زكاة الغلاّت الأربع - الزكاة

استفتائات رساله نوین احکام برگزیده

العروه الوثقی وسیلة النجاة منهاج الصالحین تحریر الوسیلة آراء المراجع

احکام > الزكاة:

زكاة الغلاّت الأربع

وهي كما عرفت، الحنطة والشعير والتمر والزبيب؛ وفي الحاق السُلت  الّذي هو كالشعير في طبعه وبرودته وكالحنطة في ملاسته وعدم القشر له، اشكال ، فلايُترک الاحتياط فيه؛ كالاشكال في العلس الّذي هو كالحنطة، بل قيل: انّه نوع منها في كلّ قشر حبّتان، وهو طعام اهل صنعاء، فلايُترک الاحتياط (1)فيه ايضا. ولاتجب الزكاة في غيرها وان كان يستحبّ اخراجها من كلّ ما تنبت الارض ممّا يكال او يوزن  من‌الحبوب ، كالماش والذرّة والارز والدخن ونحوها، الّا الخضر والبقول. وحكم ما يستحبّ فيه حكم ما يجب فيه، في قدر النصاب وكميّة ما يخرج منه وغير ذلک.

1- الفیاض: با بأس بترکه، لأن السلت في خاصته وإن کان کالشعیر وفي ملاسته وعدم القشر کالحنطة الّا أنه مع ذلک لا یصدق علیه عنوان الحنطة ولا الشعیر الا بالعنایة والمجاز بل الظاهر انه نوع ثالث من الحبوب حقیقة اسما وصورة حیث ان حبه طویل ونحیف ویمیل إلی السواد ولا یشبه الحنطة أو الشعیر في الکم والکیف معا.

ودعوی: ان أهل اللغة قد صرحوا بأن السلت نوع من الشعیر والعلس نوع من الحنطة.

مدفوعة.. أولا: ان قول أهل اللغة لا یکون حجة.

وثانیا: ان کلماتهم مختلفة في تفسیرهما.

وثالثا: ان هذا التفسیر لا یدل علی ان السلت مصداق للشعیر حقیقة والعلس مصداق للحنطة کذلک، بل هو مبني علی نوع من الاشتراک في الخاصة والتشابه في الصورة في الجملة.

وإن شئت قلت: انه لا دلیل علی ان السلت فرد من أفراد الشعیر حقیقة والعلس فرد من أفراد الحنطة کذلک، بل الظاهر من تسمیة کل منهما باسم خاص في مقابل اسمي الحنطة والشعیر ان الأول مغایر للشعیر والثاني مغایر للحنطة، وتؤکد هذه المغایرة الروایات الآمرة بالزکاة في سائر الحبوب المحمولة علی الاستحباب منها السلت والعلس.

فالنتیجة انه لو لم یثق الانسان بالمغایرة ولم یتأکد بها لم یثق جزما بالاتحاد وکون السلت مصداقا للشعیر حقیقة والعلس مصداقا للحنطة کذلک، فلا أقل من الشک والمرجع حینئذ یکون أصالة البراءة عن وجوب الزکاة فیهما وإن کانت رعایة الاحتیاط أولی وأجدر.

وأما سائر الحبوب کالأرز والسمسم والذرة ونحوها، فالروایات فیها وإن کانت ظاهرة في وجوب الزکاة.

منها قوله  في صحیحة محمد بن مسلم: «البرّ والشعیر والذرة والدخن والأرز والسلت والعدس والسمسم کل هذا یزکّی وأشباهه»(الوسائل باب: 9 من أبواب ما تجب فیه الزکاة الحدیث: 4)، ومنها غیرها، الّا أنه لابد من رفع الید عن ظهورها في الوجوب بقرینة نص الروایات الکثیرة في نفي وجوبها عن غیر الغلات الأربع من الحبوب، وأما النصاب فقد وردت فیه روایات کثیرة تبلغ حد التواتر اجمالا وتنص علی أنه خمسة أو سق والوسق ستون صاعا.

منها: موثقة زرارة وبکیر عن أبي جعفر  قال: «وأما ما انبت الأرض من شيء من الأشیاء فلیس فیه زکاة الّا في أربعة أشیاء، البرّ، والشعیر، والتمر، والزبیب، ولیس في شيء من هذه الأربعة الأشیاء شيء حتی تبلغ خمسة أوساق، والوسق ستون صاعا وهو ثلاثمائة صاع بصاع النبي ، فان کان من کل صنف خمسة أو ساق غیر شيء وإن قل فلیس فیه شيء وإن نقص البرّ والشعیر والتمر والزبیب أو نقص من خمسة أو ساق صاع أو بعض صاع فلیس فیه شيء – الحدیث»(الوسائل باب: 1 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 8).

ومنها: صحیحة الحلبي عن أبي عبد الله قال: «لیس فیما دون خمسة أو ساق شيء والوسق ستون صاعا»(الوسائل باب: 1 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 6).

ومنها: صحیحة سلیمان بن خالد عن أبي عبد الله  قال: «لیس في النخل صدقة حتی یبلغ أو ساق، والعنب مثل ذلک حتی یکون خمسة أو ساق زبیبا»(الوسائل باب: 1 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 7).

ومنها: موثقة أبي بصیر والحسن بن شهاب قالا: «قال أوب عبد الله : لیس في أقل من خمسة أو ساق زکاة، والوسق ستون صاعا»(الوسائل باب: 1 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 9).

ومنها: غیرها.

وهذه الروایات تنص علی أن أدنی حد النصاب في الغلات الأربع خمسة أو ساق، وکل وسق ستون صاعا، وفي بعضها قد قید الصاع بصاع النبي6 علی أساس ان الصاع یختلف باختلاف البلدان والأزمنة کما یظهر من الروایات وقد أشرنا إلیه في باب الصوم في مسألة تحدید الکفارة.

وفي مقابل هذه الروایات روایات اخری تدل علی ان الحد الأدنی للنصاب أقل من ذلک.

منها: صحیحة عبید الله الحلبي عن أبي عبد الله  قال: «سألته في کم تجب الزکاة من الحنطة والشعیر والزبیب والتمر؟ قال: في ستین صاعا»(الوسائل باب: 1 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 10). وفي بعضها تحدیده بالبلوغ وسقین، وفي الآخر انه لا حد لأدناه. والعمدة منها الصحیحة، ومع هذا فهي لا تصلح ان تعارض تلک الروایات.

أما الأول: فلأنها ناصة في تحدید مدلولها اثباتا ونفیا دون الصحیحة، فمن أجل ذلک تمتاز عنها في الأقوائیة والصراحة، فتصلح أن تکون قرینة عرفا لحمل الوجوب في الصحیحة علی الثبوت الاستحبابي.

وثانیا: مع الاغماض عن ذلک وتسلیم ان المعارضة بینهما مستقرة ولا یمکن الجمع العرفي الدلالي، وحینئذ فلابد من طرح الصحیحة لأنها داخلة في الروایات المخالفة للسنة، فلا تکون حجة، وبذلک یظهر حال سائر الروایات علی تقدیر تمامیتها سندا تطبیقا لما تقدم.

فالنتیجة ان النصاب خمسة أو ساق وکل وسق ستون صاعا، وکل صاع أربعة أمداد لما سبق من ان صاع النبي6 أربعة أمداد، وکل مد مائة وأربعة وخمسون مثقالا صیرفیا وثلثا مثقال ونصف ثمن المثقال علی أساس ان کل مد رطلان وربع بالعراقي، فیکون الصاع تسعة أرطال بالعراقي المساویة لستمائة وأربعة عشر مثقالا صیرفیا وربع مثقال، وهذا منطبق علی ما ذکره الماتن

 

الاوّل: بلوغ النصاب ؛ وهو بالمنّ الشاهي وهو الف وماتان وثمانون مثقالا صيرفيّا، ماة واربعة واربعون منّا الّا خمسة واربعين مثقالا؛ وبالمنّ التبريزيّ الّذي هو الف مثقال، ماة واربعة وثمانون منّا وربع منّ وخمسة وعشرون مثقالا؛ وبحقّة النجف في زماننا (سنة 1326) وهي تسعماة وثلاثة وثلاثون مثقالا صيرفيّا وثلث مثقال، ثمان وزنات وخمس حُقَق ونصف الّا ثمانية وخمسين مثقالا وثلث مثقال؛ وبعيار الاسلامبول وهو ماتان وثمانون مثقالا، سبع وعشرون وزنة وعشر حُقَق وخمسة وثلاثون مثقالا. ولاتجب في الناقص عن النصاب ولو يسيرا، كما انّها تجب في الزائد عليه يسيرا كان او كثيرا.

الثاني: التملّک بالزراعة فيما يزرع، او انتقال الزرع الى ملكه قبل وقت تعلّق  الزكاة(1) ؛ وكذا في الثمرة، كون الشجر ملكا له الى وقت التعلّق او انتقالها الى ملكه منفردة او مع الشجر قبل وقته.

 1- الفیاض: بل یکفي التقارن حیث لا موجب لاعتبار القبلیة زمانا. ثم ان اعتبار هذا الشرط لا یحتاج إلی دلیل، بل هو مقتضی القاعدة لأن الانسان إذا ملک النصاب بالشراء أو الهبة أو الإرث بعد التعلق لم تجب الزکاة علیه لأنها لم تتعلق بملکه وانما تعلقت بملک غیره، ومن هنا لا ینتقل إلیه من النصاب مقدار الزکاة.

 

 مسالة 1: في وقت تعلّق الزكاة بالغلّات خلاف؛ فالمشهور  على انـّه في الحنطة والشعير عند انعقاد حبّهما ، وفي ثمر النخل حين اصفراره او احمراره، وفي ثمرة الكرم عند انعقادها حصرما. وذهب جماعة  الى انّ المدار صدق اسماء المذكورات من الحنطة والشعير والتمر، وصدق اسم العنب في الزبيب، وهذا القول لايخلو عن قوّة(1)  وان كان القول الاوّل احوط ، بل الاحوط مراعاة الاحتياط  مطلقا ، اذ قد يكون القول الثاني اوفق بالاحتياط .

1- الفیاض: بل هو الظاهر من نصوص الباب، فانها تنص علی أن تعلق الزکاة بالغلات الأربع من حین صدق اسمها علیها کالحنطة والشعیر والتمر والعنب، ولا یظهر منها ان تعلقها بالحنطة والشعیر من حین انعقاد حبهما وإن لم یصدق علیه اسم الحنطة أو الشعیر، وبالتمر من حین اصفراره، وبالعنب من حین النعقاده حصرما علی الرغم من عدم صدق التمر والعنب علیهما من هذا الحین.

 الزكاة مع كونه ماذونا من قبله.

 مسالة 2: وقت تعلّق الزكاة وان كان ما ذكر على الخلاف السالف، الّا انّ المناط في اعتبار النصاب هو اليابس من المذكورات(1)؛ فلو كان الرطب منها بقدر النصاب، لكن ينقص عنه بعد الجفاف واليبس، فلا زكاة.

1- الفیاض: علی المشهور، ولکن الأظهر ان اعتباره من زمان التعلق في الحنطة والشعیر والتمر.

نعم، في خصوص الزبیب یختلف زمان التعلق عن زمان اعتبار النصاب فیه، فان زمان التعلق هو زمان صدق العنب، وزمان اعتبار النصاب فیه هو ما إذا صار زبیبا، ویدل علیه ذیل صحیحة سعد بن سعد الأشعري قال: «سألت أبا الحسن  عن أقل ما تجب فیه الزکاة من البرّ والشعیر والتمر والزبیب؟ فقال: خمسة أو ساق بوسق النبي . فقلت: کم الوسق؟ قال: ستون صاعا. قلت: وهل علی العنب زکاة أو انما یجب علیه إذا صیّره زبیبا؟ قال: نعم إذا خرصه أخرج زکاته»(الوسائل باب: 1 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 1). بتقریب أنه ینص علی ان تعلق الزکاة من حین صدق العنب شریطة أن یبلغ النصاب إذا صار زبیبا.

فالنتیجة ان الزبیب یختلف عن الحنطة والشعیر والتمر، وأما ما هو المشهور من ان المعیار انما هو ببلوغ الیابس منها حد النصاب فلا دلیل علیه في الحنطة والشعیر والتمر غیر دعوی الاجماع في المسألة. ولکن لا قیمة لهذه الدعوی، فان تحقق الاجماع في المسألة علی نحو یکون الانسان واثقا ومتأکدا علی ثبوت حکمها في زمان المعصومین: ووصوله إلینا بالإجماع طبقة بعد طبقة لا یمکن تیسره کما مر تفصیله غیر مرة.

فالنتیجة: ان وقت التعلق هو وقت النصاب في الثلاثة الاولی، فإذا بلغت النصاب تعلقت الزکاة بها سواء أکانت یابسة أو رطبة.

ولکن قد یقال: ان مقتضی صحیحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا  في حدیث قال: «سألته عن الزکاة في الحنطة والشعیر والتمر والزبیب متی تجب علی صاحبها؟ قال: إذا صرم وإذا خرص»(الوسائل باب: 52 من ابواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1) ان وقت الوجوب هو وقت جفافها وقطعها وتعیین الزکاة فیها لا وقت صدق تلک العناوین علیها.

والجواب: انه لا ظهور للصحیحة في أن الصرم شرط وذلک لأمرین..

أحدهما: ان في نفس هذه الصحیحة دلالة علی ان أصل تعلق الزکاة بالحنطة والشعیر والتمر والزبیب أمر مفروغ عنه، وعلیه فلا محالة یکون السؤال عن وجوب اخراجها لا عن أصل وجوبها وتعلقها بها وتؤکد ذلک سائر الروایات التي تنص علی أنها تتعلق بها من حین صدق عناوینها.

والآخر: انه لا یمکن أن یکون الخرص شرطا للوجوب في عرض الصرم، لأن الصوم لو کان شرطا له فلا یمکن أن یکون الخرص شرطا علی أساس انه متقدم علیه زمانا، ولو کان العکس فبالعکس فلا یمکن أن یکون کلاهما معا شرطا، فاذن لا مناص من الالتزام بأن الصرم شرط للواجب دون الوجوب والاتصاف، وعلی هذا فلا محالة یکون المراد بالخرص هنا تعیین الزکاة خارجا لا تعیینها تخمینا قبل التصفیة والاجتذاذ.

فالنتیجة ان الصحیحة لو لم تکن ظاهرة في ان الصرم شرط للواجب دون الوجوب لم تکن ظاهرة في انه شرط للوجوب والاتصاف فلا أقل من الاجمال فلا تکون حجة.

 

مسالة 3: في مثل البربن وشبهه من الدقل  الّذي يؤكل رطبا واذا لم‌يؤكل الى ان يجفّ يقلّ تمره، او لايصدق  على اليابس منه التمر ايضا، المدار فيه على تقديره يابسا، وتتعلّق به الزكاة اذا كان بقدر يبلغ النصاب بعد جفافه (1).

1- الفیاض: هذا مبني علی المشهور، وأما بناء علی ما هو الصحیح – کما مر – فالمناط انما هو ببلوغه النصاب حینما کان یصدق علیه التمر وإن کان رطبا لا بعد الجفاف.

