فيما يجب الامساک عنه في الصوم من المفطرات - الصوم

استفتائات رساله نوین احکام برگزیده

العروه الوثقی وسیلة النجاة منهاج الصالحین تحریر الوسیلة آراء المراجع

احکام > الصوم:

فيما يجب الامساک عنه في الصوم من المفطرات

وهي امور :

الاوّل والثاني: الاكل والشرب؛ من غير فرق  في الماكول والمشروب بين المعتاد كالخبز والماء ونحوهما، وغيرها كالتراب والحصى وعصارة الاشجار ونحوها، ولابين الكثير والقليل كعشر حبّة الحنطة او عشر قطرة من الماء او غيرها من المايعات، حتّى انـّه لو بلّ الخيّاط الخيط بريقه   او غيره ثمّ ردّه الى الفم وابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه(1)، الّا اذا استهلک  ما كان عليه  من الرطوبة بريقه على وجه لايصدق عليه الرطوبة الخارجيّة؛ وكذا لو استاک واخرج المسواک من فمه وكان عليه رطوبة ثمّ ردّه الى الفم، فانّه لو ابتلع ما عليه بطل صومه، الّا مع الاستهلاک على الوجه المذكور، وكذا يبطل بابتلاع ما يخرج من بقايا الطعام من بين اسنانه.

1- الفیاض: علی الأحوط فان الروایات الناهیة عن الاستیاک بالسواک الرطب (راجع الوسائل باب: 28 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک) و ان کانت ناصة في الارشاد إلی مانعیة ذلک عن الصیام، الاّ أنها معارضة بصحیحة الحلبي: «قال: سألت أبا عبد اللّـه  أیستاک الصائم بالماء و بالعود الرطب یجد طعمه؟ فقال: لابأس» (الوسائل باب: 28 من أبواب ما یسمک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 3) الناصة في عدم مانعیته عنه، فتسقطان من جهة المعارضة، فالمرجع هو أصالة البراءة عن المانعیة.

و دعوی: انه لا معارضة بینهما علی أساس أن الصحیحة بملاک نصها في مدلولها تصلح أن تکون قرینة علی رفع الید عن ظهور الروایات الناهیة في الحرمة وحملها علی الکراهة، ومع امکان الجمع العرفي الدلالي بینهما لا تصل النوبة إلی المعارضة.

مدفوعة: بأنها مبنیة علی أن یکون مفاد کل منهما حکما تکلیفیا بأن تکون الروایات الناهیة عن الاستیاک بالسواک الرطب ظاهرة في الحرمة، والصحیحة ناصة في الجواز، وعندئذ فلا معارضه بینهما، ولکن الأمر لیس کذلک، فان المتفاهم العرفي من الروایات الناهیة هو الارشاد إلی مانعیة الاستیاک بالسواک الرطب عن الصیام، والمتفاهم العرفي من الصحیحة هو الارشاد إلی عدم مانعیته، فاذن تکون المعارضة بینهما مستقرة، وبما انه لا ترجیح لإحداهما علی الاخری فتسقطان معا، فاذن مقتضی القاعدة عدم بطلان الصوم به ولکن مع ذلک کان الأجدر والأحوط وجوبا الاجتناب عنه، وبه یظهر حال ما قبله من حکمه ببطلان الصوم إذا بل الخیاط الخیط بریقه أو غیره ثم رده إلی الفم وابتلع ما علیه من الرطوبة، فان مقتضی القاعدة عدم بطلان الصوم به لأن عنوان الطعام والشراب لا یصدق علیه، ولا یوجد دلیل آخر علی أنه مفطر، ومع هذا لا یترک الاحتیاط.

 

 مسالة 1: لايجب التخليل بعد الاكل لمن يريد الصوم وان احتمل انّ تركه يؤدّي الى دخول البقايا بين الاسنان في حلقه، ولايبطل صومه لو دخل بعد ذلک سهوا؛ نعم، لو علم انّ تركه يؤدّي الى ذلک، وجب عليه، وبطل صومه  على فرض  الدخول(1)،.

1- الفیاض: بل یبطل مطلقا وان فرض عدم الدخول اتفاقا باعتبار أن العلم بدخول الأجزاء الصغیرة من الطعام التي تتخلف بین الأسنان لا یجتمع مع نیظ الصوم والعزم علیه فانه إذا کان متأکدا ومتیقنا بدخول تلک الأجزاء کلا أو بعضا في حلقه فمعناه أنه غیر ناو الامساک عن کل المفطرات ولا یتوقف بطلان الصوم علی دخولها في الحلق، نعم ان الکفارة تتوقف علیه.

مسالة 2: لا باس ببلع البصاق وان كان كثيرا مجتمعا، بل وان كان اجتماعه بفعل ما يوجبه كتذكّر الحامض مثلا، لكنّ الاحوط الترک  في صورة الاجتماع، خصوصا مع تعمّد السبب.

مسالة 3: لا باس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط (1)،ما ينزل من الراس، ما لميصل الى فضاء الفم، بل الاقوى جواز الجرّ من الراس الى الحلق وان كان الاحوط تركه؛ وامّا ما وصل منهما الى فضاء الفم، فلايُترک الاحتياط  فيه بترکالابتلاع.

1- الفیاض: فیه اشکال، والأحوط وجوبا ترکه، فان عنوان الأکل أو الشرب وإن لم یصدق علیه حیث ان المتبادر منه هو المتعارف، الّا ان المفطر لا یکون منحصرا بما إذا دخل في الجوف عن طریق الفم، بل المستفاد من مجموعة من الروایات الواردة في أبواب متفرقة أن ما یدخل في الجوف من طریق الحلق فهو مفطر وإن لم یکن عن طریق الفم.

منها: صحیحة علي بن جعفر في کتابه عن أخیه موسی بن جعفر  قال: «سألته عن الصائم هل یصلح له أن یصب في اذنه الدهن؟ قال: إذا لم یدخل حلقه فلا بأس»(الوسائل باب: 24 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 5) فانه ینص علی ان المعیار في کون شيء مفطرا انما هو بدخوله في الحلق وإن لم یکن عن طریق الفم.

ومنها: موثقة سماعة في حدیث قال: «سألته عن رجل عبث بالماء یتمضمض به من عطش فدخل حلقه؟ قال: علیه قضاؤه»(الوسائل باب: 23 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 4) فانها تنص علی أن المفطر هو الدخول في الحلق وإن لم یصدق علیه عنوان الشرب.

ومنها: ما ورد في روایات الکحل (راج الوسائل باب: 25 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک) من نفي البأس عنه إذا لم یجد له طعما في الحلق فانها تؤکد علی أن المعیار في المفطر هو ما یجده الانسان في الحلق وإن لم یکن عن طریق الفم، وهذه الروایات بقرینة ما في بعضها وإن کانت محمولة علی حزازة الکحل وکراهته للصائم إذا کان له طعم في الحلق باعتبار أن المستفاد منها ومن غیرها أن الصائم من أجل الله تعالی ینبغي له الامساک حتی من الطعم والرائحة ونحوهما، الّا أنها تدل علی ان المعیار في المفطر انما هو بدخول شيء في الحلق، ومثلها ما ورد في بعض روایات ذوق الطعام والمرق.

فالنتیجة: ان مقتضی هذه الروایات عدم جواز ابتلاع ما یخرج من الجوف أو الصدر ویصل إلی الحلق کالبلغم ونحوه، ولکن مقتضی موثقة غیاث بن إبراهیم عن أبي عبد الله قال: «لا بأس أن یزدرد الصائم نخامته»(الوسائل باب: 39 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 1) جواز ابتلاع النخامة وإن وصلت إلی فضاء الفم علی أثر ظهور الازدراد في ذلک، والقدر المتیقن منها وإن کان هو ما ینزل من الرأس، وأما شمولها لما یخرج من الصدر فهو غیر معلوم، الّا أن احتمال أن تکون للنخالة خصوصیة بعید عن المتفاهم العرفي، ولکن مع هذا یشکل الجزم بالعدم، فمن أجل ذلک فالأجدر والأحوط وجوبا ترک ابتلاع ما یخرج من الصدر ویصل إلی الحلق.

ثم ان مقتضی اطلاق الموثقة عدم الفرق بین أن تکون النخامة واصلة إلی فضاء الفم أو الحلق بطبعها وبدون تدخل اختیار الصائم، أو واصلة باختیاره وجرّها من الرأس إلی الحلق. ومن هنا یظهر أن ما وصل إلی فضاء الفم فإن کان من الرأس جاز ابتلاعه وإن کان الأولی والأجدر ترکه، وإن کان من الصدر لم یجز ابتلاعه علی الأحوط.

ثم ان طلاق ما دل علی بطلان الصوم بما یدخل في الحلق کما قید بغیر مورد الموثقة کذلک قید بغیر القلس، وهو ما یخرج من الطعام من جوف الرجل من دون أن یکون تقیؤا بمقتضی مجموعة من الروایات التي تنص علی أنه لا یفطر.

منها: صحیحة عبد الله بن سنان: «عن الرجل الصائم یقلس فیخرج منه شيء من الطعام أیفطر ذلک؟ قال: لا، قلت: فان ازدرده بعد أن صار علی لسانه؟ قال: لا یفطره ذلک»(الوسائل باب: 29 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 9).

ومنها: صحیحة محمد بن مسلم قال: «سئل أبو جعفر  عن القلس یفطر الصائم قال: لا»(الوسائل باب: 30 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 1).

ومنها: موثقة عمار بن موسی عن أبي عبد الله  قال: «سألته عن الرجل یخرج من جوفه القلس حتی یبلغ الحلق ثم یرجع إلی جوفه وهو صائم، قال: لیس بشيء»(الوسائل باب: 30 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 2).

مسالة 4: المدار صدق الاكل والشرب وان كان بالنحو الغير المتعارف ، فلايضرّ مجرّد الوصول الى الجوف اذا لميصدق  الاكل او الشرب ، كما اذا صبّ  دواء في جرحه او شيئا في اذنه او احليله فوصل الى جوفه(1)؛ نعم، اذا وصل من طريق انفه، فالظاهر انـّه موجب للبطلان ان كان متعمّدا، لصدق الاكل والشرب حينئذٍ.

1- الفیاض: هذا إذا لم یکن وصوله إلی الجوف من طریق الحلق، والّا فهو مفطر وإن لم یصدق علیه الأکل، ویدل علیه قوله في صحیحة علي بن جعفر المتقدمة: «إذا لم یدخل حلقه فلا بأس»(الوسائل باب: 24 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث:5)، ومورده وإن کان الاذن وصب الدواء فیه، الّا أن العرف لا یری فیه خصوصیة بل یری بمناسبظ الحکم والموضوع الارتکازیة ان المانع عن الصوم انما هو دخول شيء من الطعام أو الشراب في المعدة من طریق الحلق، فالنتیجة: ان الممنوع امور..

الأول: ادخال شيء في المعدة بالابتلاع والأکل وإن لم یکن ذلک الشيء من الطعام أو الشراب کابتلاع أجزاء ترابیة، وأما إذا لم یکن من طریق الابتلاع فلا یکون دخولها في المعدة مانعا عن الصوم ومفطرا کما إذا دخل الغبار الغلیظ الذي یشتمل علی أجزاء ترابیة ظاهرة للعیان في المعدة من طریق الألف أو من فتحة اخری، فلا دلیل علی أن ذلک مبطل للصوم إذ لا یصدق علیه عنوان الطعام أو الشراب، ولا عنوان الأکل والابتلاع، ولا یوجد دلیل آخر یدل علی أن مطلق دخول شيء في المعدة مبطل، ولکن مع ذلک کانت رعایة الاحتیاط أولی وأجدر.

الثاني: ادخال الطعام أو الشراب في المعدة من طریق الحلق فانه مفطر مطلقا، أي سواء أکان من طریق الفم أم الأنف أو الاذن أم من طریق فتحة مصطنعة.

الثالث: ادخال الطعام أو الشراب في المعدة من طریق فتحة طبیة مصطنعة في غیر الحلق.

مسالة 5: لايبطل الصوم بانفاذ الرمح او السكّين او نحوهما بحيث يصل الى الجوف وان كان متعمّدا.

الثالث: الجماع  وان لمينزل، للذكر والانثى، قبلا او دبرا ، صغيرا كان او كبيرا، حيّا او ميّتا(1)، واطئا كان او موطوءً، وكذا لو كان الموطوء بهيمة ، بل وكذا لو كانت هي الواطئة. ويتحقّق بادخال الحشفة او مقدارها  من مقطوعها ، فلايبطل باقلّ من ذلک، بل لو دخل بجملته ملتويا ولميكن بمقدار الحشفة لميبطل  وان كان لو انتشر كان بمقدارها.

1- الفیاض: تقدم في غسل الجنابة ان وجوب الغسل بالایلاج في دبر امرأة أو ذکر أو میت أو بهیمة بدون انزال مبني علی الاحتیاط، وعلی هذا فإذا أولج الصائم في دبر امرأته أو دبر ذکر صغیر أو کبیر في نهار شهر رمضان بدون انزال عامدا ملتفتا فالأحوط والأجدر وجوبا أن یجمع بین اتمام صیام الیوم بأمل أن یقبل الله تعالی منه، والقضاء بعد ذلک علی أساس ان المفطر هو الجنابة، والاشکال في أن الایلاج المذکور هل یوجب الجنابة أو لا قد مر أنه لا دلیل علی ذلک غیر دعوی الشهرة أو الاجماع في المسألة مع وجود المخالف فیها.

مسالة 6: لا فرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الانزال به وعدمه.

مسالة 7: لايبطل الصوم بالايلاج في غير احد الفرجين بلا انزال، الّا اذا كان قاصدا له فانّه يبطل   وان لمينزل، من حيث انّه نوى المفطر .

 مسالة 8: لايضرّ ادخال الاصبع ونحوه، لا بقصد  الانزال  .

مسالة 9: لايبطل الصوم بالجماع اذا كان نائما او كان مكرها بحيث خرج عن اختياره (1)، كما لايضرّ اذا كان سهوا.

1- الفیاض: هذا في مقابل ما إذا کان مکرها علی الجماع بسبب التوعید علیه من قبل جائر أو مکره أو من نفس المرأة، فان الجماع حینئذ یکون صادرا منه بالاختیار والارادة فیبطل صومه.

فالنتیجة: ان الاکراه ان کان علی نفس الجماع مباشرة علی نحو لا یقدر علی ترکه لم یکن مبطلا، وإن کان علیه بسبب التوعید علی القتل أو نحوه فالجماع حینئذ وإن کان جائزا ولا کفارة علیه الّا انه لما کان صادرا منه باختیاره وارادته فهو مبطل لصومه.

مسالة 10: لو قصد التفخيذ مثلا فدخل في احد الفرجين، لميبطل؛ ولو قصد الادخال في احدهما فلم يتحقّق، كان مبطلا ، من حيث انّه نوى المفطر .

 مسالة 11: اذا دخل الرجل بالخنثى قُبلا، لميبطل صومه ولاصومها ، وكذا لودخل الخنثى بالانثى ولو دبرا؛ امّا لو وطئ الخنثى دبرا بطل صومهما (1). ولودخل الرجل بالخنثى  ودخلت  الخنثى بالانثى، بطل صوم الخنثى دونهما، ولو وطئت كلّ من الخنثيين الاخرى لميبطل صومهما.

1- الفیاض: علی الأحوط کما مر، هذا مع فرض عدم الانزال – کما هو المفروض في المسألة – وأمّا مع الانزال فالباطل هو صوم الواطئ، وأما بطلان صوم الموطوء فهو مبني علی الاحتیاط بلا فرق بین صورتي الانزال وعدمه.

 مسالة 12: اذا جامع نسيانا او من غير اختيار ثمّ تذكّر او ارتفع الجبر، وجب الاخراج فورا، فان تراخى بطل صومه

مسالة 13: اذا شکّ في الدخول  او شکّ في بلوغ  مقدار الحشفة ، لميبطل صومه(1) .

1- الفیاض: هذا إذا لم ینو الدخول من الأول، والّا بطل من جهة نیة المفطر.

 الرابع من المفطرات: الاستمناء، اي انزال المنيّ متعمّدا بملامسة او قبلة او تفخيذ او نظر او تصوير صورة الواقعة او تخيّل صورة امراة (1) او نحو ذلک من الافعال الّتي يقصد بها حصوله، فانّه مبطل للصوم بجميع افراده؛ وامّا لو لميكن قاصدا للانزال وسبقه المنيّ من دون ايجاد شيء ممّا يقتضيه ، لميكن عليه شيء.

1- الفیاض: في البطلان اشکال، والأحوط وجوبا أن یواصل صیامه بنیة القربة والخلوص رجاء ثم یقضي بعد شهر رمضان، والسبب فیه ان الروایات التي تنص علی حکم المسألة عمدتها روایتان..

احداهما: صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: «سألت أبا عبد الله عن الرجل یعبث بأهله في شهر رمضان حتی یمنی، قال: علیه من الکفارة مثل ما علی الذي یجامع»(الوسائل باب: 4 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 1).

والاخری: موثقة سماعة قال: «سألته عن رجل لزق بأهله فانزل، قال: علیه اطعام ستین مسکینا مد لکل مسکین»(الوسائل باب: 4 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 4). وبما أنه قد جعل سبب خروج المني في الاولی العبث بالأهل، وفي الثانیة اللزوق بها فیکون المتفاهم العرفي منهما عدم الخصوصیة لهما وامکان التعدي إلی ممارسة کل فعل یوجب انزال المني کاللعب بالآلة أو الید، الّا ان التعدي عنهما إلی مالا یکون معه انزال المني بممارسة شيء من تلک الأسباب والأفعال، أي لا بالید ولا بالآلة ولا بالمداعبة والملاعبة بأن یکون بالنظر أو بتخیل صورة المواقعة أو صورة امرأة خیالیة أو واقعیة لا یخلو عن إشکال.

