مقدّمة في اداب السفر ومستحبّاته لحجّ او غيره - الحجّ

استفتائات رساله نوین احکام برگزیده

العروه الوثقی وسیلة النجاة منهاج الصالحین تحریر الوسیلة آراء المراجع

احکام > الحجّ:

مقدّمة في اداب السفر ومستحبّاته لحجّ او غيره

و هي امور :

اوّلها: ومن اوكدها الاستخارة، بمعنى طلب الخير من ربّه ومسالة تقديره له، عند التردّد في اصل السفر او في طريقه او مطلقا؛ والامر بها للسفر وكلّ امر خطير او مورد خطر مستفيض، ولاسيّما عند الحيرة والاختلاف في المشورة؛ وهي الدعاء لان يكون خيره فيما يستقبل امره، وهذا النوع من الاستخارة هو الاصل فيها، بل انكر بعض العلماء ماعداها ممّا يشتمل على التفال والمشاورة بالرقاع والحصى والسبحة والبندقة وغيرها، لضعف غالب اخبارها وان كان العمل بها للتسامح في مثلها لاباس به ايضا؛ بخلاف هذا النوع، لورود اخبار كثيرة بها في كتب اصحابنا، بل في روايات مخالفينا ايضا عن النبيّ صلِّی الله علیهِ واله الامر بها والحثّ عليها. وعن الباقر والصادق علیهِما السَّلام: «كنّا نتعلّم الاستخارة كما نتعلّم السورة من القران» وعن الباقر علیهِ السَّلام : «انّ عليّ بن الحسين  علیهِ السَّلام كان يعمل به اذا همّ بامر حجّ او عمرة او بيع او شراء او عتق»، بل في كثير من رواياتنا النهي عن العمل بغير استخارة وانّه من دخل في امر بغير استخارة ثمّ ابتلي لم‌يوجر، وفي كثير منها: «ما استخار اللّه عبد مؤمن الّا خار له وان وقع ما يكره» وفي بعضها: «الّا رماه اللّه بخير الامرين»؛ وفي بعضها : «استخر اللّه ماة مرّة ومرّة، ثمّ انظر اجزم الامرين لک فافعله، فانّ الخيرة فيه ان شاء اللّه تعالى» وفي بعضها: «ثمّ انظر اىّ شيء يقع في قلبک فاعمل به». وليكن ذلک بعنوان المشورة من ربّه وطلب الخير من عنده وبناء منه انّ خيره فيما يختاره اللّه له من امره. ويستفاد من بعض الروايات ان يكون قبل مشورته ليكون بدء مشورته منه سبحانه، وان يقرنه بطلب العافية؛ فعن الصادق علیهِ السَّلام: «و ليكن استخارتک في عافية فانّه ربّما خير للرجل في قطع يده وموت ولده وذهاب ماله». واخصر صورة فيها ان يقول: استخير اللّه برحمته او استخير اللّه برحمته خيرةً في عافية، ثلاثا او سبعا او عشرا او خمسين او سبعين او ماة او ماة مرّة ومرّة، والكلّ مرويّ؛ وفي بعضها: في الامور العظام ماة وفي الامور اليسيرة بما دونه. والماثور من ادعيته كثيرة جدّا، والاحسن تقديم تحميد وتمجيد وثناء وصلوات وتوسّل ومايحسن من الدعاء عليها. وافضلها بعد ركعتين للاستخارة او بعد صلوات فريضة، او في ركعات الزوال او في اخر سجدة من صلاة الفجر او في اخر سجدة من صلاة الليل او في سجدة بعد المكتوبة، او عند راس الحسين علیهِ السَّلام او في مسجد النبيّ صلّی الله علیه واله، والكلّ مرويّ؛ ومثلها كلّ مكان شريف قريب من الاجابة كالمشاهد المشرّفة، او حال او زمان كذلک. ومن اراد تفصيل ذلک، فليطلبه من مواضعه كمفاتيح الغيب للمجلسيّ  قدّس سرُّه والوسائل ومستدركه.

و بما ذكر من حقيقة هذا النوع من الاستخارة وانـّها محض الدعاء والتوسّل وطلب الخير وانقلاب امره اليه، وبما عرفت من عمل السجّاد  علیهِ السَّلام في الحجّ والعمرة ونحوها، يعلم انـّها راجحة للعبادات ايضا، خصوصا عند ارادة الحجّ، ولايتعيّن فيما يقبل التردّد والحيرة؛ ولكن في رواية اخرى: «ليس في ترک الحجّ خيرة»، ولعلّ المراد بها الخيرة لاصل الحجّ او للواجب منه.