 

مسالة 4: اذا اراد المالک التصرّف في المذكورات بسرا او رطبا او حصرما او عنبا بما يزيد على المتعارف فيما يحسب من المؤن ، وجب عليه ضمان  حصّة الفقير(1)  ؛ كما انـّه لو اراد الاقتطاف كذلک بتمامها، وجب عليه اداء الزكاة حينئذٍ بفرض بلوغ يابسها النصاب(2).

1- الفیاض: هذا علی المشهور من أن تعلق الزکاة في ثمر النخل من حین کونه بسرا أو رطبا، وتعلقها بثمر الکرم من حین انعقاده حصرما، وأما بناء علی ما قویناه من أن تعلقها في الأول من حین صدق التمر علیه، وفي الثاني من حین صدق العنب فلا ضمان علیه إذا کان تصرفه في الأول من حین کونه بسرا وفي الثاني من حین کونه حصرما لأنه حینئذ لیس تصرفا في المال المشترک بینه وبین الفقیر حتی یضمن حصة الفقیر لفرض عدم تعلق الزکاة بهما من ذلک الحین.

ثم ان تعلق وجوب الزکاة بالعنب مشروط بشرط متأخر وهو بلوغه حد النصاب إذا صار زبیبا، والشرط المتأخر وإن کان ممکنا ثبوتا في مرحلة الجعل والاعتبار، الّا أن وقوعه بحاجة إلی دلیل، وقد دلت صحیحة سعد بن سعد الأشعري المتقدمة علی ذلک. وأما في الحنطة والشعیر فبما أنهما تصدقان علی الحبة بعد انعقادها وإن کانت رطبة فلا یکون تعلق الزکاة بها مشروطا بشرط متأخر وهو بلوغ یابسهما حد النصاب، فانه بحاجة إلی دلیل ولا یوجد دلیل علیه کما مر، بل مقتضی اطلاق الروایات التي تنص علی أن أقل ما تجب فیه الزکاة من الحنطة والشعیر والتمر والزبیب خمسة أو ساق من دون تقیید الحنطة والشعیر فیها بالیابس منهما عدم اعتبار هذا الشرط، وقد مر أن هذه الروایات تدل علی أن تعلق وجوب الزکاة بالحبة بعد انعقادها مرتبط بصدق الحنطة والشعیر علیها مشروطا ببلوغها حد النصاب وهو خمسة أو ساق علی نحو الشرط المقارن، فالمعیار انما هو بصدقهما وإن کانتا رطبتین، وکذلک الحال في التمر فان وقت تعلق الزکاة فیه مقارن لبلوغه النصاب ومشروط به بنحو الشرط المقارن تطبیقا لنفس ما تقدم.

2- الفیاض: مرّ أن هذا انما یتم في الزبیب فقط، وأما في الحنطة والشعیر والتمر فقد عرفت ان تعلق الزکاة بها مشروط ببلوغها النصاب علی نحو الشرط المقارن، فإذا بلغت الحبة في زمان صدق  الحنطة أو الشعیر علیها قدر النصاب کفی في تعلق وجوب الزکاة بها وإن قلت عنه إذا یبست.

 

مسالة 5: لو كانت الثمرة مخروصة على المالک فطلب الساعي من قبل الحاكم الشرعيّ الزكاة منه قبل اليبس، لم‌يجب(1) عليه القبول، بخلاف ما لو بذل المالک الزكاة بسرا او حصرما مثلا، فانّه يجب  على الساعي  القبول .

1- الفیاض: في عدم الوجوب اشکال بل منع، حتی علی المشهور من أن وقت اخراج الزکاة متأخر عن وقت المتعلق، والأظهر الوجوب إذا طلب الساعي بعد التعلق شریطة أن یکون ذلک من قبل الحاکم الشرعي من باب ولایته علیها لا صرف ابراز الطلب، فانه حینئذ لیس للمالک حق الامتناع عن الأداء، لأن تأخیر وقت الإخراج عن وقت التعلق انما هو من باب الارفاق علی المالک، بمعنی انه غیر ملزم باخراجها من حین التعلق، بل یجوز له التأخیر إلی حین التصفیة في الغلة والاجتذاذ في التمر والاقتطاف في العنب، ولیس ذلک حقا له بحیث لا تجوز مزاحمته فیه، ومن هنا یجوز للمالک اخراجها من حین التعلق إذا أراد، ولا یجب علیه التأخیر، وعلی هذا فإذا تعلقت الزکاة بالغلات الأربع فان طلبها الساعي من قبل الحاکم الشرعي ولایة وجب علی المالک اخراجها باعتبار أنها ملک الفقراء وأمرها بید الحاکم الشرعي لمکان ولایته. الّا أن یقال ان مقتضی الدلیل الدال علی تأخر وقت الاخراج هو قصر ولایة الحاکم علی المطالبة قبل ذلک الوقت لا قصر سلطنة المالک عن اخراجها من النصاب وتفریغ ماله عنها.

والجواب.. أولا: ما تقدم من أنه لا دلیل علی ذلک ما عدا دعوی الاجماع في المسألة وهي غیر تامة کما مر.

وثانیا: انه علی تقدیر ثبوت الاجماع، فالمتیقن منه ان المالک غیر ملزم بالاخراج من حین التعلق لا أن ولایة الحاکم قاصرة.

فالنتیجة: ان الساعي إذا طلب الزکاة من المالک بعد التعلق من قبل الحاکم الشرعي ولایة وجب علیه القبول حتی علی القول المشهور فضلا عما قویناه.

مسالة 6: وقت الاخراج، الّذي يجوز للساعي مطالبة المالک فيه واذا اخّرها عنه ضمن، عند تصفية الغلّة واجتذاذ التمر  واقتطاف   الزبيب ؛ فوقت وجوب الاداء (1)غير وقت التعلّق .

1- الفیاض: مر انه لا دلیل علی أن للأداء وقتا معینا بحیث لا یحق لأي واحد حتی الحاکم الشرعي الزام المالک بالاخراج قبلها، بل وقته یبدأ بوقت التعلق، فإذا تعلقت الزکاة بالغلات جاز للمالک أن یقوم بالافراز والتقسیم وتعیین حصة الزکاة وتسلیمها إلی الفقراء أو إلی الحاکم الشرعي، کما ان للحاکم الشرعي أن یطالب منه التسلیم، فإذا طلب لا یحق لا الامتناع.

فالنتیجة: انه لا یجوز تأخیر دفع الزکاة بعد التصفیة والاجتذاذ والاقتطاف لا ان ذلک الوقت هو وقت وجوب الأداء، بل وقته موسع یدخل من حین التعلق.

 

مسالة 7: يجوز للمالک المقاسمة مع الساعي مع التراضي بينهما قبل الجذاذ(1) .

1- الفیاض: هذا بناء علی المشهور من أن تعلق الزکاة بثمر النخل من حین اصفراره أو احمراره قبل صدق التمر علیه، ولکن قد مر ان تعلقها بثمره من حین صدق التمر، وعلیه فلا موضوع للمقاسمة قبل ذلک، وبه یظهر حال المسألة الآتیة.

مسالة 8: يجوز للمالک دفع الزكاة والثمر على الشجر قبل الجذاذ، منه او من قيمته .

مسالة 9: يجوز(1)  دفع القيمة حتّى من غير النقدين ، من اىّ جنس كان، بل يجوز ان تكون من المنافع كسكنى الدار مثلا، وتسليمها بتسليم العين الى الفقير.

1- الفیاض: في الجواز اشکال بل منع، لأن مقتضی القاعدة عدم الجواز مطلقا حتی من النقدین، حیث ان تبدیل عین الزکاة بغیرها بحاجة إلی دلیل وقد تقدم انه لا دلیل علیه الّا في خصوص ما إذا کانت القیمة من النقدین.

نعم، قد ادعی الاجماع علی الجواز في المسألة، ولکن اثبات هذا الحکم بالإجماع المدعی فیها في غایة الاشکال والمنع.

 

  مسالة 10: لاتتكرّر  زكاة الغلّات بتكرّر السنين اذا بقيت احوالا، فاذا زكّى الحنطة ثمّ احتكرها سنين، لم‌يجب عليه شيء؛ وكذا التمر وغيره.

مسالة 11: مقدار الزكاة الواجب اخراجه في الغلّات هو العشر فيما سقي بالماء الجاري  او بماء السماء او بمصّ عروقه من الارض كالنخل والشجر، بل الزرع ايضا في بعض الامكنة؛ ونصف العشر فيما سقي بالدلو والرشاء والنواضح والدوالي ونحوها من العلاجات ؛ ولو سقي بالامرين، فمع صدق الاشتراک، في نصفه العشر وفي نصفه الاخر نصف العشر، ومع غلبة  الصدق  لاحد الامرين فالحكم تابع لما غلب (1)، ولو شکّ في صدق الاشتراک او غلبة صدق احدهما فيكفي  الاقلّ،  والاحوط الاكثر.

1 -الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، لأن نسبة الغلبة إذا کانت نسبة ضئیلة علی نحو لا تمنع عن صدق الاشتراک فالحکم النصف والنصف وإن کانت کثیرة علی نحو تمنع عن صدق الاشتراک فالحکم کما ذکره الماتن . وعلی الجملة فما دل علی ان ما سقته السماء ففیه العشر، وما سقي بالدوالي ففیه نصف العشر لا یشمل صورة الاشتراک، لأن اطلاق الأول معارض مع اطلاق الثاني في هذه الصورة، والمرجع فیه حینئذ صحیحة معاویة بن شریح عن أبي عبد الله  قال: «فیما سقت السماء والأنهار أو کان بعلا فالعشر، فأما ما سقت السواني والدوالي فنصف العشر، فقلت له: فالأرض تکون عندنا تسقی بالدوالي ثم یزید الماء وتسقی سیحا، فقال: إنّ ذا لیکون عندکم کذلک، قلت: نعم، قال: النصف والنصف، نصف بنصف العشر، ونصف بالعشر، فقلت: الأرض تسقی بالدوالي ثم یزید الماء (و) فتسقی السقیة والسقیتین سیحا؟ قلت: في ثلاثین لیلة وقد مکث قبل ذلک في الأرض ستة أشهر سبعة أشهر، قال: نصف العشر»(الوسائل باب: 6 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 1).

فإن المستفاد منها عرفا ان الزرع إذا کان یسقی بالدوالي في مدة ویسقی سیحا في مدة اخری لا تقل عن الاولی في طول مدة فصل زرع الحنطة والشعیر علی نحو یصدق عرفا انه سقي بهما معا وإن کان زمان السقي بأحدهما أکثر من الآخر فالمعیار انما هو بصدق السقي بهما وإن کان أحدهما أغلب من الآخر بنسبة ضئیلة، إذ حمل اطلاق الصحیحة علی صورة تساوي السقیین عددا أو زمانا حمل علی فرد نادر، وحیث ان المنساق من جواب الامام  عن السؤال الأول في الصحیحة هو السقي بهما معا، فیکون منصرفا عما إذا کان السقي بالسیح بنسبة ضئیلة، فمن أجل ذلک سأله ثانیا بقوله: «تسقی بالدوالي ثم یزید الماء فتسقی السقیة والسقیتین سیحا» ثم قال الامام7: «کم تسقی السقیة والسقیتین سیحا» قال الراوي: «في ثلاثین لیلة أو أربعین لیلة» فأجاب7: «فیه نصف العشر...». فان المتفاهم العرفي من الجوابین عن السؤالین في الصحیحة بعد تحدید نسبة السقیة والسقیتین فیها بمناسبة الحکم والموضوع الضابط العام للمسألة، وهو أن السقي بکل منهما إذا کان بنسبة معتد بها علی نحو لو اکتفی بأحدهما وترک الآخر انعدم الزرع، وحینئذ تجب النصف والنصف، وإذا کان السقي بأحدهما بنسبة غیر معتد بها بحیث لو ترکه لا یؤثر فیه، ولو أثر لکان تأثیره کالمعدوم کان حاله حال الأمطار الفصلیة بالقیاس إلی ما یسقی سیحا أو بالدوالي، حیث انه لا یکون مؤثرا في تغییر الزرع عما کان یوصف به عرفا من کونه سقي سیحا أو بالدوالي فیلحقه حکم الاسم الذي یطلق علیه في العرف.

وبکلمة اخری: ان الأرض المزرعة علی نوعین.

أحدهما: ما سقته السماء أو السیح.

والآخر: ما سقته الدوالي أو السواني.

وإن شئت عبر عن الأول بالسقي بدون علاج، وعن الثاني مع علاج، ولکل منهما حکمه، وعلی هذا الأساس فان سقی بکل منهما بین فترة واخری، فان کان علی نحو یؤثر في تغییر الاسم عرفا بحیث لا یصدق علیه لا الاسم الأول ولا الثاني کان حکمه مشترکا بین القسمین علی نسبة واحدة، ولا فرق في ذلک بین أن یکون السقي بهما علی نحو التساوي عددا أو زمانا، أو لا، فان المعیار انما هو بالصدق العرفي. وإن کان علی نحو لا یؤثر في تغییره بنظر العرف کما إذا کان السقي به بنسبة قلیلة غیر معتد بها کالأمطار الفصلیة التي لا تؤثر في تغییر الزرع من الأرض عما کان علیه من الاسم والوصف وهو ما سقاه سیحا وما سقاه بالدوالي. والصحیحة ناظرة إلی بیان ذلک الضابط العام.

بقي هنا شيء: وهو ان المتفاهم العرفي من الروایات الباب اناطة العشر بالسقي المباشر بدون علاج کالسقي بماء النهر أو المطر أو العین، فان الماء یصل إلی الزرع بطبعه لو خلي وسبیله وجعله معدا للجري علی الزراعة ولو بسدّ سبیله المتعارف واصلاح مجراه وازالة الموانع عن وصوله إلیها وغیر ذلک من المقدمات التي لابد من توفیرها في تحقق الایصال وحصول السقي، إذ عادة لا یمکن ایصال الماء إلی مزرعة من النهر أو العین بدون توفیر تلک المقدمات، وبعد توفیرها فایصاله إلیها وسقیها به لا یحتاج إلی مئونة وعلاج، واناطة نصف العشر بالسقي مع العلاج حیث ان الماء لم یصل إلی الزرع بطبعه بل بحاجة إلی استعمال آلة کالدوالي ونحوها وایصاله إلیه بواسطتها.

فالنتیجة: ان المعیار العام لذلک هو ان ایصال الماء إلی الزرع وسقیه به ان کان بطبعه وبدون علاج ومئونة ففیه العشر، وإن لم یکن بطبعه بل بحاجة إلی آلة بها یوصل الماء إلی الزرع ویسقیه ففیه نصف العشر.

 

مسالة 12: لو كان الزرع او الشجر لايحتاج الى السقي بالدوالي ومع ذلک سقي بها من غير ان يؤثّر في زيادة الثمر، فالظاهر وجوب العشر؛ وكذا لو كان سقيه بالدوالي وسقي بالنهر ونحوه من غير ان يؤثّر فيه، فالواجب نصف العشر.

مسالة 13: الامطار العادية في ايّام السنة لاتخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه، الّا اذا كانت بحيث لا حاجة معها الى الدوالي اصلا(1)، او كانت بحيث توجب صدق الشركة، فحينئذٍ يتبعهما الحكم.

1- الفیاض: هذا من جهة ان ما سقته السماء ففیه العشر یصدق علیه، وبه یظهر حال المسألة الآتیة.

