فصل في طرق ثبوت هلال رمضان و شوال للصوم و الإفطار - الصوم

استفتائات رساله نوین احکام برگزیده

العروه الوثقی وسیلة النجاة منهاج الصالحین تحریر الوسیلة آراء المراجع

احکام > الصوم:

فصل في طرق ثبوت هلال رمضان و شوال للصوم و الإفطار

 و هي امور

الاوّل:  رؤية المكلّف نفسه.

 الثاني: التواتر.

الثالث: الشياع المفيد للعلم (1)، وفي حكمه كلّ ما يفيد العلم ولو بمعاونة القرائن؛ فمن حصل له العلم  باحد الوجوه المذكورة وجب عليه العمل به وان لميوافقه احد، بل وان شهد وردّ الحاكم شهادته.

1- الفیاض: بل الاطمئنان، فانه إذا کثر عدد الشهود فمرة یستند العلم إلی نفس الکثرة بما هي کثرة، إذ لا یحتمل علی ضوء مبدأ الاستقراء خطأ الجمیع، علی أساس ان التصادف لا یمکن أن یکون دائمیا، فمن أجل ذلک یمتنع اجتماع عدد کبیر من الناس علی الکذب في موضوع واحد، فانه کلما زاد عدد الشهود ینمو احتمال المطابقة و بالمقاب یضعف احتمال الخطأ بنفس هذه الدرجة، فاذا وصل تجمّع القیم الاحتمالیة الکبیرة حول محور واحد الی درجة الیقین أدّی الی افناء قیمة احتمال المضاد للمطلوب.

و اخری یستند العلم أو الاطمئنان إلی الشیاع الناشي من الکثرة لا بما هي کثرة، فان الکثرة العددیة و إن کانت عاملا أساسیا علی حصول العلم أو الاطمئنان الاّ أنها لیست کل العامل، بل لابد من أن یؤخذ في الحساب عوامل اخری کأوصاف الشهور و حالاتهم بالنظر إلی أنفسهم تارة کمدی صدقهم أو کذبهم أو خطأهم أو مبالاتهم في الشهادة و بالنظر إلی الأشخاص الذین عجزوا عن الرؤیة مع أن ظروفهم کظروف الشهود من حیث صفاء الجو الصالح للرؤیة و نحوه، أو غیر ذلک من العوامل التي لها دخل في حصول الیقین أو الاطمئنان، فلابد من أخذ کل العوامل في الحساب من العوامل الداخلیة و الخارجیة التي لها دخل بشکل أو ب­آخر في حصول الیقین أو الاطمئنان للمکلف بالرؤیة، منها الوسائل العلمیة الحدیثة أو الحسابات الفلکیة، فانها و إن لم تکن کافیة لإثبات رؤیة الهلال شرعا الاّ أنها إذا کانت موافقة لأقوال الشهود فهي من العوامل الایجابیة التي تؤکد الوثوق و الاطمئنان الحاصل منها في نفس المکلف و تزیل الشکوک منها و تبعث علی الیقین أو الاطمئنان بها، و إذا کانت مخالفة لها فهي من العوامل السلبیة التي قد تزیل من نفس الانسان الوثوق و الاطمئنان بها و تخلق الشکوک فیها.

 الرابع: مضيّ ثلاثين يوما من هلال شعبان او ثلاثين يوما من هلال رمضان، فانّه يجب الصوم معه في الاوّل والافطار في الثاني.

الخامس: البيّنة الشرعيّة ، وهي خبر عدلين؛ سواء شهدا عند الحاكم وقبل شهادتهما او لميشهدا عنده او شهدا وردّ شهادتهما؛ فكلّ من شهد عنده عدلان عنده، يجوز بل يجب عليه ترتيب الاثر من الصوم او الافطار(1). ولافرق بين ان تكون البيّنة  من البلد او من خارجه ، وبين وجود العلّة في   السماء  وعدمها؛ نعم، يشترط توافقهما في الاوصاف ، فلو اختلفا فيها لا اعتبار بها ؛ نعم، لو اطلقا او وصف احدهما واطلق الاخر كفى، ولايعتبر اتّحادهما في زمان الرؤية مع توافقهما على الرؤية في الليل، ولايثبت بشهادة النساء   ولا بعدل واحد  ولو مع ضمّ اليمين.

1- الفیاض: هذا شریطة أن لا تکون هناک عوامل سلبیة تؤدي إلی الوثوق بکذب البینة و وقوعها في خطأ، کما إذا ادعی اثنان بالشهادة بالرؤیة من بین جمع کبیر من الناس الذین استهلوا و لم یستطیعوا أن یروه رغم انهم جمیعا استهلوا في نفس الجهة التي استهل إلیها الشاهدان و عدم امتیازهما عنهم في القدرة البصریة و نحوها من العوامل التي لها دخل في الرؤیة و الاّ فلا تقبل لأن هذه العوامل تسبب الوثوق بکذبها و خطأها في الواقع، و هذا معنی ما ورد في مجموعة من الروایات: «إذا رآه واحد رآه مأئة»(الوسائل باب: 11 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 10) فان جماعة کبیرة من الناس إذا کانوا مستهلین في جهة واحدة مع تقاریهم في القدرة البصریة وصفاء الجو ونحوهما، ففي هذه الحالة إذا ادعی اثنان منهم رؤیة الهلال دون الباقین فهو غیر قابل للتصدیق عادة، فلا محالة یکون محمولا علی الخطأ والاشتباه.

 السادس: حكم الحاكم  الّذي لميعلم خطاه ولا خطا مستنده(1)، كما اذا استند الى الشياع الظنّي(2)  ولايثبت بقول المنجّمين  ولا بغيبوبة  الشفق  في الليلة الاخرى ولابرؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال(3) ، فلايحكم بكون ذلک اليوم اوّل الشهر، ولابغير ذلک ممّا يفيد الظنّ ولو كان قويّا(4)، الّا للاسير والمحبوس .

 1- الفیاض: هذا هو المشهور بین الأصحاب وهو غیر بعید، وذلک لصحیحة محمد بن قیس عن أبي جعفر  قال: « إذا شهد عند الامام شاهدان أنهما رأیا الهلال منذ ثلاثین یوما أمر الامام بافطار ذلک الیوم إذا کانا شهدا قبل زوال الشمس، وإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بافطار ذلک الیوم وأخر الصلاة إلی الغد فصلی بهم»(الوسائل باب: 6 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 1) بتقریب ان المراد من الامام مطلق من بیده الأمر لا الإمام المعصوم کما هو مقتضی سیاق الصحیحة، وعلیه فتشمل الصحیحة الحاکم الشرعي باعتبار انه أحد مصادیقه.