ثانيها: اختيار الازمنة المختارة له من الاسبوع والشهر، فمن الاسبوع يختار السبت وبعده الثلاثاء والخميس، والكلّ مرويّ. وعن الصادق علیهِ السَّلام: «من كان مسافرا فليسافر يوم السبت، فلو انّ حجرا زال عن جبل يوم السبت لردّه اللّه الى مكانه». وعنهم :: «السبت لنا، والاحد لبني اميّة». وعن النبيّ صلّی الله علیهِ واله: «اللّهمّ بارک لامّتي في بكورها يوم سبتها وخميسها». ويتجنّب ما امكنه صبيحة الجمعة قبل صلاتها، والاحد، فقد روي : «انّ له حدّا كحدّ السيف»، والاثنين فهو لبني اميّة، والاربعاء فانّه لبني العبّاس، خصوصا اخر اربعاء من الشهر فانّه يوم نحس مستمرّ؛ وفي روايةٍ: ترخيص السفر يوم الاثنين مع قرائة سورة (هل اتى) في اوّل ركعة من غداته، فانّه يقيه اللّه به من شرّ يوم الاثنين؛ وورد ايضا اختيار يوم الاثنين، وحملت على التقيّة. وليتجنّب السفر من الشهر والقمر في المحاق او في برج العقرب او صورته، فعن الصادق  علیهِ السَّلام: «من سافر او تزوّج والقمر في العقرب لم‌ير الحسنى». وقد عدّ ايّام من كلّ شهر وايّام من الشهر منحوسة يتوقّى من السفر فيها ومن ابتداء كلّ عمل بها، وحيث لم‌نظفر بدليل صالح عليه لم‌يهمّنا التعرّض لها وان كان التجنّب منها ومن كلّ ما يتطيّر بها اولى؛ ولم‌يعلم ايضا انّ المراد بها شهور الفرس او العربيّة، وقد يوجّه كلٌّ بوجه غير وجيه، وعلى كلّ حال فعلاجها لدى الحاجة بالتوكّل والمضيّ، خلافا على اهل الطيرة، فعن النبيّ صلّی الله علیه واله: «كفّارة الطيرة التوكّل» وعن ابي الحسن الثاني علیهِ السَّلام: «من خرج يوم الاربعاء لايدور خلافا على اهل الطيرة، وقي من كلّ افة وعوفي من كلّ عاهة وقضى اللّه حاجته»؛ وله ان يعالج نحوسة ما نحس من الايّام بالصدقة، فعن الصادق علیهِ السَّلام: «تصدّق واخرج اىّ يوم شئت» وكذا يفعل ايضا لو عارضه في طريقه ما يتطيّر به الناس ووجد في نفسه من ذلک شيئا، وليقل حينئذٍ: «اعتصمت بک يا ربّ من شرّ ما اجد في نفسي فاعصمني» وليتوكّل على اللّه وليمض خلافا لاهل الطيرة.

و يستحبّ اختيار اخر الليل للسير، ويكره اوّله، ففي الخبر: «الارض تطوي من اخر الليل» وفي اخر: «و ايّاک والسير في اوّل الليل وسر في اخره».

ثالثها: وهو اهمّها، التصدّق بشيء عند افتتاح سفره؛ ويستحبّ كونها عند وضع الرّجل في الركاب، خصوصا اذا صادف المنحوسة او المتطيّر بها من الايّام والاحوال، ففي المستفيضة رفع نحوستها بها، وليشتري السلامة من اللّه بما يتيسّر له. ويستحبّ ان يقول عند التصدّق: «اللّهمّ انّي اشتريت بهذه الصدقة سلامتي وسلامة سفري، اللّهمّ احفظني واحفظ ما معي وسلّمني وسلّم ما معي وبلّغني وبلّغ ما معي ببلاغک الحسن الجميل».

رابعها: الوصيّة عند الخروج، لاسيّما بالحقوق الواجبة.