 

مسالة 14: لو اخرج شخص الماء بالدوالي على ارض مباحة مثلا عبثا او لغرضٍ، فزرعه اخر وكان الزرع يشرب بعروقه، فالاقوى  العشر ، وكذا اذا اخرجه هو بنفسه لغرض اخر غير الزرع ثمّ بدا له ان يزرع زرعا يشرب بعروقه؛ بخلاف ما اذا اخرجه لغرض الزرع الكذائيّ؛ ومن ذلک يظهر حكم ما اذا اخرجه  لزرع، فزاد وجرى على ارض اخرى .

مسالة 15: انّما تجب الزكاة بعد اخراج ما ياخذه السلطان باسم المقاسمة، بل ماياخذه باسم الخراج  ايضا (1)، بل ما ياخذه العمّال  زائدا  على ما قرّره السلطان ظلما اذا لم‌يتمكّن من الامتناع جهرا وسرّا، فلايضمن حينئذٍ حصّة الفقراء من الزائد، ولا فرق (2) في ذلک بين الماخوذ من نفس الغلّة او من غيرها  اذا كان الظلم عامّا، وامّا اذا كان شخصيّا فالاحوط الضمان فيما اخذ من غيرها، بل الاحوط الضمان فيه مطلقا وان كان الظلم عامّا، وامّا اذا اخذ من نفس الغلّة قهرا فلاضمان، اذ الظلم حينئذٍ وارد على الفقراء ايضا.

1- الفیاض: في استثناء ذلک من العین الزکویة اشکال بل منع، فان المستثنی منها انما هو حصة السلطان باسم المقاسمة التي تؤخذ من نفس العین، بل هي غیر مملوکة للزارع من الأول، فاذن یکون استثناؤها من باب التخصص وعلی القاعدة، لا من باب التخصیص لکي یحتاج إلی دلیل، وهذا بخلاف ما وضع من قبل السلطان علی الأراضي باسم الخراج من کمیة خاصة من النقود، فانه لا دلیل علی استثنائه من العین الزکویة، فان النصوص الواردة في تلک الأراضي قاصرة الدلالة علی استثناء ما یعادل الخراج من الزکاة.

منها: صحیحة أبي بصیر ومحمد بن مسلم جمیعا عن أبي جعفر  أنهما قالا له: «هذه الأرض التي یزارع أهلها ما تری فیها؟ فقال: کل أرض دفعها إلیک السلطان فما حرثته فیها فعلیک مما أخرج الله منها الذي قاطعک علیه، ولیس علی جمیع ما أخرج الله منها العشر، انما علیک العشر فیما یحصل في یدک بعد مقاسمتک لک»(الوسائل باب: 7 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 1)، فان موردها المقاسمة وهي حصة من حاصل الزرع التي وضعها السلطان في الأرض التي دفعها إلی الزرع، وقد مر أن تلک الحصة التي هي باسم المقاسمة لا تدخل في ملک الزارع من الأول، فمن أجل ذلک یکون استثناؤها من الزکاة علی القاعدة، وهذا بخلاف الخراج فانه عبارة عن کمیة خاصة من النقود التي وضعت علی الأرض باسم الخراج ولا یرتبط بحاصل الزرع. أو فقل انه نوع ضریبة توضع من قبل السلطان علی الأرض ولا صلة له بنمائها وحاصلها فانه کلا ملک للزارع ولا موجب لخروج ما یعادل الخراج من الحاصل عن ملکه.

ومنها: قوله7 في صحیحة أحمد بن محمد بن أبي نصر: «وما أخذ بالسیف فذلک إلی الامام یقلبه بالذي یری کما صنع رسول الله بخیبر قبل ارضها ونخلها والناس یقولون لا تصلح قبالة الأرض والنخل إذا کان البیاض أکثر من السواد وقد قبل رسول الله6 خیبر وعلیهم في حصصهم العشر ونصف العشر»(الوسائل باب: 72 من أبواب جهاد العدو وما یناسبه الحدیث: 2).

بدعوی: انه ینص علی استثناء الخراج واخراجه قبل الزکاة، لأن قوله : «وعلیهم في حصصهم العشر ونصف العشر» ناص في نفي الزکاة عن الخراج وتخصیصها بحصص الزارعین.

ومنها: غیرها.

والجواب: ان ظاهر الصحیحة هو ان القبالة التي وضعت علی الأرض انما وضعت بحصة من حاصل الزرع وهذا مما یسمی لدی الفقهاء بالمقاسمة، فلا تعم الخراج، وقد تقدم ان حصة السلطان المسماة بالمقاسمة لا تدخل في ملک الزارع والمتقبل حتی تجب علیه زکاتها، لأنها من الأول تدخل في ملک السلطان، والقرینة علی ذلک تخصیص وجوب الزکاة علی المتقبلین بحصصهم فانه یدل علی ان القبالة الموضوعة علی الأرض عبارة عن حصة من حاصل الزرع فیها، فاذن لا تعم الصحیحة الخراج لما مر من أنه عبارة عن کمیة من النقود الموضوعة علی الأرض من الدراهم أو الدنانیر بعنوان الضریبة علیها، ولیس عبارة عن جعل حصة من حاصل الزرع للدولة، فالحاصل تماما ملک للزارع، ومع التنزل عن ذلک وفرض عدم ظهور الصحیحة فیه، فلا شبهة في أنها لیست ظاهرة في ان القبالة فیها أعم من الخراج.

فالنتیجة: انه لا دلیل علی استثناء ما یعادل الخراج من العین الزکویة، وأما دعوی الاجماع علی استثناء الخراج کالمقاسمة.

فیرد علیها.. أولا: ان الاجماع غیر ثابت.

وثانیا: علی تقدیر ثبوته فلا طریق لنا إلی احرازه.

وثالثا: علی تقدیر احرازه الّا أن هذا الاجماع في المسألة لا یکون تعبدیا لاحتمال أن یکون مدرک الحکم فیها تلک الصحیحة ونحوها.

إلی هنا قد ظهر ان حصة السلطان المجعولة علی الأرض ان کانت علی وجه المقاسمة فاستثناؤها من العین الزکویة یکون علی القاعدة، وتؤکد علی ذلک الصحیحتان المتقدمتان، وان کانت علی وجه الخراج فلا موضوع للاستثناء حیث ان الخراج لیس حصة من حاصل الأرض، بل هو متمثل في کمیة خاصة من النقود.

نعم، لو أخذ السلطان بدل الخراج حصة من حاصل الأرض من المالک قهرا سقطت زکاتها عنه بالنسبة بناء علی ما هو الصحیح من أن تعلق الزکاة بالغلات الأربع یکون علی نحو الاشاعة في العین باعتبار ان هذا المقدار یعد تالفا من النصاب بدون تفریط منه، وفي ضوء ذلک فعلی الأول تجب الزکاة في المقدار الباقي من الحاصل بعد استثناء حصة السلطان منه شریطة أن یبلغ الباقي النصاب، وعلی الثاني تجب في کل الحاصل إذا کان بقدر النصاب.

ولکن هنا روایات اخری قد یستدل بها علی عدم وجوب الزکاة في الباقي بید الزارع بعد اخراج حصة السلطان.

منها: روایة سهل آباد: «وسأل أبا الحسن موسی : عما یخرج منها، ما علیه؟ فقال: إن کان السلطان یأخذ خراجه فلیس علیک شيء، وإن لم یأخذ السلطان منها شیئا فعلیک اخراج عشر ما یکون فیها»(الوسائل باب: 10 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 1).

ومنها روایة رفاعة بن موسی عن أبي عبد الله  قال: «سألته عن الرجل یرث الأرض أو یشتریها فیؤدي خراجها إلی السلطان، هل علیه فیها عشر؟ قال: لا»(الوسائل باب: 10 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 2).

ومنها: روایة أبي کهمس عن أبي عبد الله7 قال: «من أخذ منه السلطان الخراج فلا زکاة علیه»(الوسائل باب: 10 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 3). بتقریب أنها تنص علی عدم وجوب الزکاة في الباقي بعد اخراج.

والجواب: ان الروایات وإن کانت تامة دلالة الّا أنها بأجمعها ضعیفة سندا فلا یمکن الاعتماد علی شيء منها، فاذن لا معارض للروایات المتقدمة. ومع الاغماض عن ذلک وتسلیم تمامیة هذه الروایات سندا فلا یبعد تقدیمها علیها باعتبار أنها أقوی وأصرح منها دلالة حیث أنها ناصة في نفي الزکاة في فرض أخذ الخراج منه من قبل السلطان، وتلک الروایات ظاهرة في وجوبها فیه.

ودعوی: أنها روایات شاذة وتلک روایات مشهورة فلابد من تقدیمها علیها.

مدفوعة: أما أولا: فلأن تقدیم الروایة المشهورة علی الروایة الشاذة انما هو في مرحلة استقرار المعارضة وعدم امکان الجمع العرفي بینهما لا في مثل المقام الذي کان الجمع العرفي فیه ممکنا.

وثانیا: ان تقدیم الروایة المشهورة علی الروایة الشاذة لیس من باب ترجیح الأولی علی الثانیة، بل من جهة أن الاولی قطعیة الصدور.

وثالثا: مع الاغماض عن ذلک وتسلیم ان المراد من الشهرة لیست الروایة المقطوع الصدور، الّا أن ما دل علی ترجیحها علی الشاذة ضعیف سندا فلا یمکن الاعتماد علیه.

ودعوی: ان هذه الروایات بما أنها موافقة لمذهب أبي حنیفة حیث انه یری عدم الزکاة في الأراضي الخراجیة بعد أخذ الخراج منها، وتلک الروایات مخالفة له فتحمل علی التقیة...

مدفوعة.. أولا: ان ذلک مبني علی استقرار المعارضة بینهما وعدم امکان الجمع العرفي، وقد مر أن المعارضة بینهما غیر مستقرة لا مکان الجمع العرفي الدلالي.

وثانیا: ان مجرد موافقة هذه الروایات لمذهب أبي حنیفة فقط دون سائر المذاهب لا یکفي في الحمل علی التقیة في مقام المعارضة.

فالنتیجة: ان العمدة ما مر من أنها جمیعا ضعیفة من ناحیة السند.

2- الفیاض: بل الظاهر هو الفرق، فان المأخوذ إذا کان من العین الزکویة ظلما وقهرا فلا ضمان علیه لعدم استناد تلفها إلیه، وإن کان المأخوذ من غیرها فلا موجب لسقوط زکاة ما یعادل المأخوذ من العین الزکویة، ولا فرق فیه بین أن یکون الظلم عاما أو خاصا، فما في المتن من الفرق بینهما لا یرجع إلی معنی صحیح، الّا أن یقال: ان الظلم إذا کان عاما فالمأخوذ بمثابة المؤن، وإذا کان خاصا فهو أمر اتفاقي ولا یدخل في المؤن.

والجواب.. أولا: انه لا فرق في المؤن التي تصرف علی العین الزکویة بین أن تکون دائمیة أو اتفاقیة، بأن یتفق في سنة دون اخری.

وثانیا: ما تقدم من أن المؤن غیر مستثناة من الزکاة.

هاهنا مسألتان..

الاولی: ان المراد من السلطان في هذه الروایات مطلق من بیده الأمر أعم من أن یکون عادلا دو ظالما. ثم انه لا شبهة في ولایة الامام المعصوم  علی تلک الأراضي، فانه مضافا إلی ثبوت الولایة العامة له7 قد دلت علی ذلک مجموعة من الروایات.

منها: صحیحة أبي نصر المتقدمة، وانما الکلام والاشکال في ولایة السلطان الجائر علیها، قیل: بثبوت الولایة له، بل أفرط في القول بها حتی جعله بمنزلة الامام العادل.

وغیر خفي أن هذا القول یبتنی علی أساس أن منصب الولایة لازم لمنصب السلطنة والحکومة وإن کان المتقمص به غاصبا وجائرا. ولکن لا دلیل علی هذه الملازمة أصلا، ولا یوجد دلیل آخر یدل علی ثبوت الولایة له. بل یستفاد من مجموعة من النصوص انه لا یجوز الرجوع إلیه والأخذ بحکمه، فانه ان أخذ أخذ بحکم الطاغوت وهو سحت وباطل، فلو کانت له ولایة لم یکن الأخذ بحکمه أخذ بحکم الطاغوت. وأما هذه الروایات فهي لا تدل علی ولایته علیها، وانما تدل علی امضاء الشارع تصرفاته فیها من التقبیل علی نحو المقاسمة ووضع خراج علیها، ولو لا هذه الروایات لم نقل بنفوذ تصرفاته فیها من تقبیل أو اجارة أو نحو ذلک، حیث انه لا شبهة في أن تصدیه لهذا المنصب وتصرفه في تلک الأراضي التي هي ملک عام للمسلمین محرم علی أساس أنه غاصب للمنصب وتصدیه ذلک المقام الرفیع، فاذن یکون المراد من نفوذ تصرفاته فیها نفوذها بالنسبة إلی من یقوم بممارسة تلک الأراضي والانتفاع بها، وهذا یعني انه یجوز له أخذ الأرض من یده باجارة أو تقبیل أو نحو ذلک. وعلیه فالمبرر لحکم الشارع بنفوذ تصرفاته أحد امور..

الأول: أن لا تبقی الأرض معطلة رغم حاجة المسلمین إلی استثمارها وممارسة انتاجها.

الثاني: أن لا یلزم الهرج والمرج في البلاد واختلال النظام.

الثالث: أن لا یضیع حق کل فرد من أفراد المسلمین فیها.

والصحیح من هذه الوجوه هو الوجه الأخیر دون الوجهین الأولین.

أما الوجه الأول: فلأن غیر الشیعة من طوائف المسلمین بما أنهم یرون علی ضوء منهجم الفقهي ان خلافة هؤلاء الخلفاء والسلاطین کانت علی حق نظرا إلی أن هؤلاء کانوا لدیهم من ولاة الأمر الذین قد أمر في الآیة الکریمة بلزوم اتباعهم فلا محالة تکون تصرفاتهم في تلک الأراضي من تقبیل أو اجارة نافذة عندهم وکانت عن استحقاق. وأما الشیعة فبما أن نسبتهم إلی تلک الطوائف في ذلک العصر کانت في غایة القلة فلا یلزم من عدم نفوذ تصرفاتهم في حقهم تعطیل الأرض، وبذلک یظهر حال الوجه الثاني، فان غیر الشیعة من الطوائف بما أنهم کانوا معتقدین ان النظام الموجود في عصر هؤلاء الخلفاء هو النظام الذي أمر الإسلام باتباعه وعدم جواز مخالفته، وأما الشیعة فبما أنهم کانوا قلیلین فلا یلزم من عدم عملهم علی وفق ذلک النظام الهرج والمرج واختلال النظام، علی أنهم لا یتمکنون من المخالفة جهرا وعلنا، فاذن یتعین الوجه الثالث وهو ان امضاء الامام7 ما یصدر منهم من التصرفات فیها انما یقوم علی أساس أن یتیح لهم الفرصة لممارسة حقوقهم في تلک الأراضي واستنقاذها باعتبار أن لهم فیها حقا، ولو لم یمض الامام7 لضاع حقهم فیها علی أساس أنهم لا یتمکنون من ممارستها واستنقاذها بطریق آخر.