وقد أورد علیها بأن المراد من الامام هو الامام المعصوم  المفترض الطاعة لا مطلق من بیده الأمر حتی یشمل الحاکم الشرعي أیضا.

والجواب: ان حمل الامام في الصحیحة علی الامام المعصوم  بحاجة إلی قرینة حیث ان سیاق الصحیحة من صدرها إلی ذیلها ظاهر عرفا في ان المراد من الامام المکرر فیها مطلق من بیده الأمر لا خصوص الامام المعصوم7، فان التعبیر بقوله : «إذا شهد عند الامام – و – أمر الامام» ظاهر في أنه  في مقام بیان الحکم الکلي في الشریعة المقدسة، لا في مقام بیان أمر الامام المعصوم بذلک، والا لکان مساقها مساق سائر الروایات کقوله  في صحیحة منصور بن حازم: «إذا شهد عندکم شاهدان مرضیان بدنهما رأیاه فاقضه»(الوسائل باب: 11 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 4) وقوله : «إذا رأیتم الهلال فافطروا... أو شهد علیه بینة عدل من المسلمین» (الوسائل باب: 11 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 6) وغیر ذلک، فتغیر السیاق في هذه الصحیحة قرینة علی ما ذکرناه، وان أمر الامام بافطار ذلک الیوم بعنوان الوظیفة لا بعنوان أنه أمر شخصي من الامام المفترض الطاعة، فان حمله علیه بعید عن المتفاهم العرفي.

فالنتیجة: ان المتفاهم العرفي من الروایة ان أمر الامام بافطار ذلک الیوم بعنوان الوظیفة علی أساس الولایة کنایة عن ان هذا الیوم عید، وبما ان من بیده الأمر في زمن الغیبة هو المجتهد الجامع للشرائط فله أن یتصدی ذلک الأمر. ومن ذلک کله یظهر ان نفوذ حکم الحاکم لو لم یکن أقوی فلا شبهة انه أحوط، وتؤکد ذلک ان الحکومة الشرعیة الاسلامیة تمتد بامتداد الرسالة حیث أنها تعبیر آخر عنها، ومن المعلوم أنها لیست محدودة بأمد معین کعصر العصمة بل تمتد إلی یوم القیمة. وعلی هذا فلابد في کل عصر من وجود شخص یقوم بتطبیق الرسالة ان أمکن، وهو منحصر في عصر الغیبة بالمجتهد الجامع للشرائط، إذا اتیحت له فرصة التطبیق کلا أو بعضا وجب أن یقوم به، ومن الواضح ان القیام به لا یمکن بدون الولایة، فاذن ثبوت ولایة التطبیق اجتماعیا وفردیا وسیاسیا واقتصادیا وهکذا لا یحتاج إلی دلیل خاص، بل هي امتداد للولایة العامة بامتداد الرسالة السماویة، ولکن في حدود ضیقة.

وأما قوله في التوقیع الصادر: «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلی رواة حدیثنا فانهم حجتي علیکم وأنا حجة الله»(الوسائل باب: 11 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 9) فهو لا یدل علی نفوذ حکم الحاکم باعتبار ان مسألة الهلال لیست من الحوادث التي لابد من الرجوع فیها إلی المجتهد الجامع للشرائط في عصر الغیبة حیث ان لإثباتها طرقا اخری فللناس أن یلجئوا في اثباتها إلی تلک الطرق بلا حاجة إلی مراجعة المجتهد فیه، هذا اضافة إلی أن التوقیع غیر ثابت سندا.

وأما مقبولة عمر بن حنظلة(الوسائل باب: 11 من أبواب صفات القاضي الحدیث: 1)، فمضافا إلی ضعفها سندا فهي ساقطة دلالة أیضا لأنها تنص علی نفوذ حکم الحاکم والقاضي في موارد الترافع والتنازع لا مطلقا، فالتعدي بحاجة إلی دلیل.

فالنتیجة: ان المعدة في المسألة صحیحة محمد بن قیس المتقدمة.

 2- الفیاض: هذا فیما إذا لم یر الحاکم حجیة الشیاع الظني فانه إذا اعتمد علیه في حکمه خطأ لم یکن نافذا حتی عنده إذا نبه علی خطأ مستنده.

نعم، إذا رأی الحاکم ان الشیاع الظنّي حجة کان حکمه نافذا وإن لم یر غیره أنه حجة، اما في باب القضاء فلا شبهة في ذلک، وأما في المقام فأیضا یکون الأمر کذلک لأن المعیار في نفوذ حکمه انما هو نظره الاجتهادی.

فالنتیجة: ان خطأه ان کان في التطبیق لا یکون حکمه نافذا، وإن کان في الاجتهاد والنظر کان حجة.

3- الفیاض: في عدم ثبوت الهلال بذلک اشکال بل منع، والأقوی الثبوت، وتنص علیه روایتان..

الاولی: موثقة عبد الله بن بکیر وعبید بن زرارة قالا: «قال أبو عبد الله7: إذا رؤي الهلال قبل الزوال فذلک الیوم من شوال، وإذا رؤي بعد الزوال فذلک الیوم من شهر رمضان»(الوسائل باب: 8 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 5).

الثانیة: صحیحة حماد بن عثمان عن أبي عبد الله: «قال: إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو للیلة الماضیة، وإذا رأوه بعد الزوال فهو للیلة المستقبلة»(الوسائل باب: 8 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 6). ومثلها صحیحة محمد بن عیسی (الوسائل باب: 8 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 4)، فانها واضحة الدلالة علی ان رؤیة الهلال قبل الزوال امارة علی انه للیلة الماضیة، وان هذا الیوم هو الأول من الشهر.

وفي مقابل هذه الروایات روایتان أخریان تدلان علی انه لا عبرة برؤیة الهلال في النهار:

احداهما: صحیحة محمد بن قیس عن أبي جعفر7 قال: «قال أمیر المؤمنین7: إذا رأیتم الهلال فافطروا، أو شهد علیه عدل (وأشهدوا علیه عدولا) من المسلمین، وإن لم تروا الهلال الا من وسط النهار أو آخره فاتموا الصیام إلی اللیل»(الوسائل باب: 8 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 1) فانها تنص علی انه لا أثر لرؤیة الهلال وسط النهار.