خامسها: توديع العيال، بان يجعلهم وديعة عند ربّه ويجعله خليفة عليهم؛ وذلک بعد ركعتين او اربع يركعها عند ارادة الخروج، ويقول: «اللّهمّ انّي استودعک نفسي واهلي ومالي وذرّيّتي ودنياي واخرتي وامانتي وخاتمة عملي»؛ فعن الصادق  علیهِ السَّلام : «ما استخلف رجل على اهله بخلافة افضل منها، ولم‌يدع بذلک الدعاء الّا اعطاه اللّه ـ عزّ وجلّ ـ ما سال».

سادسها: اعلام اخوانه بسفره؛ فعن النبيّ صلّی الله علیهِ واله: «حقّ على المسلم اذا اراد سفرا ان يعلم اخوانه، وحقّ على اخوانه اذا قدم ان ياتوه».

سابعها: العمل بالماثورات، من قرائة السور والايات والادعية عند باب داره، وذكر اللّه والتسمية والتحميد وشكره عند الركوب والاستواء على الظهر والاشراف والنزول وكلّ انتقال وتبدّل حال؛ فعن الصادق علیهِ السَّلام: «كان رسول اللّه صلّی الله علیهِ واله في سفره اذا هبط سبّح واذا صعد كبّر»، وعن النبيّ صلّی الله علیهِ واله: «من ركب وسمّى، ردفه ملک يحفظه، ومن ركب ولم‌يسمّ ردفه شيطان يمنّيه حتّى ينزل».

و منها : قرائة القدر للسلامة حين يسافر او يخرج من منزله او يركب دابّته، واية الكرسيّ والسخرة والمعوّذتين والتوحيد والفاتحة والتسمية وذكر اللّه في كلّ حال من الاحوال.

و منها: ما عن ابي الحسن علیهِ السَّلام: «انـّه يقوم على باب داره تلقاء ما يتوجّه له، ويقرا الحمد والمعوّذتين والتوحيد واية الكرسيّ امامه وعن يمينه وعن شماله، ويقول: اللّهمّ احفظني واحفظ ما معي وبلّغني وبلّغ ما معي ببلاغک الحسن الجميل؛ يحفظ ويبلغ ويسلم هو وما معه».

ومنها: ما عن الرضا علیهِ السَّلام: «اذا خرجت من منزلک في سفر اوحضر، فقل : بسم‌الله وباللّه توكّلت على اللّه ما شاءاللّه لاحول ولاقوّة الّا باللّه؛ تضرب به الملائكة وجوه الشياطين وتقول: ما سبيلكم عليه وقد سمّى اللّه وامن به وتوكّل عليه؟»

ومنها: ما كان الصادق علیهِ السَّلام يقول اذا وضع رجله في الركاب: ( سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين ) ويسبّح اللّه سبعا ويحمده سبعا ويهلّله سبعا. وعن زين العابدين علیهِ السَّلام: «انـّه لو حجّ رجل ماشيا وقرا (انّا انزلناه في ليلة القدر) ماوجد الم المشي» وقال: «ما قراه احد حين يركب دابّته الّا نزل منها سالما مغفورا له، ولقارئها اثقل على الدوابّ من الحديد». وعن ابي جعفر علیهِ السَّلام: «لو كان شيء يسبق القَدَرَ، لقلت: قارىء (انّا انزلناه في ليلة القدر) حين يسافر او يخرج من منزله». والمتكفّل لبقيّة الماثور منها على كثرتها، الكتب المعدّة لها. وفي وصيّة النبيّ صلّی الله علیهِ واله: «يا عليّ اذا اردت مدينة او قرية فقل حين تعاينها: اللّهمّ انّى اسالک خيرها واعوذ بک من شرّها، اللّهمّ حبّبنا الى اهلها وحبّب صالحي اهلها الينا» وعنه صلّی الله علیهِ واله: «يا عليّ اذا نزلت منزلا فقل: اللّهمّ انزلني منزلا مباركا وانت خير المنزلين؛ ترزق خيره ويدفع عنک شرّه». وينبغي له زيادة الاعتماد والانقطاع الى اللّه سبحانه، وقرائة ما يتعلّق بالحفظ، من الايات والدعوات وقرائة ما يناسب ذلک، كقوله تعالى: (كلّا انّ معي ربّي سيهدين) وقوله تعالى: (اذ يقول لصاحبه لاتحزن انّ اللّه معنا) ودعاء التوجّه وكلمات الفرج ونحو ذلک. وعن النبيّ صلّی الله علیهِ واله : «يسبّح تسبيح الزهراء ويقرا اية‌الكرسيّ عندما ياخذ مضجعه في السفر؛ يكون محفوظا من كلّ شيء حتّى يصبح».