فالنتیجة لحد الآن: ان نفوذ تصرفات السلطان الجائر انما هو في حق من لا یتمکن من ممارسة حقه واستنقاذه بطریق آخر، والّا فلا یکون نافذا.

ومن هنا یظهر انه لا فرق بین من یری نفسه خلیفة علی المسلمین کسلاطین العامة ومن لا یری نفسه کذلک کسلاطین الشیعة، فان تصرفاتهم فیها کتصرفات هؤلاء غیر نافذة الا بالنسبة إلی من لا یتمکن من انقاذ حقه فیها وممارسته الّا بأمرهم.

المسألة الثانیة: هل یجوز احتساب ما أخذه السلطان الجائر من النصاب بعنوان الزکاة زکاة أو لا؟ فیه وجهان: والصحیح هو الأول، وتدل علیه مجموعة من الروایات:

منها: صحیحة یعقوب بن شعیب قال: «سألت أبا عبد الله عن العشور التي تؤخذ من الرجل، أیحتسب بها من زکاته؟ قال: نعم، إن شاء» (الوسائل باب: 20 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1).

ومنها: صحیحة عیص بن القاسم عن أبي عبد الله في الزکاة قال: «ما أخذوا منکم بنو امیة فاحتسبوا به، ولا تعطوهم شیئا ما استطعتم، فان المال لا یبقی علی هذا أن تزکیة مرتین»(الوسائل باب: 20 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 3).

ومنها: صحیحة الحلبي قال: «سألت أبا عبد الله عن صدقة المال یأخذه السلطان؟ فقال: لا آمرک أن تعید»(الوسائل باب: 20 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 5).

ومنها: غیرها.

فان الظاهر من هذه الروایات بمناسبة الحکم والموضوع ان السلطان یأخذ الزکاة من الناس بعنوان انه ولي أمر المسلمین ولا تعم الخراج والمقاسمة، فان الأول موضوع علی الأرض من الدراهم أو الدنانیر بعنوان اجرة الأرض، والثانیة موضوعة علیها بحصة من حاصلها وهي لا تدخل في ملک الزارع من البدایة، وقد مر أن روایات المقاسمة تنص علی وجوب الزکاة علی الزارع في حصصه وان الساقط عنه انما هو زکاة حصة السلطان فقط. وظاهر هذه الروایات ان المال المأخوذ في موردها انما أخذ من نفس النصاب بعنوان الزکاة من قبل السلطان وولاة الأمر ظلما وقهرا، وقد نص في بعضها بعدم جواز الاعطاء إذا استطاع، ویؤکد ذلک ان المفترض في مورد تلک الزوایات بلوغ المال حد النصاب، وأما الخراج والمقاسمة المجعولین من قبل السلطان الجائر علی الأرض فیما ان أخذهما بمقتضی الجعل الممضی من قبل الشرع فلا یکون ظلما وعدوانا.

فالنتیجة: انه لا بأس بالأخذ بظاهر هذه الروایات وهو جواز احتساب المال المأخوذ من المالک قهرا زکاة شریطة أن یکون الأخذ من قبل ولاة الأمر بعنوان الزکاة والصدقة، وأن یکون المأخوذ من النصاب، وأما اختیارا فلا یجوز له الاعطاء لهم واحتسابه زکاة، وتدل علیه مضافا إلی أنه من اعطاء الزکاة لغیر أهلها وهو غیر جائز، صحیحتان..

إحداهما: صحیحة عیص بن القاسم المتقدمة.

والاخری: صحیحة أبي اسامة قال: «قلت لأبي عبد الله: جعلت فداک، إنّ هؤلاء المصدّقین یأتونا ویأخذون منّا الصدقة فنعطیهم إیّاها، أتجزئ عنا؟ فقال: لا، إنما هؤلاء قوم غصبوکم، أو قال: ظلموکم أموالکم، وانما الصدقة لأهلها»(الوسائل باب: 20 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 6).

مسالة 16: الاقوى (1)اعتبار خروج المؤن  جميعها؛ من غير فرق بين المؤن السابقة على زمان التعلّق واللاحقة(2)، كما انّ الاقوى  اعتبار النصاب ايضا بخروجها وان كان الاحوط (3)  اعتباره قبله ، بل الاحوط عدم اخراج المؤن خصوصا اللاحقة ؛ والمراد بالمؤونة كلّ ما يحتاج اليه الزرع والشجر من اجرة الفلّاح والحارث والساقي، واجرة الارض ان كانت مستاجرة، واجرة مثلها ان كانت مغصوبة، واجرة الحفظ والحصاد والجذاذ وتجفيف الثمرة واصلاح موضع التشميس وحفر  النهر  وغير ذلک، كتفاوت نقص  الالات والعوامل حتّى ثياب المالک  ونحوها، ولو كانت سبب النقص مشتركا بينها وبين غيرها وزّع عليهما بالنسبة.

1- الفیاض: في القوة اشکال بل منع، والأظهر عدم خروج ما یعادلها من النصاب فانه بحاجة إلی دلیل ولا دلیل علیه، وأما الوجوه التي استدل بها علی الخروج فهي بأجمعها ساقطة وهي ما یلي..

الأول: الاجماع المدعی في کلمات بعض الفقهاء.

والجواب أولا: ان المسألة مشهورة لا أنها مجمع علیها.

وثانیا: انه لا یمکن احرازه بین الفقهاء المتقدمین لعدم الطریق إلیه کما مرت الاشارة إلیه غیر مرة.

وثالثا: انه لیس بتعبدي لاحتمال أن یکون مدرک المسألة عند الکل أو البعض سائر الوجوه.

الثاني: الأصل، بدعوی ان مقتضاه عدم تعلق الزکاة بما یعادل المؤن من النصاب.

والجواب: ان الأصل انما یکون مرجعا في مورد الشک في التعلق، ولا شک لنا في تعلقها بتمام النصاب بمقتضی اطلاقات روایات العشر ونصف العشر.

الثالث: قوله7 في صحیحة محمد بن مسلم: «ویترک للحارس العذق والعذقان، والحارس یکون في النخل ینظره فیترک ذلک لعیاله»(الوسائل باب: 1 من أبواب زکاة الغلات الحدیث: 3) بتقریب انه یدل علی استثناء أجرة الحارس من النصاب.

والجواب: انه لا یدل علی أنه من باب أجرة الحارس، بل مناسبة الحکم والموضوع تقتضی أن یکون ذلک حقا استحبابیا مجعولا له ولو بملاک حق النظر حتی یستفید هو وعیاله من ثمره، هذا اضافة إلی أن تعرض الصحیحة لترک معافارة وأم جعرور وما یترک للحارس وعدم التعرض لغیر ذلک ومنه المؤن اللازمة نوعا دلیل علی عدم الاستثناء.

الرابع: قوله تعالی: (خُذِ اَلعَفوَ) (الأعراف/ الآیة: 199) وقوله تعالی: (وَیَسئَلُونَکَ ما ذا یُنفِقُونَ قُل اَلعفوَ) (البقرة/ الآیة: 219)، والعفو هو الزائد علی المؤونة.

والجواب.. أولا: ان محل الکلام في مئونة الزرع لا مئونة المالک، والآیة الشریفة واردة في مئونة المالک.

وثانیا: ان ظاهر الآیة الشریفة أخذ تمام الزائد وانفاقه لا عشره أو نصف عشره کما هو محل الکلام، فالآیة الشریفة حینئذ أجنبیة عن موضوع الکلام.

فالنتیجة: ان ما هو المشهور من خروج المؤن من النصاب لا یمکن اتمامه بدلیل.

2- الفیاض: الظاهر هو الفرق بینهما لما مر من أن الزکاة إذا تعلقت بالغلات الأربع جاز للمالک تسلیمها إلی الفقیر أو الحاکم الشرعي ولا یجب علیه الحفاظ بها إلی زمان التصفیة في الغلة والاجتذاذ في التمر والاقتطاف في الزبیب، وبما أن الحفاظ علیها إلی ذلک الزمان یتوقف علی مئونة فلا یجب علی المالک تحمل تلک المؤونة، وعلی هذا فیجوز للمالک احتساب المؤونة اللاحقة علی الزکاة بالنسبة مع الاذن من الحاکم الشرعي. نعم، إذا صرفها علیها بدون الإذن منه لم یجز له احتسابها علیها.

3- الفیاض: بل هو الظاهر اما علی القول بعدم خروج المؤن من النصاب فالأمر واضح، وأما علی القول بخروج المؤن منه فالأمر أیضا کذلک، لأن مقتضی اطلاقات نصوص ما انبتته الأرض من الحنطة والشعیر والتمر والزبیب إذا بلغ خمسة أو ساق ففیه الزکاة أنه یکفي في وجوبها بلوغ المجموع حد النصاب لا بعد اخراج المؤن. وما یدل علی اخراجها فرضا فهو انما یدل علی عدم وجوب الزکاة فیما یعادل المؤن من النصاب وتقیید وجوبها بالباقي، ولا یدل علی أن الباقي لابد أن یکون بقدر النصاب.

وإن شئت قلت: ان دلیل استثناء المؤن علی تقدیر تمامیته یکون مخصصا لإطلاق وجوب الزکاة الذي هو مفاد الهیئة، ولا یکون مخصصا لإطلاق دلیل اعتبار النصاب الذي هو مفاد المادة، لأن وجوب الزکاة مشروط ببلوغ ما انبتته الأرض حد النصاب وهو خمسة أوساق، فإذا بلغ وجب الزکاه فیه، ولکن دلیل استثناء المؤن یدل علی عدم وجوبها فیما یعادل المؤن من النصاب کما هو الحال في سائر موارد التقیید والتخصیص حیث ان بلوغ ما انبتته الأرض حد النصاب من شروط الوجوب والاتصاف، أي اتصاف المادة بالملاک لا من شروط الواجب وقیوده، وعلی هذا فلو دل دلیل علی استثناء المؤن کالوجوه المتقدمة فلا محالة یکون مفاده عدم وجوب الزکاة فیما یعادل المؤن من النصاب واستثناؤه من الوجوب، ولا یوجد دلیل آخر یدل علی ان بلوغ المال حد النصاب کما انه شرط للوجوب کذلک شرط للواجب، ونقصد بالواجب المال الذي یجب علی المکلف اخراج الزکاة منه، لأن اطلاقات الأدلة جمیعا مسوقة لبیان شرطیته للوجوب دون الواجب، وذلک یظهر حال المسائل الآتیة.

مسالة 17: قيمة   البذر اذا كان من ماله المزكّى او المال الّذي لا زكاة فيه، من المؤن ، والمناط قيمة يوم تلفه وهو وقت الزرع.

مسالة 18: اجرة العامل  من المؤن، ولايحسب للمالک اجرة اذا كان هو العامل، وكذا اذا عمل ولده او زوجته بلا اجرة، وكذا اذا تبرّع به اجنبيّ؛ وكذا لايحسب اجرة الارض الّتي يكون مالكا لها، ولا اجرة العوامل اذا كانت مملوكة له.

مسالة 19: لو اشترى الزرع، فثمنه  من المؤونة ، وكذا لو ضمن النخل  والشجر، بخلاف ما اذا اشترى نفس الارض والنخل والشجر، كما انـّه لايكون ثمن العوامل  اذا اشتراها منها.

مسالة 20: لو كان مع الزكويّ غيره، فالمؤونة موزّعة عليهما  اذا كانا مقصودين؛ واذا كان المقصود بالذات غير الزكويّ ثمّ عرض قصد الزكويّ بعد اتمام العمل، لم‌يحسب  من المؤن، واذا كان بالعكس حسب منها.

مسالة 21: الخراج (1) الّذي ياخذه السلطان ايضا يوزّع  على الزكويّ وغيره .

1- الفیاض: تقدم أن ما یوازي الخراج لا یستثنی من النصاب.

 

مسالة 22: اذا كان للعمل مدخليّة في ثمر سنين عديدة، لايبعد  احتسابه على ما في السنة الاولى وان كان الاحوط  (1) التوزيع على السنين .

1- الفیاض: الاحتیاط وإن کان استحبابیا الّا أنه ضعیف جدا ولا منشأ له، إذ علی تقدیر تسلیم استثناء المؤن فالعمل بما أنه من مئونة السنة الاولی فیستثنی من النصاب فیها دون النصاب في السنة الثانیة والثالثة، ونتیجة ذلک وجوب الزکاة في الثانیة والثالثة وإن لم یبلغ الحاصل النصاب علی تقدیر التوزیع.

مسالة 23: اذا شکّ في كون شيء من المؤن او لا، لم‌يحسب منها .

مسالة 24: حكم النخيل والزروع في البلاد المتباعدة حكمها في البلد الواحد، فيضمّ الثمار بعضها الى بعض وان تفاوتت في الادراک، بعد ان كانت الثمرتان لعام واحد وان كان بينهما شهر او شهران او اكثر؛ وعلى هذا فاذا بلغ ما ادرک منها نصابا اخذ منه، ثمّ يؤخذ من الباقي، قلّ او كثر، وان كان الّذي ادرک اوّلا اقلّ من النصاب ينتظر به  حتّى يدرک الاخر ويتعلّق به الوجوب، فيكمل منه النصاب  ويؤخذ من المجموع؛ وكذا اذا كان نخل يطلع في عام مرّتين، يضمّ الثاني الى الاوّل، لانّهما ثمرة سنة واحدة، لكن لايخلو عن اشكال(1)، لاحتمال كونهما في حكم ثمرة عامين  كما قيل .

1- الفیاض: والأظهر هو الضم شریطة أن تبقی إلی الثمرة الثانیة.

نعم، لا یجب علیه ابقاؤها إلی الثانیة، وأما إذا بقیت عنده اتفاقا إلی زمان الثانیة وأصبح المجموع النصاب تعلق وجوب الزکاة به من ذلک الحین باعتبار ان المتفاهم العرفي من اطلاقات الأدلة ان المعیار انما هو ببلوغ ثمرة سنة واحدة النصاب سواء أکانت في زمن واحد أم کانت في أزمنة متعددة ما دام یصدق علیها أنها ثمرة انبتت في عام واحد وبلغت النصاب حیث انه مشمول لإطلاق قوله : «ما أنبتت الأرض من حنطة أو شعیر أو تمر أو زبیب إذا بلغ خمسة أو ساق ففیه الزکاة» إذ لا یحتمل اختصاصه بما إذا أنبتت خمسة أو ساق في زمن واحد، بل یعم ما إذا انبتت في زمنین منفصلین أو أکثر شریطة أن لا یتجاوز المجموع سنة واحدة.

 

مسالة 25: اذا كان عنده تمر يجب فيه الزكاة، لايجوز  ان يدفع عنه الرطب  على انـّه فرضه وان كان بمقدار لو جفّ كان بقدر ما عليه من التمر، وذلک لعدم كونه من افراد المامور به؛ نعم، يجوز دفعه على وجه القيمة(1) ؛ وكذا اذا كان عنده زبيب لايجزي عنه دفع العنب الّا على وجه القيمة، وكذا العكس فيهما؛ نعم، لو كان عنده رطب  يجوز (2)ان يدفع  عنه  الرطب  فريضةً؛ وكذا لو كان عنده عنب يجوز له دفع العنب فريضةً. وهل يجوز ان يدفع مثل ما عليه من التمر او الزبيب من تمراخر او زبيب اخر فريضةً او لا؟ لايبعد الجواز(3) ، لكنّ الاحوط  دفعه   من باب القيمة ايضا، لانّ الوجوب تعلّق بما عنده؛ وكذا الحال في الحنطة والشعير اذا اراد ان يعطي من حنطة اخرى او شعير اخر.