والاخری: موثقة اسحاق بن عمار قال: «سألت أبا عبد الله عن هلال شهر رمضان یغم علینا في تسع وعشرین من شعبان؟ فقال: لا تصمه الّا أن تراه، فان شهد أهل بلد آخر انهم رأوه فاقضه، وإذا رأیته من وسط النهار فاتم صومه إلی اللیل»(الوسائل باب: 8 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 3).

وغیر خفي ان دلالة هاتین الروایتین علی ذلک تبتني علی أن یحسب مبدأ النهار من طلوع الفجر، وحینئذ قیقع وسط النهار قبل الزوال. ولکن الصحیح انه یحسب من طلوع الشمس لأن النهار اسم لفترة خاصة من الزمن وهي فترة بیاض الیوم الواقعة بین طلوع الشمس وغروبها، فلا یکون ما بین الطلوعین جزء من النهار، ومن هنا قد ورد في مجموعة من الروایات في باب الزوال ان الزوال هو منتصف النهار و وسطه، أو لا أقل من الاجمال، فاذن لا معارض للروایات المتقدمة التي تنص علی التفصیل بین رؤیة الهلال قبل الزوال و بعده و لا مناص من الأخذ بها.

و دعوی: ان اعراض المشهور عنها یوجب سقوطها عن الحجیة.

مدفوعة: بما حققناه في علم الاصول من ان اعراض المشهور انما یوجب ذلک شریطة توفر أمرین..

أحدهما: أن یکون ذلک الاعراض من قدماء الأصحاب الذین یکون عصرهم امتدادا لعصر أصحاب الأئمة:.

و الآخر: أن لا یکون اعراضهم عنها في المسألة لسبب أو لآخر.

و في المقام کلا الأمرین غیر متوفر.

أما الأول: فلأنه لا طریق لنا إلی اثبات اعراضهم عنها في المسألة، أما الطریق المباشر فهو مفروض العدم، و أما غیر المباشر فهو منحصر بوصول آرائهم إلینا إما من طریق النقل، أو من طریق وصول کتبهم الاستدلالیة حول المسألة، و کلاهما مفقود، فان الواصل إلینا في المسألة انما هو فتاویهم من طریق النقل علی خلاف هذه الروایات، و من المعلوم أن مجرد ذلک لا یکشف عن اعراضهم عنها، إذ کما یحتمل ذلک یحتمل أن تکون مستندة إلی سبب آخر کان أرجح أو مساویا لتلک الروایات بنظرهم، کاحتمال انهم استندوا إلی الروایتین المتقدمتین في المسألة باحتساب وسط النهار فیهما من مبدأ طلوع الفجر و ترجیحهما علی تلک الروایات، أو لا أقل من معارضتهما لها و السقوط بسبب المعارضة فلا دلیل حینئذ علی کفایة رؤیة الهلال قبل الزوال.

و أما الثاني: فقد ظهر انه لا یمکن احراز ان اعراضهم عنها یکون تعبدیا صرفا لاحتمال أنه مستند إلی ما مرّ الآن.

4- الفیاض: کمدة بقاء الهلال في الافق قرابة ساعة أو أکثر، و عدم غیابه الاّ بعد الشفق، أو سعة حجمه، أو یکون الهلال علی شکل دائرة و هو ما یسمی بتطوق الهلال، قانه قد یحصل الظن عند ما یری الهلال لأول مرة بهذه الکیفیة أو بتلک المدة انه ابن لیلة سابقة و لم یکن جدیدة الولادة.

ولکن لا یمکن اتخاذ هذه الحالات الطارئة علی الهلال أمارة شرعیة علی اثبات بدایة الشهر القمري في اللیلة الماضیة، علی أساس ان خروج القمر من المحاق قد یکون قبل فترة قصیرة کما إذا خرج من المحاق قبل ست ساعات من الغروب مثلا و رؤي بعد الغروب فانه لا یبدو واضحا، و لا یبقی مدة في الافق، و هذا بخلاف ما إذا خرج من المحاق من اللیلة الماضیة، فانه سوف یبدو واضحا في الافق في اللیلة الآتیة و یبقی فیه مدة أطول.

فاذن منشأ طرو الحالات المذکورة علی الهلال انما هو من جهة اختلاف فترة خروجه من المحاق قبل رؤیته، فان کانت تلک الفترة قصیرة یبدو الهلال في الافق ضعیفا و لا یبقی الاّ في زمن قصیر، و إن کانت طویلة یبدو واضحا في الافق و نیرا و قد یکون علی شکل دائرة و یبقی مدة أطول، فمن أجل ذلک لا قیمة لتلک الحالات، و إذا حصل الظن منها ان الهلال ابن اللیلة الماضیة و لم یکن حدیث الولادة فلا اعتبار به و إن کان قویا ما لم یصل إلی درجة الاطمئنان.

نعم، في صحیحة ابن مرازم عن أبي عبد اللّه7 قال: «إذا تطوق الهلال فهو للیلتین، و إذا رأیت ظل رأسک فیه فهو لثلاث» (الوسائل باب: 9 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 2) ان تطوق الهلال امارة علی انه ابن اللیلة السابقة.

ولکن الظاهر انه لا یمکن الأخذ بهذه الصحیحة، فان تطول الهلال لو کان من احدی الطرق الشرعیة کالرؤیة و البینة و الشیاع المفید للعلم أو الاطمئنان لاشتهر بین الأصحاب في عصر الأئمة الأطهار: ولکثر السؤال عنه في امتداد ذلک العصر لسبب أو لآخر، کما کثر السؤال عن سائر الطرق، مع انه لم یرد في شيء من الروایات ما عدا الروایة المتقدمة رغم طول الزمان و کثرة الابتلاء بالواقعة لا سؤالا و لا جوابا و لا ابتداء، بل کان علی الامام7 أن ینبه علیه بطریق أو ب­آخر باعتبار انه مغفول عنه عن الأذهان العامة.