وإن شئت قلت: ان کلمة الاستمناء لم ترد في شيء من الروایات لکي نأخذ باطلاقها وإنما الوارد فیها هو کلمة العبث واللزوق وما شاکلهما، والتعدي عنها إلی ممارسة عمل ما في الخارج کاللعب بالید أو بالآلة بقصد انزال المني بمکان من الامکان، وأما التعدي عنها إلی قصد انزال المني بدون ممارسة أي فعل في الخارج فهو بحاجة إلی عنایة زائدة کقرینة داخلیة، أو خارجیة، أو احراز الملاک والقطع بعدم الخصوصیة، أما القرینة فهي غیر متوفرة، وأما دعوی احراز الملاک والقطع فهي علی عهدة مدعیها، فمن أجل ذلک کان الأجدر به والأحوط وجوبا أن یواصل صومه بأمل التقرب إلی الله تعالی رجاء ثم یقضي بعد شهر رمضان.

وأما إذا مارس شیئا من هذه الأفعال ولم یکن قاصدا بذلک انزال المني ولکن سبقه المني، وحینئذ فإن لم یکن واثقا ومتأکدا من نفسه عدم نزوله، فالظاهر وجوب الکفارة والقضاء معا لأنه مارس ذلک عامدا ملتفتا إلی حاله، هذا اضافة إلی أنه لا یبعد أن تکون هذه الصورة مشمولة لإطلاق الروایتین المتقدمتین وعدم اختصاصهما بما إذا کان الصائم قاصدا لإنزال المني. وإن کان واثقا ومتأکدا من نفسه عدم النزول فعلیه القضاء فقط لإطلاق صحیحة الحلبي عن أبي عبد الله: «انه سئل عن رجل یمس من المرأة شیئا أیفسد ذلک صومه أو ینقضه؟ فقال: ان ذلک لیکره للرجل الشاب مخافة أن یسبقه المني»(الوسائل باب: 33 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 1) فان الظاهر منهما عرفا ان خروج المني منه مبطل وإن لم یکن قاصدا ولا متعودا، بل وإن کان واثقا من نفسه عدم سبقه ولکن سبقه اتفاقا.

وإن شئت قلت: ان تعلیل الکراهة بخوف سبق المني یدل علی أن سبقه مضر في نفسه وبقطع النظر عن خوفه، ولذلک جعل خوفه سببا للکراهة، فان کان واثقا من نفسه ومتأکدا بعدم سبه المني لم یکن تقبیلها ولمسها مکروها له، غایة الأمر یبطل صومه إذا سبقه اتفاقا، وتؤکد ذلک صحیحة محمد بن مسلم وزرارة جمیعا عن أبي جعفر : «انه سئل هل یباشر الصائم أو یقبّل في شهر رمضان؟ فقال: إني أخاف علیه فلیتنزّه من ذلک إلّا أن یثق أن لا یسبقه منیّه»(الوسائل باب: 33 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 13) بتقریب أنها تدل علی وجوب اجتناب الصائم عن مباشرة النساء أو تقبیلها شریطة أن لا یثق، واما مع الوثوق فلا، ولا تدل علی أن خروج المني مع الوثوق لا یکون مبطلا، بل الظاهر منها أنه مبطل مطلقا حتی مع الوثوق، غایة الأمر انه لا یجب الاجتناب معه باعتبار انه حجة ویکون عذرا له.

فالنتیجة: ان المستفاد من هاتین الصحیحتین ان الصائم إذا قبّل زوجته وداعب فسبقه المني بطل صومه وإن کان واثقا من نفسه عدم سبقه وغیر قاصد له، غایة الأمر انه إذا لم یکن واثقا فقد مر وجوب الکفارة علیه أیضا، لأنه إذا داعب زوجته في هذه الحالة فسبقه المني کان معتمدا في ذلک، فمن أجل هذا یجب علیه أن لا یحدث منه هذا العمل کما هو ظاهر هذه الصحیحة. ومن هنا یظهران المراد من الکراهة في الصحیحة الأولی أیضا ذلک.

ومع الاغماض عن هذا فلا شبهة في أن الأحوط والأجدر علیه وجوبا أن یواصل صیامه بنیة القربة والخلوص ثم یقضیه.

مسالة 14: اذا علم من نفسه انـّه لو نام في نهار رمضان يحتلم، فالاحوط  تركه  وان كان الظاهر جوازه، خصوصا اذا كان الترک موجبا للحرج.

 مسالة 15: يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء  بالبول  او الخرطات وان  علم بخروج بقايا المنيّ في المجرى، ولايجب عليه التحفّظ بعد الانزال من خروج المنيّ ان استيقظ قبله خصوصا مع الاضرار او الحرج .

مسالة 16: اذا احتلم في النهار واراد الاغتسال، فالاحوط   تقديم الاستبراء   اذا علم انـّه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل فتحدث جنابة جديدة(1) .

1- الفیاض: لا بأس بترکه. و إن کان ذلک إولی و أجدر، لأن الدلیل الدال علی مفطریة الجنابة في نهار شهر رمضان انما هو فیما إذا کانت بسبب الجماع، أو ممارسة شيء من الأفعال المتقدمة، و أما إذا لم تکن لا بالسبب الأول و لا بالثاني فلا دلیل علی أنها مفطرة.

و أما قوله  في صحیحة أبي سعید القماط: «... لا شيء علیه و ذلک أن جنابته کانت في وقت حلال» (الوسائل باب: 13 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1) فهو لا یدل علی أن جنابته إذا کانت في وقت حرام فعلیه شيء لأنه ساکت عن حکم هذا الموضوع نفیا و اثباتا، لما ذکرنا في الاصول من أن القید لا یدل علی المفهوم و انما یدل علی ان الموضوع في القضیة حصة خاصة و بانتفائه ینتفي شخص الحکم بانتفاء تلک الحصة، و هذا لیس من المفهوم في شيء، و حیث أن في الصحیحة قد قید الجنابة بوقت حلال فهذا یدل علی أن موضوع الحکم فیها حصة خاصة من الجنابة و بانتفائه ینتفي شخص الحکم الثابت لهذا الموضوع الخاص، و أما بالنسبة إلی حکم موضوع آخر و هو ما إذا کانت جنابته في وقت حرام فهو ساکت عنه نفیا و اثباتا، فلو دل دلیل علی ثبوته لم یکن معارضا له، و علی هذا فالنتیجة أن الجنابة في نهار شهر رمضان ان کانت بالجماع أو بالمداعبة و الملاعبة و نحوها فهي مفطرة، و ان کانت بالاحتلام فلا.

و أما الجنابة في مفروض المسألة فبما أنها لیست بالجماع و لا بممارسة غیره من الأفعال فلا تکون مشمولة لأدلة مفطریة الجماع أو الاستمناء، و عندئذ فان قلنا بأنها مشمولة لروایات الاحتلام باعتبار أنها مستندة إلیه و لو في نهایة المطاف حیث ان الخارج بعد الغسل هو من بقایا ما خرج قبله فمنشأ الکل هو الاحتلام فلا تکون مفطرة، و إن قلنا بعدم شمول تلک الروایات لها بدعوی أن الظاهر منها هو ما إذا کانت الجنابة مستندة إلی الاحتلام مباشرة، و أما إذا کانت مستندة إلی سبب آخر فلا تکون مشمولة لها، و علی ذلک فیشک في مفطریة هذه الجنابة الجدیدة، و بما انه لا دلیل علیها فالمرجع هو أصالة البراءة عنها.

فالنتیجة: ان مقتضی القاعدة في المسألة جواز ترک الاستبراء قبل الاغتسال و إن علم بأنه صار جنبا بخروج بقایا المني منه بعد ذلک.

فاذن وظیفته أن یواصل صیامه بنیة القربة و الخلوص و لا شيء علیه و إن کانت رعایة الاحتیاط بعدم ترک الاستبراء قبل الاغتسال أولی و أجدر.

و من هنا یظهر حال المسألة المتقدمة، فان الصائم إذا احتلم في نهار شهر رمضان و تحرک المني من مکانه الأصلي ثم الستیقظ قبل خروجه لم یجب علیه المنع منه و إن کان متمکنا، و حینئذ فإذا خرج و الحال هذه صار جنبا عامدا ملتفتا، ولکن مع ذلک لا یبطل صومه باعتبار أن هذه الجنابة مستندة إلی الاحتلام. و مع الاغماض عن ذلک و تسلیم ان روایات الاحتلام لا تشمل هذه الجنابة باعتبار أنها مستندة إلی اختیار المکلف و إرادته فمع هذا لا دلیل علی أنها مفطرة کما عرفت.

مسالة 17: لو قصد الانزال باتيان شيء ممّا ذكر ولكن لمينزل، بطل صومه ، من باب نيّة ايجاد المفطر  .

مسالة 18: اذا اوجد بعض هذه الافعال لا بنيّة الانزال، لكن كان من عادته  الانزال بذلک الفعل، بطل صومه ايضا اذا انزل؛ وامّا اذا اوجد بعض هذه ولميكن قاصدا للانزال ولا كان من عادته، فاتّفق انـّه انزل ، فالاقوى عدم البطلان وان كان الاحوط  القضاء(1)، خصوصا في مثل الملاعبة والملامسة والتقبيل.

1- الفیاض: لا یترک حتی فیما إذا کان واثقا و متأکدا بعدم نزول المني منه ولکن سبقه اتفاقا، فان الأجدر به و الأحوط وجوبا أن یواصل صیامه بنیة التقرب إلی اللّـه تعالی رجاء ثم یقضي بعد شهر رمضان، و تقدم وجهه في ابتداء الأمر الرابع.

 الخامس: تعمّد الكذب  على اللّه تعالى او رسوله او الائمّة(1) ـ صلوات اللّه عليهمـ ؛ سواء كان متعلّقا بامور الدين او الدنيا وسواء كان بنحو الاخبار او بنحو الفتوى ، بالعربي او بغيره من اللغات، من غير فرق  بين ان يكون بالقول او الكتابة او الاشارة او الكناية او غيرها ممّا يصدق عليه الكذب عليهم، ومن غير فرق بين ان يكون الكذب مجعولا له او جعله غيره وهو اخبر به مسندا اليه، لاعلى وجه نقل القول؛ وامّا لو كان على وجه الحكاية ونقل القول، فلايكون مبطلا.

1- الفیاض: هذا هو الصحیح دون ما هو المشهور بین المتأخرین من أنه لا یکون مفطرا و إنما یوجب نقصا في کمال الصوم فحسب، حیث أن عمدة ما اعتمدوا علیه صحیحة محمد بن مسلم قال: «سمعت أبا جعفر یقول: لا یضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء» (الوسائل باب: 1 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1) بدعوی أنها في مقام بیان أن حقیقة الصوم متقومة بالاجتناب عن هذه الأشیاء و ترک ممارستها في الخارج، فإذا اجتنب الصائم عنها فقد صام شرعا سواء اجتنب عن غیرها أم لا، و علیه فهذه الصحیحة تصلح أن تکون قرینة علی حمل الروایات التي تدل علی مفطریة الکذب علی اللّه و علی و الأئمة  (راجع الوسائل باب: 2 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک) علی مفطریته بلحاظ کماله و تمامه لا أصله و حقیقته.

و الجواب أولا: ان لازم هذا البیان هو حمل سائر المفطرات أیضا بلحاظ مرتبة الکمال دون الأصل و الحقیقة إذ لا وجه لتخصیص ذلک بالکذب فکما أن الصحیحة قرینة علی ان الاجتناب عنه غیر داخل في حقیقة الصوم فکذلک قرینة علی أن الاجتناب عن تعمد القيء و الحقنة بالمائع و الاصباح جنبا عامدا ملتفتا غیر داخل في حقیقته.

فالنتیجة: ان لازم کون الصحیحة في مقام بیان حقیقة الصوم و أنها متقومة بالاجتناب عن الأشیاء المذکورة و الامساک عنها هو حمل سائر المفطرات جمیعا علی المفطریة بلحاظ کمال الصوم بلافرق بین هذا و ذاک.

و ثانیا: انه لیس في الصحیحة ما ینص و يؤکد علی أنها في مقام بیان حقیقة الصوم و حصرها بالاجتناب عن الأربع المنصوصة فیها و لا قرینة علی ذلک من الخارج أیضا، واما نفسها فهي لا تدل علی أن ممارسة ما عدا الأربع لا تضر باصوم الّا بالاطلاق ومقدمات الحکمة. فاذن حالها حال سائر المطلقات، فلا مانع من تقیید اطلاقها بأدلة مفطریة الکذب علی الله أو رسوله6 أو الأئمة الأطهار:، کما یقیده بأدلة سائر المفطرات کالتقیؤ عامدا ملتفتا والحقنة بالمائع والاصباح جنبا عالما عامدا ونحو ذلک. وعلی الجملة فلیست في الصحیحة خصوصیة تستدعي إبائها عن التخصیص والتقیید لفرض ان لسانها لسان الاطلاق لا لسان الآباء عن ذلک، ولا توجد قرینة تؤکد علی أن الاجتناب عن الأربع المنصوصة فیها هو أصل الصوم وحقیقته لا من الداخل ولا الخارج.

فالنتیجة: ان الکذب علی الله تعالی أو علی رسوله الأمین6 أو علی الأئمة المعصومین: مفطر سواء أکان الکذب في الحرام والحلال، أو کان في القصص والمواعظ، أم في شيء آخر لإطلاق الأدلة، کما أنه لا فرق بین أن یکون بالقول أو بغیره، فان المعیار انما هو بصدق الکذب ولا موضوعیة لصیغة الکذب.

مسالة 19: الاقوى  الحاق  باقي الانبياء  والاوصياء  بنبيّنا(1) صَلَّی اللهُ علیهِ واله  ، فيـكون الكـذب عليهم ايـضا موجبا للبطلان، بل الاحـوط الحاق فاطمة الزهراء ـ سلام اللّه عليها ـ بهم ايضا.

1-الفیاض: في الالحاق مطلقا اشکال، الا بناء علی أن یکون المراد من الرسول في الروایات طبیعي الرسول لا خصوص خاتم المرسلین، ولکنه خلاف الظاهر من کلمة الرسول فیها، ولا سیّما بلحاظ اقترانها بالأئمة:. وعلی هذا فلا دلیل بالنسبة إلی سائر الأنبیاء وحینئذ لابد من التفصیل بین ما إذا رجع الکذب علیهم إلی الکذب علی الله تعالی، وبین ما لم یرجع، فعلی الأول مفطر یقضي صومه بعد ذلک، وعلی الثاني فالأحوط والأجدر به وجوبا أن یواصل صیامه بأمل أن یقبل الله تعالی منه، ثم یقضي بعد ذلک رجاء.

مسالة 20: اذا تكلّم بالخبر غير موجّه خطابه الى احد، او موجّها الى من لايفهم معناه، فالظاهر عدم البطلان   وان كان الاحوط القضاء(1).

1- الفیاض: بل هو الأقوی، لأن الوارد في نصوص الباب عنوان الکذب علی الله تعالی أو علی رسوله6 أو الأئمة:، لا عنونان الاخبار عن شيء ولا یتوقف صدق الکذب علی وجود سامع فضلا عن کونه ممن یفهم معنی الکلام، فإذا أتی بجملة خبرة مستندة إلیه تعالی أو إلی خاتم المرسلین أو الأئمة: بأن یقول: «قال الله تعالی کذا وکذا أو قال رسول  أو أحد الأئمة: مع أنه تعالی أو رسوله أو أحد الأئمة: لم یقل بذلک، فهو کذب علیهم وان لم تکن الجملة موجهة إلی أحد ولا نوی أخباره بها، غایة الأمر لا یصدق علیها عنوان الاخبار في هذا الفرض لا عنوان الکذب، وأما إذا کانت موجهة إلی أحد ولکنه لا یفهم معناها فیصدق علیها عنوان الإخبار أیضا إذ لا یعتبر في صدق الاخبار کون المخاطب ممن یفهم المعنی.

مسالة 21: اذا ساله سائل: هل قال النبيّ صَلَّی اللهُ علیهِ واله كذا ؟ فاشار «نعم» في مقام «لا» او «لا» في مقام «نعم»، بطل صومه .

مسالة 22: اذا اخبر صادقا عن اللّه او عن النبيّ صَلَّی اللهُ علیهِ واله مثلا ثمّ قال: كذبت، بطل صومه  ؛ وكذا اذا اخبربالليل كاذبا ثمّ قال فيالنهار: مااخبرتُ به البارحة صدقٌ.

مسالة 23: اذا اخبر كاذبا  ثمّ رجع عنه بلا فصل، لميرتفع عنه الاثر  ، فيكون صومه باطلا، بل وكذا اذا تاب بعد ذلک، فانّه لاتنفعه توبته في رفع البطلان.

 مسالة 24: لا فرق في البطلان بين ان يكون الخبر المكذوب مكتوبا في كتاب من كتب الاخبار او لا، فمع العلم بكذبه لايجوز الاخبار به وان اسنده الى ذلک الكتاب، الّا ان يكون ذكره له على وجه الحكاية دون الاخبار، بل لايجوز  الاخبار  به على سبيل الجزم مع الظنّ بكذبه(1)  ، بل وكذا مع احتمال كذبه  ، الّا على سبيل النقل والحكاية، فالاحوط لناقل الاخبار في شهر رمضان مع عدم العلم بصدق الخبر ان يسنده الى الكتاب او الى قول الراوي على سبيل الحكاية.

1- الفیاض: هذا هو الصحیح لأن الظن حیث انه لا دلیل علیه فهو ملحق بالشک والاحتمال فیکون الظن بالکذب کاحتماله، فلا یجوز للظان الاخبار عن الواقع جزما بمقتضی قوله تعالی: (أَتَقُولُونَ عَلَی اَللهِ ما لا تَعلَمُونَ)(الأعراف/ 28) ونحوه، وانما الکلام في بطلان الصوم به علی أساس ان بطلانه مترتب لعی عنوان الکذب علی الله تعالی أو علی خاتم المرسلین  أو علی الأئمة الأطهار: وبما أن الکذب منوط بعدم مطابقة الأخبار للواقع فمع عدم احراز انه مطابق له أو غیر مطابق لم یحرز انه کذب، کما لم یحرز انه صدق، فکان یشک في أن أخباره هذا کذب علی الله تعالی حتی یکون مفطرا أو لا حتی لا یکون مفطرا فالشبهة حینئذ تکون موضوعیة ولا یمکن التمسک فیها باطلاقات أدلة مفطریة الکذب فیکون المرجع فیها أصالة البراءة عن مانعیة هذا الإخبار عن الصوم.