ثامنها: التحنّک، بادارة طرف العمامة تحت حنكه؛ ففي المستفيضة عن الصادق والكاظم علیهِما السَّلام: «الضمان لمن خرج من بيته معتمّا تحت حنكه ان يرجع اليه سالما وان لايصيبه السرق ولا الغرق ولا الحرق».

تاسعها: استصحاب عصا من اللوز المرّ؛ فعنه علیهِ السَّلام: «من اراد ان تطوى له الارض فليتّخذ النقد من العصا» والنقد: عصا لوز مرّ؛ وفيه نفي للفقر وامان من الوحشة والضواري وذوات الحمّة. وليصحب شيئا من طين الحسين علیهِ السَّلام ليكون له شفاء من كلّ داء وامانا من كلّ خوف. ويستصحب خاتما من عقيق اصفر مكتوب على احد جانبيه: ما شاء اللّه لاقوّة الّا باللّه استغفر اللّه وعلى الجانب الاخر: محمّد وعليّ، وخاتما من فيروزج مكتوب على احد جانبيه: اللّه الملک وعلى الجانب الاخر: الملک للّه الواحد القهّار.

عاشرها: اتّخاذ الرفقة في السفر؛ ففي المستفيضة الامر بها والنهي الاكيد عن الوحدة؛ ففي وصيّة النبيّ صلّی الله علیهِ واله لعليّ  علیهِ السَّلام: «لاتخرج في سفرٍ وحدک، فانّ الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين ابعد» و«لعن ثلاثة: الاكل زاده وحده، والنائم في بيتٍ وحده، والراكب في الفلاة وحده». وقال: «شرّ الناس من سافر وحده، ومنع رفده، وضرب عبده؛ واحبّ الصحابة الى اللّه اربعة؛ وما زاد على سبعة الّا كثر لغطهم، اي تشاجرهم؛ ومن اضطرّ الى السفر وحده، فليقل: ما شاءاللّه لاحول ولاقوّة الّا باللّه، اللّهمّ امن وحشتي واعنّي على وحدتي وادّ غيبتي». وينبغي ان يرافق مثله في الانفاق، ويكره مصاحبته دونه او فوقه في ذلک؛ وان يصحب من يتزيّن به ولايصحب من يكون زينته له. ويستحبّ معاونة اصحابه وخدمتهم وعدم الاختلاف معهم وترک التقدّم على رفيقه في الطريق.

الحادي عشر: استصحاب السفرة والتنوّق فيها وتطييب الزاد والتوسعة فيه، لاسيّما في سفر الحجّ. وعن الصادق علیهِ السَّلام: «انّ من المروّة في السفر كثرة الزاد وطيبه، وبذله لمن كان معک»؛ نعم، يكره التنوّق في سفر زيارة الحسين علیهِ السَّلام ، بل يقتصر فيه على الخبز واللبن لمن قرب من مشهده كاهل العراق، لا مطلقا في الاظهر، فعن الصادق علیهِ السَّلام: «بلغني انّ قوما اذا زاروا الحسين علیهِ السَّلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة واشباهه، ولو زاروا قبور ابائهم ما حملوا معهم هذا» وفي اخر: «تاللّه انّ احدكم ليذهب الى قبر ابيه كئيبا حزينا، وتاتونه انتم بالسفر، كلّا حتّى تاتونه شعثا غبرا».

الثاني عشر: حسن التخلّق مع صحبه ورفقته؛ فعن الباقر علیهِ السَّلام: «ما يعبا بمن يؤمّ هذا البيت اذا لم‌يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، او حلم يملک به غضبه، او ورع يحجزه عن معاصي اللّه». وفي المستفيضة: «المروّة في السفر ببذل الزاد وحسن الخلق والمزاح في غير المعاصي» وفي بعضها: «قلّة الخلاف على من صحبک، وترک الرواية عليهم اذا انت فارقتهم». وعن الصادق علیهِ السَّلام: «ليس من المروّة ان يحدّث الرجل بما يتّفق في السفر من خير او شرّ»، وعنه علیهِ السَّلام: «وطّن نفسک على حسن الصحابة لمن صحبت في حسن خلقک وكفّ لسانک، واكظم غيظک واقلّ لغوک وتفرش عفوک وتسخي نفسک».