و إن شئت قلت: ان تطوق الهلال لو کان امارة علی اثبات بدایة الشهر القمري الشرعي من اللیلة الماضیة لکان علی الامام7 بیان ذلک و التأکید علیه باعتبار انه لیس من الطرق العادیة المتعارفة المرتکزة في الأذهان من ناحیة، و لکثیر ما یترتب علیه من الآثار من ناحیة اخری، فلو کان امارة شرعا فبطبیعة الحال ینبه علیها في الروایات في مورد أو آخر، مع انه لیس منه فیها عین و لا أثر في طول فترة العصمة غیر روایة واحدة، و بذلک یطمئن الانسان بأنه لیس طریقا شرعیا لإثبات بدایة الشهر القمري، و علی هذا فلابد من رد علم الصحیحة إلی أهله للاطمئنان بعدم مطابقتها للواقع.

مسالة 1: لايثبت بشهادة العدلين اذا لميشهدا بالرؤية، بل شهدا شهادة علميّة.

مسالة 2: اذا لميثبت الهلال وترک الصوم، ثمّ شهد عدلان برؤيته، يجب قضاء ذلک اليوم؛ وكذا اذا قامت البيّنة على هلال شوّال ليلة التاسع والعشرين من هلال رمضان ، او راه في تلک الليلة بنفسه.

 مسالة 3: لايختصّ اعتبار حكم الحاكم  بمقلّديه، بل هو نافذ  بالنسبة الى الحاكم الاخر ايضا(1) اذا لميثبت عنده خلافه.

1-  الفیاض: لإطلاق صحیحة محمد بن قیس المتقدمة.

 مسالة 4: اذا ثبت رؤيته في بلد اخر ولميثبت في بلده، فان كانا متقاربين كفى، والّا فلا (1) الّا اذا علم  توافق افقهما  وان كانا متباعدين.

1- الفیاض: فیه اشکال بل منع، و الأظهر ثبوت الهلال في کل البلدان إذا رؤي في بلد واحد سواء کانت البلدان مختلفة في خطوط الطول و العرض و متغایرة فیها بمعنی أن یکون الغروب في أحد البلدین قبل الغروب في الآخر بمدة طویلة أم لا.

بیان ذلک: ان الشهر القمري تبدأ دورته الشهریة بخروج القمر من المحاق، و قد تطول هذه الدورة تسعة و عشرین یوما، و قد تطول ثلاثین یوما، و هي دورة القمر حول الأرض، و بما ان نصفه یواجه الشمس فیکون مضیئا و نصفه الآخر لا یواجه الشمس فیکون مظلما کالأرض غایة الأمر ان الأرض تدور حول الشمس و تطول دورتها سنة کاملة، و أما القمر فیدور حول الأرض و تطول دورته شهرا کاملا و تنتهي بدخول المحاق و هو ما یقع علی الخط الوهمي بین مرکزي الأرض و الشمس، هذا من ناحیة، و من ناحیة اخری ان خروج القمر من المحاق طبیعیا لا یکفی شرعا في بدایة الشهر القمري، فان الشهر القمري لدی الشرع مرتبط بتوفر أمرین..

أحدهما: خروج القمر من المحاق و شروعه في التحرک و الابتعاد عن الخط الوهمي الموصل بین مرکزي الشمس و الأرض، فیقابل عندئذ جزء من نصفه المضيء الأرض.

و الآخر: أن یکون ذلک الجزء المقابل للأرض قابلا للرؤیة بالعین المجردة.

 و من ناحیة ثالثة: ان خروج القمر من المحاق طبیعیا و هو ابتعاده في تحرکه عن الخط الموصل بین مرکزي الأرض و الشمس أمر تکویني لا یختلف باختلاف بقاع الأرض، فانه ما دام یسبح في ذلک الخط الوهمي بین المرکزین فهو في المحاق و غائب عن أهل کل بقاع الأرض علی أساس ان حجم الشمس الکبیر عدة مرات عن حجم الأرض یمنع عن مواجهة جزء من القمر لأیة بقعة من بقاع الأرض من أقصاها إلی أناها، فإذا تحرک و ابتعد عن ذلک الخط یسیرا خرج عن المحاق.

و من المعلوم ان ذلک أم کوني محدد لا یتأثر باختلاف بقاع الأرض، فمن أجل ذلک لا معنی لافتراض کون خروج القمر من المحاق أمرا نسبیا.

أو فقل: ان الدورة الطبیعیة للقمر تنتهي بدخوله في المحاق و هو انطباق مرکز القمر علی الخط الوهمي بین مرکزِي الشمس و الأرض، و تبدأ دورته الجدیدة بخروجه عن الانطباق، و أما تفسیر المحاق بأنه عبارة عن مواجهة الوجه المظلم للقمر بکامله لبقعة ما علی وجه الأرض فهو بهذا التفسیر و إن کان نسبیا فیکون القمر داخلا في المحاق في بلد و غیر داخل فیه في بلد آخر الاّ انه تفسیر خاطئ و لا واقع موضوعي له، فان الدورة الطبیعیة للقمر لا تتأثر ببقاع الأرض من بقعة لأخری، بل هي محددة بدایة و نهایة، فنهایتها بانطباق مرکز القمر علی الخط الوهمي بین مرکزي الشمس و الأرض، و بدایتها بالخروج من هذا الانطباق، و لا معنی لافتراض النسبیة فیه.

فالنتیجة: ان دورته الطبیعیة التکوینیة ظاهرة کونیة محددة لا تتأثر بأي عامل و سبب آخر.

ثم ان الشهر القمري الشرعي مرتبط _ مضافا إلی ذلک_ برؤیة الهلال بالعین المجرة علی ما نطقت به الآیة الشریفة و الروایات. کقوله تعالی: (فَمَن شَهِدَ مِنکُمُ اَلشَّهرَ فَلیَصُمهُ) (البقرة/ 185) و قوله7: «صم للرؤیة و أفطر للرؤیة» (الوسائل باب: 3 من أبواب احکام شهر رمضان الحدیث: 13 و 19) و نحوه، و علی هذا الأساس فبما ان بقاع الأرض تختلف في خطوط الطول فان البلدان الواقعة في النصف الشرقي من الکرة الارضیة کما تختلف عن الطول فان البلدان الواقعة في النصف الغربي منها في الشروق و الغروب بنسب متفاوتة حیث ان الشمس قد تغرب في بلد بعد غروبها عن بلد آخر بدقائق قلیلة، أو بساعة أو ساعات، کذلک تختلف في رؤیة الهلال علی أساس ان الهلال إذا خرج عن المحاق فکلما ابتعد عنه زاد الجزء المضيء من القمر المواجه للأرض کما و کیفا إلی أن یصبح بعد ساعات ممکن الرؤیة، کما إذا خرج القمر عن المحاق قبیل الغروب بزمن قلیل في بلد کباکستان _مثلا_ فان الجزء الخارج منه لضئالته لا یمکن رؤیته، ولکنه بعد ساعات قابل للرؤیة لازدیاد ذلک نورا و حجما کلما ابتعد عن المحاق، فیمکن أن لا یری الهلال في بلد و یری في بلد آخر یتأخر غروب الشمس فیه عن غروبها في البلد الأول بساعتین أو أکثر.