قد یقال کما قیل: انه لا مجال لأصالة البارءة للعلم الإجمالي اما بکذبه أو کذب نقیضه وهذا العلم الإجمالي منجز، ومعه لا یجوز له الاخبار بکل منهما، فإذا أخبر به فقد تعمد الکذب علی الله تعالی علی تقدیر کونه مخالفا للواقع.

ولکن هذا غیر صحیح، فان عدم جواز الاخبار بکل منهما جزما شيء و کونه مفطرا للصوم شيء آخر، لأن ملاک عدم جواز الاخبار هو أنه قول علی اللّـه تعالی بغیر علم و هو غیر جائز بمقتضی الآیات منها الآیة المتقدمة. و اما ملاک کونه مفطرا للصوم فهو انطباق عنوان الکذب علی اللّه تعالی علیه، و من المعلوم ان العلم الإجمالي بکذب أحدهما انما یوجب انطباق عنوان الکذب علی الجامع بینهما دون کل واحد من فردیه، لأن انطباقه علی کل واحد منهما مشکوک فیه کما هو الشأن في جمیع موارد العلم الإجمالي، و من هنا إذا علم بأن أحد الإناءین خمر فشرب أحدهما دون الآخر لم یترتب علیه أثر شرب الخمر کاستحقاقه لإجراء الحد علیه و إن کان غیر جائز.

فالنتیجة: ان المفطر للصوم عنوان الکذب علی اللّه تعالی أو علی رسوله9 أو الأئمة7، فالحکم بنقض الصوم و بطلانه به منوط باحراز ان ما قاله الصائم کذب علی اللّه أو رسوله. هذا.

فالصحیح في المسألة أن یقرب بطلان الصوم فیها بتقریب آخر و هو ان الصائم إذا کان ملتفتا إلی أن ما قاله من اللّـه أو الرسول9 أو الأئمة الأطهار إما أنه مطابق للواقع أو غیر مطابق، فعلی الأول صدق، و علی الثاني کذب مبطل للصوم و مع هذا إذا قال ذلک من قبل اللّـه تعالی بصورة الجزم فمعناه انه لم ینو الصوم، فان معنی نیة الصوم التزام الصائم بالاجتناب عن ممارسة کل المفطرات حتی ما یحتمل کون مفطرا في الواقع و الاّ لم یکن عازما و جازما علی الامساک عنها.

و إن شئت قلت: ان العلم الإجمالي مانع عن جریان أصالة البراءة عن مفطریة کل منهما لأن جریانها في مفطریة أحدهما المعین دون الآخر ترجیح من غیر مرجح و في کلیهما یستلزم المخالفة القطعیة العملیة، و علی هذا فإذا فصد الصائم الاتیان بأحدهما بصورة الجزم فمعناه انه لم ینو الاجتناب عن کل مفطر و إن کان محتملا.

فالنتیجة: ان بطلان الصوم لیس من أجل انه کذب علی اللّه متعمدا، بل من أجل انه تعمد و قصد الاتیان به في الواقع و إن کان مفطرا، و هذا یضر بنیة الصوم المعتبر فیها الجزم و الیقین بالامساک عن جمیع المفطرات و لو اجمالا.

 مسالة 25: الكذب على الفقهاء والمجتهدين والرواة وان كان حراما، لايوجب بطلان الصوم، الّا اذا رجع الى الكذب على اللّه ورسوله صَلَّی اللهُ علیهِ واله.

مسالة 26: اذا اضطرّ الى الكذب على اللّه ورسوله صَلَّی اللهُ علیهِ واله في مقام التقيّة  من  ظالم، لايبطل  صومه به(1)، كما انـّه لايبطل مع السهو او الجهل المركّب.

1- الفیاض: في عدم البطلان اشکال، و الأجدر به و الأحوط وجوبا أن یواصل صیامه بأمل أن یقبل اللّه تعالی منه رجاء، ثم یقضي بعد ذلک، فان دعوی انصراف الروایات التي تنص علی مفطریة الکذب إلی الکذب المحرم المتعارف و إن کانت محتملة الاّ ان الوثوق و التأکد بها غیر ممکن.

مسالة 27: اذا قصد الكذب فبان صدقا، دخل في عنوان قصد المفطر ، بشرط العلم بكونه مفطرا

 مسالة 28: اذا قصد الصدق فبان كذبا، لميضرّ، كما اشير اليه.

مسالة 29: اذا اخبر بالكذب هزلا، بان لميقصد المعنى  اصلا، لميبطل صومه(1).

1- الفیاض: هذا من جهة انه لا کذب في البین باعتبار ان الصدق و الکذب من أوصاف الخبر المتقوم بقصد الحکایة عن المعنی في الواقع، و بما انه لم یقصد الحکایة عن المعنی فیه فلا موضوع للکذب.

السادس: ايصال الغبار  الغليظ  الى حلقه (1) ، بل وغير الغليظ  على الاحوط ؛ سواء كان من الحلال كغبار الدقيق، او الحرام كغبار التراب ونحوه، وسواء كان باثارته بنفسه بكنس او نحوه، او باثارة غيره، بل او باثارة الهواء  مع التمكين منه وعدم تحفّظه. والاقوى  الحاق البخار الغليظ (2) ودخان التنباک   ونحوه (3)  . ولا باس بما يدخل في الحلق غفلة او نسيانا او قهرا او مع ترک التحفّظ   بظنّ عدم الوصول   ونحو ذلک.

1- الفیاض: هذا فیما إذا کان مشتملا علی أجزاء ترابیة ظاهرة للعیان و إن کانت صغیرة فانه حینئذ یصدق علی إیصاله إلی الحلق ابتلاعه و أکله، و أما إذا لم یصدق عنوان الابتلاع و الأکل فلا یکون مفطرا، کما إذا کانت أجزاؤه غیر ظاهرة للعیان بأن تصاغرت إلی درجة لا یبدو لها وجود کالبخار.

قد یقال: بأن روایة سلیمان بن جعفر المروزي قال: «سمعته یقول: إذا تمضمض المصائم في شهر رمضان، أو استنشق متعمدا، أو شم رائحة غلیظة، أو کنس بیتا فدخل في أنفه و حلقه غبار فعلیه صوم شهرین متتابعین، فان ذلک مفطر مثل الأکل و الشرب و النکاح» (الوسائل باب: 22 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1) تنص علی أن دخول الغبار في الحلق مفطر، و مقتضی اطلاقها عدم الفرق بین الغبار المشتمل علی أجزاء ترابیة ظاهرة للعیان و ان صغرت بحیث یصدق علی دخوله في الحلق الابتلاع و الأکل و الغبار المشتمل علی أجزاء ترابیة دقیقة إلی درجة لا یبدو لها وجود في الخارج کالبخار، فاذن لا وجه للتفصیل و لا قرینة علی حملها علی النوع الأول، و الغبار الناشي من کنس الدار یختلف فقد یکون غلیظا بدرجة یبدو لأجزائه الترابیة وجود في الخارج، و قد یکون خفیفا بدرجة لا یبدو لأجزائه وجود فیه.

و الجواب: ان الروایة ساقطة سندا، لأن في سندها سلیمان بن جعفر المروزي و لا توثیق له في کتب الرجال.

و دعوی: أن الراوي فیها هو سلیمان ابن حفص المروزي دون سلیمان بن جعفر المروزي بقرینتین..

الاولی: أنه لا وجود لسلیمان بن جعفر المروزي نهائیا.

و الثانیة: ان الراوي عنه محمد بن عیسی بن عبید و هو یروي کثیرا عن ابن حفص.

ولکن للمناقشة في کلتا القرینتین مجال.

أما القرینة الاولی: فلأن سلیمان بن جعفر المروزي قد ورد في بعض نسخ هذه الروایه و غیرها، غایة الأمر لم یثبت انه سلیمان بن جعفر المروزي، لا أنه ثبت عدمه و أنه لا وجود له، کیف مع ان الشیخ نقل عنه في الاستبصار في غیر مورد، و احتمال التصحیف فیه و إن کان موجودا، الاّ ان الوثوق و الجزم به مشکل.

فالنتیجة: أن مجرد کون سلیمان بین حفص المروزي مشهورا و کثیر الروایة دون سلیمان بن جعفر المروزي لا یوجب الوثوق و الاطمئنان بعدم الوجود للثاني، غایة أنه یوجب الظن به و لا قیمة له، فاحتمال ان الراوي في هذه الروایة هو سلیمان بن جعفر المروزي موجود.

و أما القرینة الثانیة: فلأن غایة ما توجب کثرة روایة محمد بن عیسی بن عبید عن ابن حفص الظن بالحاق المشکوک بالأعم الأغلب لا أثر للظن و لا یصلح أن یکون قرینة علی ان المراد منه هو ابن حفص المروزي.

و مع الاغماض عن ذلک و تسلیم ان المراد منه هو ابن حفص المروزي الاّ أنه لا توثیق له أیضا، غایة الأمر أنه ورد في اسناد کامل الزیارات و قد ذکرنا في بحث الفقه غیر مرة أن مجرد وروده في اسناده لا یکفی للتوثیق.

فالنتیجة: ان الروایة ضعیفة سندا سواء أکان الراوي لها سلیمان بن جعفر أم کان سلیمان بن حفص. هذا اضافة إلی أن قوله «سمعته» لا یدل علی أنه سمع من الامام  إذ فرق بین أن یکون الاضمار بصیغة «سمعته» و بین أن یکون بصیغة «سألته» أو «قلت له» فانه إن کان بالصیغة الثانیة فیمکن أن یقال انه بلحاظ علو مقامه لا یسأل عن غیر الإمام  و أما إن کانت بالصیغة الاولی فلا تتضمن هذه النکتة، إذ نقل ما سمعه من غیر الامام  لا یکون مخالفا و منافیا لشأنه و علو مقامه، فاذن الروایة ساقطة من هذه الناحیة أیضا.

إلی هنا قد ظهر ان الصحیح هو ما ذکرناه من أن الغبار إذا کانت أجزاؤه الترابیة ظاهرة للعیان و وصلت إلی حلق الصائم و کان ذلک باختیاره صدق انه ابتلعها و أکلها عامدا ملتفتا، و لا فرق فیه بین أن تکون اثارة تلک الأجزاء الترابیة الواصلة إلی الحلق بقیام الصائم نفسه بعملیة الکنس أو نحوه أو بقیام غیره، أو بسبب الهواء، و أما إذا کانت أجزاؤه الترابیة علی نحو لا یبدو لها وجود في الخارج فلا یکون دخولها في الحلق مفطرا و إن کان ذلک بتمکین الصائم و اختیاره، علی أساس انه لا یصدق علیه عنوان الابتلاع و الأکل، و یدل علیه ذیل موثقة عمرو بن سعید (الوسائل باب: 22 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 2) الآتیة.

 2- الفیاض: في القوة اشکال بل منع، و الأظهر أنه لا یضر بالصوم، فان وصول البخار إلی الحلق ما دام بخارا کما هو المفروض في المسألة لا یصدق علیه عنوان الشراب، نعم إذا تبدل البخار ماء في الفم ثم دخل في الحلق فهو مفط لصدق ذلک العنوان علیه ولکنه خلاف الفرض فیها.

فالنتیجة: ان البخار ما دام بخارا إذا دخل في حلق الصائم بتمکینه عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي لم یکن مفطرا حیث لا یصدق علیه عنوان الشرب.

3-الفیاض: علی الأحوط وجوبا حیث انه بحاجة إلی دلیل و لا دلیل علیه غیر دعوی الحاقة بالغبار، و هي ساقطة، لما مر من ان الغبار بعنوانه لا یکون مفطرا و انما حکمنا بکونه مفطرا إذا کانت أجزاؤه الترابیة ظاهرة للعیان، فانه یصدق حینئذ علی دخوله في الحلق عنوان الأکل و الابتلاع، و المفروض ان ذلک العنوان لا یصدق علی دخول الدخان في الحلق، فمن أجل ذلک لا وجه لدعوی الالحاق. هذا اضافة إلی أن موثقة عمرو بن سعید عن الرضا قال: «سألته عن الصائم یتدخن بعود أو بغیر ذلک فتدخل الدخنة في حلقه؟ فقال: جائز و لا بأس به، قال: و سألته عن الصائم یدخل الغبار في حلقه؟ قال: لا بأس» (الوسائل باب: 22 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 2) ظاهرة في ذلک.

السابع: الارتماس  في الماء (1)، ويكفي فيه رمس الراس فيه وان كان سائر البدن خارجا عنه، من غير فرق بين ان يكون رمسه دفعةً او تدريجا على وجه يكون تمامه تحت الماء زمانا؛ وامّا لو غمسه على التعاقب، لا على هذا الوجه، فلاباس به وان استغرقه. والمراد بالراس ما فوق الرقبة بتمامه، فلايكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان وان كان هو الاحوط، وخروج الشعر لاينافي صدق الغمس.

 1- الفیاض: هذا و إن کان مشهورا ولکنه لا یخلو من اشکال، فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن لا یصنع الصائم ذلک، نعم قد استدل علی المشهور بمجموعة من الروایات...

منها: صحیحة محمد بن مسلم قال: «سمعت أبا جعفر  یقول: لا یضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام و الشراب، و النساء، و الارتماس في الماء» (الوسائل باب: 1 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1).

و منها: قوله في صحیحته الخری: «و لا یغمس رأسه في الماء» (الوسائل باب: 3 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 2).

و منها: صحیحة یعقوب بن شعیب عن أبي عبد اللّـه : «لا یرتمس» «المحرم في الماء و لا الصائم» (الوسائل باب: 3 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1).

ومنها: صحیحة الحلبي عن أبي عبد الله  قال: «الصائم یستنقع في الماء ولا یرمس رأسه»(الوسائل باب: 3 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: ).

ومنها: صحیحةحریزعن أبي عبد الله قال: «لا یرتمس الصائم ولا المحرم رأسه في الماء»(الوسائل باب: 3 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 8). ومنها غیرها.

فان مفاد هذه الروایات الارشاد إلی مفطریة الارتماس ومانعیته عن الصوم کالطعام والشراب والنساء، واقتران نهي الصائم عن الارتماس في بعضها بنهي المحرم عنه لا یصلح أن یکون قرینة علی أن المراد منه هو النهي التکلیفي بقرینة أن المراد من نهي المحرم عنه هو النهي التکلیفي، وذلک لأن النهي في أمثال المقام ظاهر في الارشاد إلی المانعیة بنفسه وحمله علی التکلیفي بحاجة إلی قرینة، ولکن قد قامت القرینة من الخارج علی أن المراد منه في المحرم النهي التکلیفي، ولا قرینة بالنسبة إلی الصائم، فالاقتران لو صلح للقرینیة فانما یصلح إذا کان نهي المحرم عنه في نفسه ظاهرا في النهي التکلیفي والفرض عدمه في المقام هذا.

ولکن هذه الروایات معارضة بموثقة اسحاق بن عمار قال: «قلت لأبي عبد الله رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا علیه قضاء ذلک الیوم؟ قال: لیس علیه قضاؤه ولا یعودن»(الوسائل باب: 6 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1) باعتبار ان الموثقة بلحاظ نفي القضاء عنه ناصة في عدم کون الارتماس مفطرا، وعلی هذا فان لو حظ الموثقة بالنسبة إلی سائر الصحاج دون الاولی فلا یبعد أن تکون قرینة علی حمل النهي فیها علی الکراهة والحزازة، فانه وإن کان ظاهرا في الارشاد إلی المانعیة کما مر، الّا أنه قابل للحمل علیها، ومن ها کان نهي المحرم عنه محمولا علی الحرمة التکلیفیة، مع انه ورد في سیاق نهي الصائم عنه، وهذا دلیل علی أن هذا النهي الذي هو ظاهر في النهي الارشادي قابل للحمل علی النهي التکلیفي بقرینة، کما أن صدر الموثقة قرینة علی حمل قوله في ذیلها علی الکراهة، وعلیه فلو کنا نحن والموثقة مع هذه الصحاح لم یبعد تقدیم الموثقة علیها دلالة، ولا تصل النوبة إلی إعمال قواعد باب المعارضة، وإن لو حظ بالنسبة إلی الصحیحة الاولی فهي معارضة لها، فان الصحیحة ناصة في مفطریة الارتماس کالطعام والشراب والنساء، فاذن لابد من الرجوع إلی مرجحات باب المعارضة، وبما أنه لا ترجیح في البین فتسقطان معا من جهة المعارضة ویرجع حینئذ إلی الأصل العملي في المسألة وهو أصالة البراءة عن مفطریة الارتماس للصائم.

ودعوی: ان الموثقة موافقة للعامة، والصحیحة مخالفة لهم فلابد من تقدیم الصحیحة علیها تطبیقا للترجیح بمخالفة العامة.

مدفوعة: بأن تطبیق هذا الترجیح منوط بکون الموثقة موافقة لکل مذاهب العامة علی نحو لا تکون مندوحة للتخلص عن الحمل علیها، وأما إذا کانت موافقة لبعضها ومخالفة لبعضها الآخر فلا مقتضي لحملها علی التقیة تطبیقا للترجیح بمخالفة العامة لتوفر الطریق للتخلص عنها والمقام من هذا القبیل إذ نقل عن أحمد جواز الارتماس للصائم إلّا إذا خاف أن یدخل الماء مسامعه، فحینئذ لا یجوز، وقد صرح بعضهم بالکراهة خوفا من دخول الماء في مسامعه في الغسل المشروع، وأما إذا غاص في الماء أو أسرف أو کان عابثا فهو مفطر، وعلیه فجواز الارتماس وعدم بطلان الصوم به لیس أمرا اتفاقیا لدی العامة کلا، فاذن لا موجب لحملها علی التقیة لإمکان التخلص عنها.