1- الفیاض: تقدم في المسألة (5) من زکاة الأنعام انه لا یکفي دفع القیمة عوضا عن الزکاة إذا کانت من غیر النقدین الّا باذن من الحاکم الشرعي، وبه یظهر حال ما بعده.

2- الفیاض: في الجواز اشکال بل منع، والأظهر عدمه لما مر من أن روایات الباب تنص علی ان الزکاة انما تتعلق بثمر النخل من حین صدق التمر علیه لا مطلقا، وبما أن عنوان التمر لا یصدق علیه ما دام کونه رطبا فلا تتعلق الزکاة به لکي یمکن دفعه زکاة، نعم یتم ما ذکره  علی المشهور من أن الزکاة تتعلق به من حین کونه بسرا فعندئذ لا مانع من اعطائها من الرطب فریضة.

3- الفیاض: فیه ان الجواز بعید جدا، وقد مر وسوف نشیر في ضمن البحوث الآتیة ان تعلق الزکاة بالغلات الأربع أنما هو علی نحو الاشاعة في العین، فزکاة کل مال بلغ النصاب جزء من أجزاء ذلک المال مشاعا، فإذا کان عنده تمر بلغ النصاب فزکاته جزء من ذلک التمر مشاعا بنسبة معینة، و علیه فإذا أعطی زکاته من تمر آخر فالمعطي لیس نفس الفریضة بل عوض عنها، فإجزاؤه یتوقف علی الامضاء والقبول من الحاکم الشرعي.

 

مسالة 26: اذا ادّى القيمة من جنس ما عليه بزيادة او نقيصة، لايكون من الرباء ، بل هو من باب الوفاء(1) .

1- الفیاض: فیه اشکال بل منع، لأنه مبني علی أن یکون تعلق الزکاة بالغلات الأربع علی نحو الشرکة في المالیة لا في نفس العین الخارجیة، فاذن اعطاء القیمة من جنس النصاب یکون وفاء للمأمور به في مقام الامتثال کأن یعطی زکاة الحنطة من حنطة اخری، وزکاة التمر من تمر آخر وهکذا، فان کل ذلک مصداق للزکاة المأمور بها باعتبار أنها عبارة عن العشر أو نصف العشر من مالیة النصاب، وهو کما ینطبق علی العشر أو نصف العشر من نفس النصاب کذلک ینطبق علی فرد آخر من ذلک الجنس، وأما بناء علی ما قویناه من أن تعلقها بها علی نحو الاشاعة في نفس العین فلا یصح دفعها زکاة من فرد آخر وإن کان من جنس النصاب الّا بعنوان انه عوض عن عین الزکاة، وعندئذ فیلزم محذور آخر وهو الربا بناء علی جریانه في المعارضة بین العینین وإن لم تکن بعنوان البیع شریطة أن تکون المعاوضة بینهما معاملة واحدة لا معاملتین تکون احداهما مشروطة في ضمن الاخری، بأن یقول المالک للحاکم الشرعي: أهب لک خمسة وعشرین کیلو من الحنطة غیر الجیدة بشرط أن تبرأ ذمتي عن عشرین کیلو من الحنطة الجیدة، فانه إذا قبل الحاکم الشرعي ذلک ولایة علی أساس أنه یری فیه مصلحة، فالظاهر الصحة ولا رباء فیه.

 

مسالة 27: لو مات الزارع مثلا بعد زمان تعلّق الوجوب، وجبت الزكاة مع بلوغ النصاب ؛ امّا لو مات قبله وانتقل الى الوارث، فان بلغ نصيب كلّ منهم النصاب، وجب على كلٍّ  زكاة نصيبه، وان بلغ نصيب البعض دون البعض وجب  على من بلغ نصيبه، وان لم‌يبلغ نصيب واحد منهم لم‌يجب على واحد منهم.

مسالة 28: لو مات الزارع او مالک النخل والشجر وكان عليه دين؛ فامّا ان يكون الدين مستغرقا او لا، ثمّامّا ان يكون الموت بعد تعلّق الوجوب او قبله،بعد ظهور الثمر او قبل ظهور الثمر ايضا؛ فان كان الموت بعد تعلّق الوجوب وجب اخراجها؛ سواء كان الدين مستغرقا ام لا، فلايجب التحاصّ مع الغرماء، لانّ الزكاة متعلّقة بالعين؛ نعم، لوتلفت فيحياته بالتفريط وصارت في الذمّة، وجب التحاصّ بين ارباب الزكاة وبين الغرماء كسائر الديون ؛ وان كان الموت قبل التعلّق وبعد الظهور، فان كان الورثة قد ادّوا الدين قبل تعلّق الوجوب من مال اخر، فبعد التعلّق يلاحظ بلوغ حصّتهم ‌النصاب وعدمه(1) ،وان لم‌يؤدّوا الى وقت التعلّق ففي الوجوب وعدمه اشكال ، والاحوط (2) الاخراج  مع الغرامة للديّان  او استرضائهم؛ وامّا ان كان قبل الظهور  وجب (3) على من بلغ نصيبه النصاب من الورثة، بناءً  على انتقال  التركة    الی الوارث وعدم تعلّق الدين   بنمائها الحاصل قبل ادائه وانـّه للوارث من غير تعلّق حقّ الغرماء به.

1- الفیاض: هذا بلافرق بین أن یکون الدین مستوعبا لتمام الترکة أو لا، فعلی کلا التقدیرین إذا أدی الورثة الدین من أموالهم انتقلت الترکة إلیهم قبل التعلق، وحینئذ فإذا بلغ حصة کل واحد منهم النصاب تعلّقت الزکاة بها، والّا فلا.

2- الفیاض: لکن الأقوی عدم وجوب الاخراج إذا کان الدین مستغرقا لتمام الترکة، فانه بناء علی ما هو الصحیح من أن الترکة حینئذ لا تنتقل إلی الورثة بل تظل باقیة في ملک المیت فلا موضوع لوجوب الزکاة، وکذلک علی القول بأنها تنتقل إلیهم ولکنهم ممنوعون من التصرف فیها فأیضا لا موضوع له، لما مر من أن التمکن من التصرف شرط للوجوب.

نعم، إذا لم یکن مستغرقا لتمام الترکة کان الزائد علی الدین ملکا طلقا للورثة، ولهم أن یتصرفوا فیه کیفما شاءوا، وعندئذ فان بلغ نصیب کل واحد منهم النصاب وجب اخراج الزکاة علی الکل من نصیبه، وان بلغ نصیب بعضهم دون الآخر وجب علی من بلغ نصیبه دون غیره، والّا فلا.

وعوی: أن ما یعادل مقدار الدین من الترکة بما أنه ظل باقیا في ملک المیت ما لم یؤد فیکون مانعا من التصرف في کل الترکة، ومعه لا تجب الزکاة لعدم توفر شرط وجوبها وهو التمکن من التصرف.

مدفوعة:بأن نسبة الدین إلی مجموع الترکة بما أنها نسبة الکلي في المعین لا نسبة الاشاعة في المعین فلا تمنع من تصرف الورثة في المقدار الزائد من الترکة.

3- الفیاض: فیه ان الظاهر عدم الفرق بین أن یکون موته قبل الظهور أو بعده وقیل التعلق.

بیان ذلک: أما بناء علی ما هو الصحیح من أن مقدار الدین من الترکة کان یبقی في ملک المیت فبطبیعة الحال تکون الثمرة الحادثة بعد الموت للمقدار من الترکة الباقي في ملکه، وهو ما یوازي الدین ملکا له بقانون ان النماء تابع للأصل في الملک، وعلیه فبما أن المجموع من الثمرة والأصل أزید من مقدار الدین فلا محالة ینتقل الزائد إلی الورثة، وحیث ان نسبة الزائد إلی کل من الأصل والثمرة علی حد سواء فیوزع کل من الدین والزائد علی المجموع بالنسبة، فیخرج الزائد من ملکه ویدخل في ملک وارثه ویبقی مقدار الدین فیه.

مثال ذلک: إذا کان المیت مدینا بألف دینار – مثلا – کان ما یوازي الألف من الترکة یظل باقیا في ملکه، وعلیه فإذا أثمر ما یوازي الألف ونما کان الثمر والنماء ملکا له، وحیث ان المجموع من الثمر والأصل أزید من مقدار الدین فالزائد ینتقل إلی الورثة، وبما أن نسبته إلی کل جزء من المجموع نسبة واحدة فیحسب من المجموع ولا یکون الزائد متمثلا في الثمر فقط.

والنکتة في ذلک: أن ما یبقی في ملک المیت من الترکة وهو ما یوازي الدین لیس معنونا بعنوان خاص عدا عنوان الموازي للدین، کما أن الخارج من ملکه والانتقال إلی ملک الورثة لیس کذلک، الّا بعنوان الزائد علی مقدار الدین، فمن أجل ذلک کان ما یبقی في ملکه قبل ظهور الثمر وهو ما یوازي الدین ینطبق علی الأصل، وبعد ظهور ثمره في ملکه ینطبق علی مقدار المجموع من الأصل والثمر بالنسبة، أي بنسبة الدین، وکذلک الحال في الزائد، فانه ینطبق قبل ظهور الثمر علی الزائد علی الأصل فقط، وبعد ظهورها ینطبق علی الزائد في المجموع.

ومن هنا یظهر أن المقام یختلف عن ثلث المیت في باب الوصیة، فانه إذا أثمر ونما کان النماء کالأصل ملکا للمیت وإن زاد عن الثلث، إذ لا مقتضی لانتقال الزائد عنه إلی ورثته، وهذا بخلاف المقام فان المقتضي للانتقال موجود وهو اطلاق أدلة الإرث، والمانع وهو الدین لا یمنع عن انتقال الزائد، فانه انما یمنع عن انتقال ما یوازیه من الترکة لا أزید، وعلی هذا فإن کان الدین مستغرقا لکل الترکة لم تجب الزکاة في أثمارها لأنها ظهرت في ملک المیت وانتقلت منه إلی ملک الوارث بالنسبة، أما المیت فهو لا یکون قابلا للتکلیف، وأما الوارث فهو لا یکون مالکا لها من حین ظهورها الذي هو معتبر في وجوب الزکاة وإن لم یکن مستغرقا، فعندئذ ان بلغت حصة کل منهم أو بعضهم من أثمار الأموال المنتقلة إلیهم وجبت الزکاة، والّا فلا شيء علیهم.

وأما علی القول بانتقال تمام الترکة إلی الورثة متعلقة لحق الدیان فحینئذ إذا مات المالک قبل ظهور الثمرة ثم ظهرت فلا مقتضي لکونها متعلقة للحق أیضا بالنسبة، علی أساس أنها وإن کانت تابعة للأصل في الملک بقانون (ان من ملک شیئا ملک آثاره ونتاجه) الّا أنها لما کانت ملکا جدیدا حادثا في ملک الوارث بالاکونها مسبوقة بملک المیت فلا موجب لکونها کالأصل متعلقة لحق الغرماء، باعتبار أن متعلق هذا الحق ترکة المیت التي انتقلت منه إلی وارثه متعلقة له ارفاقا به، وأما ما لا یکون من ترکته کالثمر فلا یکون متعلقا له.

وإن شئت قلت: ان الترکة بما أنها کانت ملکا للمیت وانتقلت منه إلی وارثه، وحینئذ فان کان المیت مدینا للناس انتقلت إلیه متعلقة لحقهم ارفاقا به، وأما ثمارها فحیث أنها قد حدثت في ملک الوارث فلا تکون من ترکته، ومعه لا موضوع لتعلق حقهم بها، هذا کله فیما إذا کان موت المالک قبل ظهور الثمرة، وأما إذا کان بعد ظهورها وقبل وقت التعلق کما إذا مات بعد ظهور ثمرة النخل وقبل صیرورتها تمرا بناء علی ما هو الصحیح من أن وقت تعلق الزکاة فیها هو وقت صدق التمر علیها، ففي هذه الحالة تکون الثمرة متعلقة لحق الدیان علی کلا القولین في المسألة، وحینئذ فان کان الدین مستوعبا لکل الترکة فلا موضوع للزکاة حیث لا ینتقل إلی الورثة منها شيء أو انتقلت إلیهم متعلقة لحق الدیان المانع من الزکاة وإن لم یکن مستوعبا للکل، وعندئذ فان بلغت حصة کل منهم أو بعضهم من الباقي النصاب تعلقت الزکاة بها، والّا فلا شيء علیهم، هذا کله في ثمر النخل وغیره من الأشجار.

وأما إذا کان الثمر من الزرع کالحنطة والشعیر أو الکرم کالعنب، فحینئذ إن مات المالک قبل ظهورها فإن کان مدینا فعلی القول الأول کان یبقی ما یوازي الدین من الترکة وهي الزرع في المقام في ملکه، ونتیجة ذلک أن ثمرته إذا ظهرت فهي تتبع الأصل في الملک، وبما أن مالیته ازدادت بظهورها باعتبار ان الغایة منه الوصول إلیها، کما ان ظهورها یوجب سقوط مالیة الأصل عما کان علیه في المرتبة السابقة، فمن أجل ذلک ینطبق ما یوازي الدین علیها بالنسبة، ویخرج الزائد منها من ملکه ویدخل في ملک وارثه، وعلی هذا فان کان انتقال الزائد إلی ملکه قبل وقت التعلق وکان بقدر النصاب تعلقت الزکاة به، والّا فلا شيء علیه، وإن کان بعده فرضا فلا أثر له وإن بلغ النصاب باعتبار ان وجوبها مشروط بکونها ملکا للمالک في وقت التعلق.

وعلی القول الثاني کان ما یوازي الدین متعلقا لحق الدیان فحسب وعندئذ فإذا ظهرت ثمرته فهي وإن تقلل مالیة الأصل أو أدت إلی سقوطها، الّا أن مرد ذلک إلی انتقال مالیته من حالة إلی حالة اخری أقوی وأکمل، ومن مرتبة دانیة إلی مرتبة عالیة، وعلیه فیصبح متعلق الحق ما یوازي الدین من الثمرة بالنسبة، والزائد منها ینتقل إلی الورثة، فان کان الانتقال قبل وقت التعلق وحینئذ فان بلغت حصة کل منهم أو بعضهم النصاب تعلقت الزکاة بها والّا فلا، وإن کان بعد التعلق فلا موضوع للزکاة کما مر.

 

مسالة 29: اذا اشترى نخلا او كرما او زرعا مع الارض او بدونها قبل تعلّق  الزكاة، فالزكاة عليه بعد التعلّق مع‌اجتماع‌الشرائط، وكذا اذا انتقل اليه بغيرالشراء، واذا كان ذلک بعد وقت التعلّق فالزكاة على البايع، فان علم بادائه او شکّ في ذلک ليس عليه شيء(1)، وان علم بعدم ادائه فالبيع بالنسبة الى مقدار الزكاة فضولي ، فان اجازه الحاكم الشرعي طالبه بالثمن  بالنسبة الى مقدار الزكاة، وان دفعه الى البايع رجع بعد الدفع الى الحاكم عليه وان لم‌يجز كان له اخذ مقدار الزكاة من المبيع، ولو ادّى البايع الزكاة بعد البيع ففي استقرار ملک المشتري  وعدم الحاجة الى الاجازة من الحاكم  اشكال(2) .