فالنتیجة: ان رؤیة الهلال تختلف البلدان الواقعة في خطوط الطول، بل ربما في العرض فیمکن رؤیة الهلال في بعضها و لا یمکن في بعضها الآخر، فلا شبهة في ان امکان رؤیة الهلال أمر نسبي، و في ضوء ذلک هل یکون حلول الشهر القمري الشرعي أیضا أمر نسبي و یختلف فیه بلد عن بعد و أفق عن أفق؟ بمعنی أن یکون لکل بلد و أفق شهره القمري الخاص کطلوع الشمس الذي یختلف باختلاف البلدان و الآفاق، أو انه ظاهرة کونیة مطلقة لا تختلف باختلاف بقاع الأرض و بلدانها و آفاقها و لا یتأثر بذلک نهائیا؟

فیه نظریتان: قد أجیب عن النظریة الاولی: بأن من الخطأ قیاس ذلک بطلوع الشمس، فانه یتولد من مواجهة الشمس للأرض علی أساس ان الأرض بحکم کرویتها و حرکتها حول نفسها مواجهة لها بتمام بقاعها و أجزائها بالتدریج، فتطلع علی بقعة قبل طلوعها علی بقعة اخری و هکذا دو إلیک، فیکون أمرا نسبیا کغروبها، و هذا بخلاف خروج القمر عن المحاق و تولده منه، فانه ظاهرة کونیة محددة تعبر عن ابتعاد القمر عن الخط الوهمي بین مرکزي الشمس و الأرض و لا تتأثر باختلاف بقاع الأرض حیث لا صلة لهذه الظاهرة بها، فاذن لا معنی لافتراض النسبیة فیه.

و هذا الجواب لا یتم، لأنه إن أرید به ان الشهر القمري یبدأ بخروج القمر من المحاق فقط، و هو ظاهرة کونیة محددة لا تتأثر بهذا الجزء من الأرض أو بذاک.

فیرده، ان هذا بدایة الدورة التکوینیة الطبیعیة للقمر حول الأرض لا بدایة الشهر القمري الشرعي، و من المعلوم أنّه لا معنی لافتراض النسبیة فیها، لأن انتهاء تلک الدورة بدخول القمر في المحاق أي بین مرکزي الشمس و الأرض، و بدایتها بخروجه منه، و کلتاهما ظاهرة کونیة لا تتأثر بأي عامل آخر، و أما بدایة الشهر القمري فهي ترتبط اضافة إلی وجود هذا العامل الکوني و هو خروج القمر من المحاق إلی عامل آخر و هو ان الجزء المضيء منه المواجه للأرض ممکن الرؤیة بالعین الاعتیادیة.

و ان ارید به ان الشهر القمري الشرعي یبدأ اضافة إلی ذلک _أي خروج القمر من المحاق_ بامکان رؤیة ذلک الجزء الخارج منه المواجه للأرض.

فیرد علیه، انه لا مانع من افتراض کونه أمرا نسیبا یتأثر باختلاف بقاع الأرض، بأن رؤي الهلال في هذه البقعة من الأرض دون تلک، و یترتب علی ذلک ان الشهر القمري الشرعي یبدأ في کل بقعة من الأرض إذا کانت رؤیة هلاله ممکنة في تلک البقعة.

فالنتیجة: ان خروج القمر من المحاق و إن کان حادثا کونیا محددا مطلقا و لا یتأثر بأي عامل آخر، الاّ أنه لیس مبدءا للشهر القمري الشرعي، بل هو مبدأ للشهر القمري الطبیعي لأن مبدأ الأول مضافا إلی ذلک مرتبط شرعا برؤیة ذلک الجزء الخارج من المحاق بالعین المجردة، و الرؤیة کما یمکن أن تأخذها کأمر نسبي تختلف بإختلاف بقاع الأرض وبلدانها، یمکن أن تأخذها کأمر مطلق لا تختلف باختلافها، فعلی الأول یرتبط مبدأ الشهر في کل بلد بامکان الرؤیة في ذلک البلد بالذات فیکون لکل بلد شهره القمري الخاص، فیبدأ في البلاد الواقعة في الافق الغربي في لیلة سابقة وفي البلاد الواقعة في الافق الشرقي في لیلة متأخرة، فیختلف شهر تلک البلاد عن شهر هذه البلاد بیوم واحد. وعلی الثاني یکون مبدأ الشهر القمري واحدا بالنسبة إلی کل أهل بقاع الأرض، فإذا رأی الهلال في بقعة من الأرض کفی للآخرین، وعلی ذلک فلمعرفة ان للشهر القمري الشرعي بدایة واحدة بالنسبة إلی الجمیع، أو لیس له بدایة واحدة کذلک فلابد من الرجوع إلی الشرع وتحقیق حال نصوص باب الرؤیة لنری هل أنها ربطت بدایة الشهر في کل منطقة بامکان الرؤیة في تلک المنطقي بالذات، أو ربطت بدایة الشهر في کل المناطق بامکان الرؤیة في أیة منطقة کانت؟ والظاهر هو الثاني، وذلک لأمور..

الأول: ان السکوت العام الحاکم علی روایات الرؤیة البالغة من الکثرة حد التواتر الإجمالي الواردة في مختلف الموارد والحالات بمختلف الألسنة عن الاشارة إلی اختلاف البلدان في الافق أو تقاربها فیه، یؤکد ان بدایة الشهر القمري الشرعي واحدة لجمیع بقاع الأرض، والّا لکان اللازم الاشارة فیها إلی حدود اختلاف البلدان في الافق وعدم ثبوت الهلال في بلد إذا کان مختلفا مع بلد الرؤیة فیه، مع انه لیست في شيء منها الاشارة إلی ذلک لا تصریحا ولا تلویحا، وهذا قرینة تؤکد علی أن الشهر القمري الشرعي شهر واحد لکل البلدان علی وجه الأرض.