فالنتیجة: انه لا ترجیح في البین، ومجرد عمل المشهور بالصحیحة لا یصلح أن یکون مرجحا في هذا الباب، فمقتضی القاعدة حینئذ عدم ثبوت مفطریة الارتماس، ولکن مع ذلک کان الأجدر به والأحوط وجوبا أن لا یصنع ذلک في نهار شهر رمضان عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي، وإن صنع فعلیه أن یواصل صومه بأمل أن یقبل الله تعالی منه رجاء، ثم یقضي بعد ذلک.

مسالة 30: لا باس برمس الراس او تمام البدن في غير الماء من سائر المايعات، بل ولارمسه في الماء المضاف  وان كان الاحوط  الاجتناب  ، خصوصا في الماء المضاف(1) .

1- الفیاض: لا یترک، فان الروایات الناهیة عن الارتماس وإن قیدت النهي عنه في الماء الّا ان من المحتمل قویا أن یکون هذا التقیید من باب الغالب، إذ الارتماس في غیر الماء حتی في الماء المضاف لو صادف فهو اتفاقي نادر جدا،فمن أجل ذلک لایکون الانسان واثقا ومتأکدا من الخصوصیة في هذا التقیید، هذا اضافة إلی أن مقتضی مناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة عدم الفرق بین الارتماس في الماء والارتماس في سائر المائعات.

مسالة 31: لو لطخ راسه بما يمنع من وصول الماء اليه ثمّ رمسه في الماء، فالاحوط بل الاقوى  بطلان صومه  ؛ نعم، لو ادخل راسه في اناء كالشيشة ونحوها ورمس الاناء في الماء، فالظاهر عدم البطلان.

 مسالة 32: لو ارتمس فـي الماء بتمام بدنه الى منافذ راسه وكان ما فوق المنافذ من راسه خارجا عن الماء كلا او بعضا، لميبطل صومه على الاقوى وان كان الاحوط البطلان برمس خصوص المنافذ، كما مرّ.

مسالة 33: لا باس بافاضة الماء على راسه وان اشتمل على جميعه ما لميصدق الرمس في الماء؛ نعم، لو ادخل راسه او تمام بدنه في النهر المنصبّ من عالٍ الى السافل ولو على وجه التسنيم، فالظاهر البطلان، لصدق الرمس؛ وكذا في الميزاب اذا كان كبيرا وكان الماء كثيرا كالنهر مثلا.

مسالة 34: في ذي الراسين اذا تميّز الاصليّ منهما فالمدار عليه، ومع عدم التميّز يجب عليه الاجتناب عن رمس كلّ منهما، لكن لايحكم ببطلان  الصوم الّا  برمسهما  ولو متعاقبا(1)  .

1- الفیاض: في التقیید اشکال بل منع، والظاهر عدم الفرق في الحکم ببطلان الصوم احتیاطا أو جزما بین أن یرمس في الماء بکلیهما أو بأحدهما، فانه إذا نوی الرمس فیه بأحدهما فمعناه انه نواه وإن کان أصلیا، ولازم ذلک هو أنه غیر ناو للصوم وغیر ملتزم بترک کل المفطرات في الواقع حتی ترک ما یحتمل کونه مفطرا فیه، إذ معنی الصیام هو التزام المکلف بالامساک والاجتناب عن کل ما هو مفطر في الواقع سواء کان معلوما أم مظنونا أم محتملا، ومن الواضح ان بناءه علی ارتکابه وان کان مفطرا في الواقع لا ینسجم مع نیة الصوم والتزامه بالترک والامساک عن الکل، نعم لا تترتب الکفارة علی رمس أحدهما لأنها مترتبة علی رمس الرأس الأصلي في الماء وهو شاک فیه.

فالنتیجة: ان کل أثر شرعي مترتب علی ارتکاب المعلوم بالاجمال عامدا ملتفتا لا یترتب علی ارتکاب أحد أفراده کذلک کالکفارة في المقام ووجوب الحد المترتب علی شرب الخمر، فانه إذا علم اجمالا بأن أحد الإناین خم فشرب أحدهما دون الآخر لم یجد وإن کان شربه غیر جائز الّا أنه لا ملازمة بین عدم جواز شربه وبین وجوب الحد علیه کما مر.

 مسالة 35: اذا كان مايعان يعلم بكون احدهما ماء، يجب الاجتناب عنهما ولكنّ الحكم بالبطلان   يتوقّف  على الرمس فيهما .

 مسالة 36: لايبطل الصوم بالارتماس سهوا او قهرا او السقوط في الماء من غير اختيار.

مسالة 37: اذا القى نفسه من شاهق في الماء بتخيّل   عدم الرمس  ، فحصل، لميبطل   صومه

 مسالة 38: اذا كان مايع لايعلم انـّه ماء او غيره، او ماء مطلق او مضاف  ، لميجب الاجتناب   عنه(1).

1- الفیاض: بل وجب علی الأحوط، وقد مر وجهه في المسألة (30).

مسالة 39: اذا ارتمس نسيانا او قهرا ثمّ تذكّر او ارتفع القهر، وجب عليه المبادرة الى الخروج، والّا بطل صومه(1)  .

1- الفیاض: الأحوط وجوبا الجمع بین اتمام الصیام بأمل أن یقبل الله تعالی منه رجاء والقضاء بعد ذلک علی أساس ان الروایات الناهیة عن ارتماس الصائم في الماء وان کانت بالنظر البدوي ظاهرة في المنع عن احداثه دون الأعم منه ومن الابقاء، ولکن بالنظر التحقیقي العرفي لا یکون الانسان واثقا ومتأکدا بأن العرف یفهم من تلک الروایات ان المانع من الصوم هو احداث الارتماس فقط دون الأعم منه ومن الابقاء، کما انه لا یکون متأکدا وواثقا علی أنه لا یفهم منها ان المانع منه الأعم من الاحداث والابقاء، فکلا الأمرین محتمل، وبما أنه لا یمکن الجزم بأحدهما فمن أجل ذلک یتعین علیه الاحتیاط في المسألة بأن یواصل صیامه بنیة التقرب إلی الله تعالی والخلوص رجاء ثم یقضي بعد شهر رمضان.

فالنتیجة: ان الارتماس في الماء إن کان صادرا من الصائم نسیانا أو غفلة أو خطأ أو جهلا مرکبا أو قهرا لم یکن مفطرا ما دام العذر موجودا، وأما إذا ارتفع العذر ولم یبادر إلی الخروج من الماء فالأحوط الجمع کما عرفت، وإن کان صادرا منه بارادته واختیاره عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي وإن کان بسبب الاکراه أو الوجوب علیه فهو مفطر علی الأحوط کما مر، وبذلک یظهر حال المسألتین الأتیتین.

 

  مسالة40: اذا كان مكرها في الارتماس، لميصحّ صومه، بخلاف ما اذا كان مقهورا.

مسالة 41: اذا ارتمس لانقاذ غريق، بطل صومه وان كان واجبا عليه.

مسالة 42: اذا كان جنبا وتوقّف غسله على الارتماس، انتقل الى التيمّم  اذا كان الصوم واجبا معيّنا، وان كان مستحبّا او كان واجبا موسّعا   وجب عليه الغسل و بطل صومه(1)  .

1- الفیاض: في البطلان اشکال بل منع، والأظهر عدم بطلانه بناء علی ما هو الصحیح من امکان القول بالترتب، إذ لا مانع من أن یکون الأمر بالصوم مترتبا علی ترک الارتماس حیث أنهما لیسا من الضدین اللذین لا ثالث لهما، بل لهما ثالث وهو أن یترک المکلف الارتماس ولا یصوم، باعتبار ان الصوم مرکب من حصة خاصة من ترک الارتماس وهي ترکه القربي لا مطلق ترکه.

 مسالة 43: اذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعيّن، بطل صومه وغسله(1)  اذا كان متعمّدا، وان كان ناسيا لصومه صحّا معا؛ وامّا اذا كان الصوم مستحبّا او واجبا موسّعا، بطل صومه(2) وصحّ غسله  .

1- الفیاض: اما بطلان الصوم فهو مبني علی الاحتیاط کما مر، واما بطلان الغسل الارتماسي فهو ممنوع، نعم قد یستدل علیه بأنه لما کان مفطرا للصوم فهو منهي عنه ومعی لا یمکن الحکم بصحته، وهذا التخریج لا یتم لوجهین..

الأول: ان المکلف متی ما نوی الغسل الارتماسي بطل صومه علی أساس بطلان الصوم بنیة القاطع، وبعد البطلان لا یکون الارتماس منهیا عنه، فلا موجب حینئذ لبطلانه.

ولکن هذا الوجه انما یتم في غیر شهر رمضان من الواجب المعین علی أساس أن الصائم إذا أبطله لم یجب علیه الامساک في بقیة النهار تشبیها بالصائمین، فمن أجل ذلک لا یکون الارتماس منهیا عنه، وهذا بخلاف صوم شهر رمضان فانه إذا أبطله وجب علیه امساس بقیة النهار تشبیها باصائمین، ثم القضاء بعد الشهر المبارک، فلذلک یکون الارتماس منهیا عنه، هذا اضافة إلی ما ذکرناه في علم الاصول من أن ایجاب شيء لا یقتضي النهي عن ضده ولا عن نقیضه.

الثاني: ان النهي المتعلق بالغسل الارتماسي نهي غیري لا نفسي، فانه ناشئ من الأمر الضمني النفسي بترکه باعتبار انه جزء الصوم الواجب، وبما أن الغسل الارتماسي أحد فردي الغسل فالمأمور به هو الجامع بینه وبین الترتیبي، وقد ذکرنا في علم الاصول أنه لا تزاحم بین الواجب الموسع وهو الغسل في المقام والواجب المضیق وهو الصوم علی أساس أن ما تعلق به الوجوب في الواجب الموسع هو الجامع باعتبار ان الجامع بین المقدور وغیر المقدور مقدور، فلا موجب لتقییده بالفرد المقدور حینئذ.

وعلی هذا فإذا عصی المکلف بترک الواجب المضیق والاتیان بالفرد المزاحم له حکم بصحته بملاک انطباق الواجب علیه، فتکون الصحة حینئذ علی القاعدة، ولا تتوقف علی القول بالترتب. وفیما نحن فیه بما أن الصوم واجب مضیق والغسل واجب موسع فلا یکون مزاحما له حیث انه لا مانع من الأمر بهما معا في عرض واحد، وما هو مزاحم له وهو الفرد کالغسل ارتماسي لا یکون واجبا، وعلی هذا فإذا عصی المکلف واغتسل ارتماسا فصومه وإن بطل إلا أنه لا موجب لبطلان غسله الارتماسي، فان الاتیان به انما هو بداعي امتثال الأمر المتعلق بالجامع بینه وبین غیره باعتبار أنه ینطبق علیه انطباق الطبیعي علی فرده، والنهي الغیري بما أنه لا یکشف عن مبغوضیة متعلقه فلا یمنع من الانطباق، وهذا الوجه یعم صوم شهر رمضان وغیره من الصوم الواجب المعین.

2- الفیاض: علی الأحوط کما تقدم، وبذلک یظهر حال المسألة الآتیة أیضا.

مسالة 44: اذا ابطل صومه بالارتماس العمديّ، فان لميكن من شهر رمضان ولا من الواجب المعيّن غير شهر رمضان(1)، يصحّ له الغسل حال المكث في الماء  او حال الخروج(2)  ، وان كان من شهر رمضان يشكل صحّته حال المكث  ، لوجوب الامساک عن المفطرات فيه بعد البطلان ايضا(3)، بل يشكل  صحّته  حال الخروج  ايضا(4)، لمكان النهي السابق، كالخروج من الدار الغصبيّة اذا دخلها عامدا، ومن هنا يشكل  صحّة الغسل في الصوم الواجب المعيّن ايضا؛ سواء كافي حال المكث او حال الخروج.

1- الفیاض: في استثناء ذلک اشکال بل منع وسیظهر وجهه في التعلیق الأتي.

 2- الفیاض: تقدم ان المأمور به هو احداث الغسل دون الأعم منه ومن البقاء، وبما ان الغسل في حال المکث في الماء أو حال الخروج ابقاء له، فلا یکون مصداقا للغسل المأمور به فلا یجزئ.

3-  الفیاض: هذا مبني علی القول بصحة الغسل في حال المکث في الماء أو حال الخروج، فعندئذ یشکل صحته في هذا الحال، ولکن في ضوء هذا القول لا اشکال في صحته لما مر من أن الواجب هو الجامع بین الغسل الترتیبي والغسل الارتماسي، فإذا أتی بالارتماسي انطبق علیه الجامع فیحکم بصحته، والنهي الغیري المتعلق به علی تقدیر القول به لا یمنع منه کما عرفت.

4-  الفیاض: تقدم انه بناء علی ما هو الصحیح من ان المأمور به هو احداث الغسل دون الأعم منه ومن الابقاء، فلا یصح الغسل حال المکث في الماء أو حال الخروج منه، وأما مع الاغماض عن ذلک والبناء علی صحته في هذه الحال، فلا اشکال في الصحة في محل الکلام، وهو ما إذا کان الواجب المعین غیر صوم شهر رمضان، فانه إذا بطل لم یجب علیه الإمساک في بقیة النهار فان وجوبه بعد البطلان حتی یوجب النهي عن المفطر مختص بصوم شهر رمضان إذا بطل أثناء النهار دون غیره، فلا موجب حینئذ للإشکال في صحته.

 

 مسالة 45: لو ارتمس الصائم في الماء المغصوب ، فان كان ناسيا للصوم وللغصب صحّ صومه وغسله (1)، وان كان عالما بهما بطلا معا(2)؛ وكذا  ان كان  متذكّرا  للصوم  ناسيا للغصب(3). وان كان عالما بالغصب ناسيا للصوم صحّ الصوم دون الغسل.

1- الفیاض: هذا إذا لم یکن الناسي هو الغاصب وإلّا بطل غسله باعتبار انه في نهایة المطاف مستند إلی سوء اختیاره، وبما انه تصرف في ماء الغیر بدون اذنه فیکون مبغوضا ولا یکون مشمولا لحدث الرفع لاختصاصه بمورد الامتنان، ولا امتنان في رفع المبغوضیة عنه والعقوبة، فمن أجل ذلک یقع فاسدا لاستحالة کون المبغوض مصداقا للمحبوب.

2-  الفیاض: علی الأحوط في الصوم، فیه وفیما بعده کما مر.

3-  الفیاض: علی الأحوط في الصوم، واما الغسل فهو صحیح فانه ان کان في نهار صوم یوم معین غیر شهر رمضان فلا إشکال في صحته حیث انه لا یکون منهیا عنه بعد بطلان الصوم، وإن کان في صوم شهر رمضان فقد قیل في وجه بطلانه أنه منهي عنه علی أساس وجوب امساک بقیة النهار فیه بعد البطلان، فإذا کان الصائم ملتفتا إلی أن ارتماسه في هذا الماء مصداق للإفطار المحرم فلا یمکن أن یرتمس فیه بنیة التقرب إلیه فیقع فاسدا.

ولکن تقدم انه لا دلیل علی حرمة الارتماس بعنوان أنه ناقض للصوم ومفطر له، حیث ان الظاهر من النهي عنه في الروایات هو الارشاد إلی مفطریته عن الصوم لا حرمته تکلیفا، ومن هنا لو ارتمس في نهار شهر رمضان لم یستحق عقوبتین، احداهما علی بطلان الصوم وترکه، والاخری علی الارتماس. وعلی هذا فلا یکون الارتماس مبغوضا الّا بالغیر، وهو لا یمنع من التقرب به بملاک انطباق الجامع علیه کما مر.

فالنتیجة: انه لا بأس بالاتیان به بداعي امتثال الأمر المتعلق بالجامع علی ما مر تفصیله في المسألة (43) شریطة أن لا یکون الناسي هو الغاصب.

مسالة 46: لا فرق في بطلان الصوم بالارتماس(1) بين ان يكون عالما بكونه مفطرا او جاهلا(2).

1- الفیاض: علی الأحوط کما مر.

2-  الفیاض: هذا إذا لم یکن جهله مرکبا، وإلّا کان حکمه حکم الناسي والغافل علی أساس انه لا یمکن تکلیف القاطع علی خلاف قطعه.

مسالة 47: لايبطل الصوم بالارتماس في الوحل ولا بالارتماس في الثلج.

مسالة 48: اذا شکّ في تحقّق الارتماس، بنى على عدمه(1)  .

1- الفیاض: هذا انما یتم بالنسبة نفي الکفارة التي هي مترتبة علی الارتماس عامدا ملتفتا إلی الحال دون وجوب القضاء الذي هو مترتب عی بطلان الصوم، وذلک لأن الشک في تحقق الارتماس العمدي إن کان من جهة الشبهة المفهومیة فالمرجع فیه أصالة البراءة عن مانعیة الأکثر ومفطریته، بناء علی ما هو الصحیح من جریان البراءة في مسألة دوران الأمر بین الأقل والأکثر الارتباطیین، وإن کان من جهة الشبهة الموضوعیة فالمرجع فیه أصالة عدم تحققه عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي، وأما عدم تمامیة ذلک بالنسبة إلی وجوب القضاء فلأنه مترتب علی بطلان الصوم، والفرض ان بطلانه لا یترتب علی تحقق الارتماس في الخارج حیث یکفی فیه نیة الارتماس وإن لم یتحقق خارجا.

فالنتیجة: ان الصائم إذا نوی الارتماس بطل صومه سواء ارتمس أم لم یرتمس، کما انه إذا ارتمس بدون النیة قهرا أو غفلة لم یبطل.

