ من غيرفرق بين‌النقد والدابّة والثياب ونحوها، فيدفعه الى‌الحاكم   ويعلمه بانّه من الزكاة. وامّا لو كان في وطنه واراد انشاء السفر المحتاج اليه ولاقدرة له عليه، فليس من ابن السبيل؛ نعم، لو تلبّس بالسفر   على وجه يصدق عليه ذلک، يجوز اعطاؤه من هذا السهم ؛ وان لم‌يتجدّد نفاد نفقته، بل كان اصل ماله قاصرا، فلايعطى من هذا السهم قبل ان يصدق عليه اسم ابن‌السبيل؛ نعم، لوكان فقيرا يعطى من سهم الفقراء.

1- الفیاض: علی الأحوط وجوبا، إذ لا دلیل علیه غیر دعوی الاتفاق علی هذا الشرط، ومرسلة علي بن ابراهیم القمي في تفسیره، وکلتاهما لا تصلحان أن تکونا دلیلین في المسألة.

أما الاتفاق، فقد مر أنه لا یکون دلیلا علی المسألة وکاشفا عن ثبوتها في زمن المعصومین:.

وأما المرسلة، فلا یمکن الاعتماد علیها.

 

 

مسالة 30: اذا علم استحقاق شخص للزكاة ولكن لم‌يعلم من اىّ الاصناف، يجوز اعطاؤه بقصد الزكاة من غير تعيين الصنف، بل اذا علم استحقاقه من جهتين يجوز اعطاؤه من غير تعيين الجهة.

مسالة 31: اذا نذر  ان يعطي زكاته فقيرا معيّنا لجهة راجحة او مطلقا ، ينعقد نذره؛ فان سها فاعطى فقيرا اخر، اجزا ولايجوز استرداده وان كانت العين باقية  ، بل لوكان ملتفتا الى نذره واعطى غيره متعمّدا اجزا ايضا  و ان كان اثما في مخالفة النذر وتجب عليه الكفّارة، ولايجوز استرداده ايضا، لانـّه قد ملک بالقبض.

مسالة 32: اذا اعتقد وجوب الزكاة عليه فاعطاها فقيرا، ثمّ تبيّن له عدم وجوبها عليه، جاز له الاسترجاع   اذا كانت العين باقية  ؛ وامّا اذا شکّ في وجوبها عليه وعدمه، فاعطى احتياطا ثمّ تبيّن له عدمه فالظاهر   عدم جواز  الاسترجاع وان كانت العين باقية (1) .

 

1- الفیاض: هذا إذا نوی به القربة علی تقدیر عدم وجوب الزکاة علیه، وعندئذ فلا یسوغ له الرجوع إلیه إذا تبین عدم وجوب الزکاة، لأن ما کان لله لا یرجع، علی ما نص علیه في الروایات، وأما إذا نوی به الهبة علی تقدیر عدم وجوبها، فلا مانع من الرجوع إلیه إذا کانت العین باقیة.

1- الفیاض: لا أثر لقصد القابض عنوانا آخر غیر الزکاة، إذ لا دلیل علی أن قبض الفقیر بنیة أنه زکاة معتبر، لأنه یتعین زکاة بقصد المعطي وإن کان الفقیر القابض جاهلا بأنه زکاة، فإذا أخذه ولو بعنوان آخر تعین في ملکه، ولا یتوقف علی قصد التملک باعتبار أنه ملک لطبیعي الفقیر في المرتبة السابقة، فإذا عین المالک الزکاة في شيء وقبضه الفقیر تعیّن له، وإن کان قبضه بقصد الهدیة أو الهبة فانه لا یغیر الواقع.

کلیه حقوق مادی و معنوی این وب سایت متعلق به پورتال انهار میباشد.
پورتال انهار

این وب سای بخشی از پورتال اینترنتی انهار میباشد. جهت استفاده از سایر امکانات این پورتال میتوانید از لینک های زیر استفاده نمائید:
انهار بانک احادیث انهار توضیح المسائل مراجع استفتائات مراجع رساله آموزشی مراجع درباره انهار زندگینامه تالیفات عربی تالیفات فارسی گالری تصاویر تماس با ما نماز بعثت محرم اعتکاف مولود کعبه ماه مبارک رمضان امام سجاد علیه السلام امام حسن علیه السلام حضرت علی اکبر علیه السلام میلاد امام حسین علیه السلام میلاد حضرت مهدی علیه السلام حضرت ابالفضل العباس علیه السلام ولادت حضرت معصومه سلام الله علیها پاسخ به احکام شرعی مشاوره از طریق اینترنت استخاره از طریق اینترنت تماس با ما قرآن (متن، ترجمه،فضیلت، تلاوت) مفاتیح الجنان کتابخانه الکترونیکی گنجینه صوتی پیوندها طراحی سایت هاستینگ ایران، ویندوز و لینوکس