الثاني: ان المراد من تقارب البلدین في الافق وقوعهما في منطقة من الأرض یجعل عدم انفکاک امکان الرؤیة في أحدهما بالذات عن امکان الرؤیة في الآخر کذلک.

والمراد من اختلاف البلدین في الافق وقوع کل منهما في منطقة من الأرض علی نحو یجعل الرؤیة في أحدهما ممکنة وفي الآخر غیر ممکنة بذاتها. هذا کله نظریا وأما عملیا، فلا یمکن تطبیق هذه النظریة تطبیقا کاملا علی البلاد الاسلامیة ککل فضلا عن تمام بقاع الأرض لاختلافها في الافق علی نحو یجعل الرؤیة في بعضها ممکنة وفي الآخر غیر ممکنة بل علی بلد واحد کإیران – مثلا – من شرقه إلی غربه.

الثالث: ان جملة من النصوص تدل علی أن رؤیة الهلال في بقعة ما علی وجه الأرض بدایة للشهر القمري في کل البقاع.

منها: موثقة اسحاق بن عمار قال: «سألت أبا عبد الله7 عن هلال شهر رمضان یغم علینا في تسع وعشرین من شعبان، فقال: لا تصمه الّا أن تراه، فان شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه»(الوسائل باب: 8 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 3) فانها تدل باطلاقها علی عد الفرق بین أن یکون البلد الآخر وهو بلد الرؤیة مشترکا مع بلده في الافق أو مختلفا معه فیه علی نحو تجعل الرؤیة فیه ممکنة دونه، کما أنّها مطلقة من ناحیة ان شهادتهم بالرؤیة بعد شهر رمضان بمدة أو في أثنائه.

ومنها: صحیحة أبي بصیر عن أبي عبد الله7: «انه سئل عن الیوم الذي یقضی من شهر رمضان، فقال: لا یقضه الّا أن یثبت شاهدان عدلان من جمیع أهل الصلاة متی کان رأس الشهر – الحدیث -»(الوسائل باب: 11 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 5) فانها تدل علی ان بدایة الشهر القمري في کل بلد لا ترتبط بامکان الرؤیة في ذلک البلد، بل مقتضی اطلاقها أنها ربطت بدایة الشهر القمري في کل البلدان بامکان الرؤیة في بعضها.

ومنها غیرهما (راجع الوسائل باب: 8 و11 من أبواب أحکام شهر رمضان).

 

 مسالة 5: لايجوز الاعتماد على البريد البرقيّ  المسمّى بالتلگراف في الاخبار عن الرؤية،الّا اذا حصل منه العلم (1)، بان كان البلدان متقاربين(2) وتحقّق حكم الحاكم او شهادة العدلين برؤيته هناک.

1- الفیاض: بل یکفی الاطمئنان أیضا.

2- الفیاض: مر ان التقارب غیر معتبر.

 

  مسالة 6: في يوم الشکّ في انـّه من رمضان او شوّال يجب ان يصوم. وفي يوم الشکّ في انـّه من شعبان او رمضان يجوز الافطار ويجوز ان يصوم، لكن لا بقصد انـّه من رمضان، كما مرّ سابقا تفصيل الكلام فيه. ولو تبيّن في الصورة الاولى كونه من شوّال وجب الافطار؛ سواء كان قبل الزوال او بعده. ولو تبيّن في الصورة الثانية كونه من رمضان وجب الامساک  وكان صحيحا اذا لميفطر ونوى قبل الزوال(1) ، ويجب قضاؤه اذا كان بعد الزوال .

1- الفیاض: في کفایة النیة قبل الزوال لغیر المسافر محل اشکال بل منع، حیث ان مورد النص المسافر الذي وصل إلی وطنه قبل الزوال ولم یفطر في الطریق، والتعدي عن مورده إلی سائر الموارد بحاجة إلی قرینة ولا قرینة علیه کما تقدم.

 

مسالة 7: لو غمّت الشهور ولمير الهلال في جملة منها او في تمامها، حسب كلّ شهر ثلاثين ما لميعلم النقصان عادةً.

مسالة 8: الاسير والمحبوس اذا لميتمكّنا من تحصيل العلم بالشهر، عملا بالظنّ ، ومع عدمه تخيّرا في كلّ سنة بين الشهور ، فيعيّنان شهرا له(1)، ويجب مراعاةالمطابقة بينالشهرين في سنتين، بان يكون بينهما احدعشر شهرا؛ ولو بان بعد ذلک انّ ماظنّه اواختاره لميكنرمضان، فانتبيّنسبقه كفاه، لانّه حينئذٍ يكون مااتىبه قضاء ، وان تبيّن لحوقه وقد مضى قضاه، وان لميمض اتى به ويجوز له   في صورة عدم حصول  الظنّ ان لايصوم(2) حتّى يتيقّن  انـّه كان سابقا  فياتي به قضاءً، والاحوط  (3) اجراء احكام شهر رمضان   على ما ظنّه، من الكفّارة والمتابعة والفطرة وصلاة العيد وحرمة صومه مادام الاشتباه باقيا، وان بان الخلاف عمل بمقتضاه.

1- الفیاض: في التخییر اشکال بل منع، لأن مقتضی العلم الإجمالي بوجوب صیام في أحد هذه الشهور هو الاحتیاط وصیام کل الشهور بأمل أن یدرک الواقع بنیة ما في الذمة أعم من الأداء والقضاء، وأما إذا لم یمکن هذا الاحتیاط واضطر إلی ترکه في بعض الشهور ولو من جهة ان الاحتیاط التام یوجب العسر والحرج فیجب علیه حینئذ الاقتصار في ترکه بمقدار الضرورة وهو ما یدفع به العسر والحرج دون الأکثر باعتبار ان الاضطرار في أطراف الإجمالي إذا کان إلی بعض غیر المعین لا یوجب سقوطه عن التنجیز، فمن أجل ذلک لابد من الاحتیاط في الباقي.

وقد یدعی ان مقتضی استصحاب عدم دخول شهر رمضان إلی الیوم الذي یعلم فیه أن شهر رمضان قد دخل جزما اما من ابتداء ذلک الیوم فیکون هو الیوم الأول، أو من السابق وقد انقضی فعلا هو انحلال العلم الإجمالي حکما وسقوطه عن التنجیز.