الثامن: البقاء على الجنابة عمدا  الى الفجر الصادق في صوم شهر رمضان  او قضائه، دون غيرهما من الصيام الواجبة والمندوبة على الاقوى وان كان الاحوط تركه  في غيرهما ايضا، خصوصا في الصيام الواجب ، موسّعا كان او مضيّقا؛ وامّا الاصباح جنبا من غير تعمّد   فلايوجب البطلان، الّا في قضاء شهر رمضان  على الاقوى(1)  وان كان الاحوط الحاق مطلق الواجب  الغير المعيّن به في ذلک؛ وامّا الواجب المعيّن، رمضانا كان او غيره، فلايبطل بذلک، كما لايبطل مطلق الصوم، واجبا كان او مندوبا، معيّنا او غيره، بالاحتلام في النهار. ولا فرق في بطلان الصوم بالاصباح جنبا عمدا بين ان تكون الجنابة بالجماع في الليل او الاحتلام، ولا بين ان يبقى كذلک متيقّظا او نائما بعد العلم بالجنابة مع العزم على ترک الغسل(2) . ومن البقاء على الجنابة عمدا، الاجناب قبل الفجر متعمّدا في زمان لايسع الغسل ولا التيمّم؛ وامّا لو وسع التيمّم خاصّة، فتيمّم صحّ صومه(3)   وان كان عاصيا(4)  في الاجناب  . وكما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمّدا، كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض والنفاس الى طلوع الفجر(5)؛ فاذا طهرت منهما قبل الفجر، وجب عليها الاغتسال او التيمّم، ومع تركهما عمدا يبطل صومها. والظاهر اختصاص البطلان بصوم رمضان وان كان الاحوط الحاق قضائه  به  ايضا، بل الحاق مطلق الواجب بل المندوب ايضا؛ وامّا لو طهرت قبل الفجر في زمان لايسع الغسل ولاالتيمّم، او لمتعلم بطهرها في الليل حتّى دخل النهار، فصومها صحيح  واجبا كان او ندبا على الاقوى.

1- الفیاض: بل في صوم شهر رمضان أیضا شریطة أن یکون في النومة الثانیة، بیان ذلک: ان الروایات الواردة في هذه المسألة تصنف إلی خمس مجموعات..

المجموعة الاولی: ما یکون موردها النومة الاولی، وتنص فیه علی ان من یجنب في أول اللیل إذا نام واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فلا شيء علیه، وصیامه صحیح. وهي متمثلة في صحیحة معاویة بن عمار قال: «قلت لأبي عبد الله : الرجل یجنب في أول اللیل ثم ینام حتی یصبح في شهر رمضان؟ قال: لیس علیه شيء... الحدیث»(الوسائل باب: 15 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 1).

المجموعة الثانیة: ما یکون موردها النومة الاولی أیضا، وتنص فیه علی أن من یصیبه الجنابة في شهر رمضان لیلا إذا نام قبل أن یغتسل واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فعلیه أن یمسک طیلة النهار، ثم یقضي یوما آخر بدله بعد ذلک وهي متمثلة في عدة روایات:

منها: صحیحة محمد بن مسلم عن أحمدهما8 قال: «سألته عن الرجل تصیبه الجنابة في رمضان، ثم ینام قبل أن یغتسل؟ قال: یتم صومه، ویقضی ذلک» الیوم، الّا ان یستیقظ قبل دن یطلع الفجر، فان انتظر ماء یسخن أو یستقی فطلع الفجر فلا یقضی صومه – یومه-»(الوسائل باب: 15 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 3).

ومنها: موثقة سماعة بن مهران قال: «سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف اللیل في رمضان فنام وقد علم بها، ولم یستیقظ حتی یدرکه الفجر؟ فقال: علیه أن یتم صومه ویقضي یوما آخر»(الوسائل باب: 15 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 5).

ومنها: غیرهما.

ومقتضی اطلاق هذه الروایات عدم الفرق بین أن یکون المجنب واثقا ومتأکدا بالاستیقاظ قبل الفجر أو لا.

المجموعة الثالثة: ما یکون موردها النومة الثانیة وتنص فیه علی أن الجنب إذا نام واستیقظ من النوم ثم نام ثانیا واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فعلیه أن یمسک ذلک الیوم ویقضي یوما آخر بدله بعد ذلک، وهي متمثلة في عدة نصوص:

منها: صحیحة ابن أبي یعفور قال: «قلت لأّبي عبد الله : الرجل یجنب في شهر رمضان ثم یستیقظ ثم ینام حتی یصبح؟ قال: یتم یومه – صومه – ویقضي یوما آخر، وإن لم یستیقظ حتی یصبح أتم صومه – یومه – وجاز له»(الوسائل باب: 15 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 2).

فانها تدل علی حکم النومة الثانیة، وأنها إذا استمرت به إلی أن طلع الفجر بطل صومه وعلیه القضاء، ومقتضی اطلاقها عدم الفرق بین أن یکون متعمدا في ذلک أو لا، ونقصد بالثانیة مقابل الاولی وإن کانت ثالثة وما زاد.

ومنها: ذیل صحیحة معاویة بن عمار المتقدمة: «قلت: فانه استیقظ ثم نام حتی أصبح؟ قال: فلیقض ذلک الیوم عقوبة»(الوسائل باب: 15 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 1) فانه یدل علی بطلان صومه إذا ظل نائما في النومة الثانیة إلی أن طلع الصبح، ومقتضی اطلاقه عدم الفرق بین أن یکون متعمدا فیه أو لا، کما إذا نام ثانیا واثقا مطمئنا بالانتباه ولم ینتبه اتفاقا واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فعلیه القضاء دون الکفارة.

المجموعة الرابعة: ما یکون موردها النومة الاولی وتنص فیه علی اناطة بطلان الصوم ووجوب القضاء بتعمد البقاء علی الجنابة إلی أن طلع الفجر، وهي متمثلة في صحیحة ابن أبي نصر عن أبي الحسن  قال: «سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان، أو اصابته جنابة ثم ینام حتی یصبح متعمدا؟ قال: یتم ذلک الیوم وعلیه قضاؤه»(الوسائل باب: 15 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 4) وصحیحة الحلبي عن أبي عبد الله  انه قال: «في رجل احتلم أول اللیل، أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتی أصبح، قال: یتم صومه ذلک ثم یقضیه إذا أفطر من شهر رمضان ویستغفر ربّه»(الوسائل باب: 16 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 1).

المجموعة الخامسة: ما یکون موردها الأعم من النومة الاولی والثانیة وتنص فیه  علی ان الجنب في شهر رمضان لیلا إذا ترک الغسل متعمدا حتی طلع الفجر فعلیه الکفارة، وهي متمثلة في صحیحة أبي بصیر عن أبي عبد الله : «في رجل أجنب في شهر رمضان باللیل ثم ترک الغسل متعمدا حتی أصبح، قال:یعتق رقبة، أویصوم شهرین متتابعین، أو یطعم ستین مسکینا»(الوسائل باب: 16 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 2) وغیرها.

وبعد ذلک نقول: ان المجموعة الاولی معارضة للمجموعة الثانیة بالتاین فان الاولی تدل علی أن الجنب في شهر رمضان لیلا إذا نام واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فلا شيء علیه، ویصح صومه وإن کان متعمدا، والثانیة تدل علی انه إذا نام واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فعلیه أن یمسک طیلة النهار ویقضي یوما آخر وإن لم یکن متعمدا في ذلک، هذا، ولکن المجموعة الرابعة تصلح أن تکون قرینة عرفا علی المصالحة بینهما علی أساس أنها تدل علی ان بطلان الصوم ووجوب الامساک والقضاء مختص بصورة ما إذا کان الجنب تارکا للغسل متعمدا، وعلیه فتکون نسبتها إلی کل من المجموعتین نسبة الخاص إلی العام، فتقید اطلاق الاولی بما إذا لم یکن متعمدا في ترک الغسل، واطلاق الثانیة بما إذا کان متعمدا فیه، فاذن لا معارضة بینهما لعدم اشتراکهما لا في الموضوع ولا في الحکم.

فالنتیجة: ان الجنب في النومة الاولی إذا لم یکن معذورا فیها وکان متعمدا وجب علیه أن یمسک ذلک الیوم تشبیها بالصائمین، ثم یقضي بعد ذلک.

وأما المجموعة الثالثة فبما أن موردها النومة الثانیة فلا تصلح المجموعة الرابعة أن تکون قرینة علی تقیید اطلاقها بما إذا کان متعمدا فیها باعتبار ان موردها النومة الاولی، ولا نظر لها إلی النومة الثانیة لکي تدل علی اعتبار قید التعمد فیها أیضا، فاذن یکون اطلاقها محکم، ومقتضاه بطلان الصوم ووجوب الامساک طیلة النهار والقضاء بعد ذلک، وإن کان معذورا فیها ولم یکن متعمدا في ترک الغسل.

وأما المجموعة الخامسة فهي أیضا لا تصلح أن تکون مقیدة لإطلاقها باعتبار أنها ناظرة إلی تقیید وجوب الکفارة بقید التعمد دون الأعم من وجوبها ووجوب القضاء، ومن هنا لو لم تکن هذه المجموعة لم نقل بوجوب الکفارة زائدا علی وجوب القضاء حیث لا یدل علی وجوبها شيء من المجموعات المتقدمة، وانما تدل تلک المجموعات علی وجوب القضاء فقط.

فالنتیجة المتحصلة مختلف هذه المجموعات هي ما یلي..

أولا: ان الجنب في شهر رمضان لیلا بجماع أو احترام أو غیره إذا کان واثقا ومطمئنا بأنه إذا نام قبل أن یغتسل انتبه من النوم قبل أن یطلع الفجر یسمح له أن ینام تارکا للاغتسال معتمدا علی الانتباه آخر اللیل، وفي هذه الحالة إذا نام واستمر به النوم اتفاقا إلی أن طلع الفجر فلا شيء علیه ویصح صومه.

وثانیا: إذا لم یکن واثقا ومطمئنا بذلک لا یسمح له أن ینام قبل أن یغتسل حیث یحتمل انه إذا نام یفوت الغسل قبل الطلوع الفجر باعتبار انه لا یکون معتادا علی الانتباه وهو موجب لتفویت الملاک الملزم في الصوم في وقته علی أساس ان وجوب الصوم فعلي بعد دخول شهر رمضان بمقتضی الکتاب والسنة، وهو یکشف عن تمامیة ملاکه في وقته ووجوب تحصیل القدرة علیه بالاتیان بالمقدمات مطلقا حتی قبل طلوع الفجر ودخول الوقت، وقد ذکرنا في علم الاصول انه لا مانع من الالتزام بالشرط المتأخر في مرحلة الجعل والاعتبار في کل مورد یدل علیه الدلیل، ومنه مسألتا وجوب الحج ووجوب الصیام، فان وجوب الحج موقوت بیوم عرفة ووجوب الصوم موقوت بطلوع الفجر، مع أن الحج یتوقف علی السفر إلی المیقات ولوازمه ومتطلباته قبل یوم عرفة والصیام من الجنب یتوقف علی الاغتسال قبل طلوع الفجر، ولا شبهة في أن المکلف مسئول عن طي المسافة إلی المیقات من قبل وجوب الحج وعن الاغتسال قبل الفجر من قبل وجوب الصیام، فمن أجل ذلک لابد من الالتزام بالشرط المتأخر في هاتین المسألتین.

وعلی هذا الأساس یجب تحصیل القدرة علی الواجب في ظرفه قبل دخول وقته من قبل مقدماته المفوتة علی نحو یکون واثقا ومطمئنا بأن لا یفوت منه الواجب بماله من الملاک الملزم التام في ظرفه، وأما إذا احتمل أن ترک شيء یفوّت علیه الواجب بماله من الملاک الملزم في ظرفه فلا یسمح له ترکه، وما نحن فیه من هذا القبیل حیث ان الجنب کان یحتمل انه إذا نام قبل أن یغتسل لم یستیقظ من النوم قبل طلوع الفجر باعتبار انه لم یکن معتادا علی الانتباه، أو کان ولکن دون مرتبة الوثوق والاطمینان، وفي هذه الحالة إذا نام ولم یغتسل واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فعلیه القضاء والکفارة باعتبار انه تارک للغسل متعمدا إلی طلوع الفجر، حیث ان وظیفته الشرعیة الاتیان بالغسل قبل أن ینام، فلا یجوز له النوم قبل الاتیان به لاحتمال أنه یوجب تفویت الملاک الملزم منه في ظرفه، فإذا ترک الغسل عامدا ملتفتا إلی ذلک ونام وامتد به النوم إلی الطلوع کان تارکا له متعمدا فعلیه امساک ذلک الیوم تأدبا والقضاء والکفارة بعد ذلک، ولا فرق فیه بین

أن یکون في نیته الاغتسال إذا انتبه قبل طلوع الفجر أو لا یکون في نیته ذلک، فانه علی کلا التقدیرین إذا نام في هذه الحالة رغم انه غیر مسموح له واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فهو بمثابة من ترک الغسل وهو مستیقظ متعمدا، حیث ان صدق ذلک انما هو بملاک انه ترک ما هو وظیفته شرعا وهو الاغتسال وعدم جواز النوم قبله، ولا أثر لنیة الاغتسال إذا انتبه قبل الفجر مع عدم اعتیاده علی الانتباه قبله.

نعم، إذا کان الجنب مطمئنا ومتأکدا بأنه إذا نام انتبه من النوم قبل طلوع الفجر فحینئذ إذا نام ناویا الاغتسال بعد الانتباه وقبل أن یطلع الفجر ولکن استمر به النوم إلی أن طلع الفجر فلا شيء علیه ویصح صومه، وأما إذا نام ولیس من نیته الاغتسال بعد الانتباه وقبل الفجر واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فهو تارک للغسل متعمدا فیکون بمثابة المستیقظ التارک لذلک، وعلیه في هذه الحالة وجوب القضاء والکفارة معا.

وثالثا: إذا نام الجنب معتمدا علی وثوقه واطمئنانه بالانتباه وانتبه في الأثناء وحینئذ إذا أراد أن ینام فإن کان واثقا ومطمئنا بالانتباه قبل طلوع الفجر یسمح له أن ینام والّا فلا، کما هو الحال في النوم الأول، وفي هذه الحالة التي یمسح له بالنوم ثانیا إذا نام واثقا بالانتباه ولم ینتبه واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر، فالظاهر بطلان صومه ووجوب الامساک في ذلک الیوم علیه وقضائه بعد ذلک لما مر من اطلاق دلیل المسألة وعدم المقید له، وبذلک تفترق النومة الثانیة عن الاولی حیث لا یجب القضاء في النومة الاولی في هذه الحالة.

فالنتیجة: ان الحکم التکلیفي یفترق عن الحکم الوضعي في النومة الثانیة فیجوز له أن ینام مع الوثوق والاطمئنان بالانتباه، ولکن إذا نام ولم ینتبه اتفاقا واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر أن یمسک طیلة النهار ثم یقضي بعد ذلک.

ورابعا: أن وجوب القضاء لا ینفک عن وجوب الکفارة في النومة الاولی فان الجنب إذا کان مطمئنا بالانتباه في هذه النومة ولکن لم ینتبه واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فلا شيء علیه ویصح صومه، وإن لم یکن مطمئنا بالانتناه فنام قبل أن یغتسل واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فعلیه القضاء والکفارة معا، لأنه حینئذ کالمستیقظ التارک للغسل متعمدا کما مر. وینفک عن وجوب الکفارة في النومة الثانیة إذا نام ثانیا مطمئنا بالانتباه ولکن لم ینتبه واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر، فانه یجب علیه القضاء حینئذ دون الکفارة کما تقدم.

وخامسا: إذا احتلم في حالة النوم لیلا وصار جنبا، فان استمر به النوم الذي احتلم فیه إلی أن طلع الفجر فلا شيء علیه ویصح صومه، کما نص علیه في ذیل صحیحة ابن أبي یعفور المتقدمة (الوسائل باب: 15 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 2)، وإن أفاق من نومه الذي احتلم فیه ونام ثانیا قبل أن یغتسل فإن لم یکن واثقا ومطمئنا بالانتباه ولم ینتبه واستمر به النوم إلی أن طلع الفجر فعلیه القضاء والکفارة مع الامساک طیلة النهار تأدیبا وتشبیها بالصائمین، وإن کان واثقا ومطمئنا بالانتباه ولکن لم ینتبه اتفاقا وامتد به النوم إلی أن أصبح فالأجدر به والأحوط وجوبا أن یصوم ذلک الیوم بأمل أن یقبل الله تعالی منه رجاء، ثم یقضی بعد ذلک علی أساس احتمال أن هذه النومة من النومة الثانیة له فتکون مشمولة لإطلاق المجموعة الثالثة من الروایات. هذا إضافة إلی ان من المحتمل قویا أو قوله  في صحیحة ابن أبي یعفور: «یتم یومه ویقضي یوما آخر»(الوسائل باب: 15 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ووقت الامساک الحدیث: 2) راجع إلی کلا النومین بعد النوم الذي احتلم فیه.

فالنتیجة في نهایة المطاف ان المعیار العام لجواز نوم الجنب في شهر رمضان لیلا انما هو بالوثوق والاطمئنان بأنه لن یفوت علیه الغسل قبل طلوع الفجر علی أساس انه معتاد بالانتباه بلافرق فیه بین النومة الاولی والثانیة، وهکذا، کما ان المعیار في وجوب الکفارة انما هو بتعمد البقاء علی الجنابة إلی الفجر وإن کان في النومة الاولی، وأما وجوب القضاء فهو لا یدور مدار عنوان التعمد بل قد یجب القضاء بدون صدق ذلک.

2- الفیاض: مر أن العزم علی ترک الغسل غیر معتبر في صدق عنوان تعمد البقاء علی الجنابة، بل یکفي أن ینام ولا یکون واثقا ومتأکدا بالانتباه قبل طلوع الفجر، وفي هذه الحالة لا یجوز له أن ینام قبل أن یغتسل، فإذا ترک الاغتسال ونام وظل نائما إلی أن طلع الفجر صدق انه ترک الغسل متعمدا، فعلیه القضاء والکفارة.