الثالث عشر: استصحاب جميع ما يحتاج اليه من السلاح والالات والادوية، كما في ذيل ما ياتي من وصايا لقمان لابنه، وليعمل بجميع ما في تلک الوصيّة.

الرابع عشر: اقامة رفقاء المريض لاجله ثلاثا؛ فعن النبيّ صلّی الله علیهِ واله: «اذا كنت في سفر ومرض احدكم فاقيموا عليه ثلاثة ايّام» وعن الصادق علیهِ السَّلام: «حقّ المسافر ان يقيم عليه اصحابه اذا مرض، ثلاثا».

الخامس عشر: رعاية حقوق دابّته؛ فعن الصادق علیهِ السَّلام: «قال رسول اللّه صلّی الله علیهِ واله : للدابّة على صاحبها خصال: يبدا بعلفها اذا نزل، ويعرض عليها الماء اذا مرّ به، ولايضرب وجهها فانّها تسبّح بحمد ربّها، ولايقف على ظهرها الّا في سبيل اللّه، ولايحملها فوق طاقتها، ولايكلّفها من المشي الّا ما يطيق» وفي اخر: «و لاتتورّكوا على الدوابّ ولاتتّخذوا ظهورها مجالس» وفي اخر: «و لايضربها على النفار، ويضربها على العثار، فانّها ترى ما لاترون».

ويكره التعرّس على ظهر الطريق والنزول في بطون الاودية والاسراع في السير وجعل المنزلين منزلا الّا في ارض جدبة، وان يطرق اهله ليلا حتّى يعلمهم. ويستحبّ اسراع عوده اليهم وان يستصحب هديّة لهم اذا رجع اليهم؛ وعن الصادق علیهِ السَّلام: «اذا سافر احدكم فقدّم من سفره فليات اهله بما تيسّر ولو بحجر...» الخبر.

و يكره ركوب البحر في هيجانه؛ وعن ابي جعفر علیهِ السَّلام: «اذا اضطرب بک البحر فاتّکِ على جانبک الايمن وقل: بسم‌اللّه اسكن بسكينة اللّه وقرّ بقراراللّه واهدا باذن اللّه ولاحول ولاقوّة الّا باللّه».

و لينادي اذا ضلّ في طريق البرّ: «يا صالح يا اباصالح ! ارشدونا رحمكم اللّه» وفي طريق البحر: «يا حمزة». واذا بات في ارض قَفر، فليقل: (ان ربّكم ]اللّه[ الّذي خلق السماوات والارض ثمّ استوى ) الى قوله: (تبارک اللّه ربّ العالمين).

و ينبغي للماشي ان ينسل في مشيه، اي يسرع؛ فعن الصادق علیهِ السَّلام: «سيروا وانسلوا فانّه اخفّ عنكم» «و جائت المشاة الى النبي صلّی الله علیهِ واله فشكوا اليه الاعياء، فقال: عليكم بالنسلان، ففعلوا فذهب عنهم الاعياء». وان يقرا سورة القدر لئلّا يجد الم المشي، كما مرّ عن السجّاد علیهِ السَّلام. وعن رسول اللّه صلّی الله علیهِ واله: «زاد المسافر الحدا والشعر ما كان منه ليس فيه خناء» وفي نسخة: «جفاء» وفي اخرى: «حنان»؛ وليختر وقت النزول من بقاع الارض احسنها لونا والينها تربةً واكثرها عشبا. هذه جملة ما على المسافر.