وقد اجیب عن ذلک، بأن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب بقاء عدم شهر رمضان إلی هذا الشهر، بتقریب ان المکلف حیث یعلم بدخول شهر رمضان اما من الآن وأن هذا الیوم هو الیوم الأول منه، أو من السابق فانه بطبیعة الحال کما یشک في بقاء شهر رمضان کذلک یشک في بقاء عدمه الجامع بین العدم الأزلي والعدم الحادث إلی ذلک الشهر، فان شهر رمضان إن دخل سابقا وانقضی فالباقي فعلا هو عدمه الحادث، وإن دخل بنفس الیوم فالباقي فعلا هو شهر رمضان لانتقاض عدمه الأزلي، وبما انه لا یدري بالحال فانه کما یکون شاکا في بقاء الأول یکون شاکا في بقاء الثاني، وحینئذ فالاستصحاب في الأول معارض بالاستصحاب في الثاني ویسقطان معا من جهة المعارضة، فالمرجع هو أصالة البراءة عن وجوب صوم هذا الشهر للشک فیه.

ولکن لا یمکن المساعدة علی هذا الجواز وذلک، لأن الاستصحابین لا یجریان في نفسیهما لا أنهما یجریان ویسقطان من جهة المعارضة. أما استصحاب بقاء شهر رمضان، فان ارید به بقاء الجامع وهو عنوان أحدهما باعتبار ان المکلف بما انه یعلم بدخول شهر رمضان أما سابقا، أو من الآن، فیعلم بالجامع ویشک في بقائه فعلا.

فیرد علیه، ان الجامع لیس موضوعا للحکم فان الموضوع هو شهر رمضان الذي هو اسم للفرد الخارجي بحده، ومن المعلوم ان استصحاب الجامع لا یثبت الفرد.

وان ارید به استصحاب بقاء الفرد... فهو غیر معقول. لأن الفرد الأول مقطوع الارتفاع والفرد الثاني مشکوک الحدوث فلا شک في بقاء المتیقن لکي یجري الاستصحاب فیه، فاذن یبتلی هذا الاستصحاب بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد.

وأما استصحاب بقاء العدم، فان ارید به بقاء العدم الجامع بین الأزلي والحادث...

فیرد علیه انه لیس موضوعا للأثر، لأن ما هو موضوع الأثر هو بقاء عدم شهر رمضان هذا الشهر، فانه نقیض رمضانه لا بقاء العدم الجامع، والمفروض ان استصحابه لا یثبت بقاء هذا العدم الخاص وهو العدم الحادث.

وإن ارید به استصحاب بقاء العدم الخاص... فهو لا یمکن لأن العدم الأزلي قد ارتفع جزما، والعدم الحادث مشکوک من الأول فلا شک في بقاء المتیقن حتی یجري الاستصحاب فیه فیکون هذا من الاستصحاب في الفرد المردد وهو غیر جار.

وأما استصحاب عدم دخول شهر رمضان إلی زمان الیقین بدخوله أما سابقا، أو من الآن فهو لا یجري من جهة العلم الإجمالي بأن أحد الشهور شهر رمضان، والفرض ان کل شهر مشکوک في انه شهر رمضان أولا، فاذن الستصحاب عدم دخول شهر رمضان في کل واحد منها معارض باستصحاب عدم دخوله في الآخر.

نعم، انه یجري بناء علی جریان استصحاب بقاء شهر رمضان بعد الیقین بدخوله، إما من الآن، أو من السابق علی أساس ان ضمه إلیه یوجب انحلال العلم الإجمالي، وأما إذا لم یجز ذلک الاستصحاب کما هو المفروض فلا یجري هذا الاستصحاب أیضا لأنه لا یثبت ان الشهر الآتي رمضان الّا علی القول بالأصل المثبت لکي یوجب انحلال العلم الإجمالي، وبدونه یسقط من جهة المعارضة، فاذن لیس سقوطه من جهة معارضته بأصالة البراءة عن وجوب صوم هذا الشهر، هذا اضافة إلی أنه لو جری وأثبت ان هذا الشهر رمضان یقدم علی أصالة البراءة.

فالنتیجة: في نهایة المطاف ان وظیفته الاحتیاط ما لم یوجب العسر والحرج.

 2- الفیاض: مر أنه في فرض عدم حصول الظن یجب علیه أن یصوم في کل الشهور بأمل ادراک شهر رمضان الا إذا کان ذلک مؤدیا إلی العسر والحرج، فاذن لابد من الاقتصار علی المقدار الواجب دون الأکثر.

3- الفیاض: بل هو الأقوی بالنسبة إلی الکفارة ونحوها من أحکام شهر رمضان مباشرة باعتبار أن وظیفة الظان بکون هذا الشهر رمضان وجوب الصوم علیه بعنوان صوم شهر رمضان ویترتب علی ذلک عدم جواز الافطار له في نهار ذلک، فلو أفطر فیه متعمدا لزمته الکفارة والقضاء. وأما بالنسبة إلی الأحکام المترتبة علی لازم کون هذا الشهر شهر رمضان کوجوب الفطرة واستحباب صلاة العید وحرمة الصوم فیه باعتبار أنها مترتبة علی الیوم الأول من شهر شوال الذي هو لازم کون الخر المنتهي بدخول لیلة الیوم الأخیر من شهر رمضان والفرض انه غیر ثابت الّا من باب التعبد بأقرب الاحتمالات لا واقعا حیث ان الدلیل علی حجیة الظن قوله7 في صحیحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عن أبي عبد الله7: «یصوم شهرا یتوخی – یتوخاه – ویحسب، فان کان الشهر الذي صامه قبل شهر رمضان لم یجزه وإن کان بعد شهر رمضان أجزأه»(الوسائل باب: 7 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 1) ومن المعلوم أنها لا تدل الّا علی وجوب صوم هذا الشهر بأمل أن یکون من شهر رمضان شریطة أن یکون هذا الأمل فیه أقرب منه في غیره من الشهور بقرینة کلمة (یتوخی) الظاهرة في العمل بما هو أقرب إلی الواقع.

وإن شئت قلت: ان الصحة لا تدل علی أکثر من تنزیل هذا الشهر بمنزلة شهر رمضان في وجوب الصیام، ولا نظر لها إلی الأحکام المترتبة علی لوازم کونه شهر رمضان، نعم لا بأس بالاحتیاط في تلک الأحکام، بل لا یترک.