نعم، إذا نام وکان واثقا ومطمئنا بالانتباه ولکن استمر به النوم اتفاقا إلی أن طلع الفجر فإن کان في الومة الاولی فلا شيء علیه، وإن کان في النومة الثانیة بطل صومه ولکن یجب علیه أن یمسک طیلة النهار ثم یقضی بعد ذلک.

ومن هنا یظهر أن ما في المتن من الحکم بأن الاصباح جنبا مبطل للصوم شریطة توفر أمرین..

أحدهما: أن یکون ذلک عمدیا.

والآخر: أن یکون مع العزم علی ترک الغسل، غیر صحیح. وجه الظهور ما عرفت من أن صوم الجنب قد یبطل بالاصباح جنبا من دون أن یکون ذلک عمدیا، کما أنه قد یبطل به عمدا بدون العزم علی الترک ومع التردد، بل مع العزم علی الغسل علی تقدیر الانتباه إذا لم یکن معتادا علیه کما مر تفصیله.

 3- الفیاض: بملاک اطلاق أدلة مشروعیة التیمم، بتقریب أن موضوع وجوب التیمم عدم وجدان الماء بمقتضی الآیة الشریفة (النساء/ 43 والمائدة/ 6) وغیرها، وهذا یعني ان المسوغ له الجامع بین عدم تیسر الماء وعدم تیسر استعماله مع توفره عنده، ومتی لم یتیسر للمکلف الماء أو استعماله فوظیفته التیمم، ولا فرق فیه بین أن یکون عدم التیسر باختیار المکلف أو بغیر اختیاره، فالتقیید بالثاني بحاجة إلی قرینة ولا قرینة لا في نفس الأدلة ولا من الخارج.

ودعوی: ان الظاهر من الدلیل عرفا کالآیة الشریفة ونحوها عدم الوجدان والتیسر بالطبع لا مطلقا.

مدفوعة: بأن منشأ ظهورها العرفي في ذلک أما الوضع أو الانصراف، وکلا الأمرین غیر ثابت. أما الأول فلأن وضع کلمة عدم التیسر لحصة خاصة منه وهي عدم التیسر بالطبع لا الأعم منه ومن عدم التیسر بالاختیاره غیر محتمل، إذ لا شبهة في أن اطلاق کلمة عدم التیسر علی عدم التیسر بالاختیار لیس اطلاقا مجازیا، فإذا أخذت في لسان الدلیل کان المتبادر منها عرفا المعنی الجامع دون حصة خاصة.

وأما الأمر الثاني، فلأن الانصراف ممنوع، لأن کلمة عدم الوجدان في الآیة الشریفة وغیرها مستعملة في الجامع لا في أحد فردیه وهو عدم الوجدان بالطبع حتی تکون کثرة الاستعمال فیه منشأ للانصراف، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة اخری ان الآیة الشریفة وکذلک غیرها لو کانت ظاهرة في عدم وجدان الماء بالطبع فقط دون الأعم فلا وجه للتفصیل بین الصلاة والصوم في حالة ما إذا کان عدم الوجدان مستندا إلی سوء اختیار المکلف والحکم بصحة الصلاة في هذه الحالة دون الصوم، بدعوی انه یمکن اثبات مشروعیة التیمم في تلک الحالة في باب الصلاة علی أساس ما دل علی أنها لا تسقط بحال، وبضمه إلی ما دل علی أنها مشروطة بالطهارة من ناحیة، وما دل علی أن التراب أحد الطهورین من ناحیة اخری ینتج مشروعیة التیمم لها في هذه الحالة، وبذلک تمتاز الصلاة عن الصوم.

ولکن لا یمکن المساعدة علی هذه الدعوی، لأنها مبنیة علی دلالة ذلک الدلیل علی اثبات موضوعها وهو الصلاة باعتبار أنها متقومة بالطهور، وبدونه فلا صلاة وفي تلک الحاله بما أن المکلف لا یتمکن من الطهارة المائیة والطهارة الترابیة غیر مشروعة لها فلا صلاة حینئذ لکي تجب علیه ولا تسقط عنه، والفرض ان مدلول هذا الدلیل عدم سقوطها وهو متفرع علی ثبوتها والّا فلا معنی للسقوط، والفرض ان ثبوتها یتوقف علی مشروعیة التیمم في المرتبة السابقة، فمن أجل ذلک لا یمکن تطبیق الدلیل المذکور علی هذه الحالة.

فالنتیجة: ان شمول الحدیث للصلاة في الحالة المذکورة یتوقف علی مشروعیة التیمم لها في المرتبة السابقة، فلو توقفت المشروعیة علی الشمول لها لدار، فمن أجل ذلک لا یمکن التمسک بالحدیث في المقام لإثبات عدم سقوط الصلاة عنه.

ودعوی ان الحدیث یدل علی عدم السقوط بالدلالة المطابقیة، وعلی مشروعیة التیمم بالدلالة الالتزامیة علی أساس انه لولاها لکانت الدلالة المطابقیة لغوا محضا...

مدفوعة: بأنها تتوقف علی شمول الحدیث للصلاة في المقام فلو کان الشمول متوقفا علیها لدار.

4-  الفیاض: هذا باعتبار انه قد فوّت بسوء اختیاره عامدا ملتفتا الملاک الملزم المترتب علی الغسل. وإن شئت قلت: ان الواجب علیه أولا هو الصوم المشروط بالغسل من الجنابة قبل أن یطلع الفجر، و إذا عجز عنه انتقل الأمر إلی التیمم، و علی هذا فإذا کان المکلف متمکنا من الغسل لم یجز له تعجیز نفسه عنه بسوء اختیاره، و إذا صنع ذلک عصی و استحق العقوبة.

 

5- الفیاض: في الحاق النفاس بالحیض في هذا الحکم اشکال بل منع، لعدم الدلیل علی أن النفاس حیض و یترتب علیه تمام أحکام الحیض الا ما خرج، و النص في المقام انما ورد في الحیض و هو قوله  في موثقة أبي بصیر: «ان طهرت بلیل من حیضتها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتی أصبحت علیها قضاء ذلک الیوم» (الوسائل باب: 21 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1) و التعدي إلی النفاس بحاجة إلی دلیل باعتبار ان النفاس موضوع آخر في الروایات و له أحکام خاصة، نعم قد یشترک مع الحیض في الحکم و أما ما ورد من أن النفاس حیض محتبس فهو ساقط من ناحیة السند.

فالنتیجة: ان مقتضی القاعدة عدم ترتب أحکام الحیض علی النفاس الاّ ما ثبت بالدلیل و بما أنه لا دلیل علی الحاق النفاس بالحیض في المسألة فلا یمکن الحکم بأن البقاء علی حدث النفاس إلی أن طلع الفجر متعمدا مبطل للصوم کالبقاء علی حدث الحیض کذلک.

 

مسالة 49: يشترط في صحّة صوم المستحاضة  على الاحوط  الاغسال النهاريّة الّتي للصلاة(1)، دون ما لايكون لها؛ فلو استحاضت قبل الاتيان بصلاة الصبح او الظهرين بما يوجب الغسل كالمتوسّطة (2) او الكثيرة،  فتركت الغسل ،بطل صومها؛ وامّا لو استحاضت بعد الاتيان بصلاة الفجر او بعد الاتيان بالظهرين فتركت الغسل الى الغروب، لميبطل صومها، ولايشترط فيها الاتيان باغسال الليلة المستقبلة وان كان احوط(3)، وكذا لايعتبر فيها الاتيان بغسل الليلة الماضية  ، بمعنى انـّها  لو تركت الغسل الّذي للعشائين لميبطل صومها  لاجل ذلک(4)؛ نعم، يجب عليها الغسل حينئذٍ لصلاة الفجر، فلو تركته بطل صومها من هذه الجهة؛ وكذا لايعتبر فيها ماعدا الغسل من الاعمال وان كان الاحوط اعتبار جميع ما يجب عليها من الاغسال والوضوئات وتغيير الخرقة  والقطنة. ولايجب تقديم غسل المتوسّطة والكثيرة على الفجر وان كان هو الاحوط   .

1- الفیاض: بل هو الأظهر لصحیحة علي بن مهزیار قال: «کتبت إلیه  امرأة طهرت من حیظها أو من دم نفاسها في أول یوم من شهر رمضان، ثم استحاضت فصلت و صامت شهر رمضان کله من غیر أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لکل صلاتین، هل یجوز (یصح) صومها و صلاتها أم لا؟ فکتب : تقضي صومها و لا تقضي صلاتها، لأن رسول اللّه کان یأمر (فاطمة) و المؤمنات من نسائه بذلک» (الوسائل باب: 18 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1) فانها تدل علی أمرین..

أحدهما: أنها تنص علی ترتب بطلان صوم المستحاضة الکبری علی عدم قیامها بأعمالها من الاغسال للفرائض الیومیة کصلاة الفجر و الظهرین و العشاءین، و ظاهر ذلک أن صحة صومها منوطة بقیامها بأعمالها من الأغسال کلا. و أما اشتمالها علی ما هو خلاف الضرورة الفقهیة و هو عدم قضاء الصلاة رغم بطلانها لا یضر بحجیة قوله : «تقضي صومها» فان سقوط بعض فقرات الروایة عن الحجیة من جهة وجود المعارض، أو کونه علی خلاف الضرورة الفقهیة لا یقدح بحجیة بعضها الآخر الذي لا معارض له، و لا یکون علی خلاف الضرورة. فإذن علی المستحاضة الکبری أن تؤدي ما علیها من الأغسال أو ما یقوم مقامها من التیمم في حالة وجود مسوغاته لصلاة الفجر و الظهرین و العشاءین من اللیلة التي تصوم في فجرها، فصیام یوم الخمیس _مثلا_ إنما یصح منها إذا أدت ما علیها من الغسل لصلاة العشاءین من لیلة الخمیس و لصلاة الفجر و لصلاة الظهرین، و إن ادخلت من ذلک بطل صومها، و علیها امساک ذلک الیوم تشبیها بالصائمین ثم تقضي بعد ذلک.

و لا وجه لتخصیص الغسل في الصحیحة بالنهاري، فانها مطلقة من هذه الناحیة علی أساس ان الامام  في مقام الجواب قد رتب البطلان علی المفروض في السؤال و هو ترک الغسل لکلا الصلاتین الشامل للظهرین و العشاءین معا، و لا موجب لتخصیص ذلک بالأول، فانه لا ینسجم مع لفظة (کل) بل لا یبعد شمولها الغسل لصلاة الفجر أیضا.

و إن کانت جملة (الغسل لکل صلاتین) فیها قاصرة عن شموله، الاّ ان المتفاهم العرفي منها اناطة البطلان فیها بعدم قیام المستحاضة بأعمالها و وظائفها الشرعیة. و من المعلوم ان من اعمالها الغسل لصلاة الفجر، بل لو لم نقل بالشمول فلا شبهة في أنه الأحوط و الأجدر وجوبا، کما ان الظاهر منها عرفا أن صحة صومها مشروطة بالغسل علی نحو الشرط المقارن أو المتقدم دون المتأخر، ثم انه لا یعتبر في صحة صومها أن یکون غسلها لصلاة الفجر قبل الفجر کغسلي الجنابة و الحیض، لأن ظاهر الصحیحة ان المستحاضة الکبیرة إذا عملت بوظائفها الشرعیة و أدت أغسالها النهاریة و اللیلیة صح صومها و الاّ بطل، و لا تدل علی اعتبار خصوصیة زائدة في صحته لم تکن معتبرة في صحة صلاتها فما هو المعتبر في صحة صلواتها النهاریة و اللیلیة من الأغسال هو المعتبر في صحة صومها بلازیادة أو نقصیة لا کما و کیفا.

و من هنا یظهر ان المعتبر في صحة صومها هو أغسالها النهاریة و اللیلیة دون طهارتها من حدث الاستحاضة لأنها مستمرة باستمرار خروج الدم منها، فلا یمکن ان تطهرت بها مطلقا.

نعم، یحکم الشارع بحصول الطهارة منها بمقدار أداء صلاة أو صلاتین من دون تفریق.

فالنتیجة: ان ما هو المعتبر في صحة صلاتها کفی ذلک في صحة صومها.

 2- الفیاض: الظاهر ان صحة صوم المستحاضة بالاستحاضة الوسطی لیست مشروطة بأن تعمل بأعمالها و هي غسل واحد في کل یوم و الوضوء لکل صلاة، لعدم الدلیل علی ذلک، لأن مورد صحیحة علي بن مهزیار (الوسائی باب: 18 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1) المستحاضة بالاستحاضة الکبری بقرینة جعل وظیفتها الغسل لکل صلاتین و هو لا ینطبق علیها.

3- الفیاض: هذا الاحتیاط ضعیف جدا و لا منشأ له، لأن المستفاد عرفا من اطلاق صحیحة علي بن مهزیار هو أن غسل المستحاضة بالاستحاضة الکبری لصلاتي المغرب و العشاء شرط في صحة صومها غدا دون الیوم الماضي فانه غیر محتمل، أو فقل ان غسل اللیل اما أن لا یکون شرطا في صحة صومها أصلا لا في الماضي و لا في المستقبل، أو شرط في صحته في المستقبل کما هو الظاهر.

4- الفیاض: بل بطل لما مر من ظهور الصحیحة في أن غسلها لصلاتي المغرب و العشاء شرط في صحة صومها غدا و لا یکفی غسلها لصلاة الصبح، و لعل اکتفاء الماتن1 به بتخیل ان المعتبر في صحة صومها أن تکون طاهرة من حدث الاستحاضة حین طلوع الفجر و تحصل بغسلها لصلاة الصبح قبل الفجر. ولکن تقدم انه لا دلیل علی وجوب الاتیان به قبل الطلوع الفجر هذا، مضافا إلی أن ظاهر الصحیحة اعتبار غسلها لصلاتي العشاءین في صحة صومها في الغد.

فالنتیجة: ان المستحاضة الکبری انما تکون علی یقین من صحة صومها إذا أدت في اللیلة التي تصوم نهارها لغسل المغرب و العشاء و في النهار الذي تصوم فیه لغسل صلاة الصبح و غسل صلاتي الظهرین، و لا یعتبر فیها ما عدا الأغسال من الأعمال.

 

مسالة 50: الاقوى بطلان صوم  شهر رمضان  بنسيان غسل الجنابة  ليلا قبل الفجر حتّى مضى عليه يوم او ايّام(1) ، والاحوط   الحاق  غير شهر رمضان من النذر المعيّن ونحوه به وان كان الاقوى عدمه  ؛ كما انّ الاقوى عدم الحاق غسل الحيض والنفاس لو نسيتهما، بالجنابة في ذلک وان كان احوط .

1- الفیاض: بل شهر تماما کما هو مورد صحیحة الحلبي الناصة في البطلان و وجوب القضاء.

مسالة 51: اذا كان المجنب ممّن لايتمكّن من الغسل، لفقد الماء او لغيره من اسباب التيمّم، وجب عليه التيمّم، فان تركه بطل صومه؛ وكذا لو كان متمكّنا من الغسل وتركه  حتّى ضاق الوقت  

مسالة 52: لايجب على من تيمّم بدلا عن الغسل ان يبقى مستيقظا  حتّى يطلع الفجر، فيجوز له النوم  بعد التيمّم قبل الفجر على الاقوى وان كان الاحوط البقاء مستيقظا، لاحتمال بطلان تيمّمه(1) بالنوم، كما على القول بانّ التيمّم بدلا عن الغسل يبطل بالحدث الاصغر.

1- الفیاض: فیه ان الاحتمال ضعیف لما تقدم في مبحث التیمم من أنه إذا کان بدلا عن الوضوء انتقض بکل ما ینتقض الوضوء به، و اضافة إلی ذلک ینتقض بتیسّر الماء للوضوء، و إذا کان بدلا عن الغسل انتقض بکل ما ینتقض الغسل به اضافة إلی انتقاضة بتیسّر الماء للغسل، و لا ینتقض هذا التیمم البدیل عن الغسل بما ینتقض به الوضوء کالبول أو النوم أو الریح أو نحو ذلک، فإذا تیمم الجنب بدلا عن الغسل ثم بال أو نام ظل تیممه عن الجنابة نافذ المفعول، و علیه أو یتوضأ من أجل البول أو النوم إن تیسّر له الوضوء و إلاّ تیمم بدلا عنه.

مسالة 53: لايجب على من اجنب في النهار بالاحتلام او نحوه من الاعذار، ان يبادر الى الغسل فورا وان كان هو الاحوط.

مسالة 54: لو تيقّظ بعد الفجر من نومه فراى نفسه محتلما، لميبطل صومه؛ سواء علم سبقه على الفجر او علم تاخّره او بقي على الشکّ، لانـّه لو كان سابقا كان من البقاء على الجنابة غير متعمّد، ولو كان بعد الفجر كان من الاحتلام في النهار؛ نعم، اذا علم سبقه على الفجر، لميصحّ منه  صوم قضاء رمضان  مع كونه موسّعا (1) ، وامّا مع ضيق وقته فالاحوط  الاتيان به (2) وبعوضه  .

1- الفیاض: في الحکم بعدم الصحة اشکال و لا یبعد الصحة و ذلک لأن مورد الروایات (راجع الوسائل باب: 19 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک) التي تنص علی أن البقاء علی الجنابة إلی طلوع الفجر مانع عن صحة صوم قضاء رمضان و إن لم یکن عن تعمد هو الرجل الملتفت إلی جنابته باللیل و لکن لم یغتسل إلی أن طلع الفجر اما عامدا ملتفتا، أو بغیر عمد، کما إذا نام بعد العلم بها أو غیر ذلک، فلا یعم من احتلم في حالة النوم و لم یستیقظ إلی أن طلع الفجر علیه باعتبار انه غیر ملتفت إلی جنابته قبل الفجر.

و دعوی: ان المعیار انما هو البقاء علی الجنابة إلی طلوع الفجر و لا خصوصیة لالتفات الشخص إلیها قبل الفجر و عدم التفاته.