1- الفیاض: فیه اشکال بل منع، والظاهر ان علی المشتري اخراج زکاته، وذلک لأن احراز صحة البیع بالنسبة إلی مقدار الزکاة المتعلقة بالمبیع الذي کان یشک في بقائها فیه بحاجة إلی دلیل، ولا دلیل علیه، فانه ان کان أصالة الصحة فلا مجال لها في المقام، لأن هذه الأصالة انما تجري فیما إذا کانت أرکانها متوفرة وکان الشک في الصحة والفساد من ناحیة الشک في شروطها غیر المقومة لها، وأما إذا کان الشک فیها من ناحیة الشک في توفر أرکانها المقومة فلا تجري، وبما أن کون المبیع ملکا طلقا للبائع من أرکان هذه الأصالة فلا مجال لها إذا کان الشک في الصحة والفساد ناشئا من الشک في ذلک.

فالنتیجة: ان أصالة الصحة لا تجري فیما إذا کان الشک في مقوماتها. وإن کان قاعدة الید فلا مجال لها أیضا لأن هذه القاعدة حجة في موارد الشک في الملک وأمارة علیه وإن کان مسبوقا بالعدم، مثال ذلک: إذا کانت الدار – مثلا – في ید أحد ونعلم بأنها کانت ملکا للغیر ونشک الآن في أنها هل انتقلت إلیه أو هي باقیة علی ما کانت علیه، فهي أمارة علی الانتقال والملک إذا لم تکن قرینة علی الخلاف، وقد جرت علی ذلک السیرة القطعیة من العقلاء وامضاها الشارع، وقد علل في بعض النصوص انه لو لا الید لما قام للمسلمین سوقا، وأما في المقام فلیس الشک فیه من هذه الناحیة، بل من ناحیة اخری وهي أن ید البائع علی مقدار الزکاة المتعلقة بالمبیع کانت ید أمانة ونشک فعلا في أنها هل انتقلت إلی ید ملک أو لا، رغم ان المال کان تحت یده والشک انما هو في الانتقال من حالة إلی حالة اخری ومن ید أمین إلی ید مالک، وفي مثل ذلک لا سیرة من العقلاء علی حجیة الید وأماریتها علی الملک.

والسرّ في ذلک أن سیرة العقلاء علی العمل بالید وحجیتها والغاء الاستصحاب في مواردها لا یمکن أن تکون بالانکتة مبررة لذلک، وهذه النکتة هي أماریة الید علی الملک وکاشفیتها النوعیة عنه غالبا في مقابل کونها ید أمانة أو وکالة أو ولایة أو عادیة.

وهذه النکتة غیر متوفرة في المقام، فان الید إذا کانت في البدایة ید أمین أو وکیل أو ولي أو غاصب ثم شک في انتقالها من حالة إلی اخری ومن صفة إلی ثانیة فلا تکون نفس یده علی المال امارة علی هذا التبدل والانتقال ولا سیرة من العقلاء علی ذلک في أمثال هذه الموارد لعدم توفر تلک النکتة فیها، وهذا بخلاف ما إذا شک في أن المال الذي یکون تحت یده هل هو ملک له ویکون تصرفه فیه تصرف مالک أو أنه أمانة أو غصب، فان العقلاء في مثل هذا قد بنوا علی أنه ملک له وأن یده أمارة علیه لتوفر النکتة المذکورة فیه وهي الغلبة، ومن هنا یکون المرجع في المقام هو استصحاب بقاء الید علی ما کانت علیه، أو فقل ان المرجع هنا هو استصحاب بقاء الزکاة في المبیع لفرض أنها متعلقة بنفس العین في مفروض المسألة ویکون الشک في بقائها فیها، ویترتب علی هذا الاستصحاب ان البیع بالنسبة إلی مقدار الزکاة فضولي.

فالنتیجة: انه لا یمکن احراز صحة هذا البیع بالنسبة إلی تمام المبیع لا بأصالة الصحة ولا بقاعدة الید، فاذن تصل النوبة إلی الاستصحاب.

بقي هنا صورتان..

الأولی: إذا شک البائع في أن بیعه الزرع أو النخل أو الکرم هل کان قبل تعلق الزکاة بالثمرة حتی تکون زکاتها علی المشتري، أو بد تعلقها حتی تکون علیه. وهذا مرة یکون تاریخ کل من البیع والتعلق مجهولا، واخری یکون تاریخ أحدهما معلوما وتاریخ الآخر مجهولا.

أما في الفرض الأول: فلا یجري استصحاب عدم کل من الحادثین في زمان الآخر، لأن زمان الآخر إن لو حظ بنحو الموضوعیة والقیدیة فلیست لعدم ذلک الحادث المقید به أي بزمان الآخر حالة سابقة لکي تستصحب، وإن لو حظ بنحو المعرفیة الصرفة إلی واقع زمان الآخر فواقعه مردد بین زمانین یعلم بحدوثه في أحدهما وعدم حدوثه في الآخر، فلا شک في البقاء الذي هو من أحد أرکان الاستصحاب، فمن أجل ذلک لا یجري الاستصحاب في نفسه لابتلائه بمحذور، الاستصحاب في الفرد المردد، فاذن یرجع البائع إلی أصالة البراءة عن وجوب الزکاة علیه.

وأما في الفرض الثاني: فان کان تاریخ التعلق معلوما وتاریخ البیع مجهولا لم یجر الستصحاب عدم وقوع البیع في زمان التعلق لأنه لا یثبت کون التعلق في ملک البائع الذي هو موضوع الأثر، وأما استصحاب عدم التعلق في زمان وقوع البیع فهو لا یجري في نفسه تطبیقا لما مر من المحذور في الفرض الأول، فاذن یکون المرجع هو أصالة البراءة. وإن کان تاریخ البیع معلوما وتاریخ التعلق مجهولا فلا مانع من استصحاب عدم التعلق في زمان البیع وبه یحرز موضوع عدم وجوب الزکاة علیه لأنه مرکب من البیع في زمان وعدم تعلق الزکاة بالمبیع فیه، والأول محرز بالوجدان، والثاني بالتعبد الاستصحابي، وأما استصحاب عدم وقوع البیع في واقع زمان التعلق فانه لا یجري في نفسه لابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد، هذا اضافة إلی أنه لا أثر له کما مر.

الثانیة: إذا شک المشتري في أن شراءه هل کان قبل التعلق أو بعده، فان کان تاریخ کلیهما مجهولا لم یجر الاستصحاب في شيء منهما تطبیقا لما مر، فاذن یرجع إلی أصالة البراءة عن وجوبها فیه، وإن کان تاریخ التعلق معلوما وتاریخ الشراء مجهولا لم یجر استصحاب عدم الشراء في زمان التعلق لأنه لا یثبت ان التعلق کان في ملک البائع. وأما استصحاب عدم التعلق في زمان وقوع الشراء فانه لا یجري في نفسه لما مر من أن زمان الوقوع ان لوحظ بنحو المعرفیة الصرفة إلی واقع زمانه فهو مردد بین زمانین یعلم بالتعلق في أحدهما وبعدمه في الآخر، فلا یکون شک في بقاء متیقن فیه.

وإن لو حظ بنحو الموضوعیة والقیدیة فلیس لعدمه المقید بهذا القید حالة سابقة لکي تستصحب.

وإن کان تاریخ الشراء معلوما وتاریخ التعلق مجهولا فلا یجري استصحاب عدم التعلق في زمان الشراء من جهة أنه لا یثبت تعلقها في ملک المشتري لأنه مثبت.

وأما استصحاب عدم وقوع الشراء في زمان التعلق فهو لا یجري في نفسه تطبیقا لنفس ما مر.

فلنتیجة: ان وظیفة المشتري في تمام هذه الصور هي الرجوع إلی أصالة البراءة عن وجوب الزکاة علیه، وبذلک یظهر انه لا فرق في المسألة بین أن یکون الشاک هو البائع أو المشتري الّا في فرض واحد وهو ما إذا کان تاریخ البیع معلوما وتاریخ التعلق مجهولا، فانه یجري فیه الاستصحاب کما مر آنفا.

2- الفیاض: هذا مبني علی الاشکال في صحة عقد الفضولي إذا لم یکن المجیز حین الاجازة هو المالک حال العقد، ولکن الظاهر صحته لأن المعیار في صحة عقد الفضولي انما هو بکونه عقد للمالک من حین الاجازة لا من حین العقد ومشمولا لعمومات أدلة الامضاء من ذلک الحین، ومن المعلوم انه یکفي في ذلک کون المجیز مالکا للعین حال الاجازة، ولا دخل لملکیته لها من السابق أي من حین وقوع العقد، وذلک لأن الاجازة وإن تعلقت بالعقد السابق الّا أنها تعلقت به من الآن لا من السابق، إذ فرق بین کون المجاز هو العقد السابق  فعلا وکونه هو العقد السابق في ظرفه، فعلی الأول یکون العقد السابق من حین اتصافه بالمجاز مشمولا للعمومات ومؤثرا في النقل والانتقال لا من حین حدوثه، والمفروض ان زمن اتصافه بهذا الوصف هو زمن الاجازة دون زمن العقد، ومن هنا یکون مقتضی القاعدة هو النقل لا الکشف بکل معانیه.

وعلی ضوء هذا الأساس فبناء علی القول بجواز دفع الزکاة من مال آخر بعنوان القیمة وإن لم یکن من النقدین، فإذا أدی البائع الزکاة من مال آخر ثم أجاز البیع صح علی أثر انه إذا أداها من مال آخر انتقلت نفس زکاة المبیع إلیه وتصبح ملکا طلقا له، ثم إذا أجاز البیع الواقع بینه وبین المشتري انتقلت إلی ملک المشتري، فتکون المسألة من صغریات مسألة من باع مال غیره ثم ملک.

فالنتیجة: انه لا فرق في صحة عقد الفضولي بین أن یکون المجیز هو المالک حال العقد أو غیره.

وأما علی القول بعدم جواز دفع الزکاة من مال آخر إذا لم یکن من النقدین کما هو الصحیح، فإذا دفعها البائع من غیر النقدین لم یصح ولم یوجب انتقال الزکاة إلیه لکي یتمکن من تصحیح البیع إلیها بالاجازة. نعم، إذا کان الدفع باذن من الحاکم الشرعي صح وأدی إلی انتقال عین الزکاة إلی ملک البائع، ثم إذا جاز البیع صح.

فالنتیجة: انه لا اشکال في استقرار الزکاة في ملک المشتري وانتقالها إلیه علی القول بجواز دفع الزکاة من مال آخر وإن لم یکن من النقدین شریطة أن یجیز البیع بعد الدفع، کما أنه لا اشکال في عدم استقرارها في ملکه وعدم انتقالها إلیه علی القول بعدم جواز دفع الزکاة من مال آخر إذا لم یکن من الدرهم أو الدینار، وعلیه فتظل عین الزکاة باقیة في ملک الفقراء، ولا یوجد أي سبب ومبرر لانتقالها إلی ملک المشتري باعتبار أنه مرتبط بتوفر أمرین.

أحدهما: انتقالها إلی ملک البائع بدفع عرضها.

والآخر: أن یجیز البائع البیع بعد ذلک بالنسبة إلیها، فإذا توفر هذان الأمران انتقلت إلی ملک المشتري واستقرت فیه والّا فلا.

إلی هنا قد ظهر ان البائع إذا أدی بزکاته ثم أجاز صح البیع، ولا تحتاج صحته إلی دلیل خاص، هذا اضافة إلی أن صحیحة عبد الرحمن البصري تنص علی ذلک وإلیک نصها، قالت: «قلت لأبي عبد الله7: رجل لم یزک ابله أو شاته عامین فباعها علی من اشتراها أن یزکیها لما مضی؟ قال: نعم تؤخذ منه زکاتها ویتبع بها البائع، أو یؤدی زکاتها البائع»(الوسائل باب: 12 من أبواب زکاة الأنعام الحدیث: 1)، فإنه قوله7: «أو یؤدي زکاتها البائع» یدل بوضوح علی صحة البیع إذا أدی البائع زکاة المبیع.

ودعوی: ان مقتضی اطلاقه کفایة الأداء في صحة البیع بلا حاجة إلی الاجازة مع أنها تتوقف علی إجازته بعد الأداء.

مدفوعة: بأن الأداء من البائع لما کان بغرض انتقال الزکاة إلی ملک المشتري واستقرارها فیه کان ذلک إجازة عملیة.

مسالة 30: اذا تعدّد انواع التمر مثلا وكان بعضها جيّدا او اجود، وبعضها الاخر رديّ او اردا، فالاحوط  ا(1) لاخذ من كلّ نوع بحصّته، ولكنّ الاقوى الاجتزاء بمطلق الجيّد وان كان مشتملا على الاجود، ولايجوز دفع الرديّ عن الجيّد والاجود على الاحوط .

الفیاض: بل هو الأظهر لما قویناه من أن تعلق الزکاة بالغلات الأربع انما هو علی نحو الاشاعة في العین، وعلی هذا فإذا بلغ مجموع أنواع التمر من الجید والردي والأجود والأردأ بحد النصاب سواء أکان کل واحد منها بنفسه بالغا النصاب أم لا، تعلقت الزکاة بالمجموع علی نحو الاشاعة، وعندئذ فبطبیعة الحال توزع الزکاة علی الجمیع بالنسبة وتؤخذ من کل منها في ضوء هذه النسبة، فلا یجوز أن یؤخذ زکاة الجید من الرديء ولا من الأجود وبالعکس، لأنه تبدیل الزکاة بمال آخر ولا یمکن بدون الإذن والاجازة من ولي أمرها، وبذلک یظهر حال المسألة بکل شقوقها ومحتملاتها.

 مسالة 31: الاقوى انّ الزكاة متعلّقة بالعين، لكن لا على وجه الاشاعة(1) ، بل على وجه الكليّ  في المعيّن . وحينئذٍ فلو باع قبل اداء الزكاة بعض النصاب صحّ  اذا كان مقدار الزكاة باقيا عنده(2) ، بخلاف ما اذا باع الكلّ فانّه بالنسبة الى مقدار الزكاة يكون فضوليّا محتاجا الى اجازة الحاكم على ما مرّ ، ولايكفي عزمه   على الاداء من غيره في استقرار البيع على الاحوط (3).

1- الفیاض: بل علی وجه الاشاعة في الغلات الأربع کما مر، لأنه مقتضی روایات (راجع الوسائل باب: 4 من أبواب زکاة الغلات) العشر ونصف العشر التي تنص علی أن: «ما سقته السماء ففیه العشر، وما سقته الدوالي أو النواضح ففیه نصف العشر» علی أساس ان کلمتي (العشر ونصف العشر) ظاهرتان في الکسر المشاع.

قد یقال کما قیل: ان هذه الروایات الکثیرة البالغة حد التواتر اجمالا وان کانت ظاهرة عرفا في الکسر المشاع، الّا أنه لابد من رفع الید عن ظهورها العرفي في ذلک لأمرین..