و امّا اهله ورفقته، فيستحبّ لهم تشييع المسافر وتوديعه واعانته والدعاء له بالسهولة والسلامة وقضاء المارب عند وداعه. قال رسول اللّه صلّی الله علیهِ واله: «من اعان مؤمنا مسافرا فرّج اللّه عنه ثلاثا وسبعين كربة واجاره في الدنيا والاخرة من الغمّ والهمّ ونفّس كربه العظيم يوم يعضّ الناس بانفاسهم» وكان رسول اللّه صلّی الله علیهِ واله اذا ودّع المؤمنين قال: «زوّدكم اللّه التقوى ووجّهكم الى كلّ خير وقضى لكم كلّ حاجة وسلّم لكم دينكم ودنياكم وردّكم سالمين الى سالمين» وفي اخر: «كان اذا ودّع مسافرا اخذ بيده ثمّ قال: احسن لک الصحابة واكمل لک المعونة وسهّل لک الحزونة وقرب لک البعيد وكفاک المهمّ وحفظ لک دينک وامانتک وخواتيم عملک ووجّهک لكلّ خير، عليک بتقوى اللّه، استودع اللّه نفسک، سر على بركة اللّه ـ عزّوجلّ ـ ». وينبغي ان يقرا في اذنه: (انّ الّذي فرض عليک القران لرادّک الى معاد ان شاءاللّه) ثمّ يؤذّن خلفه وليُقم، كما هو المشهور عملا. وينبغي رعاية حقّه في اهله وعياله وحسن الخلافة فيهم، لاسيّما مسافر الحجّ، فعن الباقر علیهِ السَّلام: «من خلف حاجّا بخير كان له كاجره كانـّه يستلم الاحجار» وان يوقّر القادم من الحجّ، فعن الباقر علیهِ السَّلام: «وقّروا الحاجّ والمعتمر فانّ ذلک واجب عليكم» وكان عليّ بن الحسين علیهِ السَّلام يقول: «يا معشر من لم‌يحجّ استبشروا بالحاجّ وصافحوهم وعظّموهم، فانّ ذلک يجب عليكم، تشاركوهم في الاجر» وكان رسول اللّه صلّی الله علیهِ واله يقول للقادم من مكّة: «قبل اللّه منک واخلف عليک نفقتک وغفر ذنبک».

و لنتبرّک بختم المقام بخير خبر تكفّل مكارم اخلاق السفر، بل والحضر؛ فعن الصادق علیهِ السَّلام  قال: «قال لقمان لابنه: يا بنىّ ! اذا سافرت مع قوم فاكثر استشارتهم في امرک وامورهم واكثر التبسّم في وجوههم، وكن كريما على زادک، واذا دعوک فاجبهم واذا استعانوا بک فاعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معک من دابّة او ماء او زادٍ، واذا استشهدوک على الحقّ فاشهد لهم واجهد رايک لهم اذا استشاروک ثمّ لاتعزم حتّى تتثبّت وتنظر، ولاتُجب في مشورة حتّى تقوم فيها وتقعد وتنام وتاكل وتضع وانت مستعمل فكرتک وحكمتک في مشورتک، فانّ من لم‌يمحّض النصح لمن استشاره سلبه اللّه رايه ونزع منه الامانة؛ واذا رايت اصحابک يمشون فامش معهم واذا رايتهم يعملون فاعمل معهم، فاذا تصدّقوا او اعطوا قرضا فاعط معهم، واسمع لمن هو اكبر منک سنّا، واذا امروک بامر وسالوک شيئا فقل: نعم، ولاتقل: لا، فانّها عيّ ولؤم؛ واذا تحيّرتم في الطريق فانزلوا واذا شككتم في القصد فقفوا او تؤامروا، واذا رايتم شخصا واحدا فلاتسالوه عن طريقكم ولاتسترشدوه، فانّ الشخص الواحد في الفلات مريب، لعلّه يكون عن اللصوص او يكون هو الشيطان الّذي حيّركم، واحذروا الشخصين ايضا الّا ان ترون ما لاارى، فانّ العاقل اذا ابصر بعينه شيئا عرف الحقّ منه، والشاهد يرى ما لايرى الغائب. يا بنىّ ! اذا جاء وقت الصلاة فلاتؤخّرها لشيء، صلّها واسترح منها فانّها دين، وصلّ في جماعة ولو على راس زجّ. ولاتنامنّ على دابّتک، فانّ ذلک سريع في دبرها وليس ذلک من فعل الحكماء، الّا ان تكون في محمل يمكنک التمدّد لاسترخاء المفاصل، واذا قربت من المنزل فانزل عن دابّتک وابدا بعلفها فانّها نفسک، واذا اردتم النزول فعليكم من بقاع الارض باحسنها لونا والينها تربةً واكثرها عشبا، واذا نزلت فصلّ ركعتين قبل ان تجلس، واذا اردت قضاء حاجتک فابعد المذهب في الارض؛ واذا ارتحلت فصلّ ركعتين ثمّ ودّع الارض الّتي حللت بها وسلّم عليها وعلى اهلها، فانّ لكلّ بقعة اهلا من الملائكة، فان استطعت ان لاتاكل طعاما حتّى تبدا وتصدّق منه فافعل؛ وعليک بقرائة كتاب اللّه ما دمت راكبا، وعليک بالتسبيح ما دمت عاملا عملا، وعليک بالدعاء ما دمت خاليا. وايّاک والسير في اوّل الليل، وسر في اخره، وايّاک ورفع الصوت. يا بنىّ ! سافر بسيفک وخفّک وعمامتک وحبالک وسقائک وخيوطک ومخرزک، وتزوّد معک من الادوية فانتفع به انت ومن معک؛ وكن لاصحابک موافقا الّا في معصية اللّه ـ عزّ وجلّ ـ ».