مدفوعة: فان احتمال ان البقاء علی الجنابة التي یکون الجنب ملتفتا إلیها إلی أن طلع الفجر دخیل في الحکم و هو بطلان صوم قضاء رمضان، موجود إذ لا مجال للإنسان أن یکون علی یقین بعدم دخله فیه حیث ان هذا الیقین بعد قصور الدلیل في مقام الاثبات عن الشمول لا یمکن الاّ من طریق احراز الملاک و عدم دخل خصوصیة الالتفات فیه، و الفرض انه لا طریق إلی احرازه، فاذن احتمال دخلها فیه موجود و لا دافع له، و معه لا یمکن التعدي عن مورد هذه الروایات إلی المسألة في المقام، ولکن مع ذلک کان الأجدر به و الأحوط أن یواصل فیه بأمل أن یقبل اللّه تعالی منه و ببدله بعد ذلک.

2- الفیاض: بل هو الأظهر في مفروض المسألة، و هو ما إذا لم یعلم بجنابته من اللیل إلی أن طلع الفجر کالمحتلم في حال النوم و لم یستیقظ إلی الفجر کما عرفت، و أما إذا علم بها من اللیل و لم یغتسل إلی أن طلع الفجر فیتعین علیه الاتیان بعوضه، و تنص علی ذلک مجموعة من الروایات:

منها: صحیحة عبد اللّه بن سنان انه سأل أبا عبد اللّه  «عن الرجل یقضي شهر رمضان فیجنب من أول اللیل و لا یغتسل حتی یجيء آخر اللیل و هو یری ان الفجر قد طلع، قال: لا یصوم ذلک الیوم و یصوم غیره» (الوسائل باب: 19 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1).

و منها: موثقة سماعة قال: «سألته عن رجل اصابته جنابة في جوف اللیل في رمضان فنام و قد علم بها و لم یستیقظ حتی أدرکه الفجر؟ فقال : علیه أن یتم صومه و یقضي یوما آخر، فقلت: إذا کان ذلک من الرجل و هو یقضی شهر رمضان؟ قال: فلیأکل یومه ذلک و لیقض، فانه لا یشبه شهر رمضان شيء من الشهور» (الوسائل باب: 19 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 3).

فانهما تدلان بوضوح علی بطلان صوم ذلک الیوم و الاتیان ببدله في یوم آخر بلافرق بین أن یکون ذلک مع سعة الوقت أو ضیقه، کما إذا کان علیه قضاء یوم أو یومین من هذه السنة و هو في آخر شهر شعبان و لم یبق منه إلاّ یوم أو یومین، و لعل احتیاط الماتن1 مع ضیق الوقت و احتمال اختصاص البطلان بالموسع من جهة قوله في صحیحة ابن سنان: «لا تصم هذا الیوم و صم غدا» (الوسائل باب: 19 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 2). ولکن من المعلوم انه لا یدل علی عدم البطلان في المضیق لأن مورده الموسع حیث فرض تمکنه من صوم یوم الغد، و لا یدل علی أنه إذا لم یتمکن من صوم الغد صح الصوم الیوم، هذا، إضافة إلی أن المتفاهم العرفي من صوم الغد هو صوم یوم آخر لا الغد الحقیقي.

فالنتیجة: انه لا فرق بین أن یکون وقته موسعا أو مضیقا.

مسالة 55: من كان جنبا في شهر رمضان في الليل، لايجوز له  ان ينام  قبل الاغتسال اذا علم انـّه لايستيقظ قبل الفجر للاغتسال،ولو نام واستمرّ الى الفجر لحقه حكم البقاء متعمّدا، فيجب عليه القضاء والكفّارة؛ وامّا ان احتمل الاستيقاظ ، جاز له النوم  وان كان من النوم  الثاني   او الثالث او الازيد، فلايكون نومه حراما وان كان الاحوط (1) ترک النوم الثاني فما زاد وان اتّفق استمراره الى الفجر؛ غاية الامر وجوب القضاء او مع الكفّارة في بعض الصور، كما سيتبيّن.

1- الفیاض: بل هو حرام بحکم العقل و إن کان من النوم الأول، لما مر من ان المکلف إذا کان واثقا و مطمئنا بالاستیقاظ من النوم قبل الطلوع الفجر جاز له النوم، و أما إذا لم یکن واثقا و مطمئنا بذلک فلا یجوز له أن ینام قبل أن یغتسل لاحتمال انه یفوّت علیه الملاک الملزم في وقته و هو مساوق لاحتمال العقوبة لعدم المؤمن في البین، و في هذه الحالة إذا نام و لم یغتسل و استمر به النوم إلی أن طلع علیه الفجر کان تارکا للغسل متعمدا، باعتبار ان وظیفته شرعا أن یغتسل قبل أن ینامف فإذا ترک الاغتسال عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي و نام فمعناه أنه کان متعمدا فیه، و علیه حینئذ امساک ذلک الیوم تأدیبا و تشبیها بالصائمین ثم القضاء و الکفارة بلافرق بین أن یکون في النوم الأول أو الثاني أو الثالث، کما انه لا فرق بین أن یکون ناویا للغسل علی تقدیر الانتباه من النوم قبل أن یطلع الفجر بزمن یسع للاغتسال، أو لا یکون ناویا له، فانه علی کلا التقدیرین یکون تارکا لوظیفته شرعا عامدا ملتفتا، فعلیه القضاء و الکفارة علی ما مر تفصیله.

 مسالة 56: نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ او العلم به اذا اتّفق استمراره الى طلوع الفجر، على اقسام؛ فانّه امّا ان يكون مع العزم على ترک الغسل، وامّا ان يكون مع التردّد في الغسل وعدمه(1)، وامّا ان يكون مع الذهول والغفلة عن الغسل، وامّا ان يكون مع البناء على الاغتسال حين الاستيقاظ مع اتّفاق الاستمرار؛ فان كان مع العزم على ترک الغسل او مع التردّد فيه ، لحقه حكم تعمّد البقاء جنبا ، بل الاحوط ذلک ان كان مع الغفلة والذهول ايضا وان كان الاقوى  لحوقه بالقسم الاخير (2) . وان كان مع البناء على الاغتسال او مع الذهول على ما قوّينا، فان كان في النومة الاولى بعد العلم بالجنابة فلا شيء عليه  وصحّ صومه(3)؛ وان كان في النومة الثانية، بان نام بعد العلم بالجنابة ثمّانتبه ونام ثانيا مع احتمال الانتباه   فاتّفق الاستمرار، وجب عليه القضاء فقط دون الكفّارة على الاقوى(4)؛ وان كان في النومة الثالثة فكذلک على الاقوى وان كان الاحوط  ما هو المشهور من وجوب الكفّارة ايضا في هذه الصورة، بل الاحوط وجوبها في النومة الثانية ايضا، بل وكذا في النومة الاولى ايضا اذا لميكن معتاد الانتباه  ؛ ولايعدّ النوم الّذي احتلم فيه من النوم الاوّل ،بل المعتبر فيه النوم بعد تحقّق الجنابة، فلو استيقظ المحتلم من نومه ثمّ نام، كان من النوم الاوّل لا الثاني.

1- الفیاض: فیه تفصیل، فان المکلف في المسألة لا یخلو من أن یکون واثقا و مطمئنا بالانتباه قبل طلوع الفجر بزمن یسع للغسل فیه، أو لا یکون واثقا و مطمئنا منه، فعلی الأول یسمح له أن ینام قبل أن یغتسل معتمدا علی أنه سینتبه من النوم و یغتسل، ولکن إذا لم ینتبه اتفاقا و استمر به النوم إلی أن طلع الفجر فلا شيء علیه و صیامه صحیح، هذا إذا کان عازما علی الغسل، و أما إذا کان عازما علی ترک الغسل، أو کان مترددا فیه و استمر به النوم إلی الفجر فهو تارک للغسل متعمدا و علیه مضافا إلی الامساک طیلة النهار القضاء و الکفارة.

أما علی الأول فهو ظاهر، و أما علی الثاني فلأن وظیفته شرعا أن یکون عازما علی الاغتسال قبل طلوع الفجر حتی لا یبقی علی الجنابة عامدا ملتفتا إلی أن یطلع الفجر، و علیه فإذا بقی مترددا فیه و هو مستیقظ إلی الفجر صدق انه ترک الغسل متعمدا، و کذلک إذا نام مترددا فیه بعد الانتباه.

2- الفیاض: بل الأقوی لحوقه بالنسیان، فان الغفلة و الذهول من افراده فیکون مشمولا لصحیحة الحلبي الدالة علی وجوب القضاء علی من نسي غسل الجنابة إلی أن طلع الفجر دون الکفارة.

3- الفیاض: هذا إذا کان واثقا و مطمئنا بالانتباه، و إلا فعلیه القضاء و الکفارة اضافة إلی امساک ذلک الیوم کما مر. و أما الذهول عن الغسل فقد عرفت أنه ملحق بالنسیان و فیه القضاء فقط اضافة إلی الامساک طیلة النهار دون الکفارة.

4- الفیاض: بل الکفارة أیضا علی الأظهر لما سبق من أن الجنب إذا کان واثقا و مطمئنا بالانتباه قبل طلوع الفجر بزمن یسع للغسل فیه جاز له أن ینام قبل أن یغتسل، فإذا نام و لم ینتبه و استمر به النوم إلی أن طلع الفجر، فان کان في النوم الأول فلا شيء علیه و یصح صومه، و إن کان في النوم الثاني فالأظهر وجوب القضاء علیه دون الکفارة، اضافة إلی امساک ذلک الیوم، هذا هو الفارق بین النوم الأول و الثاني کما تقدم.

و أما إذا لم یکن واثقا و مطمئنا بالانتباه فلا یسمح له أن ینام قبل أن یغتسل سواء أکان في النوم الأول أم الثاني، و إذا نام و لم یغتسل و امتد به النوم إلی أن طلع الفجر فعلیه القضاء و الکفارة معا إضافة إلی الامساک طیلة النهار، و لا فرق فیه بین النوم الأول أو الثاني، فما نسب إلی المشهور في هذه الحالة کما في المتن هو الصحیح.

مسالة 57: الاحوط  الحاق  غير شهر رمضـان  من الصوم المعيّن به  في حكم استمرار النوم الاوّل او الثاني او الثالث، حتّى في الكفّارة في الثاني والثالث اذا كان الصوم ممّا له كفّارة كالنذر ونحوه(1).

1- الفیاض: تقدم أنه لا دلیل علی الالحاق لأن الروایات مختصة بصوم شهر رمضان، و لا یمکن التعدي عنه إلی سائر الصیام، لأن التعدي بحاجة إلی قرینة و لا قرینة علیه لا في نفس تلک الروایات و لا من الخارج، فإذن یکون البقاء علی الجنابة متعمدا إلی الصبح مبطلا لصوم شهر رمضان و موجبا للقضاء و الکفارة اضافة إلی امساک ذلک الیوم بلافرق في ذلک بین النوم الأول أو الثاني أو الثالث، فالفرق بین النوم الأول و الثاني و ما زاد انما هو في البقاء علی الجنابة من دون تعمد، فانه في الأول لا یوجب بطلان الصوم و له أن یواصل فیه و لا شيء علیه و صیامه صحیح، و في الثاني  و ما زاد یوجب البطلان و علیه الامساک بقیة النهار ثم القضاء فقط دون الکفارة، فما ذکره الماتن1 من الاحتیاط الوجوبي هنا مخالف لما ذکره1 في الأمر الثامن من أن الالحاق مبني علی الاحتیاط الاستحبابي في المسألة و اختصاص ابطال البقاء علی الجنابة متعمدا بصوم شهر رمضان دون غیره.

مسالة  58: اذا استمرّ النوم الرابع اوالخامس،فالظاهر انّ حكمه حكم النوم الثالث(1).

1- الفیاض: سبق انه لا فرق بین النوم الثاني و الثالث و ما زاد، فان المعیار العام لذلک ما عرفت من أن الجنب إذا کان مطمئنا بالانتباه یسمح له أن ینام سواء أکان في النوم الأول أم الثاني أم الثالث و ما زاد، و الاّ لم یسمح له ذلک و إن کان في النوم الأول، نعم یختلف النوم الأول عن الثاني و ما زاد في وجوب القضاء کما تقدم.

و أما الثاني فهو لا یختلف عن الثالث و ما زاد، و قد سبق ان الوارد في الروایات انما هو النوم الثاني فقط دون ما فوقه.

و دعوی: ان النوم إذا زاد عن الثاني یکشف عن تساهل الجنب و تسامحه في أداء الوظیفة و هي الغسل قبل طلوع الفجر، و معه یصدق انه تارک للغسل متعمدا.

مدفوعة.. أولا: بعدم الملازمة بین الأمرین.

و ثانیا: لا یسمح له أن ینام إذا کان الأمر کذلک و إن کان من النوم الثاني بل الأول.

و ثالثا: انه خلاف الفرض حیث ان المفروض انه مطمئن بالانتباه قبل أن یطلع الفجر.

مسالة 59: الجنابة المستصحبة كالمعلومة في الاحكام المذكورة.

مسالة60: الحق بعضهم الحائض والنفساء بالجنب في حكم النومات؛ والاقوى عدم الالحاق وكون المناط فيهما صدق التواني في الاغتسال(1)، فمعه يبطل وان كان في النوم الاوّل، ومع عدمه لايبطل وان كان في النوم الثاني او الثالث.

1- الفیاض: هذا في الحائض فقط لما مر في المسألة (48) في ضمن الأمر الثامن من عدم الدلیل علی الحاق النفساء بالحائض.

مسالة 61: اذا شکّ في عدد النومات، بنى على الاقلّ.

مسالة 62: اذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه ايّام وشکّ في عددها، يجوز له الاقتصار في القضاء على القدر المتيقّن وان كان الاحوط تحصيل اليقين بالفراغ.

مسالة 63: يجوز قصد  الوجوب  في الغسل وان اتى به في اوّل الليل(1)، لكنّ الاولى  مع الاتيان به  قبل اخر الوقت ان لايقصد الوجوب، بل ياتي به بقصد القربة.

1- الفیاض: في الحواز اشکال بل منع، و الأقوی عدم الجواز، لأنه مبني علی القول بوجوب المقدمة، و قد ذکرنا في علم الاصول دن مقدمة الواجب غیر واجبة، فإن الملازمة بین إرادة شيء و إرادة مقدمته، و محبوبیة شيء و محبوبیة مقدمته في مرحلة المبادئ و إن کانت مطابقة للوجدان، ولکن الملازمة بین وجوبه و وجوب مقدمته في مرحلة الجعل و الاعتبار غیر معقولة، لأنه إن ارید بها ترشح الوجوب الغیري للمقدمة من الوجوب النفسي لذیها بصورة قهریة کترشح المعلول عن العلة، فهو غیر معقول، لأن الوجوب أمر اعتباري لا واقع موضوعي له لکي یترشح و یتولد منه وجوب آخر، هذا اضافة إلی ان جعل الحکم فعل اختیاري للمولی و قائم به مباشرة و لا یمکن ترشحه من وجوب ذي المقدمة بصورة قهریة و الاّ فهو خلف. و إن ارید بها أن جعل الوجوب للمقدمة من قبل المولی ملازم لجعل الوجوب لذیها تبعا، فیرد علیه أن جعل الوجوب للمقدمة بحاجة إلی نکتة مبررة له، و تلک النکتة اما فرض وجود ملاک ملزم فیها، و الفرض عدم وجوده، و من هنا لا یکون وجوبها علی تقدیر ثبوته بداعي البعث و التحریک المولوي لکي یکون مرکزا لحق الطاعة و الادانة و حکم العقل بالمسؤولیة أمامه، و اما أن یکون متمما لإبراز الملاک الملزم القائم بذي المقدمة، و الفرض ان وجوب ذیها یکفی لذلک فلا یحتاج إلی متمم، هذا اضافة إلی أن وجوب ذي المقدمة وجده یکفی لتحریک المکلف بحکم العقل نحو الاتیان به بتمام قیوده و شروطه المأخوذة فیه، کما أنه یحکم بلزوم الاتیان بالمقدمات التي یتوقف علیها امتثال الواجب بدون أخذ تلک المقدمات قیدا له من قبل الشرع کقطع المسافة إلی المیقات و ما یتبعة من اللوازم و التبعات و نحوه، و مع حکم العقل بذلک لا مجال لجعل الوجوب لها شرعا لأنه لغو و جزاف.

 مسالة 64: فاقد الطهورين يسقط  عنه اشتراط رفع الحدث   للصوم، فيصحّ صومه  مع الجنابة   او مع حدث الحيض او النفاس.

 مسالة 65: لايشترط في صحّة الصوم، الغسل لمسّ الميّت، كما لايضرّ مسّه في اثناء النهار.

مسالة 66: لايجوز   اجناب نفسه  في شهر رمضان اذا ضاق الوقت عن الاغتسال او التيمّم، بل اذا  لميسع للاغتسال ولكن وسع للتيمّم (1)؛ ولو ظنّ سعة الوقت فتبيّن ضيقه ، فان كان بعد الفحص صحّ صومه، وان كان مع ترک الفحص فعليه القضاء   على الاحوط (2) .

1- الفیاض: تقدم الکلام فیه في (الأمر الثامن) و قنا هناک ان ذلک غیر جائز بحکم العقل و انه مستحق للإدانة و العقوبة ولکن مع هذا إذا فعل ذلک وجب علیه التیمم، فإذا تیمم صح صومه و لا شيء علیه م القضاء و الکفارة.

2-  الفیاض: في الاحتیاط اشکال بل منع، لأنه ان اعتمد في اجناب نفسه علی استصحاب بقاء الوقت إلی زمان الغسل ثم بان ضیقه و عدم تمکنه من الغسل فیه قبل أن یطلع الفجر فلا شيء علیه و یصح صومه لأنه لیس متعمدا في الاصباح جنبا، و قد مر أن المبطل للصوم هو البقاء علی الجنابة متعمدا لا مطلق البقاء إلاّ في النومة الثانیة کما مر.