أحدهما: ان التعبیر بالعشر أو نصف العشر لم یرد في زکاة الأنعام، ولا في زکاة النقدین، وهذا یؤکد أن المراد من العشر أو نصف العشر بیان مقدار الزکاة في الغلات بدون النظر إلی کیفیة تعلقها بها، وهل أنه علی نحو الاشاعة في العین؟ أو علی نحو الکلي في المعین، أو علی نحو الشرکة في المالیة، أو علی نحو تعلق الحق بها؟

والجواب: ان مجرد عدم ورود مثل هذا التعبیر في زکاة الأنعام والنقدین لا یصلح قرینة لرفع الید عن ظهور تلک الروایات في الکسر المشاع، إذ لا مانع من الالتزام بأن کیفیة تعلق الزکاة بالأعیان الزکویة تختلف باختلافها في الواقع، ویکشف عن ذلک اختلاف السنة روایات الباب، فان روایات الغلات جاءت بلسان «ان ما سقته السماء ففیه العشر، وما سقته الدوالي أو النواضح ففیه نصف العشر» وقد مر أن هذه الکلمة ظاهرة عرفا في الکسر المشاع، وهذا یعني أن تعلقها بها یکون علی نحو الاشاعة في العین. وروایات النقدین والغنم جاءت بلسان «ان في أربعین شاة شاة، وفي عشرین دینارا نصف دینار، وفي مائتي درهم خمسة دراهم» وهذا اللسان ظاهر عرفا في أن نسبة زکاتها إلیها نسبة الکلي في المعین. وروایات الإبل جاءت بلسان «ان في خمس من الإبل شاة، وفي العشر شاتین، وفي خمسة عشر ثلاث شیاه، وفي عشرین أربع شیاه، وفي خمس وعشرین خمس شیاه، وفي ست وعشرین بنت لبون وهکذا» وهذا اللسان بضمیمة القرائن الخارجیة یؤکد علی أن تعلقها بها علی نحو الشرکة في المالیة بکیفیة خاصة، ولا یکون ظاهرا في أن تعلقها بها علی نحو الکلي في المعین. وروایات البقر جاءت بلسان «تبیع أو تبیعة في ثلاثین بقر، ومسنة في أربعین» وهذا اللسان لا یکون ظاهرا في أن نسبة الزکاة إلی النصاب نسبة الکسر المشاع، ولا نسبة الکلي في المعین، بل ظاهر بضمیمة العلم الخارجي في أن نسبتها إلیه نسبة الشرکة في المالیة بنسبة محددة.

ودعوی: أنه لا یبعد أن یکون وجوب الزکاة في الإبل والبقر تکلیفا محضا، إذ لا یظهر من روایات کلا البابین ان نسبتها إلی النصاب نسبة الشرکة في المالیة.

مدفوعة لأمور..

الأول: انه یظهر من روایات کلا البابین ان نسبة المالیة بین عدد الإبل والبقر وبین زکاتهما في کل مرتبة من مراتب نصابهما، فکلما زادت مالیة المال کما زادت زکاته بتلک النسبة، ولعل جعل الزکاة فیهما المتمثلة في مال خاص یکون مباینا للنصاب، کالشاة التي جعلها زکاة للإبل، أو جامعا بین جزء من النصاب وبین غیره کبنت مخاض وابن لبون وحقة وتبیع ومسنة، انما هو للتسهیل علی المالک باعتبار أنها لو کانت مجعولة في نفس النصاب لم تکن قابلة للتطبیق في الخارج في کثیر من الموارد. مثلا إذا جعل زکاة خمسة من الإبل – مثلا – جزءا واحدا من عشرین جزءا، وعشرة من الإبل جزءا واحدا من أربعین جزءا وهکذا، فانه لا یمکن اخراج زکاتها من نفسها علی أساس أنها غیر قابلة للتقسیم علی نسبة الزکاة، فاذن لابد من اخراج قیمتها عوضا عنها، وعلیه فما فائدة هذا الجعل؟.

الثاني: ان مجموعة من الروایات تنص مرة بلسان «ان الله تعالی جعل للفقراء في مال الأغنیاء ما یکفیهم»(الوسائل باب: 1 من أبواب ما تجب فیه الزکاة الحدیث: 9) واخری بلسان «ان الله تبارک وتعالی أشرک بین الأغنیاء والفقراء في الأموال فلیس لهم أن یصرفوا إلی غیر شرکائهم»(الوسائل باب: 2 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 4)، فإن المتفاهم العرفي من هذه المجموعة ان تعلق الزکاة بأموال الأغنیاء انما هو علی نحو الشرکة في المالیة، لا أنه مجرد تکلیف، ولکن هذه الشرکة في الإبل والبقر بما أنها لا یمکن أن تکون علی نحو الاشاعة في العین، ولا علی نحو الکلي في المعین کما هو واضح، فبطبیعة الحال تکون علی نحو الشرکة في المالیة المتمثلة في مال خاص في کل مرتبة من مراتب نصابهما.

الثالث: صحیحة عبد الرحمن البصري: «قلت لأبي عبد الله7: رجل لم یزک ابله أو شاته عامین فباعها علی من اشتراها أن یزکیها لما مضی، قال7: نعم، تؤخذ منها زکاتها ویتبع بها البائع أو یؤدي زکاتها البائع»(الوسائل باب: 12 من أبواب زکاة الأنعام الحدیث: 1)، بتقریب ان الزکاة المتعلقة بالإبل لو لم تکن علی نحو الشرکة في المالیة لم یجب علی من اشتراها أن یقوم یتزکیتها لما مضی، لفرض أنها لیست من قبیل الوضع ومتعلقة بالعین، بل هي صرف تکلیف، وعلیه فالإبل تماما انتقلت إلی المشتري، وأصبحت ملکا طلقا له، ولا مقتضي لقیامه بتزکیتها. نعم، یجب علی البائع تکلیفا أن یزکیها.

فالنتیجة: ان هذه الصحیحة ناصة في أن الإبل لم تنتقل إلی المشتري تماما کالشاة، حیث ان الزکاة المتعلقة بالشیاه وإن کانت علی نحو الکلي في المعین، الّا أن الفقیر شریک مع المالک في مالیة کل فرد من افراد النصاب بالنسبة، وبما أنّ هذه النسبة نسبة الواحد في الأربعین في النصاب الأول للغنم، فیکون الفقیر شریکا مع المالک في مالیة کل شاة من هذه الشیاه بتلک النسبة، لکن مع ذلک إذا باع شاة واحدة من هذه الشیاه صح البیع، وإن لم یؤد البائع الزکاة من سائر الشیاه، لأن متعلق البیع هذه الشاة الواحدة بحدها الفردي، وهي لیست مشترکة، وما هو مشترک بین المالک والفقیر هو طبیعي المالیة الجامع بین مالیة هذا الفرد ومالیة سائر الأفراد، وهو لیس متعلقا للبیع. ومن هنا یبقی الجامع ما دام یبقی فرد منه في الخارج.

إلی هنا قد تبین أنه لا مانع من الالتزام بأن تعلق الزکاة بالغلات الأربع علی نحو الاشاعة في العین، وفي الغنم والنقدین علی نحو الکلي في المعین، وفي الابل والبقر علی نحو الشرکة في المالیة المتمثلة في مال خاص في کل مرتبة من مراتب نصابهما.

والآخر: ان المتفاهم العرفي من الروایات (راجع الوسائل باب: 8 من أبواب ما تجب فیه الزکاة) الواردة في تشریع الزکاة بمختلف الألسنة فمرة بلسان: «ان رسول الله6 وضع الزکاة في تسعة أشیاء» واخری بلسان: «انه6 وضعها علی تسعة أشیاء – أو – من تسعة أشیاء» ان وضع الزکاة علی جمیع التسعة علی نحو واحد.

منها: صحیحة عبد الله بن سنان قال: «قال أبو عبد الله : لمّا نزلت آیة الزکاة: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَ تُزَکِّیهِم) بِها في شهر رمضان فأمر رسول الله  منادیه فنادی في الناس: ان الله تبارک وتعالی قد فرض علیکم الزکاة کما فرض علیکم الصلاة، ففرض الله علیکم من الذهب والفضة، والابل والبقر والغنم، ومن الحنطة والشعیر والتمر والزبیب، ونادی فیهم بذلک في شهر رمضان، وعفی لهم عما سوی ذلک – الحدیث»(راجع الوسائل باب: 8 من أبواب ما تجب فیه الزکاة). فان المنساق منها ومن أمثالها عرفا بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة، ان الزکاة المجعولة علی هذه التسعة من قبل الله تعالی مجعولة علی کیفیة واحدة، وبما أنه لا یمکن أن تکون مجعولة علی جمیع التسعة علی نحو الاشاعة في العین، أو علی نحو الکلي في المعین، فذلک قرینة علی أنها مجعولة علی الجمیع علی نحو الشرکة في المالیة، فاذن لابد من رفع الید عن ظهور نصوص زکاة الغلات في أن تعلقها بها علی نحو الاشاعة في العین، وحملها علی أنها في مقام مقدار الزکاة، ولا نظر لها إلی کیفیة تعلقها بها.

والجواب: ان سیاق الروایات المذکورة سیاق تشریع الزکاة علی الأشیاء التسعة دون غیرها، وحصرها فیها، ولا نظر لها إلی کیفیة تعلقها بها، وأنه علی نحو الاشاعة في العین، أو علی نحو الکلي في المعین، أو علی نحو الشرکة في المالیة أصلا. ومما یؤکد ذلک ما في نفس هذه الصحیحة من جعل فرض الزکاة علی الناس کفرض الصلاة علیهم، فانه یدل علی أن هذه الروایات في مقام بیان أصل وجوب الرکاة في الشریعة المقدسة، وتحدید حدودها کما. وعلی هذا فلا تصلح أن تکون قرینة لرفع الید عن ظهور روایات زکاة الغلات الأربع في الاشاعة، کما أنها لا تصلح أن تکون قرینة علی رفع الید عن ظهور روایات زکاة النقدین والغنم في أنها علی نحو الکلي في المعین. وأما التعبیر الوارد في بعض الروایات بمثل قوله7: «علیه فیه زکاة» فانما هو بلحاظ ان في الزکاة جهتین..

إحداهما: اتکلیف.

والاخری: الوضع، وهذا التعبیر انما هو بلحاظ جهة التکلیف فیها، فلا یدل علی أن الزکاة محض تکلیف، کما أما ما ورد في بعضها الآخر کقوله7: «انما الصدقة علی السائمة الراعیة» ونحوه، فانما هو بلحاظ جهة الوضع فیها.

فالنتیجة في نهایة المطاف: انه لا مانع من الالتزام بأن کیفیة تعلق الزکاة بأصنافها تختلف فیکون تعلقها في الغلات علی نحو الاشاعة، وفي النقدین والغنم علی نحو الکلي في المعین، وفي الإبل والبقر علی نحو الشرکة في المالیة. وبذلک یظهر حال ما ذکره الماتن1 من أن تعلق الزکاة في الجمیع علی نحو الکلي في المعین.

2- الفیاض: في اطلاق اشکال بل منع، فانه لا یصح إذا کان ذلک في الغلات الأربع، لما مر من أن تعلق الزکاة بها علی نحو الاشاعة في العین، نعم ما ذکره1 یصح إذا کان في النقدین أو الأنعام الثلاثة.

ولکن قد یقال – کما قیل -: بعدم صحة ذلک في النقدین والغنم أیضا.

ویمکن تخریجه فنیا: بأن الزکاة المتعلقة بالأصناف التسعة تشترک في الجمیع بنقطة واحدة وهي الشرکة في المالیة غایة الأمر أن تلک الشرکة في الغلات الأربع تکون علی نحو الإشاعة في العین، وفي النقدین والغنم تکون علی نحو الکلي في المعین، وعلیه فبما أن نسبة الزکاة في النصاب الأول للغنم نسبة الواحد إلی الأربعین وهي محفوظة بحسب المالیة في کل جزء من أربعین جزءا، فیکون الفقیر شریکا مع المالک في مالیة کل شاة بنسبة الواحد في الأربعین، وعندئذ فان أدی البائع الزکاة من الباقي صح البیع، والّا لم یصح لأن جزءا من مالیة المبیع ملک للفقیر.

والجواب: ان هذا التخریج خاطئ في نقطة واحدة، وهي ما مر من أن الفقیر وإن کان شریکا مع المالک في مالیة کل جزء من أربعین جزءا، الّا أن ما هو مشترک بینهما هو طبیعي المالیة الجامعة بین مالیة ذلک الجزء بحده الفردي ومالیة غیره، وبما أن المبیع ذلک الجزء بماله من مالیته الخاصة لا الجامع، فلا شبهة في صحة البیع، لأن ما هو مبیع لیس بمشترک بینهما، وما هو مشترک بینهما وهو الجامع فلیس بمبیع، لفرض ان الجامع یظل باقیا وقابلا للتطبیق ما دام یبقی فرد من النصاب في الخارج.

نعم، لو تصرف فیه ولم یبق منه ولا فرد واحد ضمن حصة الفقراء من الجامع لمکان الاتلاف.

فالنتیجة: أن بیع کل فرد من أفراد النصاب یوجب تضییق دائرة الجامع في مرحلة التطبیق، ویؤدي إلی إلزام المالک بتطبیقه علی الباقي، ومن هنا لو باع المالک معظم النصاب ولم یبق منه الّا فرد واحد، فهو ملزم بتطبیق الجامع علیه، هذا لا من جهة ان ذلک الفرد أصبح ملکا طلقا للفقیر، بل نسبة ملکیته إلیه نسبة الواحد في الأربعین من مالیته، وهذه النسبة لن تتغیر بتصرف المالک في النصاب، بل من جهة أنه لو تصرف فیه أیضا لأدی ذلک إلی تفویت حق الفقراء، وهو غیر جائز، فمن أجل ذلک فهو ملزم بالتطبیق، وبعدم جواز التصرف فیه.

3- الفیاض: بل علی الأقوی، إذ لا یترتب علی العزم المجرد أي أثر ما لم یؤد الزکاة، فإذا أداها من النقدین أو من مال آخر شریطة أن یکون الأخیر باذن من الحاکم الشرعي، صح لما مر، والّا فلا.

 

مسالة 32: يـجـوز للـسـاعـي مـن قـبـل الـحـاكـم الـشـرعـيّ خـرص ثمر  النخل والكرم، بل والزرع  على المالک (1)، و فائدته جواز التصرّف للمالک بشرط قبوله(2) كيف شاء، ووقته بعد بدوّ الصلاح وتعلّق الوجوب (3)، بل الاقوى جوازه من المالک   بنفسه اذا كان من اهل الخبرة، او بغيره من عدل او عدلين وان كان الاحوط  الرجوع الى الحاكم او وكيله مع التمكّن. ولايشترط فيه الصيغة، فانّه معاملة خاصّة(4)   وان كان لو جيء بصيغة الصلح كان اولى؛ ثمّ ان زاد   ما في يد المالک كان له، وان نقص كان عليه، ويجوز لكلّ من المالک والخارص الفسخ مع الغبن الفاحش، ولو توافق المالک والخارص على القسمة رطبا جاز(5)  ، ويجوز للحاكم او وكيله بيع نصيب الفقراء من المالک او من غيره.