هذا ما يتعلّق بكلّيّ السفر. ويختصّ سفر الحجّ بامور اخر :

منها: اختيار المشي فيه على الركوب على الارجح، بل الحفاء على الانتعال، الّا ان يضعفه عن العبادة او كان لمجرّد تقليل النفقة، وعليهما يحمل ما يستظهر منها افضليّة الركوب، وروي: «ما تقرّب العبد الى اللّه ـ عزّ وجلّ ـ بشيء احبّ اليه من المشي الى بيته الحرام على القدمين، وانّ الحجّة الواحدة تعدل سبعين حجّة وماعبد اللّه بشيء مثل الصمت والمشي الى بيته».

و منها: ان تكون نفقة الحجّ والعمرة حلالا طيّبا؛ فعنهم :: «انّا اهل بيت حجّ، صرورتنا ومهور نسائنا واكفاننا من طهور اموالنا» وعنهم :: «من حجّ بمال حرام نودي عند التلبية: لا لبّيک عبدي ولا سعديک» وعن الباقر علیهِ السَّلام: «من اصاب مالا من اربع لم‌يقبل منه في اربع: من اصاب مالا من غلول او رباء او خيانة او سرقة، لم‌يقبل منه في زكاة ولا صدقة ولا حجّ ولاعمرة».

و منها: استحباب نيّة العود الى الحجّ عند الخروج من مكّة، وكراهة نيّة عدم العود؛ فعن النبيّ صلّی الله علیهِ واله: «من رجع من مكّة وهو ينوي الحجّ من قابل، زيد في عمره، ومن خرج من مكّة ولايريد العود اليها فقد اقترب اجله ودنا عذابه» وعن الصادق علیهِ السَّلام مثله مستفيضا؛ وقال لعيسى بن ابي منصور: «يا عيسى ! انّي احبّ ان يراک اللّه فيما بين الحجّ الى الحجّ وانت تتهيّا للحجّ».

ومنها: ان لايخرج من الحرمين الشريفين بعد ارتفاع النهار الّا بعد اداء الفرضين بهما.

ومنها: البدءة بزيارة النبيّ  صلّی الله علیهِ واله لمن حجّ على طريق العراق.

ومنها: ان لايحجّ ولايعتمر على الابل الجلّالة، ولكن لايبعد اختصاص الكراهة باداء المناسک عليها، ولايسري الى ما يسار عليها من البلاد البعيدة في الطريق.