و إن لم یعتمد في ذلک علی الاستصحاب لمکان غفلته عنه و انما اعتمد علی الظن رغم التفاته إلی أنه لا یکون حجة و احتمال أنه یؤدي إلی تفویت الواجب في ظرفه بماله من الملاک الملزم فهو من المتعمد بالبقاء علی الجنابة علی أساس ان وظیفته في هذه الحال هي ترک الإجناب. فإذا أجنب فیها عامدا ملتفتا إلی عدم جوازه صدق البقاء علی الجنابة متعمدا.

فالنتیجة: انه ان اعتمد في اجناب نفسه علی الحجة في المسألة فلا شيء علیه و صومه صحیح، و إن لم یعتمد فیه علی حجة فعلیة أن یمسک ذلک الیوم و یقضی بعد ذلک لصدق التعمد، و من هنا یظهر أنه لا یجوز التمسک في المقام بالتعلیل الوارد في موثقة سماعة و هو قوله7: «لأنه بدأ بالأکل قبل النظر فعلیه الاعادة» (الوسائل باب: 44 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 3) فان المتفاهم العرفي منه و إن کان عدم خصوصیة للأکل و التعدي منه إلی مطلق المفطر، الاّ ان البقاء علی الجنابة إلی أن یطلع الفجر لا یکون مفطرا مطلقا الاّ في بعض الحالات کما تقدم، و انما المفطر حصة خاصة منه و هو البقاء علی الجنابة متعمدا، فان صدق علی الإجناب في الحالة المذکورة عنوان البقاء علی الجنابة متعمدا فهو مفطر و موجب للقضاء و الکفارة و إن قام بالفحص و النظر إذا لم یؤد إلی الوثوق و الاطمینان ببقاء الوقت بمقدار یسع للاغتسال فانه في هذه الحالة لا یمنع عن صدق التعمد، و إن لم یصدق علیه ذلک العنوان لم یکن مفطرا و إن کان لم یقم بالفحص و النظر کما إذا أجنب نفسه في حالة الشک ببقاء الوقت أو الظن اعتمادا علی الاستصحاب، فانه یمنع عن صدق عنوان التعمد مع أن مقتضی التعلیل في الموثقة بطلان الصوم.

و إن شئت قلت: ان التعلیل في مورد الموثقة لا ینطبق علی المسألة باعتبار وجود الفرق بینهما و هو ان جواز الإجناب في اللیل یتوقف علی احراز أن یبقی من اللیل بمقدار یتمکن من الاغتسال فیه، و من المعلوم ان احراز هذا المقدار من الوقت غیر میسور لغالب الناس بالفحص و النظر، و هذا بخلاف مورد التعلیل في الموثقة، فان تشخیص کون هذا الأکل قبل الفجر أو بعده میسور لکل أحد غالبا و نوعا حیث انه یتوقف علی النظر إلی الافق، فإذا نظر إلیه یعرف ان الفجر طلع أو لا، و علی هذا فلا مانع من التعدي عن مورد الموثقة إلی أي مفطر یشترک مع الأکل في هذه النکتة و لا یمکن التعدي عنه إلی المسألة في المقام لعدم اشتراک المفطر فیها معه في تلک النکتة، هذا اضافة إلی أن الأکل بعنوانه مفطر دون البقاء علی الجنابة فانه بعنوان التعمد مفطر لا مطلقا.

و أما روایة ابراهیم بن مهزیار قال: «کتب الخلیل بن هاشم إلی أبي الحسن  رجل سمع الوطء و النداء في شهر رمضان فظن أن النداء للسحور فجامع و خرج فإذا الصبح قد أسفر، فکتب بخطه: یقضی ذلک الیوم إن شاء اللّـه تعالی» (الوسائل باب: 44 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 2) فهي و إن کانت لا بأس دلالة الاّ أنها ضعیفة سندا، إذ لم یثبت توثیق ابراهیم بن مهزیار، و مجرد وروده في اسناد کامل الزیارات لا یجدي.

 

التاسع من المفطرات: الحقنة بالمايع ولو مع الاضطرار اليها لرفع المرض، ولاباس بالجامد  وان كان الاحوط اجتنابه ايضا(1).

1- الفیاض: فیه انه ضعیف و لا منشأ له بعد نص موثقة ابن فضال (الوسائل باب: 5 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث:2) في جواز الحقنة بالجامد، و علیه فلابد من تقیید اطلاق صحیحة ابن أبي نصر (الوسائل باب: 5 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 4) بما إذا کانت الحقنة بالمائع. هذا اضافة إلی أن دعوی انصراف الاحتقان في الصحیحة إلی الاحتقان بالمائع غیر بعیدة.

مسالة 67: اذا احتقن بالمايع لكن لميصعد الى الجوف، بل كان بمجرّد الدخول في الدبر، فلايبعد  عدم كونه مفطرا  وان كان الاحوط  تركه.

 مسالة 68: الظاهر جواز الاحتقان بما يشکّ في كونه جامدا او مايعا(1) وان كان الاحوط   تركه  

1- الفیاض: هذا بناء علی انصراف الاحتقان في الصحیحة إلی الاحتقان بالمائع کما هو غیر بعید فانه حینئذ إذا شک في کون شيء من المائع أو الجامد لم یمکن التمسک بالصحیحة لأنه من التمسک بالعام في الشبهة المصداقیة، فالمرجع عندئذ الأصل العملي و هو أصالة البراءة عن مانعیة الاحتقان به، و أما بناء علی عدم الانصراف و اطلاق الصحیحة فیرجع في مورد الشک في الخروج إلی اطلاقها لأن الخارج منه هو الجامد بمقتضی الموثقةف و إذا شک فیه مفهوما لم یمکن التمسک باطلاق الدلیل المخصص لا جماله، فاذن یکون المرجع هو اطلاقها، نعم إذا کانت الشبهة موضوعیة لم یمکن التمسک به و یرجع حینئذ إلی اصالة البراءة.

 العاشر: تعمّد القيء وان كان للضرورة، من رفع مرض او نحوه، ولاباس بما كان سهوا او من غير اختيار؛ والمدار على الصدق العرفيّ، فخروج مثل النوات او الدود لايعدّ منه.

 مسالة 69: لو خرج بالتجشّؤ شيء ثمّ نزل من غير اختيار، لميكن مبطلا، ولووصل الى فضاء الفم فبلعه اختيارا بطل صومه  وعليه القضاء والكفّارة(1) ، بل تجب  كفّارة الجمع  اذا كان حراما من جهة خباثته او غيرها(2).

1- الفیاض: علی الأحوط حیث ان الروایات الواردة في القلس (راجع الوسائل باب: 30 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک) تدل علی أن ما یخرج من الطعام به و إن وصل إلی فضاء الفم ثم ازدرده لا یکون مفطرا، و بها تقید اطلاق ما دل علی بطلان الصیام بما یدخل في الحلق علی ما تقدم تفصیله في المسألة (2) من المفطر الأول و الثاني، ولکن مع ذلک کان الأجدر به و الأحوط وجوبا القضاء و الکفارة.

2-  الفیاض: في الوجوب اشکال بل منع صغری و کبری.

أما الاولی: فلأن کونه من الخبائث حتی بالنسبة إلی نفس الشخص فهو ممنوع، و علی تقدیر انه من الخبائث ولکن لا دلیل علی حرمة أکل الخبائث مطلقا.

و أما الثانیة: فلما سیأتي في ضمن البحوث القادمة من أنه لا دلیل علی وجوب کفارة الجمع في الافطار بالحرام، فان عمدته روایة عبد السلام بن صالح الهروي (الوسائل باب: 10 من أبواب ما یمسک عنه الصائم و وقت الامساک الحدیث: 1) و هي ضعیفة سندا.

 

 مسالة 70: لو ابتلع في الليل ما يجب عليه  قيؤه في النهار  ، فسد صومه(1)  ان كان الاخراج منحصرا في القيء، وان لميكن منحصرا فيه لميبطل، الّا اذا اختار القيء مع امكان الاخراج بغيره، ويشترط ان يكون ممّا يصدق القيء على اخراجه؛ وامّا لو كان مثل درّة او بندقة او درهم او نحوها ممّا لايصدق معه القيء، لميكن مبطلا.

1-  الفیاض: هذا شریطة أمرین..

أحدهما: القول بعدم امکان الترتب.

والآخر: کون وجوب القيء أهم من وجوب الصوم، فعندئذ لا أمر بالصوم، وبدونه لا یمکن الحکم بصحته، وأما إذا کانا متساویین فیرجعان إلی الواجبین المشروطین بحکم العقل، وحینئذ لا یمکن الحکم بفساد الصوم إلّا لدی الاشتغال بالقيء خارجا، وأما إذا کان وجوب الصوم أهم من وجوب القيء فهو یظل علی وجوبه التعییني من دون تقیید اطلاقه بعدم الاشتغال بالقيء خارجا وحینئذ فان قام بعملیة القيء في الخارج بطل صومه لمکان المفطر، والّا صح.

واما بناء علی القول بامکان الترتب فیصح الصوم مطلقا لدی ترک القيء خارجا وإن کان وجوب القيء أهم من وجوبه.

 

 مسالة 71: اذا اكل في الليل ما يعلم انـّه يوجب القيء في النهار من غير اختيار، فالاحوط القضاء(1)  .

1- الفیاض: لا بأس بترکه وإن کانت رعایته أولی وأجدر علی أساس أن روایات الباب ناصة في دن تقیؤ الصائم إذا کان عامدا ملتفتا إلی عدم جوازه مفطر وإلّا فلا، وأما إذا کان التعمد في منشأه وسببه قبل وقت الصیام ولکن في وقته کان التقیؤ خارجا عن قدرته واختیاره وکان بغیر عمد فهو لا یکون مفطرا بمتضی الروایات.

مسالة 72: اذا ظهر اثر القيء وامكنه الحبس والمنع، وجب  اذا لميكن حرج وضرر.

مسالة 73: اذا دخل الذباب في حلقه، وجب  اخراجه   مع امكانه ولايكون من القيء، ولو توقّف اخراجه على القيء  سقط وجوبه وصحّ صومه .

 مسالة 74: يجوز للصائم التجشّؤ اختيارا وان احتمل  خروج شيء من الطعام معه؛ وامّا اذا علم بذلک فلايجوز(1) .

 

1- الفیاض: في عدم الجواز اشکال بل منع لما مر من أن جملة من الروایات تنص علی جواز القلس وهو التجشؤ، والممنوع انما هو التقیؤ اختیارا، والفرض عدم صدق التقیؤ علی القلس، بل قد تقدم في المسألة (69) أن مقتضي هذه الروایات جواز ابتلاع ما یخرج من الجوف إلی فضاء الفم بالقلس.

 

مسالة 75: اذا ابتلع شيئا سهوا فتذكّر قبل ان يصل الى الحلق، وجب اخراجه وصحّ صومه؛ وامّا ان تذكّر بعد الوصول   اليه فلايجب ، بل لايجوز اذا صدق عليه القيء. وان شکّ في ذلک، فالظاهر وجوب اخراجه ايضا مع امكانه، عمل باصالة عدم الدخول  في الحلق(1) .

1- الفیاض: فیه انه لا اثر لهذه الأصالة في المقام الا علی القول بالأصل المثبت، حیث ان الأثر الشرعي وهو بطلان الصوم مترتب علی الأکل هنا وتلک الأصالة لا تثبت کون ابتلاعه أکلا.

مسالة 76: اذا كان الصائم بالواجب المعيّن مشتغلا بالصلاة الواجبة، فدخل في حلقه ذباب او بقّ او نحوهما او شيء من بقايا الطعام الّذي بين اسنانه وتوقّف اخراجه على ابطال الصلاة بالتكلّم بـ «اخ»   او بغير ذلک، فان امكن التحفّظ  والامساک الى الفراغ من الصلاة وجب(1) ؛ وان لميمكن ذلک ودار الامر بين ابطال الصوم بالبلع او الصلاة بالاخراج، فان لميصل الى الحدّ  من الحلق  كمخرج الخاء وكان ممّا يحرم بلعه فيحدّ نفسهكالذباب ونحوه(2)، وجب قطعالصلاة  باخراجه ولو في ضيق  وقت الصلاة(3) ، وان كان ممّا يحلّ بلعه في ذاته كبقايا الطعام، ففي سعة الوقت للصلاة ولو بادراک ركعة منه يجب القطع والاخراج(4)، وفی الضيق يجب البلع و ابطال الصوم، تقديما لجانب الصلاة لاهمّيتها؛ وان وصل الى الحدّ ، فمع كونه ممّا يحرم بلعه وجب اخراجه بقطع الصلاة و ابطالها على اشكال(5) ، وان كان مثل بقايا الطعام لميجب وصحّت صلاته وصحّ صومه   على التقديرين، لعدم عدّ اخراج مثله قيئا في العرف.

1- الفیاض: علی الأحوط لما تقدم في باب الصلاة من أنه لا دلیل علی حرمة قطعها.

 2- الفیاض: في حرمة بلعه اشکال لأن حرمته ان کانت بملاک انه غیر مذکی، ففیه أن هذا العنوان لا یصدق علیه لأنه في مقابل المیتة، فان الحیوان إذا زهقت روحه بأسباب شرعیة فهو مذکی، وإذا زهقت بغیرها فهو میتة فلا یصدق علی الحیوان الحي عنوان غیر المذکی أو المیتة حتی یکون بلعه حراما، وکذلک الحال في الذباب ونحوه الذي لا یکون قابلا للتذکیة فانه إذا زهقت روحه کان میتة وإلّا فلا یصدق علیه عنوان المیتة ولا غیر المذکی، وإن کانت بملاک انه من الخبائث فلا دلیل علی حرمة أکلها مطلقا.

فالنتیجة: انه لا دلیل علی حرمة بلعه وإن کان الأجدریه والأحوط وجوبا عدم جواز بلعه.

3- الفیاض: في وجوب القطع في هذه الحالة اشکال بل منع ولا سیما بناء علی ما ذکرناه من الاشکال في ثبوت حرمة بلع الذباب أو نحوه، وذلک لأن الصلاة أهم من الصیام وحرمة بلعه – علی تقدیر ثبوتها – باعتبار أنها عماد الدین ومعراج المؤمن وأهم الفرائض الإلهیة ولذا لا تسقط عن المکلف بحال.

4- الفیاض: تقدم في باب الصلاة ان مورد حدیث (من أدرک) صلاة الصبح، والتعدي منها إلی سائر الصلوات لا یخلو عن إشکال بل منع وإن کان الاحتیاط لا یترک.

وعلی هذا فإذا لم یبق من الوقت إلّا بمقدار ادراک رکعة واحدة فإن کان ذلک في غیر صلاة الصبح فوظیفته ابطال الصوم ببلعه وعدم جواز قطع الصلاة، وإن کانت في صلاة الصبح ففي وجوب قطعها والاکتفاء بادراک رکعة واحدة منها في الوقت اشکال لأن ذلک وظیفة المضطر، وأما أن هذا المصلي مضطر إلی قطع صلاته حفاظا علی صومه والاکتفاء بادراک رکعة منها في وقتها فهو غیر معلوم، بل لا یبعد عدم جواز القطع لإهتمام الشارع بایقاع الصلاة بکاملها في الوقت، وأما إذا بنی علی قطع صلاته حفاظا علی الصوم فالأجدر به والأحوط وجوبا أن یجمع بین ادراک رکعة منها في الوقت والقضاء في خارج الوقت.

 5-الفیاض: لا اشکال في ذلک في سعة وتمکنه من ادراک الصلاة کلا فیه لما مر من أنه لا دلیل علی حرمة قطع الصلاة ولا سیما في مثل المقام، وأما في ضیق الوقت فقد مر آنفا انه لا یجوز قطعها وابطالها حفاظا علی الصوم وعدم بلع الحرام.

مسالة 77: قيل: يجوز  للصائم ان يدخل  اصبعه في حلقه ويخرجه عمدا(1)، وهو مشكل  مع الوصول الى الحدّ، فالاحوط   الترک.

 1- الفیاض: هذا هو الظاهر إذ لا یصدق علی اخراجه عمدا عنوان التقیؤ عمدا ولا علی ادخال الاصبع عنوان الأکل، فاذن لا اشکال في الجواز، فما ذکره الماتن1 من الاشکال في غیر محله.

 مسالة 78: لا باس بالتجشّؤ القهريّ  وان وصل معه الطعام الى فضاء الفم ورجع، بل لا باس   بتعمّد التجشّؤ ما لميعلم   انـّه يخرج معه شيء من الطعام(1) ، وان خرج بعد ذلک وجب القاؤه؛ ولو سبقه الرجوع الى الحلق، لميبطل صومه وان كان الاحوط القضاء.

 1- الفیاض: تقدم حکم هذه المسألة في المسألة (74) فراجع.

کلیه حقوق مادی و معنوی این وب سایت متعلق به پورتال انهار میباشد.
پورتال انهار

این وب سای بخشی از پورتال اینترنتی انهار میباشد. جهت استفاده از سایر امکانات این پورتال میتوانید از لینک های زیر استفاده نمائید:
انهار بانک احادیث انهار توضیح المسائل مراجع استفتائات مراجع رساله آموزشی مراجع درباره انهار زندگینامه تالیفات عربی تالیفات فارسی گالری تصاویر تماس با ما نماز بعثت محرم اعتکاف مولود کعبه ماه مبارک رمضان امام سجاد علیه السلام امام حسن علیه السلام حضرت علی اکبر علیه السلام میلاد امام حسین علیه السلام میلاد حضرت مهدی علیه السلام حضرت ابالفضل العباس علیه السلام ولادت حضرت معصومه سلام الله علیها پاسخ به احکام شرعی مشاوره از طریق اینترنت استخاره از طریق اینترنت تماس با ما قرآن (متن، ترجمه،فضیلت، تلاوت) مفاتیح الجنان کتابخانه الکترونیکی گنجینه صوتی پیوندها طراحی سایت هاستینگ ایران، ویندوز و لینوکس