1- الفیاض: في جواز الاعتماد علی الخرص في الزرع اشکال بل منع، فان عملیة الخرص انما هي لتعیین حق الفقراء لکي یکون علی المالک الحفاظ علیه وعدم التفریط فیه، باعتبار أنه لا دلیل علی هذه العملیة شرعا حتی یکون المتبع مدلول ذلک الدلیل سعة وضیقا، لأن الروایات التي تنص علیها روایات عامیة، فلا یمکن الاعتماد علی شيء منها. وأما قوله7 في صحیحة سعد بن سعد الأشعري: «إذا صرم وإذا خرص»(الوسائل باب: 52 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1) فلا یمکن الأخذ بظاهره، وهو کون الصرم والخرص کلیهما معا شرطا لوجوب الزکاة، وذلک لأن المالک أو الساعي انما یقوم بعملیة الخرص من أجل مصلحة الفقیر والحفاظ علی حقه، فاذن لا محالة یکون ذلک بعد الوجوب وثبوت الحق له، فلا معنی حینئذ لکونه شرطا له، هذا إضافة إلی أنه لا یحتمل أن یکون کلا الفعلین معا شرطا للوجوب، إذ لازم ذلک عدم تحقق الوجوب إذا لم یتحقق الخرص وإن تحقق الصرم، وهو کما تری، کما أنه لا یمکن أن یکون أحد الفعلین شرطا للوجوب علی سبیل البدل، فانه مضافا إلی أنه لا مقتضی للخرص قبل تحقق الوجوب، أن لازم ذلک عدم تعلق الزکاة قبل وقت الصرم، مع أن الأمر لیس لذلک بالنسبة إلی الحنطة والشعیر ونحوهما، فاذن لابد من حمل الروایة علی معنی آخر، أو رد علمها إلی أهله.

فالنتیجة: ان جواز القیام بعملیة الخرص من المالک أو الساعي من قبل الحاکم الشرعي انما هو لمصلحة الفقراء، فان کانت هناک مصلحة فهو، والّا فلا مقتضي للقیام بها.

وأما في زرع الحنطة أو الشعیر فبما أن الحفاظ علی حق الفقراء لا یتوقف علی عملیة الخرص، إذ قد تؤدي تلک العملیة إلی التفریط في حقهم، فمن أجل ذلک لا یجوز الاکتفاء بها. وأما في التمر فبناء علی ما قویناه من أن تعلق الزکاة به من حین صدقه علی ثمر النخل، فلا مبرّر لها قبل ذلک، حیث انه یجوز للمالک أن یتصرف فیه ما شاء قبل التعلق. وأما العنب فبما أن تعلق الزکاة به من حین صدقه فإذا کان التحفظ علی حقوق الفقراء فیه خاصة متوقفا علی عملیة الخرص فعلی المالک أو الساعي من قبل الحاکم الشرعي القیام بها، والّا فلا.

2- الفیاض: هذا مبني علی ان الخرص معاملة خاصة تتوقف صحتها علی قبول المالک، ولکن قد مر أنه لا دلیل علیه، هذا اضافة إلی أن جواز تصرف المالک في النصاب بعد تعلق الزکاة لا یتوقف علی الخرص، إذ لا شبهة في جواز تصرفه في زرع الحنطة والشعیر إلی زمان التصفیة بلا حاجة إلی اذن من الحاکم الشرعي، أو إلی الخرص. نعم، لا یجوز له الاتلاف أو التبدیل بعد التعلق.

3- الفیاض: هذا مبني علی المشهور، وقد مر أنه لا یخلو عن اشکال بل منع، حیث ان وقت تعلق الزکاة حسب مقتضی الروایات في الحنطة والشعیر من حین صدقهما، وفي الزبیب من حین صدق العنب، وفي ثمر النخل من حین صدق التمر، ولیس في شيء منها من حین بدو الصلاح.

4- الفیاض: تقدم انه لا دلیل علیها، هذا إضافة إلی أن روایات الخرص لو تمت فلا تدل علی أن معاملة خاصة، بل تدل علی أنه طریق إلی تعیین مقدار الزکاة الواجبة لفرض الحفاظ علیها، وحینئذ فإن زاد ما في ید المالک فعلیه أن یرده إلی أصحابه، وإن نقص فله أن یکمل الناقص، وبه یظهر حال ما في المتن.

5- الفیاض: هذا مبني علی تعلق الزکاة بثمر النخل من حین صدق الرطب علیه، ولکن قد تقدم ان ظاهر روایات الباب ان وقت تعلق الزکاة من حین صدق التمر، وعلیه فلا تصح القسمة رطبا.

 

مسالة 33: اذا اتّجر بالمال الّذي فيه الزكاة قبل ادائها، يكون الربح للفقراء  بالنسبة  (1) وان خسر يكون خسرانها عليه.

1- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، فان الربح انما یکون للفقراء إذا کان الا تجاربها بالبیع والشراء باذن الحاکم الشرعي، والّا فهو باطل بالنسبة إلی مقدار الزکاة.

نعم إذا أدی البائع الزکاة بعد البیع کان الربح له، لأن الزکاة انتقلت إلی ملکه، ثم إلی ملک المشتري باجازته عوضا عما اعطاه المشتري للبائع ثمنا لها. هذا کله فیما إذا کان الاتجار بها شخصیا، وأما إذا کان کلیا کأن یکون البیع والشراء في الذمة، والتعیین إنما یکون في مقام التسلیم والأداء، فیکون الربح کله للتاجر، ولکنه یضمن مقدار الزکاة فحسب للإتلاف.

 

مسالة :34 يجوز للمالک عزل الزكاة وافرازها من العين او من مال اخر(1)  مع عدم المستحقّ، بل مع وجوده ايضا على الاقوى، وفائدته صيرورة المعزول ملكا للمستحقّين قهرا حتّى لايشاركهم المالک عند التلف، ويكون امانة في يده، وحينئذٍ لايضمنه الّا مع التفريط او التاخير مع وجود المستحقّ (2)هل يجوز للمالک ابدالها بعد عزلها؟ اشكال وان كان الاظهر عدم الجواز؛ ثمّ بعد العزل يكون نماؤها للمستحقّين، متّصلا كان او منفصلا.

1- الفیاض: هذا إذا کان المال الآخر من أحد النقدین، وأما إذا لم یکن منه فلا تعیین الزکاة به، الّا إذا کان ذلک باذن من الحاکم الشرعي، کما مر.

2- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، فان التأخیر مع وجود المتسحق مرة یکون بغرض صحیح وأهم، واخری لا یکون کذلک، فعلی الأول یجوز التأخیر ولا ضمان علیه لو تلفت.

نعم، إذا أرسل زکاته إلی بلدة اخری مع وجود المستحق في بلدته، وتلفت في الطریق ضمن. وتدل علیه صحیحة محمد بن مسلم قال: «قلت لأبي عبد الله7: رجل بعث بزکاة ماله لتقسّم فضاعت، هل علیه ضمانها حتی تقسّم؟ فقال: إذا وجد لها موضعا فلم یدفعها إلیه فهو لها ضامن حتی یدفعها، وإن لم یجد لها من یدفعها إلیه فبعث بها إلی أهلها فلیس علیه ضمان، لأنها قد خرجت من یده – الحدیث»(الوسائل باب: 39 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1). وبها تقید اطلاق مجموعة من الروایات الدالة علی نفي الضمان لو تلفت في الطریق بما إذا لم یکن لها أهل في بلدتها، أو لم یکن ارسالها بغرض أهم.

ثم ان المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة عدم الفرق في الضمان عند وجود المستحق في البلدة بین ارسالها إلی بلدة اخری وتلفت في الطریق، وبین تأخیرها علی نحو یصدق انه تسامح وتساهل في الاعطاء.

ویؤکد ذلک قوله  في ذیل صحیحة زرارة: «ولکن إن عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن (حتی یخرجها)» (الوسائل باب: 39 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 2).

نعم، أنها لا تدل علی الضمان إذا کان ارسالها إلی بلدة اخری لغرض صحیح أهم، فانه کما یجوز تأخیر اخراجها مع وجود المستحق في البلدة إذا کان بداع أهم، کذلک یجوز ارسالها إلی بلدة اخری بعین هذا الملاک، فإذا جاز لم یضمن إذا تلفت، لأن قوله في صحیحة محمد بن مسلم: «إذا وجد لها موضعا فلم یدفعها إلیه فهو لها ضامن حتی یدفعها»(الوسائل باب: 39 من أبواب المستحقین للزکاة الحدیث: 1) لا یشمل ما إذا کان عدم الدفع إلیه بغرض صحیح أهم، لأن المنساق منه ارتکازا أن وظیفته الدفع إلیه، ویکون عدم الدفع تقصیرا منه، وهذا بخلاف ما إذا کان عدم الدفع بداع إلهي أهم، فانه لیس فیه تقصیر.

ونذکر فیما یلي أهم نقاط ترتبط بالزکاة في الغلات الأربع..

الاولی: ان الزکاة في ثمر الزرع تتعلق من حین صدق اسم الحنطة والشعیر، وفي ثمر النخل من حین صدق اسم التمر، وفي ثمر الکرم من حین صدق اسم العنب.

الثانیة: کفایة بلوغ النصاب لوجوب الزکاة في الحنطة والشعیر والتمر من حین صدق اسمها وإن نقصت منه إذا یبست. نعم، في خصوص العنب یکون تعلق الزکاة به مشروطا بشرط متأخر وهو أن لا ینقص من النصاب إذا صار زبیبا.

الثالثة: ان الأظهر عدم استثناء المؤن من النصاب ولا من وجوب الزکاة فیه. نعم، بعد تعلق الزکاة به یسوغ للمالک التقسیم وافراز حصة الزکاة وتسلیمها إلی أهلها، کما یحق له الامتناع من الصرف علیها إلی وقت التصفیة والا جتذاذ مجانا، وحینئذ فان صرف باذن من ولي الأمر کان له استثناء ما صرفه من الزکاة وتسلیم الباقي إلی أهلها، والّا فلیس له ذلک.

الرابعة: أن ما هو المشهور من أن وقت اخراج الزکاة متأخر عن وقت التعلق لا أصل له، والصحیح أن وقته یبدأ من حین التعلق، غایة الأمر یجوز له التأخیر إلی وقت التصفیة والاجتذاذ، ومن هنا لو طالب الحاکم الشرعي الزکاة منه بعد التعلق ولایة وجب علیه تسلیمها.

الخامسة: ان وجوب العشر مرتبط بالسقي بعلاج، ونقصد به السقي ب آلة کالدوالي والنواضح ونحوهما من الوسائل الحدیثة، أو بذل جهد وانفاق عمل في سبیل ذلک بحیث لا یمکن السقي بدونه. ونصف العشر مرتبط بالسقي بدون علاج، ونقصد به ان وصول الماء إلی الزرع أو نحوه لا یتوقف علی استعمال آلة ووسیلة أو بذل جهد وعمل، بل هو یصل إلیه بطبعه بدون ذلک بعد رفع الموانع عن مجراه وسد سبیله المتعارف، إذ یصدق علیه حینئذ أنه سقی بلا علاج، وأما إذا کان السقي مستندا إلی کلیهما معا فتکون زکاته النصف بالنصف، ولا فرق في ذلک بین أن یکون السقي بکلیهما علی نسبة واحدة عددا وزمانا، أو متفاوتة کذلک، فان المعیار انما هو بعدم کفایة السقي بأحدهما لإشباع الزرع ووصوله إلی حد النتاج والثمر، وإذا کان مستندا إلی أحدهما دون الآخر، وإن کان الآخر دخیلا في بلوغ الزرع حد الکمال وزیادة الانتاج الّا أنه لیس بحد یؤثر في تغییر الاسم کان الحکم یتبعه، کالأمطار الفصلیة فانها قد تکون دخیلة في بلوغ الأشجار والأزرع درجة الکمال في الانتاج الّا أنها لیست علی نحو تؤثر في تغییر الاسم.

السادسة: ان ما یأخذه السلطان باسم المقاسمة فهو مستثنی عما تجب الزکاة فیه وإن کان سلطانا جائرا، وأما ما یأخذه باسم الخراج والضریبة التي وضعها علی الأرض من النقود فهو لا یکون مستثنی منه، وما یأخذه السلطان الجائر من النصاب قهرا باسم الزکاة یحسب منها شریطة توفر هذین الأمرین..

أحدهما: أن یکون ذلک جبرا وقهرا.

والآخر: أن یکون باسم الزکاة.

السابعة: ان الزکاة في الغلات الأربع بما أنها جزء مشاع لنفس النصاب في الخارج فلا یجوز اعطاؤها من مال آخر غیر النقدین وإن کان من جنسها کإعطاء زکاة الحنطة مثلا من حنطة اخری من نوعها، علی أساس ان ذلک یتوقف علی ولایة المالک علی مثل هذا التبدیل، والفرض انه لا دلیل علی ولایته علیه. نعم، لا بأس به إذا کان باذن من ولي الزکاة.

الثامنة: انه لا دلیل علی صحة عملیة الخرص کمعاملة خاصة بین الساعي والمالک ووجوب الالتزام بها وإن کان حق الفقراء أکثر مما یقدر بها، بل هي لمصلحة الفقراء، فإن کانت هناک مصلحة فهو وإلّا فلا مقتضي للقیام بها، ومن هنا إذا قام الساعي بهذه العملیة، فان ظهر بعد ذلک ان ما قدر بها کان مطابقا للواقع فهو، وإن ظهر أنه أقل من حق الفقراء وجب علی المالک تکمیله، وإن ظهر انه أکثر منه فله استرداده.

التاسعة: ان الضابط في وجوب الزکاة علی الفرد في ثمرة الزرع انما هو لکونه مالکا لها من حین صدق اسم الحنطة والشعیر، وفي ثمر النخل من حین صدق التمر علیها، وفي ثمر الکرم من حین صدق العنب، ولا یلزم أن یکون مالکا لها قبل ذلک بزمن فضلا عن أن یکون مالکا للزرع أو الأرض.

کلیه حقوق مادی و معنوی این وب سایت متعلق به پورتال انهار میباشد.
پورتال انهار

این وب سای بخشی از پورتال اینترنتی انهار میباشد. جهت استفاده از سایر امکانات این پورتال میتوانید از لینک های زیر استفاده نمائید:
انهار بانک احادیث انهار توضیح المسائل مراجع استفتائات مراجع رساله آموزشی مراجع درباره انهار زندگینامه تالیفات عربی تالیفات فارسی گالری تصاویر تماس با ما نماز بعثت محرم اعتکاف مولود کعبه ماه مبارک رمضان امام سجاد علیه السلام امام حسن علیه السلام حضرت علی اکبر علیه السلام میلاد امام حسین علیه السلام میلاد حضرت مهدی علیه السلام حضرت ابالفضل العباس علیه السلام ولادت حضرت معصومه سلام الله علیها پاسخ به احکام شرعی مشاوره از طریق اینترنت استخاره از طریق اینترنت تماس با ما قرآن (متن، ترجمه،فضیلت، تلاوت) مفاتیح الجنان کتابخانه الکترونیکی گنجینه صوتی پیوندها طراحی سایت هاستینگ ایران، ویندوز و لینوکس