و من اهمّ ما ينبغي رعايته في هذا السفر، احتسابه من سفر اخرته بالمحافظة على تصحيح النيّة واخلاص السريرة واداء حقيقة القربة والتجنّب عن الرياء والتجرّد عن حبّ المدح والثناء؛ وان لايجعل سفره هذا على ما عليه كثير من مترفي عصرنا من جعله وسيلة للرفعة والافتخار، بل وصلة الى التجارة والانتشار ومشاهدة البلدان وتصفّح الامصار؛ وان يراعي اسراره الخفيّة ودقائقه الجليّة، كما يفصح عن ذلک ما اشار اليه بعض الاعلام: انّ اللّه تعالى سنّ الحجّ ووضعه على عباده اظهارا لجلاله وكبريائه وعلوّ شانه وعظم سلطانه، واعلانا لرقّ الناس وعبوديّتهم وذلّهم واستكانتهم، وقد عاملهم في ذلک معاملة السلاطين لرعاياهم والملّاک لمماليكهم، يستذلّونهم بالوقوف على باب بعد باب واللبث في حجاب بعد حجاب. وانّ اللّه تعالى قد شرّف البيت الحرام واضافه الى نفسه واصطفاه لقدسه وجعله قياما للعباد ومقصدا يؤمّ من جميع البلاد، وجعل ما حوله حرما وجعل الحرم امنا، وجعل فيه ميدانا ومجالا وجعل له في الحلّ شبيها ومثالا، فوضعه على مثال حضرة الملوک والسلاطين، ثمّ اذّن في الناس بالحجّ لياتوه رجالا وركبانا من كلّ فجّ وامرهم بالاحرام وتغيير الهيئة واللباس شُعثا غبرا متواضعين مستكينين رافعين اصواتهم بالتلبية واجابة الدعوة، حتّى اذا اتوه كذلک حجبهم عن الدخول واوقفهم في حجبه يدعونه ويتضرّعون اليه، حتّى اذا طال تضرّعهم واستكانتهم ورجموا شياطينهم بجمارهم وخلعوا طاعة الشيطان من رقابهم، اذن لهم بتقريب قربانهم وقضاء تفثهم، ليطهّروا من الذنوب الّتي كانت هي الحجاب بينهم وبينه وليزوروا البيت على طهارة منهم، ثمّ يعيدهم فيه بما يظهر معه كمال الرقّ وكنه العبوديّة، فجعلهم تارةً يطوفون فيه ويتعلّقون باستاره ويلوذون باركانه، واخرى يسعون بين يديه مشيا وعدوا، ليتبيّن لهم عزّ الربوبيّة وذلّ العبوديّة وليعرفوا انفسهم ويضع الكبر من رئوسهم ويجعل نير الخضوع في اعناقهم ويستشعروا شعار المذلّة وينزعوا ملابس الفخر والعزّة. وهذا من اعظم فوائد الحجّ، مضافا الى ما فيه من التذكّر بالاحرام والوقوف في المشاعر العظام لاحوال المحشر واهوال يوم القيامة، اذ الحجّ هو الحشر الاصغر واحرام الناس وتلبيتهم وحشرهم الى المواقف ووقوفهم بها والهين متضرّعين راجعين الى الفلاح او الخيبة والشقاء، اشبه شيء بخروج الناس من اجداثهم وتوشّحهم باكفانهم واستغاثتهم من ذنوبهم وحشرهم الى صعيد واحد الى نعيم او عذاب اليم، بل حركات الحاجّ في طوافهم وسعيهم ورجوعهم وعودهم يشبه اطوار الخائف الوجل المضطرب المدهوش الطالب ملجا ومفزعا، نحو اهل المحشر في احوالهم واطوارهم، فبحلول هذه المشاعر والجبال والشعب والطلال ولدى وقوفه بمواقفه العظام يهوّن ما بامامه من اهوال يوم القيام من عظائم يوم الحشر وشدائد النشر؛ عصمنا اللّه وجميع المؤمنين ورزقنا فوزه يوم الدين، امين ربّ العالمين1 .

 (1) من اوّل كتاب الحجّ الى هنا لنجله الامجد الاوحد حضرة السيّد محمّد بامر والده ـ دام‌ظلّهما وعلا مجدهماـ.

کلیه حقوق مادی و معنوی این وب سایت متعلق به پورتال انهار میباشد.
پورتال انهار

این وب سای بخشی از پورتال اینترنتی انهار میباشد. جهت استفاده از سایر امکانات این پورتال میتوانید از لینک های زیر استفاده نمائید:
انهار بانک احادیث انهار توضیح المسائل مراجع استفتائات مراجع رساله آموزشی مراجع درباره انهار زندگینامه تالیفات عربی تالیفات فارسی گالری تصاویر تماس با ما نماز بعثت محرم اعتکاف مولود کعبه ماه مبارک رمضان امام سجاد علیه السلام امام حسن علیه السلام حضرت علی اکبر علیه السلام میلاد امام حسین علیه السلام میلاد حضرت مهدی علیه السلام حضرت ابالفضل العباس علیه السلام ولادت حضرت معصومه سلام الله علیها پاسخ به احکام شرعی مشاوره از طریق اینترنت استخاره از طریق اینترنت تماس با ما قرآن (متن، ترجمه،فضیلت، تلاوت) مفاتیح الجنان کتابخانه الکترونیکی گنجینه صوتی پیوندها طراحی سایت هاستینگ ایران، ویندوز و لینوکس