 

  مسالة 9: اذا اشتبه شهر رمضان بين شهرين او ثلاثة اشهر مثلا، فالاحوط صوم الجميع(1)  وان كان لايبعد اجراء حكم الاسير  والمحبوس؛ وامّا ان اشتبه الشهر المنذور صومه بين شهرين او ثلاثة، فالظاهر  وجوب الاحتياط  مالميستلزم الحرج، ومعه يعمل بالظنّ  ومع عدمه يتخيّر(2) .

1- الفیاض: هذا هو المتعین في صورة تساوي احتمالات شهر رمضان بین الشهور وعدم ترجیح بعضها علی بعضها الآخر، وأما صورة الترجیح فهل یجب الأخذ بالراجح والأقرب کما هو الحال في الأسیر أو لا؟ فیه وجهان: ولا یبعد الوجه الأول، فان قوله في الحیحة: «یصوم شهرا یتوخی» (الوسائل باب: 7 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 1) مطلق، وإن کان مورد السؤال فیها الأسیر، والمتفاهم العرفي منه بمناسبة الحکم والموضوع ان المعیار انما هو اشتباه شهر رمضان بسائر الشهور کلا أو بعضا ولا خصوصیة للأسیر.

 2- الفیاض: هذا مبني علی سقوط العلم الإجمالي عن التنجیز بالاضطرار إلی ترک الاحتیاط في بعض أطرافه بسبب والعسر والحرج، ولکن قد تقدم ان الاضطرار إذا کان إلی غیر المعین منها لا یوجب سقوطه عن التنجیز، وفي المقام بما انه إلی غیر المعین فلا أثر له، فاذن وظیفته التبعیض في الاحتیاط بلا فرق بین المظنون وغیره، والاقتصار علی ترکه بمقدار یدفع به العسر والحرج فقط دون الأکثر.

فالنتیجة: ان صوم شهر المنذور وإذا اشتبه بین شهور وجب الاحتیاط وإن کان الشهر المنذور مظنونا، فانه لا أثر للظن به حیث ان الدلیل علی حجیته مختص باشتباه شهر رمضان بسائر الشهور، ولا یمکن التعدي عن مورده إلی سائر الموارد، فانه بحاجة إلی قرینة ولا قرینة علیه.

وأما ما قیل من أن مقتضی استصحاب عدم دخول الشهر المنذور إلی زمان الیقین بدخوله وهو زمان رؤیة هلال الشهر الأخیر، فانه في هذا الزمان یتیقن بدخول الشهر المنذور إما من هذه اللیلة دو من السابق، وبما انه لا یدري بالحال فیشک في بقائه فیستصحب، وهو معارض باستصحاب بقاء عدمه الجامع بین العدم الأزلي والحادث، فیسقط من جهة المعارضة ویرجع إلی أصالة البراءة عن وجوب صوم هذا الشهر، وحیث أنها معارضة بأصالة البراءة عن وجوب صوم الشهرین السابقین، أو باستصحاب عدم کون شيء منهما من الشهر المنذور فتسقط فیکون المرجع أصالة الاشتغال ولزوم الاتیان بصوم هذا الشهر ناویا الأعم من الأداء والقضاء، (فقد ظهر جوابه) مما مر آنفا في المسألة (8) موسعا.

 

 مسالة 10: اذا فرض كون المكلّف في المكان الّذي نهاره ستّة اشهر وليله ستّة  اشهر او نهاره ثلاثة وليله ستّة ، او نحو ذلک، فلايبعد  كون المدار في صومه وصلاته على البلدان المتعارفة(1)    المتوسّطة، مخيّرا بين افراد المتوسّط؛ وامّا احتمال سقوط تكليفهما عنه فبعيد، كاحتمال سقوط   الصوم  وكون الواجب صلاة يوم واحد وليلة واحدة. ويحتمل  كون المدار بلده الّذي كان متوطّنا فيه سابقا ان كان له بلد سابق.

 1- الفیاض: بل هو بعید، ولا مقتضي له، فان الصلاة والصیام من الواجبات الموقتة في أوقات خاصة بمقتضی أدلتها، ومن المعلوم أنها لا تعم الساکنین في تلک البلدان لعدم توفر موضوع تلک الأدلة وشروطها في هؤلاء، ومن هنا لا یحتمل أن یکون المدار في تکلیفهم فعلا أوقات بلدانهم السابقة، بداهة ان الأدلة تتبع موضوعاتها وشروطها، وبما أنها لا تتوفر في هؤلاء الساکنین في تلک البلدان فلا یکونوا مشمولین لها، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة اخری، ان سقوط الصلاة والصیام عنهم نهائیا بعید أیضا علی أساس اهتمام الشارع بهما بمختلف الطرق والألسنة الکاشف عن أن ملاکهما تام بالنسبة إلی کل بالغ عاقل قادر.

ونتیجة ذلک: انه لا یجوز السکنی في البلدان المذکورة، ووجوب الهجرة علی کل من یکون ساکنا فیها باعتبار أنه قادر علی الاتیان بهما في أوقاتهما الخاصة من جهة قدرته علی عدم السکنی فیها أو الهجرة عنها، فوجوب الهجرة عن البلدان المذکورة لو لم یکن أقوی فلا اشکال في أنه أحوط.

کلیه حقوق مادی و معنوی این وب سایت متعلق به پورتال انهار میباشد.
پورتال انهار

این وب سای بخشی از پورتال اینترنتی انهار میباشد. جهت استفاده از سایر امکانات این پورتال میتوانید از لینک های زیر استفاده نمائید:
انهار بانک احادیث انهار توضیح المسائل مراجع استفتائات مراجع رساله آموزشی مراجع درباره انهار زندگینامه تالیفات عربی تالیفات فارسی گالری تصاویر تماس با ما نماز بعثت محرم اعتکاف مولود کعبه ماه مبارک رمضان امام سجاد علیه السلام امام حسن علیه السلام حضرت علی اکبر علیه السلام میلاد امام حسین علیه السلام میلاد حضرت مهدی علیه السلام حضرت ابالفضل العباس علیه السلام ولادت حضرت معصومه سلام الله علیها پاسخ به احکام شرعی مشاوره از طریق اینترنت استخاره از طریق اینترنت تماس با ما قرآن (متن، ترجمه،فضیلت، تلاوت) مفاتیح الجنان کتابخانه الکترونیکی گنجینه صوتی پیوندها طراحی سایت هاستینگ ایران، ویندوز و لینوکس